وجهت منظمة العفو الدولية، نداء جديدا للحكومة اليونانية من أجل وضع حد لعمليات الإعادة القسرية الممنهجة للمهاجرين الذين يحاولون دخول البلاد، وما يرافقها من أعمال عنف واعتقالات واحتجاز تعسفي لهم على الحدود اليونانية. وطلبت المنظمة من السلطات اليونانية توفير الحماية للمهاجرين على حدودها، وفقا لالتزاماتها الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
تابعت منظمة العفو الدولية تقريرها المثير للجدل الذي صدر في 22 حزيران/ يونيو الماضي تحت عنوان “اليونان.. عنف وأكاذيب ونكسات”، من خلال الإعلان عن عريضة جديدة في رسالة مفتوحة تطالب السلطات اليونانية بإنهاء ما وصفته بأنه “سياسة حدودية فعلية”، وصد المهاجرين الذين يحاولون دخول البلاد.
ممارسات خطيرة
وقالت منظمة العفو في بيان “يجب على اليونان أن تدرك مدى خطورة ممارسات الإعادة إلى الوطن، وأن تتوقف عن غض الطرف عن الخسائر والألم والتكاليف التي تسببها هذه الممارسات للأرواح البشرية”. وأضافت أن “على السلطات اليونانية أن تضع حدا لعمليات الترحيل، والإفلات من العقاب”، وأنه “عليها اتخاذ الإجراء فوراً”.
وقدمت منظمة العفو ومنظمات أخرى بينها هيومان رايتس ووتش، تقارير مرفقة بأدلة حول مزاعمها وقالت “إن اليونان صَدَّت اللاجئين والمهاجرين بعنف، ردا على فتح تركيا الأحادي الجانب للحدود البرية، خلال شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2020، على سبيل المثال”.
لكن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس سارع إلى دحض مزاعم الإعادة واسعة النطاق للمهاجرين على الشواطئ اليونانية، وقال “أنا أرفض مفهوم الإبعاد كمصطلح، فهو غير موجود في مفرداتي، وأضاف “لكن عندما يأتي قارب […] سنبلغ عنه ونفعل كل ما في وسعنا لإعادة هذا القارب إلى المكان الذي غادر منه”.
وكانت منظمة غير حكومية مقرها جزيرة ليسبوس رفعت دعوى قضائية ضد اليونان أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن هذه القضية.
رسالة مفتوحة
ووجهت منظمة العفو الدولية رسالة مفتوحة إلى وزير الهجرة واللجوء عبرت فيها عن قلقها الشديد “بشأن الممارسات المنهجية للترحيل وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، في خطة تتبعها اليونان ووصلت الآن إلى سياسة مراقبة الحدود الفعلية”.
وأضافت في رسالتها أنه “في عام 2020، واجه اللاجئون والمهاجرون الذين يسافرون غالبا مع الأطفال، عنفا خطيرا واعتقالات واحتجازا تعسفيا، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى على الحدود اليونانية، وتمت إعادتهم أخيرا إلى تركيا دون أي إمكانية لتلبية احتياجاتهم أو حمايتهم، ولم يعد بإمكان اليونان إنكار هذا الواقع”.
وحثت المنظمة “على التأكد بشكل عاجل من أن عمليات الترحيل من الحدود اليونانية ستتوقف ولن تتكرر في المستقبل”، وذكَّرت أنه “يجب على اليونان حماية الناس على حدودها، وفقا لالتزاماتها الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان”.
واستطردت أن “ثقافة الإفلات من العقاب السائدة هي الرافعة الرئيسية لهذه الانتهاكات”، وقالت متوجهة لوزير الهجرة اليوناني إنه “يمكنك تغيير هذا من خلال ضمان التحقيق الفعال في الشكاوى، وحصول الأشخاص في اليونان على إجراءات الحماية، وإجراء عمليات مراقبة الحدود بطريقة تتفق مع مبدأ حقوق الإنسان”.
وخلصت منظمة العفو بالقول إنه “يبقى أن نرى كيف ستتلقى الحكومة اليونانية الرسالة المفتوحة، وهي تواصل المضي قدما في التحدث بشكل إيجابي حول تعاملها مع أزمة اللاجئين المستمرة، بينما تستمر بالفعل الضوضاء الصادرة عن وزارة الهجرة والمسؤولين الحكوميين الآخرين في التركيز على الحقائق الإيجابية بشأن تقليص عدد طالبي اللجوء في جزر بحر إيجة”.
انخفاض عدد المهاجرين في الجزر
ووفقا لآخر البيانات، فقد انخفض عدد المهاجرين الموجودين على الجزر إلى أقل من 8500 شخص للمرة الأولى منذ بداية أزمة الهجرة في أوروبا في عام 2015، وكان عدد طالبي اللجوء في الجزر قد بلغ في أبريل من العام الماضي 40 ألفا، أي أكثر من أربعة أضعاف عددهم حاليا.
وفي أعقاب حريق أيلول/ سبتمبر 2020 في مخيم موريا بجزيرة ليسبوس، كثفت السلطات اليونانية جهودها لنقل اللاجئين من جزر بحر إيجة إلى داخل الأراضي اليونانية ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وفي الوقت نفسه، التقى وزير الهجرة اليوناني “ميتاراكيس”، ونائبته صوفيا فولتيبسي مع المديرة التنفيذية لمكتب دعم اللجوء الأوروبي نينا غريغوري لتوقيع اتفاقية جديدة للتعاون.
واعتبر ميتاراكيس، في تصريحات للصحفيين أن “هذا تطور إيجابي للغاية، ودليل على التصرف البناء لبلدان (ميد 5)، وهو التصرف الذي يجب أن تظهره جميع الدول الأعضاء في عملية التفاوض بشأن الميثاق الأوروبي الجديد للهجرة واللجوء”.
وأضاف أن “دور مكتب دعم اللجوء الأوربي مهم بشكل خاص، حيث يمكن أن يلقي الضوء على الجوانب التشغيلية للحلول المقترحة، وذلك لتسريع إجراءات اللجوء”.
واتفق ميتاراكيس وغريغوري، على الهدف المشترك المتمثل في تصفية القضايا المعلقة لدائرة اللجوء بحلول نهاية العام 2021، وقاما بزيارة مقر المكتب الجديد في أثينا، بعد التصديق على الاتفاقية ذات الصلة.
توقيع مذكرتي تعاون إحداهما مع منظمة الهجرة الدولية
وتأتي هذه الاتفاقية في أعقاب مذكرتي تعاون تم توقيعهما الأسبوع الماضي، وتعتبر الأولى اتفاقية استراتيجية جديدة مع منظمة الهجرة الدولية، في محاولة للمساعدة في تحسين حياة آلاف المهاجرين واللاجئين الذين يعيشون في البلاد.
وحدد الجانبان مجالات التعاون وتشمل الزراعة والتصنيع وريادة الأعمال، ودعم القصر غير المصحوبين بذويهم في مرحلة البلوغ، وكذلك النساء، من أجل منع أي شكل من أشكال العنف ضدهن.
وقالت وزارة الهجرة، في بيان إنه “سيتم التركيز على قضايا الإسكان، والمهارات، لاسيما المهارات اللغوية، والإلمام بطريقة الحياة الأوروبية، والمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الترويج للرياضة”.
وجاء هذا الاتفاق لتعزيز الشفافية ومنع سوء الإدارة والاحتيال والفساد، وتطوير وتحسين مهارات وقدرات موظفي وحدة المراجعة الداخلية بوزارة الهجرة، بالإضافة إلى تقديم الدعم الاستشاري والخبرات من قبل الهيئة الوطنية للشفافية.