لا تكن إلا فرحاً».. ليس مجرد شعار رفعه« مهرجان الكرازة بل هو حياة عاشها كل من اشترك بمسابقات المهرجان هذا العام، وأروع من عاش هذا الشعار الحكماء « كبار السن»، من خلال مسابقة سمعان الشيخ، هذا ما شهدناه خلال تغطية وطني لحفل توزيع كؤوس مهرجان الحكماء لقطاع كنائس مصر الجديدة ومدينة نصر، والذي أقيم، بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بشيراتون.
شهد الاحتفال وقام بتوزيع الكؤوس نيافة الحبر الجليل الأنبا مكسيموس، مطران بنها وقويسنا، ومقرر لجنة الأسرة بالمجمع المقدس، {المنبثق عنها اللجنة الفرعية لخدمة الحكماء}، بمشاركه القس رافائيل رجائي المسئول عن لجنة سمعان الشيخ بمهرجان الكرازة، وكاهن كنيسة رئيس الملاك الملائكه ميخائيل بشيراتون، والقس يواقيم كاهن كنيسة العذراء والقديس أثناسيوس بمدينة نصر، وذلك بحضور الحاصلين على المراكز الأولى والثانية في جميع المسابقات، ولفيف من خدام سمعان الشيخ بالكنائس التي تم تصعدها.
استهل الاحتفال برفع صلوات برئاسة الأنبا ماكسيموس بدأها نيافته بفتح ستر الهيكل الأوسط، ثم الصلاة الربانية وبعدها قال مارين شيبهموت «صلاة الشكر» بلحنها المعروف بمشاركة الآباء الكنهة والشمامسة.
لا تكن إلا فرح
وعقب الصلاة مباشرة، قدم نيافة الأنبا مكسيموس، كلمة روحية تحدث خلالها عن شعار المهرجان «لا تكن إلا فرحاً»، وعن
أهميه أن يعيش كل شخص من أبائنا كبار السن حياة الفرح، وقال نيافته: إن الفرح علامة على صحة «مسيحيتي»، وهو أيضاً علامة على صحة «شيخوختي»، وأوضح الأنبا مكسيموس أن الإنسان لا يشيخ ابدأ طالما يعيش مع الناس في محبه ولديه أصدقاء ويضع هدفاً أمامه، وضرب أمثلة على ذلك وبدأها بمثلث الرحمات قداسه البابا شنودة الثالث، ثم الدكتور مجدي يعقوب، الذي لم يشيخ حتى الآن، وكذلك شخصيه مثل الدكتور حسنين هيكل والذي انتقل عن عالمنا وهو يبلغ من العمر 91 عاماً، ومن كبار السن الذين كانوا يعيشون بالنشاط أيضًا الدكتور بطرس غالي، والدكتور راغب مفتاح، ويرجع ذلك إلى أنهم كانوا يعيشون من أجل أهداف واضحة ويمارسون أنشطة اجتماعية بشكل مستمر بين أصدقائهم الذين يحبونهم .
وبين مقرر لجنه الأسرة بالمجمع المقدس أن المسيحية لا تعرف الشيخوخة والذان يجلبان الشيخوخة هما الغم والحزن، وأكد نيافته قائلاً يجب على كل منا أن يعيش شيخوخة نشيطه ويقبل سنة ويعرف أن لكل مرحلة جمالها وأدوارها وطلب الجميع أن يعرف كل منهم الأدوار الجديدة التي من المفترض أن يعيشوها ويمارسوها ويفرحوا بها، مشيرا أن الكثيرين من الحكماء “كبار السن” تمت سيامتهم شمامسة بعد سن المعاش، كما طالب السيدات أن يستمتعن بدورهن الحالي خصوصاً لو هن جدات، وأكد قائلاً لكل منهن “حفيدك هيفيدك»، وأشار نيافته إلى خطورة أن يكون كبير السن رافض لمرحلته العمرية مما يجعله شخص مندفع ويقوم بأدوار لا تناسب سنه، وأختتم قائلاً «علينا أن نتذكر شيئًا هاما أننا كلنا راحلون وسيبقى الأثر».
روح واحدة ونفس واحدة
ثم شكر القس رافائيل رجائي، نيافة الأنبا مكسيموس، على كلمته وحرصه على الحضور وتوزيع الكؤوس بيده، وكذلك قدم جناب القس الشكر للحضور لمشاركتهم وتفوقهم بمسابقه سمعان الشيخ وقال خلال كلمته أننا تجمعنا روح واحدة ونفس واحدة ولا فرق بيننا، سواء من حصل على كأس ومركز أول أو من حصل على مركز ثاني أو حتى أخير، مشيرا لأهميه مسابقة سمعان الشيخ، وأنها جعلت الحياة تدب في هذه المرحلة من العمر موضحا أن المشاركين هذا العام زادت أعدادهم عن الأعوام السابقة.
للترنيم مذاق خاص
وبعدها قدم فريق ترانيم كنيسة القديسين جورجيوس والأنبا أنطونيوس «الفريق الحاصل على المركز الأول» في مسابقة الترتيل، وترنموا بترنيمة «جيتنا بميلادك» وشعار المهرجان الذي ترنم به جميع الحضور وسط فرحة عارمة.
الحصاد
وجاء حصد الكؤوس بعد مشوار الدراسة والعمل التي فرحت النفوس، فقدمت الأستاذة سامية صبحي، آمين خدمة الحكماء بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بشيراتون، الفائزين بالكؤوس وبالمراكز الأولى والثانية في جميع المسابقات، ليتسلموا هداياهم من نيافة الحبر الجليل الأنبا مكسيموس، ويأخذون الصور التذكارية معه بالإضافة للآباء الكهنة.
ثروة كبيرة
وعلى هامش الحفل وخلال تصريحات خاصة لوطني أبدى نيافه الانبا مكسيموس إعجابه الشديد بمشاركة كبار السن في مهرجان الكرازة على هذا النحو من خلال مسابقه سمعان الشيخ، مؤكداً أن المهرجان يهدف إلى تنشيط واشتراك كل الفئات، معربا عن سعادته بتوزيع كؤوسهم لأنه يستشعر بمدى نشاطهم وإقبالهم على الحياة في هذا اليوم، مؤكداً أن كبار السن ثروة كبيرة بالكنيسة، ويجب استثمارها وخصوصاً لفائدة الأجيال الصغيرة، مشيرا أن هذا ما علمه لنا الله الذي كان يختار الشيوخ في أي موقف يحتاج لروح الحكمة والقيادة، فعندما أراد أن يخرج شعبه من أرض العبودية أختار موسى، وهو يبلغ من العمر 80 سنة، وقال له أذهب وقل للشيوخ الشعب أن الله تجلى، وقل هذه الأشياء، وعليك أن تذهب مع الشيوخ إلى فرعون، وكذلك عندما أراد الله أن يخفف عن موسى عبء الشعب اختار 70 شيخ وكذلك عندما آتى للملك حزقيا تهديد اجتمع بالشيوخ الشعب وقال اذهبوا لأشعياء وقولوا له أن يصلي من أجل المدينة والشعب، وبالتالي يجب أن تستفيد الكنيسة من الحكماء كبار السن.
أنماط مختلفة
وعن خطة نيافة الأنبا مكسيموس لاستثمار طاقات كبار السن، من خلال موقع نيافته كمقرر للجنة الأسرة بالمجمع المقدس، قال إن لجنة كبار السن المنبثقه عن لجنة الأسرة بالمجمع عقدت أكتوبر الجاري موتمرا تم خلاله التوعية بردود الأفعال المختلفة لكبار السن، تجاه أعمارهم، وعدد نيافته الأنماط وقال هناك نمط استسلامي ونمط رافض لسنه ونمط مندفع ونمط عصبي وعنيف وآخر ناضج ، وأضاف قائلاً نحن نهدف إلى أن يصل أبائنا كبار السن إلى هذا النمط الناضج، وهو النمط الذي يكون خلاله المسن قابل لسنه وقابل لنفسه ويخدم نفسه، وكذلك يخدم من حوله على قدر الإمكان، ولديه هدف يحاول أن يسعى إليه ويسلمه، ويسلم خبرته للجيل الجديد. وضرب نيافته مثلا على الشيخوخة الناضجة قائلاً أن الدكتور مجدي يعقوب رجل كبير في السن، بحسب بطاقته الشخصية، ولكنه يعيش شيخوخة ناضجة ومثمرة، يجتهد ليسلم العلم الذي لديه لمن حوله من الشباب ويقول أنه يريد أن يذهب إلى الله ويديه فارعة، كما أنه يستطيع أن يخدم الجميع ويخدم نفسه أيضا.
تجاعيد الجلد أم تجاعيد العقل
وأعرب الأنبا مكسيموس عن ضيقه من فكرة عزوف بعض كبار السن للمشاركة في المهرجان وخصوصاً في المسابقة الدراسية والبعثية، وبأنهم يأخذون المثل الشعبي القائل «بعد ما شاب ودوه الكتاب» شعارا لهم، وأطلق نيافته عليهم بالنمط الاستسلامي، وهو ما قال عنه الله في سفر الرؤيا «لك اسم أنك حي وأنت ميت»، مشيرا أن هذا النمط يموت قبل موته الجسدي، ويكتب شهادة وفاته قبل وفاته، مؤكداً إن الإنسان طالما لديه الاستعداد للتعلم فهو ليس شخص «عجوز»، موضحا أن الكثيرين من كبار السن يلتحقون بفصول تعليم الكبار، ويستكملون دراستهم .وذكر نيافته أن الشيخوخة، ليست تجاعيد الجلد بل تجاعيد العقل ومن الممكن أن يكون جلد الإنسان مجعد، ولكنه شخص يستطيع التعلم .
ثلاث صفات لخادم الحكماء
وعن صفات خادم كبار السن، وخصوصاً من يخدمون مسابقة سمعان الشيخ، قال أنه يجب أن يتحلى بثلاث صفات، وهي؛ أن يفهم ويقبل ويتيح، ..أولًا يجب أن يفهم سمات هذه المرحلة العمرية، موضحا أن الشخص في كبره قد يصبح غضوب، وعصبي، وقد يكون عنيد أو ساخر من الجيل الجديد، أو أنه يعيش في الماضي ويتحدث عنه كثيراً، ومن الممكن أن يصبح المسن شخص من السهل استمالته لاتجاه معين. وعن الصفة الثانية التي أشار إليها نيافة الأنبا مكسيموس وأكد على ضرورة وجودها في خادم كبار السن؛ هي أن يقبل ويعرف التغييرات التي تحدث للمسن، وأنها على غير إرادته، وكذلك يقبل ويفهم أن هذه التغيرات قد تحدث له هو شخصياً عندما يكبر.
والصفة الثالثة التي أكد نيافته على ضرورة وجودها لدى الخادم أن «يتيح أربعة أشياء للمخدوم» 1– عائلة محبة ومحتضنة، وأن يعمل على توعية أولاده، بكيفية أن يعطوا له قيمته، وأن لم يوجد عائلة، فعلى الكنيسة أن تقوم بدور العائلة البديلة، وإذا كان مقيم في دار مسنين تابع للكنيسة فعلى الخادم أن يشرح لهم كيف يوجدون له جو عائلي.
2 – أن يتيح الخادم عناية متكاملة لكبير السن، وتتنوع بين عناية روحية عن طريق توصيلة للكنيسة وتوصيل الكنيسة له، وعناية صحية واجتماعية ونفسية، 3- أن يتيح الخادم لمخدومة عمل بالكنيسة سواء عمل بأجر أو عمل تطوعي، لأن أخطر الأشياء على المسن ألا يفعل شي. 4- أن يتيح الخادم للمخدومين علاقات وأنشطة، عن طريق الاجتماع والخدام وعمل نادي اجتماعي لكبار السن.
لجان جديدة
وعن الجديد في أجندة لجنة الأسرة قال الأنبا مكسيموس، إن اللجنة أنبثق عنها مؤخراً لجنتين جديدتين، وهما لجنة الطفولة، والمسؤول عنها، الأنبا نوفير ولجنة أخرى للرجال والمسؤول عنها الأنبا بسنتي أسقف أبنوب والفتح، ويتم حاليا الإعداد لخدمات متعددة من خلالهما.
سمعان الشيخ..تنمو وتزدهر
وخلال حديث لوطني مع القس رافائيل رجائي، أشار أن مسابقة سمعان الشيخ مقبلة على عامها العاشر، وهي في الأساس فكرته التي وافق عليها نيافة الأنبا موسى، ليمتد مهرجان الكرازة لخدمة مرحلة الحضانة إلى الحكماء كبار السن.
وشرح جناب القس أن المسابقة متنوعة ما بين الدراسي والمحفوظات والألحان والترانيم والأبحاث والرياضي والأشغال اليدوية والقبطي، وكشف أن الجديد هذا العام هو الإقبال أكثر من أي عام مضى، كما أن هناك تميز في الكثير من المجالات مثل الترنيم من خلال عرض فرق ترانيم كانت أشبه بعرض أوبرالي متميز، كما أن ملابسهم كانت تنم في الروعة والذوق، وأيضا أن الأعمال الفنية كانت غاية في الإتقان والتميز، نسجوها بكل جوارحهم ووجدانهم، وكذلك أشار جناب القس لمسابقه الألحان وخدمة الشموسية الملتزمة، وأيضا امتحاناتهم للمسابقة الدراسة كانت تنم على التركيز والاجتهاد.
وروى مؤسس مسابقة سمعان الشيخ، أن لجان تحكيم المهرجان من أسقفية الشباب يشيدون دائمًا بمسابقة سمعان الشيخ، ويأكدون أن كبار السن هم أحسن الفئات التي يحكمون لها، لأنهم يقدمون كل شيء بقلوبهم، وكذلك كشف أن المهرجان هذا العام يكرم الفئات الخاصة، فهناك سيدة ضريرة استطاعت أن تجتاز الامتحان الدراسي وأيضاً تم منح جائزة خاصة لسيدة قامت بعمل تورتة كبيرة على شكل كتاب مقدس وكذلك هناك كنائس قامت بتأسيس اجتماعات للمسنين خصيصا للتمكين من المشاركة في مسابقة سمعان الشيخ.