أصبح الاحتفال بالهالوين في السويد عادة شبه راسخة منذ أواسط التسعينيات من القرن الماضي، وهي تشابه إلى حد بعيد تقاليد الاحتفال في أميركا، والتي انتقلت منها فكرة الاحتفال وشكله إلى السويد. بينما لعيد جميع القديسين جذور دينية قديمة في السويد تعود للقرن الحادي عشر الميلادي.
الفرق بين العيدين
يخلط العديد من الناس بين العيد الكنسي المسمى “عيد جميع القديسين” والاحتفالات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بعيد “الهالوين”. فعيد جميع القديسين هو من الأيام الهامة في التقويم المسيحي، هدفه الاحتفاء وتكريم جميع القديسين. بينما ينحو الهالوين لكونه احتفالاً مدنياً، وفعالية اقتصادية وفرصة لتنشيط المبيعات، وإن كانت هذه المبيعات بدأت تأخذ شكلاً تجاريًا واستهلاكيًا مبالغ فيه. ويتم الاحتفال بعيد جميع القديسين في السويد في أول سبت بين ٣١ أكتوبر (تشرين الأول) و ٦ نوفمبر (تشرين الثاني) بينما يتم الاحتفال بالهالويين عادة في الليلة السابقة لعيد جميع القديسين.
الاحتفال بعيد جميع القديسين في السويد
احتُفل بعيد جميع القديسين لأول مرة في الغرب في القرن السابع الميلادي، لكنه تأخر في الوصول إلى السويد حتى القرن الحادي عشر للميلاد، حيث درجت العادة على الاحتفال به في الأول من نوفمبر من كل عام. ومع حلول عام ١٧٧٢ ألغيت عطلة يوم جميع القديسين في السويد لكن الناس استمروا في الاحتفال به على أي حال.
ومع حلول القرن العشرين، وتحديداً بداية الخمسينيات منه، صارت عادة زيارة قبور الأحبة واشعال اضاءة الشموع عليها خلال عطلة نهاية الأسبوع الموافقة للعيد أمراً شائعاً ومستحباً في عموم السويد.
في عام ١٩٥٣ اتخذت الحكومة السويدية قراراً بإعادة ادراج يوم جميع القديسين إلى قائمة أيام العطل الرسمية في السويد. ولكن بدلاً من الاحتفال به في اليوم الموافق للأول من نوفمبر، صار يٌحتفل به في أول يوم سبت بين ٣١ أكتوبر (تشرين الأول) و ٦ نوفمبر (تشرين الثاني)، وكان يوم السبت في ذلك الوقت يوم عمل.
والحقيقة أن سوء توزيع العطل الرسمية على مدار السنة، وتركٌز معظمها في ذلك الوقت باحتفالات الربيع والصيف والمطالب الشعبية بزيادة أيام العطل ساهم في اعادة إدراج عيد جميع القديسين على قائمة العطل الرسمية في السويد.
فرصة للتذكرة
وإن كان الهدف الأساسي من العيد تاريخيًا هو الاحتفاء بذكرى القديسين، إلا أنه أصبح عمليًا فرصة لتذكر أولئك الذين تركوا هذه الحياة من الأحباء وتذكرة بأن الموت أيضًا جزء من الحياة. لذلك يقوم عدد كبير من السويديين بتزيين وإضاءة الشموع على قبور الأحبة بين ليلة السبت الموافقة لعيد جميع القديسين وليلة الأحد التي تليها. عيد تجاري وفرصة للمرح
الاحتفال بالهالوين ظاهرة حديثة في السويد تعود إلى نحو ربع قرن فقط. وإن كان انتقال هذا الاحتفال ذو الجذور الوثنية إلى الولايات المتحدة قد حدث عن طريق المهاجرين الأيرلنديين، فإن انتقاله من الولايات المتحدة إلى السويد قد جاء على يد تجار التجزئة السويديين أنفسهم ولأغراض تجارية بحتة. أما اليوم وبعد نحو عقدين ونيف من انتشار عادات الاحتفال هذه في السويد أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة التجارة السويدية أن مبيعات تجارة التجزئة المرتبطة بالهالوين وصلت إلى حوالي مليار كرونة سويدية (ما يعادل ١١٠ مليون دولار) عام ٢٠١٠ وهى في تزايد مستمر منذ ذلك الحين. وعلى سبيل المثال يمكن العثور على أقنعة وأزياء الرعب بجميع أنواعها في معظم المتاجر خلال شهر أكتوبر، إضافة إلى تزايد العرض والطلب على الحلويات المصنوعة بالأشكال المرتبطة بهالوين، مثل الأشباح والجماجم والخفافيش.
ولأن انتشار الاحتفال في السويد مازال حديثاً إلى حد ما، فإن ابتداع اساليب مختلفة للاحتفال عن تلك السائدة في الولايات المتحدة بما يعطي للاحتفال السويدي نكهةً خاصة ما زال غائباً إلى حد كبير. ومن ناحية أخرى تنامت في السنوات الأخيرة ظاهرة “مسيرات الهالوين” في المدن السويدية الرئيسية حيث تغص الشوارع الرئيسية بمسيرات مكونة من بضع مئات أو آلاف، من أصحاب اللباس التنكري لشخصيات تتدرج بين الظريفة والمضحكة إلى المخيفة، بما يعنيه ذلك من اظهار جودة المكياج، وقدرة الشخص المشارك في المسيرة الاحتفالية على تقمص الشخصية التي يرتدي لباسها التنكري.
وبغض النظر عن كون العيدين فرصة اقتصادية لتنشيط المبيعات على أقل تقدير، فعلينا جميعاً أن لا ننكر أنهما فرصة طيبة، لاحياء ذكرى الأحبة الذين رحلوا عن عالمنا و طريقة للهو بمفهوم الموت خاصة للأطفال.
كما يعتقد آخرون أن العيد يمكن أن يكون له بٌعداً تعليميًا للأطفال، حيث يساعد الأمهات والأباء على الحديث عن الموت مع أطفالهم.
الاحتفال بالهالوين في السويد
يٌحتفل بالهالوين، والتي تعني باللغة الانجليزية “الليلة المقدسة” في اليوم السابق لعيد جميع القديسين، أي أنه يتمتع بميزة أنه متحرك هو الآخر كما يوم جميع القديسين في وقت تحتفل فيه المجتمعات الانغلوسكسونية في موعد ثابت وهو ٣١ أكتوبر (تشرين الأول). ولكن في السويد تختلف الاراء حول يوم الاحتفال بالهالوين، فأحياناً يتم الاحتفال به في ٣١ أكتوبر (تشرين الأول) أو في يوم الجمعة الذي يسبق عيد جميع القديسين.
وبعيداً عن المنحى الاقتصادي وشاشات السينما، التي تنزع إلى تصوير الاحتفالات بالهالوين كليلة من الرعب والصراخ، بات ملحوظاً في السنوات الأخيرة ارتفاع عدد البلديات السويدية التي تبادر إلى تزيين حدائقها العامة بيقطين الهالوين – بما يدلل على أن الاحتفال بدأ يأخذ شيئاً فشيئاً بعداً رسمياً. وعادة ما تمتاز ليلة الهالوين في السويد بأنها ليلة الأطفال المنتشرين في الشوارع والأزقة لجمع الحلوى. وفي محاكاة لتقاليد إحياء عيد الفصح، يرتدي الأطفال أزياء مختلفة لساحرات وأشباح، يطرقون الأبواب مع سؤال تقليدي دائم لمن يفتح الباب: حلوى أم خدعة؟ كما يشتري العديد ثمرة اليقطين ويفرغونها وينحتون عليها وجوهًا مرعبة ثم يضعون الشموع داخلها.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن السكان الجدد في بعض مناطق شمال السويد يتلقون تحذيراً بعدم فتح الأبواب للأطفال إن لم يكن لديهم حلوى للأطفال لأن ذلك قد يعني حصول صاحب المنزل على انتقام سريع بالبيض قبل فرار الأطفال.
أما بالنسبة للبالغين وخصوصاً فئة الشباب في السويد فإن الهالوين هو فرصة للاحتفال في الأماكن العامة حيث يتجمعون في الحانات بالأزياء التنكرية التي تغص بها مشاهد الأفلام التي تتحدث عن ليلة الهالوين، أو في المنازل حيث يمضي الأصدقاء السهرة مع بعضهم في جو من المرح، وبعض الألعاب التي قد لا تخلو من الصراخ والخوف.