الرئيسيةمنوعات عالميةأول مدربة رياضية لبنانية بطرف اصطناعي.. فيديو لـ"قصة نجاح"

أول مدربة رياضية لبنانية بطرف اصطناعي.. فيديو لـ”قصة نجاح”

تعتبر‭ ‬المدربة‭ ‬الرياضية‭ ‬اللبنانية‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬تركية،‭ ‬نسرين‭ ‬أكيوز،‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬قوة،‭ ‬ورفضت‭ ‬الاستسلام‭ ‬لواقع،‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يشبهها‮»‬‭.‬

تمردت‭ ‬أكيوز،‭ ‬ابنة‭ ‬الثلاثين‭ ‬ربيعا،‭ ‬على‭ ‬قدرها‭ ‬ورفضت‭ ‬واقعا‭ ‬فرضته‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬رصاصة‭ ‬طائشة‭ ‬‮«‬،‭ ‬تلقتها‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬عمرها‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬العامين‭.‬

قصة‭ ‬نجاح‭ ‬صنعتها‭ ‬نسرين‭ ‬برغم‭ ‬الإصابة،‭ ‬التي‭ ‬ترفعها‭ ‬كتحد‭ ‬بوجه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الإعاقة‭ ‬حاجزا‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬الأحلام‭.‬

على‭ ‬قدم‭ ‬واحدة،‭ ‬استطاعت‭ ‬الشابة‭ ‬اللبنانية‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمها‭ ‬وصارت‭ ‬نموذجا‭ ‬للمرأة‭ ‬اللبنانية‭ ‬القوية‭ ‬المثقفة‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬كسر‭ ‬عزيمتها‭. ‬

قالت‭ ‬المدربة‭ ‬الشابة،‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬خاص‭ ‬: ‬‮«‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعتبرني‭ ‬مثالاً‭ ‬له‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬قوتي،‭ ‬ويبقى‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬جرحي‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬قوتي‭ ‬والمشي‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬واحدة‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬حياتي‮»‬‭.‬

وأضافت‭ ‬‮«‬لم‭ ‬أندم‭ ‬يوماً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬بي‭ ‬فهو‭ ‬قدري،‭ ‬تخطيت‭ ‬أوجاعي‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬وما‭ ‬يؤلمني‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬مسلسل‭ ‬‮«‬الرصاص‭ ‬الطائش‮»‬‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭ ‬ودون‭ ‬توقف‭ ‬حتى‭ ‬حينه‮»‬‭.‬

وأردفت‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تشعرني‭ ‬طفولتي‭ ‬بقساوة‭ ‬المشهد‭ ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬مدرستي‭ ‬كانت‭ ‬قادرة‭ ‬أن‭ ‬تشد‭ ‬من‭ ‬عزيمة‭ ‬طفلة‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬رفيقاتها‭ ‬بالجسد،‭ ‬وبأسلوب‭ ‬راق‭ ‬وحضاري،‭ ‬وللمرة‭ ‬الأولى‭ ‬شعرت‭ ‬بمرارة‭ ‬الإصابة‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬يومها‭ ‬تعرضت‭ ‬قدمي‭ ‬نفسها‭ ‬لكسور‭ ‬مرتين‮»‬‭.‬

عن‭ ‬طفولتها،‭ ‬تتحدث‭ ‬نسرين‭ ‬بقلب‭ ‬مفعم‭ ‬بالفرح‭ ‬وعينين‭ ‬تسترجع‭ ‬بهما‭ ‬لحظات‭ ‬سعيدة،‭ ‬فتبتسم‭ ‬وتقول‭: ‬‮«‬كنت‭ ‬أستغرب‭ ‬بسبب‭ ‬الحذاء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬بحوزتي،‭ ‬بينما‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬رفيقاتي‭ ‬لديهن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحذية،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تعنيه‭ ‬أمي‭ ‬حين‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الطبيب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بتجهيز‭ ‬الحذاء‭ ‬البديل‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬قبل‭ ‬موسم‭ ‬الأعياد‮»‬‭ .‬

تحمل‭ ‬نسرين‭ ‬في‭ ‬قلبها‭ ‬عرفانا‭ ‬بالجميل‭ ‬لأهلها‭ ‬وبشكل‭ ‬خاص‭ ‬لشقيقها‭ ‬الوحيد‭ ‬عبد‭ ‬النور‭ ‬الذي‭ ‬يصغرها‭ ‬بعامين،‭ ‬وهو‭ ‬الرفيق‭ ‬الدائم‭ ‬لنزهاتها‭ ‬ويومياتها‭ ‬ورحلات‭ ‬سفرها‭.‬

وبشأن‭ ‬دراستها،‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬درست‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬القديس‭ ‬يوسف‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬اختصاصا‭ ‬مزج‭ ‬التغذية‭ ‬مع‭ ‬التدريب‭ ‬الرياضي،‭ ‬ونلت‭ ‬شهادة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬الاختصاص‭ ‬وبعدها‭ ‬أدركت‭ ‬بأن‭ ‬حلمي‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مدربة‭ ‬لياقة‭ ‬بدنية‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أرفع‭ ‬سقف‭ ‬التحدي‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬لحظات‭ ‬الإصابة،‭ ‬تروي‭ ‬نسرين‭ ‬فتقول‭: ‬‮«‬كنت‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬عامين‭ ‬بعد‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬نيابية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬ألعب‭ ‬على‭ ‬شرفة‭ ‬المنزل‭ ‬وشعرت‭ ‬فجأة‭ ‬بإحساس‭ ‬مؤلم‭ ‬في‭ ‬ركبتي،‭ ‬كان‭ ‬نتيجة‭ ‬رصاصة‭ ‬طائشة‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬احتفال‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بمهرجان‭ ‬انتخابي‭ ‬يومها،‭ ‬وتفاقمت‭ ‬الحالة‭ ‬وأصيبت‭ ‬ساقي‭ ‬بالـ‮»‬غرغرينا‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬قرار‭ ‬الأطباء‭ ‬الصعب،‭ ‬بتر‭ ‬الساق‭ ‬والقدم‭ ‬من‭ ‬أسفل‭ ‬الركبة‮»‬‭.‬

طفولة‭ ‬معذبة‭ ‬بين‭ ‬أروقة‭ ‬المستشفيات

وتكشف‭ ‬أكيوز‭: ‬‮«‬شعرت‭ ‬بانجذاب‭ ‬قوي‭ ‬نحو‭ ‬الرياضة‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬نهضة‭ ‬لعبة‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والتي‭ ‬بسببها‭ ‬تعرضت‭ ‬رجلي‭ ‬للكسر‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬نفسه‭ ‬فتوقفت‭ ‬عن‭ ‬اللعب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طموحي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬ودخلت‭ ‬الجامعة‭ ‬ولم‭ ‬أستسلم‮»‬‭.‬

شاركت‭ ‬نسرين‭ ‬بتدريبات‭ ‬منتخب‭ ‬لبنان‭ ‬لكرة‭ ‬السلة‭ ‬وبدأت‭ ‬العمل‭ ‬كأول‭ ‬مدربة‭ ‬على‭ ‬اللياقة‭ ‬البدنية‭ ‬للاعبين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تدريب‭ ‬فريق‭ ‬لكرة‭ ‬السلة‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬وهدفها‭ ‬الوحيد‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬نواد‭ ‬وفرق‭ ‬أوروبية‮»‬‭.‬

لا‭ ‬تنقص‭ ‬نسرين‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بأية‭ ‬مهمة‭ ‬توكل‭ ‬إليها،‭ ‬وعن‭ ‬ذلك‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬أمارس‭ ‬رياضة‭ ‬كرة‭ ‬المضرب‭ ‬والدراجات‭ ‬الهوائية‭ ‬وأشارك‭ ‬في‭ ‬تمارين‭ ‬القوة‭ ‬البدنية‭ ‬باستمرار‮»‬‭.‬

نسرين‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬المهنة‭ ‬والرياضة‭ ‬تهتم‭ ‬بأناقتها‭ ‬كأية‭ ‬أنثى‭ ‬وفتاة،‭ ‬وتبرز‭ ‬‮«‬أرتدي‭ ‬الأزياء‭ ‬الأنيقة‭ ‬التي‭ ‬تبرز‭ ‬الأنوثة‭ ‬والكعب‭ ‬العالي‭ ‬المصمم‭ ‬خصيصا‭ ‬مع‭ ‬الطرف‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لكنني‭ ‬أفضل‭ ‬الزي‭ ‬الرياضي‭ ‬الذي‭ ‬يمنحني‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحرية‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬بتفاؤل‭: ‬‮«‬رغم‭ ‬كل‭ ‬النظرات‭ ‬الغريبة‭ ‬من‭ ‬حولي،‭ ‬عشت‭ ‬حياتي‭ ‬سعيدة،‭ ‬وأستعد‭ ‬لكتابة‭ ‬قصتي‭ ‬كما‭ ‬عشتها‮»‬‭.‬

وتختم‭ ‬نسرين‭ ‬حوارها‭ ‬‬كما‭ ‬بدأته‭ ‬بالأمل‭ ‬المطعم‭ ‬برسالة‭ ‬بليغة‭ ‬لوقف‭ ‬آفة‭ ‬إطلاق‭ ‬الرصاص‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬السعيدة‭ ‬والحزينة‭  ‬لتقول‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الرصاص‭ ‬الطائش ‭ ‬الذي‭ ‬يطلق‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬رسالة‭ ‬فرح‭ ‬مطلقا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭.. ‬توقفوا‭ ‬عن‭ ‬اإيذاء‭ ‬البشر،‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الصارمة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المخالفين‭ ‬‮«‬‭.‬

Most Popular

Recent Comments