فتحت الإجراءات الأوربية الأخيرة ضد تنظيم الإخوان، في إطار استراتجية القارة العجوز لمواجهة الإرهاب والتطرف، الباب واسعاً أمام سيناريوهات واحتمالات عديدة.
وتفيد مصادر بأن التنظيم بدأ بالفعل في البحث عن ملاذات آمنة لقياداته بعيدا عن التضييقات الأوروبية، وكذلك البحث عن دول أخرى لنقل الاستثمارات الضخمة التي في مرمى نيران الحظر والمصادرة.
ويرى خبراء أن تنظيم الإخوان قد يضطر إلى نقل استثماراته في الدول التي تشهد تضييقات أمنية عليهم كما حدث الأمر في مصر، لكن إجراءات هذه الدول ستظل مرهونة بالقرار السياسي والدواعي الأمنية لتلك البلدان.
ووفق تقرير الاستخبارات الإسبانية الذي صدر مؤخرا، ونشره المركز الأوروبي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فإن «التنظيم للإخوان يحاول بهدوء نقل الكثير من الأصول التي يملكها، في أوروبا وخصوصا فرنسا، إلى إقليم كتالونيا، بعد ممارسة الحكومة الفرنسية ضغوطا كبيرة على قادة التنظيم، وعلى الحكومة القطرية، من أجل خفض مستوى الدعم المالي والاستثمارات في أنشطة التنظيم في أحياء باريس المهمّشة.
ماليزيا.. الوجهة الأبرز
ويقول كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسي المصري، إن ماليزيا تمثل الملاذ الأهم والأقوى للاقتصاد الإخواني في ظل الإجراءات الأوروبية ضدهم، كذلك يستبعد فرضية أن يضطر التنظيم لنقل استثماراته من تركيا في ظل إجراءات الثانية ضدها بهدف التقارب مع الجانب المصري.
ويوضح العمدة في تصريح أن جماعة الإخوان تعتمد على مجموعة من الحيل لإخفاء أموالها في استثمارات مشتركة مع الدول أو المؤسسات أو الأشخاص، مشيراً إلى أن نشاطهم عادة ما يكون بعيدا عن أعين الحكومات وتحت غطاء قانوني من مؤسسات ذات سمعة طيبة، عن طريق تلك الشراكات.
ويشير العمدة إلى أن التنظيم سواجه خسائر فادحة في حال شرعت أوروبا بإجراءات ضد الاقتصاد الإخواني المتنامي على أراضيها بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية، وذلك بالرغم من التمويلات الضخمة التي يتلقاها التمويل إلا أن الاستثمارات تظل هي المحور الأهم في خطته الاقتصادية لبسط النفوذ والسيطرة الاقتصادية والسياسية داخل الدول التي يتمركز فيها.
اقتصاد العصابات؟
ويقول العمدة أن الجماعة قد تلجأ للاعتماد على بعض النشاطات الاقتصادية في دول إفريقية صغيرة وفقيرة، باستغلال حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي وأيضا بالتحالف مع بعض التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التي تنهب خيرات هذه الدول وتستثمر فيها بشكل غير قانوني، مثل مناجم الذهب والمعادن في الساحل الإفريقي.
ويرى العمدة أن تركيا ستظل ملاذ اقتصادي آمن لاستثمارات التنظيم على الرغم الإجراءات الأمنية التي قد تتخذها مع القيادات، حتى لا تزيد أزمتها الاقتصادية الداخلية، ولأن اقتصاد الإخوان يمثل جزء كبير من الاقتصاد التركي بشكل خاص.
حيل الإخوان
من جانبه، يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية، عمرو فاروق، أن معظم الدول المحتمل حدوث صدام فيها بين الإخوان والنظام السياسي ربما لن تطرق إلى الكيانات الاقتصادية، موضحاً أن حظر التنظيم أمر وراد وكذلك وضع بعض القيود على التمويلات والحسابات الخاصة بالإخوان .
ويقول فاروق في تصريح إن احتمال نقل الاستثمارات الإخوانية في القارة الأوروبية إلى دول أخرى واردة جدا خاصة أن معظمها شركات عابرة للقارات ولها أفرع إقليمية في عدة دول، مشيرا إلى أن التنظيم انتهج أسلوب الشراكات في تدشين الكيانات الاقتصادية لتفادي قرارات الحظر والمصادرة.
ويرى فاروق أن هناك مجموعة دول مرشحة لتكون بدائل آمنة لاستثمارات التنظيم أبرزها كندا وماليزيا والسويد والدول الاسكندنافاية بشكل عام؟
ويرجع الأمر لعدة أسباب أهمها، الاستقرار، وعدد السكان قليل والجاليات الإسلامية متغلغلة في المجتمع كما أن هامش الحرية كبير.
ويؤكد فاروق أن التنظيم اعتمد على استراتيجة ناجحة لإخفاء الأموال ودمج الكيانات الاقتصادية التابعة له مع شركات وطنية وأشخاص لا ينتمون له بأي صلة، وبالرغم من التتبع الدقيق لتلك الاستثمارات في عدد من الدول إلا أن مسألة فصلها عن شركائها تعد أمرًا صعبا ولا يحدث في بعض الأحيان، نظرا لعدم توافر الغطاء القانوني لإصدار قرارات الحظر أو المصادرة.
وحول القرارات التركية المحتملة، على وجه التحديد، يستبعد فاروق أن تتخذ أنقرة أي إجراءات مالية حيال التنظيم، مؤكدا أنها تتلاعب بالإخوان كورقة سياسية لكنها لن تمارس أي ضغوط اقتصادية عليهم.
أهم استثمارات التنظيم في أوروبا
ويرصد فاروق أهم الاستثمارات الإخوانية في أوروبا، وتشمل: بنك التقوى الذي أسسه الإخواني يوسف ندا، وبنك أكيدا الدولي، الذي أسسه التنظيم الدولي، وهو متورط في دعم العديد من الجماعات المتطرفة والأوصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التي تأسست عام 1997، وشغل منصب مديرها التنفيذي أحمد الراوي عضو المكتب الدولي للجماعة.
وفي الولايات المتحدة أسست الجماعة شركة «ماس» ومنظمة الشباب المسلم، وفي تركيا شركة «الموسياد»، وكذلك شركات «الأوف شور» التي تعد أحد أهم كيانات التنظيم الاقتصادية حول العالم وتسهل بشكل كبير عملية إخفاء الأموال، لأنها تتمتع بسرية وغموض كبير.