بعد رحلة برية استمرت لأكثر من تسع ساعات، حمل خلالها المواطن الإيراني شيّرزاد أمينكداد والديه المُسنين من مدينة طهران إلى «معبر نوردوز» الحدودي الفاصل بين إيران وأرمينيا، اضطر الثلاثة إلى الانتظار هناك أكثر من خمسة عشر ساعة، بانتظار حلول دورهم للعبور والحصول على التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد.
ويتدفق عشرات الآلاف من المواطنين الإيرانيين إلى هذا المعبر، للسفر إلى أرمينيا والحصول على جرعات التطعيم ضد فيروس كورونا، والأشكال الحديثة المتحورة منه، التي صارت تغزو مختلف مناطق إيران، حتى أن 14 محافظة إيرانية صارت في المنطقة الحمراء.
يعبر أمينكداد عن استيائه من أوضاع آلاف المنتظرين على المعبر الحدودي في حديث ، وقال: «يعيش والداي معنا في نفس البيت، وأنا أخشى عليهم من الإصابة بالوباء، الذي قد يؤدي بحياتهما لا سمح الله، فأنا وزوجتي وأولادي نخرج من البيت بشكل يومي، ويُستحال أن نحمي أنفسنا بشكل مؤكد».
وأضاف: «منذ ستة أشهر لم يحصل والداي على التطعيم داخل البلاد، بالرغم من إتمامنا لكل الإجراءات وتجاوز عمرهما الستين عاماً، إذ من الواضح أن الأعداد المتوفرة من الحُقن لا تكفي إلا أعداداً قليلة، فكان اللجوء إلى خيار السفر إلى أرمينيا حلاً وحيداً بالنسبة لنا».
وتابع: «لكن المفجع، أن الحكومة التي لم تستطع بناء وحدات ومراكز صحية، ولا حتى مواجهة الوباء، وطبعاً لم تأتِ لنا بالجرعات، فإنها أيضاً غير قادرة على توفير موظفين أكفاء بأعداد مناسبة لتسهيل مرور الناس من هذا المعبر الحدودي».
وكانت وكالات السفر المحلية الإيرانية قد أعلنت، عبر بياناتها طوال الأسبوع الماضي، عن زيادة استثنائية في أعداد الطالبين للسفر إلى أرمينيا، إذ حُجزت جميع الرحلات البرية حتى أسابيع قادمة، كذلك فإن شركات الطيران الإيرانية وعدت المسافرين بإعادة هيكلة رحلتها إلى العاصمة الأرمنية يريفان خلال الأسبوع، بأعداد مضاعفة على الأقل، كما صرح المتحدث باسم منظمة الطيران المدني محمد زيباخش، الذي قال إن هذا القرار يُمكن اتخاذه من قِبل الجانب الأرمني.
مؤسسة «گردشگری بوراق» الإيرانية، التي كانت مختصة بتنظيم الجولات السياحية من إيران، إلى دول الجوار، وصارت منذ قرابة شهر تنظم قوافل المسافرين إلى أرمينيا، قال مدير العلاقات العامة فيها، نبهار سطانوري، في حديث «نشهد إقبالاً منقطع النظير، كنا في الفترة الأولى نستقبل أناساً من الطبقات الغنية، لكن خلال الأسبوعين الماضيين صارت الطبقات الوسطى أيضاً تتوافد وتطلب السفر. فشركتنا تملك أسطولاً برياً يُقدر بسبعين حافلة، ونفكر باستئجار خمسين أخرى».
وحول تكلفة رحلة الحصول على الجرعات في أرمينيا، يقول سطانوري: «ثمة ثلاث مستويات من الخدمات المقدمة، حسب الفنادق التي يختارها الزبائن، بين ثلاثة أربعة أو خمسة نجوم، مع السفر والإقامة لمدة أسبوع كامل، المرحلة الفاصلة بين أخذ اللقاحين. إذ تتراوح التكلف بين سبعة ملايين تومان (حوالي 350 دولار) وعشرين مليون تومان (حوالي 1000 دولار). وهذه الأرقام متوقع لها أن ترتفع، مع زيادة أصحاب الفنادق والخدمات في أرمينيا لأسعارهم، مترافقاً مع زيادة أعداد الوافدين الإيرانيين».
وكالة الأنباء الإيرانية إيلنا أجرت لقاء مع رئيس غرفة التجارة الإيرانية الأرمنية المشتركة هيرفيك باريجانيان، الذي علق على موجة تدفق الإيرانيين على أرمينيا لتلقي اللقاحات:»الحكومة الأرمينية أيضا ليس لديها برنامج تطعيم خاص أو تميزي، لأن لديهم حصصا وتستخدمها بشكل مباشر. فكل من يذهب إلى هذا البلد ويريد الحصول على التطعيم سيتم تطعيمه. والحكومة الأرمينية لا تتلق أي أموال مقابل هذه اللقاحات، وتقوم بحقن السائحين بشكل مجاني. حتى أن الكثيرين منهم يحصلون على الجرعة الأولى من المطار والمعابر الحدودية، بعد قياس الضغط والأوكسجين».
وكانت إيران قد صُنفت من أسوء بلدان العالم من حيث الأداء والتعامل مع تفشي وباء كورونا، حيث تجاوزت أعداد المتوفين جراء الظاهرة أكثر من 300 ألف ضحية، وهي من أعلى الأعداد على مستوى العالم، مقارنة بأعداد السكان.
كذلك لم تتمكن السلطات الإيرانية من تنفيذ خُطط مُحكمة لتطعيم المواطنين باللُقاحات، حيث لم تتجاوز أعداد الحاصلين على الجرعة الأولى من اللقاح سبعة ملايين شخص، أي أقل من 10 في المئة من مجموع السكان، وهو رقم ضئيل للغاية.
فوق ذلك، فإن السلطات الإيرانية وضعت بنداً ضمن ميزانيتها المُقرة للعام الحالي بفرض أموالٍ على متلقي الجرعات، تتراوح بين 20 إلى 30 دولاراً لكل جرعة، وهو أمر لاقى رفضاً عارماً من الأوساط الشعبية الإيرانية.