فجر أمس الثلاثاء، حاول نحو 150 مهاجرا معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، اجتياز الحدود البحرية بين جيب مليلية الإسباني ومدينة بني أنصار المغربية. قوات من الحرس المدني الإسباني حالت دون تمكنهم من العبور، فاندلعت مواجهات بين الطرفين أسفرت عن جرح العشرات من قوات الأمن، حسب السلطات المحلية في مليلية.
مازالت الحدود الفاصلة بين جيب مليلية الخاضع للسيطرة الإسبانية والمغرب تشهد فصولا شبه يومية من محاولات عبور مهاجرين من المملكة إلى الجيب الأوروبي. عشرات يتجمعون على المقلب المغربي من السياج الحدودي ليلا، ويبدأون السير على طوله محاولين العثور على ثغرات تخولهم العبور إلى الجهة الأخرى.
فضلا عن الحدود البرية، تتداخل جغرافية الساحل في مليلية بشكل معقد مع ميناء بني أنصار المغربي، حيث يفصل بينهما كاسر أمواج اصطناعي يمتد عشرات الأمتار بعمق البحر، يعلوه سياج شائك، هو بدوره يعتبر هدفا لمهاجرين مغاربة ومن دول جنوب الصحراء حيث يسعون لاجتياز السياج أو السباحة بمحاذاة كاسر الأمواج للوصول إلى الشطر الأوروبي.
وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات المحلية في جيب مليلية أمس الثلاثاء أن نحو 150 مهاجرا حاولوا العبور من تلك النقطة، المحاذية لميناء بني أنصار، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل.
ووفقا للسلطات، فقد حاول هؤلاء المهاجرون عبور تلك النقطة حوالي الساعة الخامسة صباحا، وقامت دوريات من الحرس المدني الإسباني بصدهم وإرجاعهم للمغرب. وذكرت أنه نتيجة لتلك الحادثة، سقط تسعة أفراد من الحرس المدني جرحى، “بسبب عنف المهاجرين الذين كانوا يحملون هراوات وعمدوا إلى الرشق بالحجارة”.
وذكرت السلطات أن معظم هؤلاء المهاجرين جاؤوا من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وكان بينهم بعض المهاجرين المغاربة.
المحاولة الأكبر
يذكر أن محاولة العبور هذه تعتبر الأكبر من نوعها منذ عدة أشهر، حيث أكد أحد أعضاء المفوضية الإسبانية لرعاية اللاجئين في مليلية لمهاجر نيوز أنه غالبا ما تكون مقتصرة على نحو 30 شخصا كحد أقصى، وشدد في حينه على أنه من النادر أن تشهد تلك المنطقة من جيب مليلية محاولات عبور لأكثر من 100 شخص.
وكان جيب سبتة، المنطقة الأخرى الواقعة شمال المغرب والخاضعة للسيطرة الإسبانية، قد شهد منتصف أيار/مايو الماضي تدفقا استثنائيا لنحو 10 آلاف مهاجر، معظمهم مغاربة وبينهم الكثير من القاصرين، استغلوا تراخي الجانب المغربي في مراقبة الحدود.
الحدث خلق أزمة دبلوماسية بين البلدين الجارين، حيث اتهمت إسبانيا حينها المغرب باستخدام ورقة المهاجرين لأهداف سياسية، كما حذر رئيس الوزراء الإسباني من أن بلاده ستقوم بما بوسعها لحماية حدودها.
ويعد جيبا مليلية وسبتة الإسبانيان شمال المغرب، الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع أفريقيا، ومنفذا تقليديا للمهاجرين الذين يحاولون من حين لآخر التسلل عبر تسلق السياج الحديدي المحيط بهما.
ووفقا لمعاهدة بين البلدين الجارين، تقوم إسبانيا بإعادة كافة المهاجرين المغاربة إلى بلادهم، باستثناء القاصرين منهم الذين ينتظرون ريثما يتم النظر بطلباتهم. لكن مع واقع الأمور ميدانيا في مليلية، ترتفع أعداد المهاجرين المشردين في شوارع الجيب، ومعظمهم من القاصرين المغاربة، في حين يشكوا المئات من عدم قدرتهم على الدخول إلى مركز “سيتي”، وهو مركز الإيواء الوحيد في الجيب، بسبب عدم أحقيتهم القانونية بذلك.