في الوقت الذي كان فيه رامي السبيعي بطل مصر الشهير بـ»بيج رامي» يشارك في بطولة كمال الأجسام الدولية بالولايات المتحدة والتي حصد لقبها بشكل غير مسبوق، كان هناك بطل آخر في كمال الأجسام يخوض أهم منافسة في حياته، حيث كانت المهمة هي انتزاع أقرب شخص لديه من براثن الموت.
رجب سيد فرج، لاعب كمال أجسام، لم يتجاوز عمره 22 عاما، يضع نصب عينيه أن يصبح في يوم من الأيام مثل «بيج رامي» الذي حقق إنجازا تاريخيا بحصوله على لقب مستر أولمبيا العالمي في هذه الرياضة الشاقة.
لكن على الشاب ابن قرية أطواب في محافظة بني سويف في صعيد مصر أن يخوض معركة حياة أو موت أولا، وهي إنقاذ والده المريض من داء قضى على كبده، ما استلزم البحث عن متبرع.
يقول رجب لسكاي نيوز عربية إنه «في ذات يوم، وجدت والدي مهموما وحزينا، ولما سألته، علمت منه أن الأطباء قرروا إجراء عملية زراعة كبد له كحل وحيد لحالته المتدهورة».
ويعاني والد رجب من تليف كامل في الكبد، وهو ما يعرضه لمشكلات خطيرة، تهدد حياته.
وتطوعت الأم في بادئ الأمر لعمل فحوصات من أجل التبرع لزوجها بفص من كبدها، لكن الأمر لم ينجح كونها مصابة بفيروس سي الكبدي.
وعندما علم الابن هذا الأمر، قرر خوض الجراحة والتبرع لوالده، من أجل إنقاذ حياته.
ويقول رجب:» قلت له على الفور و-لماذا لا أتبرع لك أنا ؟.. أنا جزء منك، وأنت سبب وجودي في الحياة، وجاء اليوم كي أهبك جزءا من حياتي وهذا قليل عليك».
وأضاف: «والدي عارضني بشدة بسبب خوفه على مستقبلي الرياضي لأنني ألعب رياضة كمال الأجسام من صغري ومهووس بها، وحققت فيها بطولات على مستوى مركز الواسطى ومحافظة بني سويف وكذلك محافظة البحيرة ومسابقات مع أندية كبرى، ولكني أصريت على الأمر، لأنه لا قيمة لأي إنجاز أحققه إذا لم يكن والدي بجانبي».
رجب يعمل نقاشا (دهانا) في شركة إنشاءات براتب لا يتخطى 3 آلاف جنيه، ويعمل كعنصر حماية لتأمين الحفلات الغنائية للفنانين في الصيف مقابل 250 جنيها للحفلة، إلا أن الوضع تأثر بسبب وباء كورونا وأصبح دخله متذبذبا وعلاج والده يكلف ألف جنيه شهريا.
وفي هذا الصدد، يقول رجب: «وباء كورونا أثر بشدة على دخلي الشهري وعلاج أبي يحتاج مصاريف كثيرة، وأنا عندي عائلة صغيرة وكل مصاريف التدريب الخاصة بي على عاتقي..»
وأوضح رجب أنه «أقنع والده بأعجوبة وذهبا معا إلى معهد الكبد بالقاهرة والتقيا منسق جراحات الكبد الطبيب محمود طلعت، وطاقم المعهد الذي استقبلهما بحفاوة بالغة».
لكن العملية تعرقلت 3 مرات لظروف خارجة عن إرادتهم، بحسب الشاب.
وكاد والد رجب أن يستسلم للأمر الواقع، قائلا إنها «إرادة الله وأنه لا يرغب في أن يجري هذه العملية حتى لا يؤثر على مستقبله الرياضي».
لكن الابن أصر، قائلا إنه لن يعود إلى القرية «إلا بعد أن تجري العملية وتعود واقفا على قديمك سليما معافا».
وكان رجب على وشك المشاركة في بطولة مهمة بكمال الأجسام على مستوى الجمهورية، لكنه اعتذر عنها، من أجل الاستعداد للجراحة.
في التاسع عشر من ديسمبر، وبينما كان بيج رامي يخوض منافسة قوية في أهم بطولة عالمية لكمال الأجسام، كان رجب في غرفة العمليات مسلما أمره لمشرط الجراح كي يخرج من تجويف بطنه فصا من كبده، بينما كان والده يخضع في وقت متزامن للجراحة الرئيسية لإزالة الكبد المتهالك وتلقي جزء من كبد ابنه.
وبعد 12 ساعة من الجراحة، خرج الأب والابن من المسابقة، منتصرين على المرض، بنجاح الجراحة.
يقول رجب: «عندما استفقت من التخدير بعد الجراحة طلبت مشاهدة التلفاز لمتابعة فوز رامي السبيعي بمستر أوليمبيا، كنت سعيدا من أجله كثيرا».
وبينما لا يزال الوالد يخضع لمرحلة الاستشفاء في المستشفى، خرج الشاب العشريني يوم 25 ديسمبر، وهو يشعر بتحسن.
ويأمل رجب أن يتمكن في القريب العاجل من العودة إلى التدريبات، حيث لا يزال أمامه مشوار رياضي بعدما نجح في أهم بطولة بحياته على حد تعبيره، والآن تولد لديه حافز جديد بفوز ابن بلده بيج رامي بأهم حدث عالمي في كمال الأجسام.