الرئيسيةأخبار الاقتصادتوقعات وآمال عريضة.. هل يخرج مؤتمر باريس السودان من أزمته؟

توقعات وآمال عريضة.. هل يخرج مؤتمر باريس السودان من أزمته؟

انطلقت‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الفرنسية‭ ‬باريس،‭ ‬الاثنين،‭ ‬فعاليات‭ ‬مؤتمر‭ ‬باريس‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وسط‭ ‬اهتمام‭ ‬دولي‭ ‬واسع‭ ‬وآمال‭ ‬داخلية‭ ‬عريضة‭ ‬بأن‭ ‬يسهم‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬إخراج‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬أزمته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الطاحنة‭.‬

ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬والاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬وتخفيف‭ ‬عبء‭ ‬الديون‭ ‬المثقلة،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬البلاد‭ ‬والتي‭ ‬تتراوح‭ ‬تقديراتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬60‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

إصلاحات‭ ‬وتحضيرات

وبدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬السودانية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ – ‬الدولة‭ ‬المضيفة‭ – ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬للمؤتمر‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬أشهر‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬فرص‭ ‬وموارد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوداني،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬مشروعا‭ ‬حيويا‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الزراعة‭ ‬والطاقة‭ ‬والنقل‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمشروعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭.‬

وشهدت‭ ‬فترة‭ ‬الإعداد‭ ‬للمؤتمر‭ ‬إجراء‭ ‬إصلاحات‭ ‬مالية‭ ‬ونقدية‭ ‬وتشريعية‭ ‬اختلفت‭ ‬آراء‭ ‬الخبراء‭ ‬المحليين‭ ‬حول‭ ‬جدواها‭ ‬ونجاعاتها،‭ ‬لكنها‭ ‬وجدت‭ ‬إشادة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬رئيسه‭ ‬ديفيد‭ ‬مالباس‭ ‬إنهم‭ ‬اندهشوا‭ ‬من‭ ‬سرعتها‭.‬

وأوضح‭: ‬‮«‬كنا‭ ‬نتابع‭ ‬سير‭ ‬السودان‭ ‬نحو‭ ‬الإصلاح‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الانتقال‭ ‬والذي‭ ‬أدهشنا‭ ‬سرعة‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬العالمي،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬تاريخي‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬شغفنا‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‮»‬‭.‬

وعبر‭ ‬مالباس‭ ‬عن‭ ‬تفاؤله‭ ‬بأن‭ ‬تؤدي‭ ‬الإصلاحات‭ ‬المالية‭ ‬وقرارات‭ ‬توحيد‭ ‬أسعار‭ ‬الصرف‭ ‬التي‭ ‬اتخذها‭ ‬السودان‭ ‬مؤخرا‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬وتفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬إعفاء‭ ‬ديون‭ ‬البلاد‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السوداني‭ ‬عبدالله‭ ‬حمدوك،‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬السودان‭ ‬واقتصاده‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬مبعوث‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬فولكر‭ ‬بيرتيس‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬متروك‭ ‬الآن‭ ‬للسودان‭ ‬وللمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لإظهار‭ ‬أن‭ ‬السودان‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬للاستثمار‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬حالة‭ ‬ميؤوس‭ ‬منها‭.‬

الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات

شدد‭ ‬محمد‭ ‬شيخون،‭ ‬عضو‭ ‬اللجنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لقوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬وأستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬السودانية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬مخرجات‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬المؤتمر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يصاحبها‭ ‬اهتمام‭ ‬وتخطيط‭ ‬وطني‭ ‬سليم‭ ‬يهدف‭ ‬للاستخدام‭ ‬الأمثل‭ ‬للموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬السودان‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬ورقة‭ ‬رابحة‭ ‬تمنع‭ ‬الممولين‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬شروطهم‭ ‬الصعبة‭ ‬والتي‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭.‬

وقال‭ ‬شيخون‭ ‬‬إن‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬فرصة‭ ‬لتدعيم‭ ‬عودة‭ ‬السودان‭ ‬للمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وجذب‭ ‬شراكات‭ ‬متوازنة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬فرنسا‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إنجاحه‭ ‬نظرا‭ ‬للفرص‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬السودان‭.‬

وينبه‭ ‬شيخون‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تنعكس‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للبلد‭ ‬وعلى‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬العادي‭ ‬ولو‭ ‬عبر‭ ‬مؤشرات‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحياتية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭.‬

تخفيف‭ ‬الديون

وفي‭ ‬أول‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬عزم‭ ‬فرنسا‭ ‬إنجاح‭ ‬المؤتمر،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفرنسي‭ ‬برونو‭ ‬لومير‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬بلاده‭ ‬قرض‭ ‬تجسيري‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتسديد‭ ‬متأخرات‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭.‬

وأوضح‭ ‬الوزير‭ ‬الفرنسي‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬ستعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تخفيف‭ ‬عبء‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‮»‬‭.‬

وتعتبر‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬عقبة‭ ‬كبيرة‭ ‬امام‭ ‬إنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوداني‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ازمات‭ ‬كبيرة‭ ‬بعد‭ ‬التدهور‭ ‬المريع‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات‭ ‬بسبب‭ ‬الفساد‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬استشرى‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬عمر‭ ‬البشير،‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تطيح‭ ‬به‭ ‬ثورة‭ ‬شعبية‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2019‭.‬

توقعات‭ ‬وآمال

ويأمل‭ ‬السودانيون‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬مؤتمر‭ ‬باريس‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لإزالة‭ ‬التشوهات‭ ‬والاختلالات‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوداني‭ ‬المثقل‭ ‬بالمشكلات‭ ‬والأزمات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬والنقص‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬ومدخلات‭ ‬الطاقة‭ ‬وتدهور‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬350‭ ‬في‭ ‬المئة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الفرنسي‭ ‬برونو‭ ‬لومير،‭ ‬خلال‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬للمؤتمر،‭ ‬عزم‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬لجلب‭ ‬الموارد‭ ‬لدعم‭ ‬السودان‭ ‬والوقوف‭ ‬معه‭ ‬خطوة‭ ‬بخطوة‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬ستسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬المهارات‭ ‬والخطوات‭ ‬الضرورية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الكهربائي‭ ‬وتعزيز‭ ‬بنية‭ ‬الأعمال‭ ‬والبنية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ومواصلة‭ ‬مشوار‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭.‬

Most Popular

Recent Comments