وسط موجة غضب شعبوي عالمي، وانقسام سياسي دولي، يستمر القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة، منذ ثلاثة اسابيع، وتجاوزت حصيلة القتلى في القطاع جراء القصف الإسرائيلي عتبة السبعة آلاف قتيل منذ السابع من أكتوبر الجاري وفق ما أعلنت وزارة الصحة في غزة، يضاف اليها نحو خمسين رهينة اسرائيلية، تسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بمقتلها، وفقا لما أكده المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس-. ذلك فضلا عن انهيار المنظومة الصحية والبنى التحتية، وتم قكع الاتصالات والانترنت عن القطاع تماما.
وحذرت لين هاستينجز منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن غزة لا تزال تعاني من انقطاع كامل في الكهرباء ، وقالت: “المستشفيات على حافة الانهيار بسبب نقص الكهرباء والأدوية والمعدات والكوادر المتخصصة والأضرار والدمار. ويتلقى المرضى العلاج على أرضية المستشفيات بسبب نقص الأسرة. ويضطر الأطباء إلى العمل دون تخديروأضافت المسؤولة الأممية أن الشحنات التي تم تسليمها خلال الأيام القليلة الماضية إلى غزة عبر رفح، لا تشمل الوقود الضروري لتشغيل الخدمات التي يحتاجها الناس للبقاء على قيد الحياة.وحذرت من توقف عمليات الأمم المتحدة بدون توفر الوقود. وحثت إسرائيل على إعادة إمدادات المياه والكهرباء إلى مستويات ما قبل الصراع.
وماازالت الجهود المصرية لدعم وتوصيل المساعدات إلي قطاع غزة مستمرة من خلال التعاون الوثيق مع مختلف المنظمات الإنسانية الدولية التي تشيد بالجهود المصرية لدعم الفلسطينيين في القطاع ، وتقديم كافة طرق الدعم علي المستوي السياسي والانساني، وقالت رشا مرزوق المسؤولة في برنامج المياه بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” مصر ” إن المنظمة بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري أعدت عدة شاحنات تحمل المستلزمات الطبية، بالإضافة لتوفير دورات المياه المتنقلة لافته إلي أن أوضاع الأطفال وأسرهم مأسوية وهم بحاجة لمساعدتنا الآن”.
من جانبه رحب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، بالجهود المصرية لدعم القضية الفلسطينية مشيرا إلى المخاوف المشتركة بشأن خطر امتداد الصراع إلى نطاق أوسع في المنطقة ،وأشار وينسلاند إلى الصواريخ والقذائف التي أطلقها حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني من لبنان، والقصف المدفعي والغارات الجوية التي شنها الجانب الإسرائيلي، مما أدى إلى سقوط ضحايا من الجانبين، فضلا عن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة في سوريا وتبادل إطلاق القذائف في الجولان. مؤكدا انه : “من الأهمية بمكان أن نقوم، كمجتمع دولي موحد، بتوظيف كل جهودنا الجماعية لوقف إراقة الدماء ومنع أي توسع إضافي للأعمال العدائية .
وبالرغم من النتائج الكارثية للقصف الاسرائيلي للقطاع واعلام أسراري توسيع عملياتها البرية الليلة الجمعة، الا ان اسرائيل قد تراجعت عن خطوة الاجتياح الكامل حيث أرجأت اسرائيل اجتياح القطاع، وتناولت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية، عددا من الأخبار التى تشير إلى وجود خلافات واضحة فى الإدارة الإسرائيلية ومشاحنات مستمرة بين رئيس الحكومة بينامين نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلي، تمنعه من القدرة على اتخاذ قرار الحرب، والاجتياح لقطاع غزة عبر عملية برية كما اعلن من قبل، وأرجعت بعض الاخبار في الصحيفة سبب التأخير إلى منح الولايات المتحدة الوقت لإرسال أنظمة مضادة للصواريخ إلى المنطقة.،وحذرت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا من الصعوبات التي سيواجهها الإسرائيليون عند دخولهم إلى غزة.وأضافت احرنوت: “هذا ليس السبب الوحيد لتردد الإسرائيليين للقيام بعملية الاجتياح البرى ، لكن ربما يرتبط الأمر مع وجود الرهائن الـ 223 في غزة الذى يمثل القضية الأولى للرأي العام الإسرائيلي”.
وبينما يتدهور الوضع الانساني في غزة ويستمر قصف المدنيين ليل نهار، لم ينجح مجلس الأمن الدولي، مرة أخرى، في تبني أي من مشروعي القرارين اللذين اقترحتهما كل من الولايات المتحدة وروسيا. في غضون ذلك أعلنت إسرائيل أنها قامت بعملية برية “محددة الأهداف” بالدبابات في شمالي القطاع.فمجدداً خرجت الانقسامات في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، الى العلن، إذ رفض أعضاؤه مشروعي قراري متعارضين قدّمت أولهما الولايات المتحدة وثانيهما روسيا. واستخدمت كليهما حق الفيتو لايقاف مشروع الاخرى.
مشروع القرار الأمريكي
أعربت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد عن خيبة أملها بشأن استخدام كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الأمريكي. ووصفت المشروع بأنه كان “قويا ومتوازنا. وأضافت أن بلادها مستعدة للعمل مع كافة الدول الأعضاء من أجل بناء مستقبل أكثر سلاما وأمنا لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
ومشروع القرار يرفض ويدين بشكل قاطع “الهجمات الإرهابية الشنيعة التي شنتها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في إسرائيل” وكذلك أخذ وقتل الرهائن والقتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي واستمرار الإطلاق العشوائي للصواريخ.وأكد من جديد الحق الأصيل لجميع الدول في الدفاع الفردي والجماعي عن النفس! وعلى ضرورة امتثال الدول الأعضاء- لدى الرد على الهجمات الإرهابية- لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي.، ودعا مشروع القرار إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، التي تشمل على وجه التحديد الهُدَن الإنسانية، للسماح بالوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى غزة.
الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، شانج جون قال إن بلاده صوتت ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة لأنه يشمل عناصر كثيرة “تفرق ولا تجمع، وتتجاوز البعد الإنساني”.”.وأضاف أن مشروع القرار الأمريكي “لا يعكس الدعوة القوية لوقف إطلاق النار وإنهاء العنف”، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار ليس مجرد عبارة دبلوماسية، ولكنه يعني “الحياة والموت” لكثير من المدنيين، وأوضح ممثل الصين كذلك أن مشروع القرار الأمريكي “انتقائي” في ذكر الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية في غزة.وأضاف أن تبني ذلك المشروع يعني الإطاحة بأفق حل الدولتين، ويدخل الطرفين في دائرة مفرغة من المواجهة والكراهية.
مشروع القرار الروسي
اما الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا فقال: أن مجلس الأمن “لم يلبِ التطلعات”.، ومشروع القرار الروسي كان يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وقفا فوريا،وأدان بشدة جميع أشكال العنف وأعمال القتال المرتكبة ضد المدنيين.سواء من حماس او إسرائيل وأدان ورفض الإجراءات الرامية إلى الحصار على قطاع غزة والذي يحرم السكان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.
من جانبه قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان موجها كلامه للدول التي صوتت ضد مشروع القرار: “إذا واجهت أي من دولكم مجزرة مماثلة، أنا واثق من أنكم كنتم ستتصرفون بقوة أكبر مما فعلته إسرائيل”.واتهم المجتمع الدولي بأنه “يكيل بمعيارينوقال إن بلاده ما زالت تتعرض للهجوم جنوبا من حماس وشمالا من حزب الله. وانتقد مشروع القرار الروسي وذكر أنه كان يسعى لتقييد يد إسرائيل ومنعها من القضاء على التهديد الوجودي الذي يواجهها!
جاءت الجلسة وسط ادانات لتصريحات الامين العام للأمم المتحدة انطونيو جويتريش، في كلمته، للأمم المتحدة امام مجلس الامن بجلسته السابقة اذ قال أنطونيو جوتيريش :” إن هجمات حماس لم تأت من فراغ. والشعب الفلسطيني خضع على مدى 56 عاما للاحتلال الخانق. ورأى الفلسطينيون أرضهم تلتهمها المستوطنات ويعمها العنف، واقتصادهم يُخنق، وشعبهم يُشرد، ومنازلهم تُهدم، وآمالهم في حل سياسي لمعاناتهم تتلاشى. ولكنه أضاف أن “مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة من قبل حماس، وأن هذه الهجمات الشنيعة لا يمكن أن تبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني” اغضبت التصريحات اسرائيل فأعرب جويتريش عن “صدمته” حيال ما وصفه بـ”تحريف” تصريحاته !
من ناحية اخرى وبعد أيام من المفاوضات بين الدول الأعضاء، في الاتحاد الاوروبي ظهرت الانقسامات في مواقف الدول الاعضاء فالبعض يدعم حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، والبعض يدعم فلسطين، لكن الامر المتفق عليه من الدول الاعضاء في الاتحاد هو ضرورة ابجاد “ممرات وهدنات إنسانية” للتمكن من إيصال المساعدات إلى المدنيين في قطاع غزة. واللافت انه لا احد من هذه الدول دعا “وقف إطلاق النار على غرار ما طالبت به الأمم المتحدة، اذ طالبت الحكومة الألمانية بفتح “نوافذ إنسانية” تسمح بإدخال المساعدات إلى غزة معتبرةً أن الدعوة إلى وقف لإطلاق النار غير مناسبة في هذه المرحلة! وعلى الرغم مناعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار وقف إطلاق النار الا ان الجميع يعلم أن قرارات الجمعية غير ملزمة