الرئيسيةأخبار الكنيسةالدكتور عادل فخرى يستعرض“ مراسلات البابا يؤنس الثامن عشر107 “ بمركز “...

الدكتور عادل فخرى يستعرض“ مراسلات البابا يؤنس الثامن عشر107 “ بمركز “ بي لمباس “



برئاسة وحضور صاحب النيافة الأنبا مارتيروس، أسقف شرق السكة الحديد وتوابعها ورئيس مركز بى لمباس، استضاف مركز” بي لمباس” الاستاذ الدكتور عادل فخري وكيل معهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ورئيس قسم الآثار السابق بالمعهد،والذي ألقى محاضرته الهامة، تحت عنوان ” مراسلات البابا يؤنس الثامن عشر107(1760-1769م) ” وذلك بحضور الباحثين والدكاترة والمهتمين بالتراث والفنون القبطية والعديد من الآباء الكهنة والخدام.
بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب بالحضور الكريم والأستاذ الدكتور عادل فخرى ، وقام المهندس اشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بالتنوية عن المحاضرة ، وتقديم الاستاذ الدكتور عادل فخرى والذى القى الضوء فى بداية المحاضرة على بعض كتابات البابا يؤانس (107) فقال
تنوعت كتابات البابا يؤانس الثامن عشر (107) لتشمل خطب وتعاليم وتفاسير ودفاع عن العقيدة ومحاربة العادات التى لا تتفق مع التعاليم المسيحية، ومن المخطوطات التى عالجت الموضوعات السابقة “كتاب الأدراج” الذى يتناول هذا البحث الذى اقدمة اليوم احدى رسائله، من مخطوطات البطريركية (لاهوت 134، مسلسل 560 بفهرس سميكه ورقم 560 بفهرس جراف) وتاريخ نساخته يعود الى عام 1849، وهو يضم ايضا عظات ورسائل لخلفه البطريرك (108) البابا مرقس الثامن (1796-1809م).
كما يشمل أيضا رد دفاعى عن العقيدة المسيحية مخطوط محفوظ بالبطريركية (396 بحسب فهرس جراف) يعود الى القرن التاسع عشر، ورقات (153 ظ – 164 ظ)، وكذلك مخطوط بنفس المكتبة (253 لاهوت ، مسلسل 417 فهرس سميكة) يعود الى عام 1788 م .

وايضا ردود على اليهود فى تحديد الاعياد وعن سر القربان المقدس وعن أسرار الكنيسة بمخطوط بدير الأنبا انطونيوس برقم 229 لاهوت بتاريخ 1793 م ويتكون من 229 ورقة.
كذلك عظة تشتمل على 21 قولا ألقاها يوم أحد العنصرة سنة 1507 للشهداء 1791 م ، وفيها يرد على الطوائف المسيحية فى تحديد الأعياد السيدية، والمخطوط محفوظ بمكتبة دير الانبا انطونيوس برقم 229 لاهوت ويعود الى عام 1793 ويتكون من 229 ورقة، وتحتل هذه العظة الورقات من 2 الى 20.

واستعرض الدكتور عادل فخرى أهم الكتابات الدينية المعاصرة للبابا يؤانس (107) وهى كتابات
– للمعلم جرجس الجرجاوى الذى قام بجمع القوانين الكنسية فى مخطوط بأسم “قوانين الكنيسة القبطية”.
– و الاسقف عبدالله بطرس نعمة الله المصرى وقد وضع كتابا فى “شرح قانون الأيمان” بناء على طلب من الانبا يوساب الشهير بالأبح اسقف اخميم فى مخطوط محفوظ بالمكتبة الوطنية بباريس تحت رقم 4786 بتاريخ 1795-96 م.
– والقس بطرس المصرى بعنوان “ايمان اليعاقبة المتمسكين بقانون الايمان، والمعتقد الصحيح” بالمكتبة البطريركية بالقاهرة رقم 235 لاهوت 441 مسلسل سميكة و 535 بفهرس جراف.

– الانبا ميخائيل اسقف البهنسا الذى وضع كتابا بعنوان “توضيح لايمان السريان واليعاقبة” بالمكتبة البطريركية بالقاهرة برقم 171 لاهوت 524 مسلسل بفهرس سميكة ويعود تاريخه الى 1868 م.
– ومرقس المشرقى الملوانى دفاع ورد عن معتقد الكنيسة القبطية فى عقيدة الطبيعة اواحدة وهما عبارة عن رسالتين، والمخطوط بالمكتبة الوطنية بباريس رقم 4786 عربى ويعود الى 1795-96 م.
كذلك توجد كتابات الانبا يوساب الأبح أسقف جرجا وأخميم
– وهو من رهبان دير الانبا انطونيوس وجسده محفوظ بالدير كأحد قديسيه، وقد سامه البابا يؤانس (107) اسقفا عام 1791، ومؤلفاته غزيرة وبعضها طبع عديد من المرات، وقد استعان به البابا يؤانس فى الرد على المراسلات التي كان يرسلها بابا روما نظرا لتمكنه من العقيدة.

– ويعتبر الاسقف الانبا يوساب أسقف جرجا وأخميم من أهم كتاب تلك الفترة ويلقب “يوساب الأبح” كناية عن بح صوته من كثرة التعليم والوعظ والدفاع عن معتقد الكنيسة وتقويم السلوك والأخلاق.

– وأثناسيوس المقارى ، فهرس كتابات آباء كنيسة الاسكندرية، حيث أورد المؤلف ثبت مفصل لأعماله ورأى واضعى فهارس المخطوطات فى نسبة بعضها اليه، ص 904-915.
– حيث عرض المؤلف لأهم مقالاته الدفاعية واعماله الكاملة فى ثلاث مخطوطات بالمكتبة البطريركية بالقاهرة، وكذلك ذكر مقالة رثائية ألقاها فى نياحة البابا يوأنس الثامن عشر فى 7 يونيه 1796
وتطرق الدكتور عادل فخرى الى الاحوال السياسية فى زمن البابا يؤانس (107)
فى هذه الفترة حيث اتسمت بالاضطرابات السياسية، ففى ظل السلطة العثمانية توزع الحكم بين ثلاث جهات هى الوالى والجيش المكون من فرق مختلفة من المماليك وهى القوة الجاهزة فى المجتمع التى وجدها العثمانيون جاهزة للمشاركة فى الحكم ثم البكوات وهم مديرى المحافظات ويتم اختيارهم من هؤلاء المماليك، وكان الامراء المماليك يتمتعون بكثير من مظاهر ترف العيش فى ملبسهم وكذلك فى القصور التى يقطنونها، وكان لهم دور بارز مع بقية القوى الاخرى فى ظلم الشعب والجور عليه، وقد أدت مصادرات الأموال لبعض الأمراء والأغنياء الشعب الى الاخلال بالنظام المالى والاقتصادى وساعد ذلك على اختلال الأمن وانتشار قطاع الطرق.

كما تمثل غياب السلطة المركزية فى تمكن فرق الجنود العثمانية من القبض على السلطة أو المشاركة فيها، فكان كل مجموعة او فرقة تقوم بحماية مجموعة من التجار أو المزارعين أو الملاحين وتتقاسم معهم الأرباح وفى نظير ذلك تضيع حقوق الحكومة على هؤلاء التجار وينتج عن ذلك منازعات بين هذه الفرق مع البكوات والولاة، وقد اتحد البكوات حكام الأقاليم واختاروا لهم زعيما يسمى “شيخ البلد” وهو حاكم مدينة القاهرة، وقد سارع كل واحد من هؤلاء البكوات باقتناء مماليك جدد وتكوين فرقة عسكرية وتنازعوا الولاة فى سلطة الحكم، كما ان النزاع بين البكوات واغتيال بعضهم البعض بالمؤامرات كان من سمات تلك الفترة من القرن الثامن عشر.
وقد تميزت فترة النصف الثانى من القرن الثامن عشر بظهور شخصية على بك الكبير الذى تولى شياخة تالبلد عام 1763م ولم تختلف فترة حكمه عن غيرها من فترات الاضطرابات، فقد فر الى بيت المقدس خوفا من البكوات ثم عاد مرة اخرى وسيطر على مقاليد الامور، وقد لعب دورا سياسيا هاما فى محاولة الاستقلال بحكم مصر واتحد مع المماليك أو البكوات ضد الدولة العثمانية وأعلن استقلال البلاد وطرد الوالى وامتنع عن دفع الجزية للباب العالى عام 1769م وهو العام الذى جلس فيه البابا يؤانس (107) على كرسى البطريركية، وكون على بك جيشا ضخما بقيادة محمد بك ابو الذهب احد اكبر المماليك، ولكن الدولة العثمانية استطاعت احداث خلاف بينهما وانتهى الامر بمقتل على بك الكبير صاحب أول محاولة للأستقلال عن الامبراطورية العثمانية على يد محمد بك ابو الذهب، وقد كافأ السلطان العثمان محمد بك ابو الذهب بلقب باشا وولاه حكم مصر عام 1772مولكنه توفى بعد ذلك بعامين وتقاسم السلطة بعده المملوكين الشهيرين ابراهيم بك ومراد بك اللذين كانا يتبادلان المواقع فى منصبين هامين هما شياخة البلد وامارة الحج حتى قدوم الحملة الفرنسية فى 1798م، ولكن الباب العالى كان ينازعهم السلطة فتعود اليه مرة اخرى فى الفترة من 1786م-1790م ، ثم يستولى المملوكين الشهيرين على السلطة مرة اخرى عام 1790م-1798م ، وقد انعكست هذه الاضطرابات على المجتمع واستقراره خلال رئاسة البابا يأنس الثامن عشر.
وقد تحلقت النخبة حول بركة الازبكية وماحولها فى بناء منازلها، ولم ينتقل المقر البطريركى من حارة الروم الى موقعه الحالى بالكنيسة المرقسية سوى فى اعقاب الحملة الفرنسية وما تبع ذلك من حرق الدهماء لكنيسة حارة الروم، فقام البابا مرقس الثامن (108) التالى للبابا يؤانس بنقل المقر الى منطقة الازبكية.

وكان لأكتشاف البرتغاليين لرأس الرجاء الصالح والتجارة مع الهند عبر هذا الطريق تاثير سلبى على التجارة فى مصر والبندقية، حيث كانت البضائع تمر الى اوربا قادمة من الهند عبر مصر، وقد حاول السلطان الغورى فى اخر الدولة المملوكية التصدى للبرتغاليين ونجح اولا فى هزيمتهم بمساعدة البنادقة ولكن لم يلبث ان تغلب عليه البرتغاليون فى موقعة ديو البحرية 1509م، ولم يهتم العثمانيون بعودة التجارة الى مصر مرة اخرى ففقدت البلاد موردا هاما من مواردها.
وقد وصل تعداد الاقباط بنهاية القرن الثامن عشر الى 150 الف من تعداد القطر المصرى البالغ ثلاثة ملايين نسمة، وانخفض عدد الاساقفة من حوالى سبعين اسقفا فى القرن السابع عشر الى حوالى اثنى عشر، وانحصرت الرهبنة فى عدد محدود من الاديرة وكان اهمها دير الانبا انطونيوس ودير ابو مقار، بل ربما لم تدرى السلطة الحاكمة بأستنبول ان لها رعايا مسيحيين بمصر.

وقد لاحظ بعض الباحثين والمهتمين بدراسات الاحصاء فى مصر أن التعداد الذى كان يصل الى حوالى من ستة الى سبعة ملايين فى العصر الرومانى البيزنطنى انحدر الى اقل من ثلاثة ملايين بنهاية القرن الثامن عشر.

ومن المعروف ان المصادر عن تعداد القرن الثامن عشر كانت نادرة على عكس القرن التاسع عشر فى عصر محمد على حيث الوفرة فى البيانات.
واضاف الدكتور عادل فخرى عن النظام التعليمى فى مصر فى تلك الفترة:
بانة كان يعتمد على نظام الكتاب القائم على تعليم الكتابة وحفظ اجزاء كبيرة من القراّن عند المسلمين، وغالبا ما تستغرق الدراسة من سنتين الى ثلاث سنوات وذلك على يد معلم الدين “الفقى” ومساعده “العريف”، والعملية التعليمسة غالبا ما تتم فى منشاّت عامة مثل الجوامع والاسبلة ولها تمويل مالى من أوقاف تخصها، أما مبادئ الحسلب فكان من يعلمها هو “القبانى” أو الوزان.
وكان هناك ايضا بعض الدراسات الادبية لمن يرغب من ابناء الطبقة العليا، مثل دراسة بعض الاشعار والحكم النافعة فى توجيه وتحسين مقدرة الدارس على التحدث والكتابة، مثل مقامات الحريرى والقصص التى يحفظها الرواة والشعراء ويتلون بعضها مثل السيرة الهلالية وسيرة ابو زيد وبيبرس وعنترة وسيرة ذات الهمة وسيف ذى اليزن والف ليلة وليلة، كذلك هناك التعليم الدينى العالى فى الجامع الازهر.
.
وقد بلغ عدد الاقباط حوالى 150 الف بنسبة قبطى لكل تسعة مسلمين وقبطى لكل سبعة من القاطنين مصر عموما، وبلغ من يقطن القاهرة من الاقباط حوالى 15% من اجمالى عدد الاقباط والباقى موزع فى معظمه بين الصعيد والفيوم.
تركزت الدراسة فى الكتاب القبطى على تعليم الاولاد مبادئ الدين والاداب العامة وكتابة وقراءة العربية والقبطية وحفظ المزامير ورسائل القديس بولس الرسول، بالأضافة الى الحساب والهندسة وهما من العلوم التى كان يحرص الاقباط على تعليمها لأولادهم للعمل بها فى امساك الحسابات وتقسيم الاراضى، حيث يلى التعليم فى الكتاب أن يعمل الطالب لدى احد المعلمين كصبى وقدم تميز منهج الحساب والهندسة لدى المدارس أو الكتاتيب القبطية بتميزه، وفى بعض الاحيان كان يحضر دروس الكتاب الفتيات الصغيرات حتى سن العاشرة.
والقى الدكتور عادل فخرى الضوء على رسالة للبابا يوأنس الثامن عشر (107) (1769م-1796م) بعنوان “من اجل امراض الجسد والنفس” مخطوط 134 لاهوت 512 عمومية بالمكتبة البطريركية بالقاهرة
وكانت مقدمتها كالاتى
الدرج الخامس والعشرون من أجل أمراض الجسد والنفس صدرت هذه البركة الى ذات الابناء المباركين الاحباء الطائعين. الدينين الأرثوذكسيين القمامصة المدبرين. والكهنة المؤتمنين والشمامسة المكرمين. والاراخنة المبجلين. وكافة الشعب المسيحى بالكرازة المرقصية. بارك الله عليهم بالبركات الروحانية الحاله على انبيائه ورسله وشهدائه وصانعى ارادته ووصاياه فى كل جيل و جيل بشفاعة العذراء كل حين أمين. بعد تجديد البركات السمائيه عليهم. واهدى السلام الروحانى لديهم الموجب لأصدارها اليهم. نعلمهم.

والغرض من الرسالة
اذ قد سمعنا الأن ان الذين بهم الأمراض و الأوجاع والعاهات الجسمانية. كانو يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم وينفقون من اموالهم الجم الكثير. ويكابدوا مصاعب هذا عظم مقدارها. كل ذلك طلبا لشفاء امراضهم البدنية العابرة الى التراب وشيكا. حتى للأجتهاد بهذا المخلع الى المقام بهذه البركة. مثل هذه السنين العديدة. فكيف يجوز لك ياهذا التغافل عن امر نفسك العاقله العديمة الفساد. ولعلها فى أكثر الاوقات تكون رمدت البصر متبولة الكبد. جربه
واوضح الدكتور عادل فخرى الأمراض الروحية كما اوردها البابا يوأنس الثامن عشر (107)

الجسد مخلع المفاصل. مشتمله بانواع الأثام وانت لم تنظر الى قبحها الردى. وكيف تكون مؤمنا بالمسيح ومولود من الروح القدس. ومعترفا بقيامة الأموت. وطالب سعادة الملكوت الدائمه متقلدا بسلاح النصرانية. واذا كان ربنا له المجد شرط على الذين يطلبون الملكوت الباقيه. ان يزيدهم على الكتبة والفريسيون. وقد كان أولئك يقومون بالعشور ويحملون البكور والنذور. ويصومون كثيرا ويقدمون القرابين عن خطاياهم. وكيف يوجد فيكم الآن المهملون لمداواة نفوسهم. والسائرون بهوى قلوبهم. الذين يرتسمون بالنصرانية فقط. وليس انهم عاملين بالوصايا المسيحيه فقط الواجبه عليهم. بل انهم يزنون ويسرقون ويكذبون. ويحلفون ويرابون ويماحكون. ويصنعون شرور كثيره يطول شرحها. وإِذا كان قد عاقب الجناه والقساه وغليظى الرقاب والغلف بقلوبهم على تعدى الشريعة العتيقة بالعقاب الشديد. فما عساه يعاقب المؤمنين الخاطئين المتعدين شرائعه. اسمعوا قوله تعالى لبنى إسرائيل على لسان هوشع النبى. لانه يقول مبكتا لهم هكذا. اسمعوا قول الرب يابنى إسرائيل. لأَنَّهُ يحاكم سكان الارض لعدم الحق واللعن والعدل. لكثرة لما كتر اللعن والكذب والقتل والزنا.
وعن العقوبات المنتظرة
اختلاط الدم بالدم. فلذلك تتملل الارض وتنوح جميع سكانها. وحيوان القفار وطيور السماء وسمك البحر يهلك منه. وليس أحد يقضى بالحق ولا من يبكت ولا من يرد الى السبيل المستقيم. لأن الشعب لعدم العلم صار أخرسا لا يتكلم. انت رذلت العلم أيها الشعب. وانا أرذلك من الكهنوت. لأنك نسيت سُنّة إِلهُكَ وأنا ايضا اتوانى عن بنيك و أنساهم. لان خطيتهم جدا قد كثرت. وأبدل كرامتهم للذل. لأنهم أكلوا ثمرات الأثم. والقوا نفوسهم فى البَلِيَّةُ بخطاياهم. فانا أَمَرَّ بعقابهم. وأجازيهم بجزاء أعمالهم وأعقابهم بأعمالهم. وأقلل عددهم. وياكلون ولا يشبعون. لانهم زنوا وسلب الخمر عقولهم. ودعوتهم ولم يسمعوا.لذلك يدعونى فى وقت شدتهم فلا استجيب لهم. واقول للذين يظلمون منهم ويغشمون ويقرضون بالربا. ويحبون الأرباح الردية. اسمعوا هذا القول ايها الذين يزدرون بالمساكين ويستقلون بالفقراء. ويقولون فى نفوسهم متى تمضى الشهور وتجوز الأيام. ونبيع كناسة الأهراء ويغلوا الطعام ويتعالى فى ثمن الحنطة. ونفتح الأهراء والمخازن ونصغر المكاييل ونزيد المثاقيل. ونبيع القصالة بالورق. والغله المخلوطه بالتبن. ونبيع كناسة الأهراء بثمن الحنطة و نأخذ ربا الدغل. أقسم الرب منيع إسرائيل. وقال انى لا أنسى جميع
أعمالكم الى الأبد. كيف لا تتزلزل الأرض من أجل هذه الأفعال. وكيف لا تتململ جميع سكانها ويشتد عقابها. أنا أظلم الشمس فى نصف النهار. وأغلس الارض فى اليوم المضئ. وأقلب أعيادهم بالحزن وأجعل غناهم بالنوح. ويشتملون على ظهورهم بالمسوح. وتمتلئ رؤسهم جراحات. ويحزنون كالحزن على الوحيد وأرسل الجوع فى أرضهم ليس من جوع خبزا و ماء ما فقط. لكن من عدم سماع كلام الله. ويجتمعون من المشارق الى المغارب ومن البحر الى البحر. ويسعون فى طلب كلمة الله العالى فلا يقدرون على ذلك. واذ قد سمعتم الآن وعده لأُولَئِكَ المجرمين والظالمين. والذين يتدبرون تدبيرا رَدِيًّا.
وعن حسن الجزاء اضاف
فاسمعوا وعده للطائعين وتأملوا وأنظروا الطريقين وأسلكوا المستقيم منهما. فأنه يقول لهم. و إن أنتم سرتم بوصاياى وحفظتم ما أمرتكم به وعملتم بها. أنزلت لكم الأمطار فى أوانها. حتى تخرج لكم غلاتها وأشجار البقاع أثمارها ويلحق القطاف دراسكم. ويدرك الزرع كله قطافكم. وتأكلون خبزكم شبعا. وتسكنون ارضكم مُطْمَئِنِّينَ. وتنامون أمنين فى هدوء وسلامه. ولا أحد يقلقكم ولا يرعبكم. وأفنى أشرار الظالمين عنكم. وأسقط أعدائكم قتلى بين أيديكم. وتهزم الخمسه منكم مائة. والمائه يهزمون ربوه. وأقبل عليكم حتى أنميكم وأكثركم وأتمم عهدى لكم. وتأكلون العتيق وعتيق العتيق. وتخرجون العتيق من قدام الجديد.
وأجعل مسكنى فيكم ولا تتبرم نفسى بكم. وأكون لكم إلها وتكونون لى شعبا. وإذ اذ قد سمعتم الآن توعد المخالفين ومواعيد الطائعين. فلنخاف من أن يوجد فينا إنسانا قاسيا أو مارقا. أو متهاونا أو مضجعا مفجعا أو ما شابه ذلك. فيصدق عليه مثل هذه الأقوال الأولى. التى يكون سماعها عند العقلاء يقطع مثل سكاكين حادة. أو او كنار تلهب وتحرق القلوب كالأتون. فإذا ما سمعتم هذه الأقوال فليتنبه الغافلين ويتيقظ النائمين بطبائعهم البارده. وإذ قد علمنا أن الخطايا. والأثام هى سببا لحدوث الأمراض والأسقام وكل البلايا. وتسلط الظالمين. وقيام المعاندين لنا. ووجود الغلاء. والجلاء والفناء وسائر الأمور المحزنه. فما بالنا لا ننهض من نومنا ونستيقظ من غفلتنا. ونخلع ثيابنا عنا ونقرع باب رحمة إلهنا ليتحنن على ضعفنا ويرحمنا. ويهب لنا سعادة الملكوت الأبدية الذى له المجد الى الأبد
وعن الخاتمة والتحليل للرسالة قال البابا يوأنس الثامن عشر (107)
وتكونوا محاللين مباركين من فم الله القدوس. ومن فم الواحده الوحيده الجامعة الرسولية الكنيسة المقدسة. الثلاثمائة وثمانية عشر بنيقية. و المئة والخمسين بالقسطنطينيه و المائتين بأفسس. ومن فمى أنا يؤانس بنعمة الله الغير مدركه ولا معقوله. الرتب المرقصيه. وسلام الرب القدوس يحوط بكم من كل ناحية. والنعمة تشملكم. والشكر لله دأئما أبديا أمين
كما استعرض الدكتور عادل فخرى رسالة البابا يوأنس الثامن عشر 107 (1769م-1796م) بعنوان ” من اجل الذين يتزوجون وهم غير مدركين ” مخطوط 134 لاهوت 512 عمومية بالمكتبة البطريركية بالقاهرة.
وفيها القى الضوء على طبيعة تلك الفترة فى النصف الثانى للقرن الثامن عشر وهى رسالة للبابا يؤانس الثامن عشر والمعنونة ” الدرج الحادى والثالثون من اجل الذين يتزوجون وهم غير مدركين ” أى صغار السن، وهى ظاهرة اجتماعية لازالت تكافحها الدولة حتى الان، ويتناول البحث نشر النص الذى ينهى فيه البطريرك عن ذلك مستشهدا بأقتباسات وأمثلة من الكتاب المقدس والعقوبة التى انزلها الله بالمخالفين،ومخالفة ذلك للمنطق والتفكير الانسانى وفى الطبيعة ذاتها لمن يتأملها، ويعالج البحث اسباب هذه الظاهرة فى ذلك الوقت من النصف الثانى من القرن التاسع عشر وهى فترة الى حد كبير فقيرة فى الانتاج العلمى والادبى وتسبق مباشرة قدوم الحملة الفرنسية وما احدثته من تغيير وكذلك دخول مصر الى العصر الحديث بتبؤ اسرة محمد على الحكم، ولكن اسباب هذه الظاهرة من القرأة التاريخية لتلك الفترة ترتبط بتقوية العصبيات والاحتفاظ بالسلطة والثروة أو اكتسابها والتقرب منها وقد عانى المجتمع من هذه الظاهرة بجميع طبقاته.
وهذا النوع من المقالات يوضح لنا طريقة الوعظ وتوجيه الحديث الى الشعب بالديباجات البادئة والخاتمة التى تنتهى بمنح البركة، والدعاء ومن الملاحظ فى هذه المقالة ان البطريرك لم يستشهد بالقوانين الكنسية وهى كثيرة، وبعضها وضعه الاباء البطاركة أنفسهم، لأن الهدف الاول الذى ركز عليه المقال هو محاربة هذه الظاهرة بالتعليم والاقناع سواء لكبار الاقباط أو عامة الناس، وللبابا يؤانس العديد من المقالات الهامة التى تعالج مشكلات المجتمع وامراضه، فله مقالة عن ترتيب الاخلاق ومقاله عن الامانه أى الايمان الارثوذكسى وغيرها من المقالات الهامة، والمخطوط كما فى فهرس مخطوطات البطريركية لمرقس سميكة ويسى عبد المسيح

وكانت المقدمة موجهة الى جميع فئات الشعب المختلفة
وهى من اجل الذين يتزوجون وهم غير مدركين صدرت صورة هذه البركة الى ذات الابناء المباركين. الاحباء الطائعين الدينيين الارثوذكس القمامصة المدبرين. والكهنة المؤتمنين والشمامسة المكرمين والاراخنه المبجلين. والعذارى (العدارى) والمتزوجين والارامل وكافة الشعب المسيحى اجمعين. بارك الله عليهم بالبركات الروحانية الحاله على أنبيائه ورسله وشهدائه وصانعى ارادته ووصاياه. فى كل جيل وجيل بشفاعة العذراء في كل حين. والملائكة والرسل والشهداء والقديسين امين. بعد تجديد البركات السمائيه عليهم. واهدى السلام الروحانى لديهم الموجب لاصدارها اليهم نعلمهم. ان في سابق تاريخه من السنين التى خلت
واستعرض الدكتور عادل فخرى التذكرة المستمرة من البابا يوأنس الثامن عشر 107
وعرض أضرار هذا العمل ومخالفته للقوانين وتذكيرهم برسائل سابقة بهذا الخصوص كما قال البابا يوأنس الثامن عشر 107
كنا كتبنا لكم اوراق خطاب لمحبتكم من قبل زواج البنات الغير المدركين. أن لا احد يزوج بنات غير مدركين ولا اولاد ذكور غير مدركين ايضا. فمن طول الايام نسيتم ما كتبناه لكم من قبل ما شرحناه لكم اعلاه. فمن اجل هذا الامر يحصل ضررا زائدا كثير فوق الحد من قبل زواج البنات الغير مدركين. يتبدل الفرح بالحزن والمحبه بالبغضه والاتفاق بالشر واحوال كثيره يطول شرحها. وانتم كلكم تعرفوها واحده واحده. لان بعدما كان الزواج سر من اسرار الله. وضعه الله الى طبيعه البشر. يصير هتكه بين الناس وهزئه وبعدما هو خدر
مقدس من قبل الله يصير مغضوب عليه من الله. لان القوانين المقدسة لم تعطى اجازه بزواج الغير مدركين لانه يقول قابل ومقبول. واما زواج الغير مدركين هو مفسوخ وليس بصحيح. بل هو فاسد والطبيعه غير قابله له.
وضرب البابا يوأنس الثامن عشر 107 أمثلة من الخليقة على عدم فعلها لهذا الخطأ وكذلك عدم مخالفة المخلوقات الاخرى لقوانين الطبيعة
حيث انة مخالف لكل خلائق الله من الحيوان والطير والزرع والشجر. كل ذلك الذى ذكرناه لكم لم احدا يقطف منه ثمره قبل ادراكه واوانه المحدد له. فالواجب علينا ان كان لنا عقل ونعرف ان الله امرنا ان نستعمل الامور اللائقه في اوانها وفى وقتها في كامل خلائق الله الغير ناطقه. لاننا لم نضع سكينة المحراث على عنق الثور قبل ادراكه. الفلاح لا يمد يده ويحصد الحنطه قبل ادراكها. وحارس البستان لم يقطف الثمره قبل ادراكها. ولما لى اذكر الفلاح والبستانى وانا انظر واعلم ان جميعكم تعرفون ذلك. ان الحيوان والطير وكلما يدب على الارض لم يلد الاولاد الا بعد ادراكهم. وكل طبيعه المخلوقات على هذا النحو لم تخالف ماحده الله لها هى حافظه له من اول الخليقه الى الان ولما لى اذكر الخليقه انها حافظه انها حافظه ما هو محدد لها من الخالق. وانا انظر التلف الحاصل من قبل البنات الذين يتزوجوا بغير ادراك حتى انهم يتلفوا بالكلية ويفسدوا ولم يبقا لهم دواء جمله كافيه. ومالى اذكر تلاف الاجسام.
وعن مخالفة الكتاب المقدس يقول البابا يوأنس الثامن عشر 107
وانا على ما يلوح لى ان هذه الخطيه تشبه خطيه السادوميين. الذين نزل عليهم بسببها النار المختلطه بالكبريت. وهؤلاء صنعوها برضائهم مع بعضهم. واما هؤلاء يصنعونها بغير رضا. و يجعلونها حلال وهى تغضب الله. لأن الطبيعه لم تقبلها. لانه لم يكن اوان حضرو الشئ الذى يكون غصب هو ظلم. والظلم مغضوب عليه قدام الله. لانه تعالى لم يأمر به. لان فاعلى هذه الخطيه والمساعدين عليها يأخذون جزائهم من الله تعالى على قدر اعمالهم. لانهم تهاونوا بامر الله.
فيتهاون هو ايضا بهم. لانهم لم يطرحوا الزرع فى ارض قابله. بل يطرحوه في ارض غير قابله ولا تأتى بثمره. لان الرجل الذى كان يعمل هذه القبائح المخالفه للشريعه. ضربه ملاك الرب فاماته. ولما لى اذكر هذا وذاك وانا اسمع في الكتاب الالهى. يقول انموا واكتروا واشحنوا الارض. وعندما نخالف قول الله نسمعه يقول ان هؤلاء الناس صاروا لحم ودم وروحى لا يحل فيهم لانهم بعد جسدانيين. وهذا الكلام قيل ليس لاهل السنه ولا لأناس لهم شريعه. بل لأناس لا انزلت عليهم شريعه موسى ولا انجيل المسيح. بل كانوا سائرين بناموس الطبيعه. فلما عملوا بخلافها افسدهم الله بطوفان الماء ولم يرسل غضبه فيهلكهم فقط بل ولاجلهم اهلك كل قائم على الارض من الدبابات والطيور وذوات الاربع قوائم وهذا الامر الفظيع والموت الشنيع بعد انذار نوح لهم بمائة سنه. فلما لم يذعنوا لكلامه نزل بهم الغضب ولم يخلص من العالم كله الا هو واولاده ونساء اولاده وزوجته.
ويضيف البابا يوأنس الثامن عشر 107 شارحا المخالفة ودور الأم والاسرة والمعالجة الهادئة
والاّن يا أولادى المباركين يا غرس المسيح وبستانه. الذين اشتراكم بدمه الطاهر. نحن نفاوض محبتكم بالود والاّناة ونتوسل لكم بكل محبه ان تبتعدوا من ذلك البعد كله. وتلقوا البذار في أرض مثمره. والقادر العالى ينمى ويصعد ويبارك في ثماركم ويحميه لأن الرسول يقول انتم هياكل الله وروح الله حال فيكم. فمن يفسد هيكل الله يفسده الله. وهذا قيل من اجل من يصنع خطيه تخصه فقط ولم تصل المضره بغيره. فماذا يكون من يبلبل نظام الكنيسة. ويفسد اقران التزويج. ويوجب الضرر للناس كافه. وليس قولى للناس كافه. يعنى لانهم كانوا يفعلون.
يفعلون ذلك. لان بسبب هذه الافعال المملؤه قساوة وشناعه يحل الغضب على الناس. حيث ان هذا الامر لم يكون اضطراريا ولا حاجه الجئت اليه. لانه لو كان البنات البلغ عدموا ولم يوجدوا. لكان لكم حجه بحيث انه ولا مع عدمهم ايضا تسلم القوانين المقدسه بذلك. فمع وجودهم في كل زمان وقله عدمهم. فلا عذر لكم ولاحجه. ومع عدمهم ايضا فليس لكم عذر ولا حجه. لان القوانين المقدسة لم تسلم بذلك اصلا. واما اذا كان امرأة توالس على ابنتها اذا سألوها عنها. هل ابنتك مدرك اما لا وتقول مدرك وهى غير مدرك تمكث هذه الامرأة تحت قوانين الكنيسة ايضا. كمثل ادم الذى اطاع المرأة فيما لا يرضى الله. فأوجب عليه الدينونه لمخالفه وصاياه. وصار تحت الحكم الذى هو موت الجسد والنفس. لأجل هذا كل من يخالف الناموس الذى وضعه الله الى كامل الخلائق يكون مخالف الله فيما رسمه الى الخلائق
خاتمة الرسالة
ويختتم البابا يوأنس الثامن عشر 107 رسالتة بالاتى
هذه كتبناها لكم لترجعوا عن هذا الفعل المخالف الذى ليس فيه نفع وكل من سمع واطاع تحل عليه البركه. ومن خالف له من يدينه. الذى هو الله الاّمر بذلك الى الخلق. ونحن بريئين من اثمهقدام الله. لاننا كلمناكم بذلك وعرفناكم. لانه قال عرفهم خطاياهم ان كانوا يرجعوا لهم الاجر التام. وان كانوا لا يرجعوا اثمهم عليهم وانت برئ من ذلك. وقد عرفناكم. وبركه الرب القدوس تحل عليكم. وتكونوا محاللين مباركين من فم الله القدوس. ومن فم الواحده الوحيده المقدسه الجامعه الرسوليه الكنيسه. ومن افواه الاباء اصحاب المجامع المقدسه. ومن فمى انا يؤانس خادم بنعمه الله الرتب المرقصيه. وسلام الرب يحوط بكم والبركه والنعمه تشملكم. والشكر لله دائما ابديا امين.
واضاف الدكتور عادل فخرى تعليقا على النص
يوجه البطريرك يؤانس رسالته الى كافة قطاعات الشعب المسيحى مشركا الجميع فى اهمية التصدى لهذه المشكلة، ويشير الى انه قد سبق وتكلم عن هذا النتوع من الزواج المرفوض، ويلفت نظرهم الىذلك ملتمسا لهم العذر فى النسيان بطول المدة، ويوجز فى انه زواج باطل مدللا على ذلك بأمثلة من خلائق الله المختلفة سواء من الحيوان أو النبات، واستعان بوقائع الكتاب المقدس خاصة سفر التكوين، حيث شبه هذا الفعل بفعل أهل سدوم فى الاصحاح الثامن عشر من حيث عدم ملائمته للطبيعة بل شبه من يفعل ذلك بالذين كانوا ايام نوح لايعرفون شريعة عهد قديم أو جديد فأهلكهم الطوفان (تكوين 7)، واخيرا يشبه هذا الامر بما فعله أونان بكر يهوذا الذى زوجه ابوه لزوجة أخيه ليقيم له نسلا بحسب أوامر الشريعه، ولكنه لم يفعل ذلك متعمدا بحسب النص (فَقَالَ يَهُوذَا لأُونَانَ: «ادْخُلْ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيكَ وَتَزَوَّجْ بِهَا، وَأَقِمْ نَسْلاً لأَخِيكَ فَعَلِمَ أُونَانُ أَنَّ النَّسْلَ لاَ يَكُونُ لَهُ، فَكَانَ إِذْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى الأَرْضِ، لِكَيْ لاَ يُعْطِيَ نَسْلاً لأَخِيهِ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَا فَعَلَهُ، فَأَمَاتَهُ أَيْضًا، تكوين 37)، وقبل ان يعالج البطريرك دور الام المحورى فى هذا الامر يخاطب البطريرك رعيته بالمحبة والود والتفاوض بل والتوسل لأيضاح عظم الضرر، وموجها كلامه الى الام التى يمكن أن “توالس” أى تخون أو تخادع بحسب المجعم، مقرنا تهاون الام وعدم صدقها فى هذا الامر بالخيانة مشيرا الى حكم قانون الكنيسة فى مثل هذه الامور وخاتما عظته بالخاتمة التقليدية المتعرف عليها، ولاشك أن البطريرك يؤانس الثامن عشر يعتبر من أهم الشخصيات التى حملت مشعل التنوير وارشاد الشعب، ومحاولة وضع مقالات تعليمية قصيرة فى هيئة خطابات يمكن تلاوتها فى الكنائس فى تلك الفترة الهامة التى كانت مصر فيها على اعتاب الحداثة ولكن التى ظهرت بدايتها فى اعماله.
ويبدوا ان المشكلة التى حاول معالجتها البطريرك يؤانس فى هذا المقال لازالت تحتاج الى حل ولا شك ان البطريرك ادرك فداحة المشكلة وربما له السبق فى معالجتها والحديث عنها فى تلك الفترة التى لم تكن تغيرات العصر الحديث قد ادركتها، فبعد هذه الرسالة بما يزيد عن قرن، دخلت فيه مصر عصر الحداثة وانتشرت بها المطابع والمدارس وارسلت البعثات الى الخارج كانت المشكلة لاتزال سائدة، فنشرت مجلة الحق فى عددها بتاريخ الثانى من سبتمبر عام 1894 مقال عن “الاقتران قبل الاوان” تحارب فيه هذه العادة، وكيف ان هذا الزواج اطرافه لا تعى المحبة التى هى اساس هذا السر، وعدم نضوج الزوج الذى ينبغى عليه معاملة زوجته المعاملة اللائقة، وتعتبر المقالة عمل تنويرى جيد بمقاييس تلك الفترة،
لم يتحسن الحال كثيرا بعد هذه المقالة بما يزيد على المائة عام، ففى ايامنا هذه وخاصة فى دول العالم الثالث وخاصة المنطقة العربية ربما تفاقم الوضع حسب المعلن من الهيئات الدولية:
-إذا استمرت المستويات الحالية لزيجات الأطفال، فإن 14.2 مليون فتاة سنوياً أو 39000 فتاة يوميا سوف تتزوج في عمر صغير للغاية.
– في الفترة بين 2011 و 2020، اصبح أكثر من 140 مليون فتاة عرائس من الأطفال، وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA).
– ما يُقدَّر بنحو 62 مليون فتاة في أنحاء العالم غير ملتحقات بالمدارس، نصفهن مراهقات. و16 مليون فتاة أعمارهن بين ستة أعوام و11 عاما لن يلتحقن أبدا بالمدارس، بالمقارنة مع ثمانية ملايين فتى (البنك الدولى)
– في المنطقة العربية تنتشر هذه الظاهرة بنسب مختلفة، فلقد سجلت السودان نسبة 52%، وموريتانيا 35%، واليمن 32%، وفلسطين 21%، وفي مصر 17% وتنخفض النسبة نسبيًا في لبنان حيث تمثل 6% من حالات الزواج
– الوفيات المرتبطة بالحمل والولادة تعتبر عنصراً هاماً لوفيات الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15و19 عاماً في جميع أنحاء العالم، وتتسبب في 70000 حالة وفاة سنوياً (اليونيسف، وضع أطفال العالم، 2009). وإذا كانت الأم دون سن 18 عاماً، فإن خطر وفاة مولودها في السنة الأولى من العمر يبلغ 60 في المائة أكثر من المولود الأول لأم يزيد عمرها عن 19 عاماً (اليونيسف، وضع أطفال العالم، 2009).
– أكدت إحصائيات رسمية أن نسبة الزواج المبكر في مصر بلغت حوالى 15%، وتزداد في المحافظات الأكثر فقرًا، ووصلت النسبة ببعض المحافظات إلى 74%، فيما أشارت إحصائية لجمعية حقوق المرأة في 2015 الى أن نسبة زواج القاصرات في مصر تختلف من الريف إلى الحضر، إذ تبلغ نسبته 42% في الحضر مقارنة بـ 56% في الريف، وبحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية فإن 13% من الفتيات المتزوجات في مصر فى عمر من 15 إلى 19 سنة، كما أن متوسط عدد الأطفال للفتاة المتزوجة قبل 18 سنة 3.7 طفل، وهو ما يعد عبئًا ويساهم في زيادة الكثافة السكانية في مصر.
أهم أسباب الزواج المبكر عند الاقباط:
انخفاض اعداد الاقباط حسب الاحصائيات، وقد لاحظ بعض الباحثين والمهتمين بدراسات الاحصاء فى مصر أن التعداد الذى كان يصل الى حوالى من ستة الى سبعة ملايين فى العصر الرومانى البيزنطنى انحدر الى اقل من ثلاثة ملايين بنهاية القرن الثامن عشر. المصادر عن تعداد القرن الثامن عشر نادرة على عكس القرن التاسع عشر فى عصر محمد على حيث الوفرة فى البيانات.
وقد وصل تعداد الاقباط بنهاية القرن الثامن عشر الى 150 الف من تعداد القطر المصرى البالغ ثلاثة ملايين نسمة بنسبة قبطى لكل تسعة مسلمين وقبطى لكل سبعة من القاطنين مصر عموما، وبلغ من يقطن القاهرة من الاقباط حوالى 15% من اجمالى عدد الاقباط والباقى موزع فى معظمه بين الصعيد والفيوم، وانخفض عدد الاساقفة من حوالى سبعين اسقفا فى القرن السابع عشر الى حوالى اثنى عشر، وانحصرت الرهبنة فى عدد محدود من الاديرة وكان اهمها دير الانبا انطونيوس ودير ابو مقار، بل ربما لم تدرى السلطة الحاكمة بأستنبول ان لها رعايا مسيحيين بمصر.
الأوبئة: أثر انتشار الطاعون على التعداد العام لمصر عامة والاقباط خاصة فى نهاية العصر المملوكى وبداية العثمانى خاصة فى القرن السادس عشر فقد كانت الاوبئة تضرب البلاد بمعدل مرة كل تسع سنوات فى تلك الفترة
، وواجهة الاسر المسيحية القليلة المتبقية فى بعض القرى مشكلة زواج الاقارب حيث كانت الكنيسة تمنع الزواج من الاقارب حتى الدرجة الثالثة، وقد واجه مثل هذه الظروف البابا يؤانس الثالث عشر 94 (1484-1524م) وحارب تعدد الزوجات والتسرى وغيرها من المشاكل الاجتماعية الخاصة بالزواج
العصبيات والنفوذ: العصبيات والاحتفاظ بالنفوذ بين العائلات الكبرى، وفي هذا السياق، لعبت الروابط القرابة والجغرافية دورا هاما في تشكيل القيادة المجتمعية. في القرنين السابع عشر والثامن عشر، على سبيل المثال، كانت بلدة طوخ النصارى في محافظة المنوفية بمثابة نواة لانتشار العائلات والشبكات ذات النفوذ، والتي من صفوفها سوف يظهر قادة مؤثرين وكتبة، حسبما ذكر الرحالة أوليا جلبى
لاحظ الرحالة أوليا جلبى فى القرن السابع عشر ان “الرعايا” من الاقباط جميعهم من دافعى الضرائب فى هذه المدينة يملكون حوالى ثمانمئة منزل
، ولعله ليس من قبيل الصدفة أن البطريرك متاؤس الثالث (1634-1649) و متاؤس الرابع (1660-1675)، ويؤانس السادس عشر، وكذلك الارخن داود الطوخي وابن أخيه جرجس أبو منصور، كانوا جميعا من هذه المدينة؛ فمن المرجح أن ترتبط أسرهم بالصداقة والزواج، كانت ايضا محافظة المنوفية بمثابة نواة لانتشار الأسر والشبكات المؤثرة من الرتب التي ظهر منها قادة وكتبة، عزز الزواج من العلاقات بين الأسر الكبرى الرئيسية الوثيقة مع أسر البطاركية، فبطرس السادس 104(1718-1726) البطريرك كان قد أقامه رئيسا لدير الانبا بولا سلفه البابا يؤانس 103 وقد سعى فى تنصيبه بطريركا المعلم لطف الله ابويوسف الذى كان متزوجا من بنت اخت البطريرك يؤانس 103 وحسب تاريخ البطاركة “لم كان فى زمانه من يعادله فى المال وأيضا فى الجاه وقوة القلب” ، أما المعلم جرجس أبو شحاتة وهو أرمل من كبار الاراخنة من بلدة ابنوب بالصعيد جاء وتغرب بمصر، تزوج من أخت المعلم لطف الله في عهد البطريرك بطرس السادس.
وحتى في العهد العثماني، لم يكن الطلاق مصرحا به بسهولة من قبل الكنيسة القبطية، وربما لهذا تحول بعض المسيحيون واليهود في جميع أنحاء الإمبراطورية في كثير من الأحيان إلى المحاكم الشرعية للفصل في طلاقهم، وبذلت الكنيسة مزيدا من الجهود للحفاظ على حرمة الزوجية

Most Popular

Recent Comments