الرئيسيةمنوعات عالميةأهلا عام 2971.. سنة أمازيغية تستحضر الفراعنة والعرب

أهلا عام 2971.. سنة أمازيغية تستحضر الفراعنة والعرب

يحتفل‭ ‬أمازيغيو‭ ‬العالم‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بـ‮»‬يناير‮»‬،‭ ‬ومناسبة‭ ‬بداية‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬2971،‭ ‬وتحمل‭ ‬هذه‭ ‬الاحتفالات‭ ‬معان‭ ‬متوارثة‭ ‬للتأكيد‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بالأرض‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بخيراتها،‭ ‬وفيها‭ ‬أيضا‭ ‬معاني‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬الثقافات‭ ‬والأعراق‭.‬

ويؤكد‭ ‬المؤرخون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النفسية‭ ‬الجماعية‭ ‬أثناء‭ ‬الاحتفال‭ ‬بيناير‭ ‬تكشف‭ ‬تقبل‭ ‬تقاسم‭ ‬الخيرات‭ ‬طواعية‭ ‬مع‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭.‬

ويقول‭ ‬الباحث‭ ‬الجزائري‭ ‬بسماحة‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الشعبي‭ ‬والأنثروبولوجيا‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭: ‬‮«‬رَأْس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬هي‭ ‬موعد‭ ‬للتسامح‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬وخاصة‭ ‬العربية‭ ‬والأمازيغية‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭: ‬‮«‬التسامح‭ ‬مسألة‭ ‬ثقافية‭ ‬بالأساس،‭ ‬ورأس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المواعيد‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬ذلك‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الخصائص‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬الثقافات‭ ‬الجهوية‮»‬‭.‬

أساطير‭ ‬الشعوب‭ ‬والعدالة

من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬الاحتفال‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأسطورة‭ ‬والتاريخ،‭ ‬وكيف‭ ‬كانت‭ ‬الأسطورة‭ ‬فلسفة‭ ‬الشعوب‭ ‬وأصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬تشكل‭ ‬العلم‭ ‬الممنهج‭ ‬الذي‭ ‬يقرأ‭ ‬الأحداث‭.‬

والمتفق‭ ‬عليه‭ ‬حسب‭ ‬المؤرخين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬هو‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية،‭ ‬وهو‭ ‬يوم‭ ‬للاحتفال‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الأمازيغي‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬والمناطق‭ ‬التي‭ ‬يتمركز‭ ‬فيها‭ ‬العرب‭.‬

وتعد‭ ‬الأطباق‭ ‬والحلويات‭ ‬الأمازيغية‭ ‬أحد‭ ‬الأشكال‭ ‬الأساسية‭ ‬للاحتفال،‭ ‬وهنا‭ ‬يحمل‭ ‬الاحتفال‭ ‬دلالات‭ ‬تتعلق‭ ‬بالإحساس‭ ‬بالعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمساواة،‭ ‬حيث‭ ‬تتشابه‭ ‬مظهر‭ ‬الاحتفال‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬المدينة‭ ‬والريف‭ ‬وبين‭ ‬العائلات‭ ‬ميسورة‭ ‬الحال‭ ‬والفقيرة‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬طعام‭ ‬الكسكسي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬أشكال‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬المادي‭.‬

ويضع‭ ‬المؤرخون‭ ‬سبب‭ ‬اختيار‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬كتاريخ‭ ‬بداية‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬سياقات،‭ ‬وأقربها‭ ‬للحقيقة‭ ‬حسب‭ ‬الباحثين‭ ‬تلك‭ ‬الرواية‭ ‬التي‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬انتصار‭ ‬الملك‭ ‬الأمازيغي‭ ‬‮«‬شيشونك‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬شاشناق‮»‬‭ ‬في‭ ‬معركته‭ ‬ضد‭ ‬رمسيس‭ ‬الثاني‭.‬

وتوجد‭ ‬رواية‭ ‬ثانية‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬عجوز‭ ‬استيقظت‭ ‬متحدية‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وأصبح‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬يوما‭ ‬للاحتفال،‭ ‬أما‭ ‬الأسطورة‭ ‬الثالثة‭ ‬فتقول‭ ‬بأن‭ ‬التاريخ‭ ‬هو‭ ‬احتفال‭ ‬الأمازيغي‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬ازدهار‭ ‬الموسم‭ ‬الفلاحي‭.‬

وسواء‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الشعبية‭ ‬أو‭ ‬السياسية،‭ ‬فإن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالرأس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬كموروث‭ ‬اجتماعي‭ ‬يعزز‭ ‬الروابط‭ ‬الاجتماعية‭.‬

وقال‭ ‬الباحث‭ ‬الجزائري‭ ‬محمد‭ ‬بغداد،‭ ‬الباحث‭ ‬بالمركز‭ ‬الوطني‭ ‬الجزائري‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬الأنثروبولوجيا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬لـ»سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭: ‬‮«‬المناسبات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬أهم‭ ‬دعائم‭ ‬الانسجام‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتناغم‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهي‭ ‬المناسبات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬المناخ‭ ‬الأنسب‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الطاقة‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬تتكئ‭ ‬عليها‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تنسجها‭ ‬النخب‭ ‬وتعيش‭ ‬عليها‭ ‬الفئات‭ ‬المكونة‭ ‬للمجمع‭ ‬الاجتماعي‭.‬

عيد‭ ‬وطني‭ ‬وشعبي

ويرى‭ ‬متخصصون‭ ‬أن‭ ‬المصاهرة‭ ‬التاريخية‭ ‬كانت‭ ‬محطة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬العرب‭ ‬والأمازيغ،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬مصاهرة‭ ‬دينية‭ ‬باعتناق‭ ‬الإسلام‭ ‬والدفاع‭ ‬عنه‭ ‬وقد‭ ‬أجاد‭ ‬المؤرّخون‭ ‬في‭ ‬قولهم‭: ‬دَخل‭ ‬البربر‭ ‬الإسلام‭ ‬وحَسُن‭ ‬إسلامهم‭.‬

ويقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬المحاضر‭ ‬بقسم‭ ‬الفلسفة‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالجزائر‭ ‬بوزيد‭ ‬بومدين،‭ ‬إن‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المقولة‭ ‬تلخّص‭ ‬دور‭ ‬الأمازيغي‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬الأندلس‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬المصاهرة‭ ‬دموية‭ ‬وثقافية،‭ ‬فبعض‭ ‬الأشكال‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فيها‭ ‬امتزاج‭ ‬بما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬القادمون‭ ‬مع‭ ‬الإسلام‭ ‬بما‭ ‬قبله‭ ‬من‭ ‬القرون‭ ‬القديمة‭ ‬السحيقة‭.‬

ويضيف‭ ‬بومدين‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭: ‬‮«‬لعلنا‭ ‬نكون‭ ‬أمام‭ ‬بحوث‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬تكشف‭ ‬بعلمية‭ ‬القَرابَة‭ ‬اللغوية‭ ‬بين‭ ‬الأمازيغية‭ ‬والعربية،‭ ‬والقَرابة‭ ‬التاريخية‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬لفظ‭ ‬القرابة‭ ‬التاريخية‭ ‬أو‭ ‬المصاهرة‭ ‬أبلغ‭ ‬من‭ ‬لفظ‭ ‬التعايش،‭ ‬فالاحتفال‭ ‬باليوم‭ ‬الينايري‭ ‬كعيد‭ ‬وطني‭ ‬وشعبي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قِيم‭ ‬وثقافة‭ ‬مُشكّلة‭ ‬لأمتنا‭ ‬تَصاهرت‭ ‬وحَلمَت‭ ‬بالعدل‭ ‬والحرية‭ ‬وفي‭ ‬يَنايِرها‭ ‬رَمزيّة‭ ‬العَدد‭ ‬والعَمل‭ ‬الخيري‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والفوائد‭ ‬السياحية‭ ‬والتجارية‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬الجزائر‭ ‬احتفلت‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬برأس‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬2018،‭ ‬وذلك‭ ‬بقرار‭ ‬أصدره‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بوتفليقة‭ ‬‮«‬تعزيزا‭ ‬للوحدة‭ ‬الوطنية‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬وافق‭ ‬البرلمان‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬عطلة‭ ‬رسمية‭ ‬مدفوعة‭ ‬الأجر‭ ‬لكل‭ ‬الجزائريين‭.‬

ويلخص‭ ‬الناشر‭ ‬والباحث‭ ‬الجزائري‭ ‬حسان‭ ‬بن‭ ‬نعمان‭ ‬الحالة‭ ‬قائلا‭:‬‮»‬‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التسمية‭ ‬والنقاش‭ ‬السياسي‭ ‬الأيديولوجي،‭ ‬يبقى‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬موعدا‭ ‬هاما‭ ‬للاحتفال‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬باقي‭ ‬الأعياد‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬بن‭ ‬نعمان‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬اعتاد‭ ‬شعوب‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬والفرح‭ ‬والروابط‭ ‬الأسرية‭ ‬والأنساب‭ ‬هي‭ ‬عامل‭ ‬قوي‭ ‬للتشجيع‭ ‬على‭ ‬الاحتفال‭ ‬وتبادل‭ ‬أطباق‭ ‬طعام‭ ‬الكسكسي‭ ‬بين‭ ‬الجيران‭ ‬والعائلات‭ ‬والأحبة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‮»‬‭.‬

Most Popular

Recent Comments