تشهد الأديرة المصرية نهضة عمرانية وتنموية وروعوية كبيرة،ومسؤليتها الوطنية جعلتها تسعى لخــدمــة المجتمع,عـلاوة على اكتفائها ذاتيا ومساعدتها للاخرين … قامت “وطنى” على مدار الأعوام السابقة بجولات فى العديد من الأديرة المصرية … وفى هذا العدد تقدم “وطنى” دير, العـذراء و الأمـيــر تادرس المـشــرقــى بـديـــرريفا – جبل اسيوط وذلك لالقاء الضوء على حكاية هذه الاديرة العامرة بالايمان والاعمال المتجلية فى العديد من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وخدمة المجتمع .
ديــر ريفا الأثرية
وأشــارت إلى أهــم الكتابات والــدراســات السابقة التي أمدتنا ببعض المعلومات عن كنائس دير ريفا الأثرية، كتاب: “الأديرة والكنائس” لأبو المكارم، وبالأخص في تاريخ أديــرة الوجه القبلي، إضافة إلى ما ذَكَره المؤرِّخ المملوكي “تقي الدين المقريزي“ الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي، في الجــزء الثاني من مؤلَّفه:”كتاب المواعظ والاعتبار بذِكْر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية”، وكذلك في مؤلَّفه المُعَنْوَن: “تاريخ الأقباط المعروف بالقول الإبــريــزي للعلاَّمة المقريزي”- كما ورد ذكــرهذا الدير في كتابات كل من ”جـريـفـيـث“ سنة 1889م، و”جوليان”سنة 1901م، و”بتري”سنة 1909م.
وفي عام 1912م، نشــر “سومر كلارك” مسقـط لكنيسة القديسة مريم العذراء الأثرية دون أن يعطي أية تفاصيل لكنيسة القديس تاوضروس أوتـ ادرس الذي يعني اسمه اليوناني “عطية الله”،والذي يعد من أشهر القديسين في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذين استُشهِدوا في القرن الرابع الميلادي. كما يُعتَبَر هذا القديس شفيعاً لسُكَّان هذه القرية الصغيرة، حيث يحرصون على إقامة الشعائر الدينية في كنيسته، وأَخْذ بركته في صلواتهم. وعُرِفَ عددٌ لا بأس به من القدِّيسين داخل مصر وخارجها باسم القديس تادرس.
وفي سنة 1912م أيضاً، نَشَر”بيليت“خريطة للدير،كما أشار إلى موقع كنيسة القديس تادرس بالمقبرة رقم (3).
ووَرَدَ ذِكْر”دير ريفا”كـذلك في كتابات ”مـوريس مارتـن”عام 1966م، وكذلك فيما كتبه “رينيه جورج كوكان”عام 1991م.
ولم يكن “دير ريفا” في الأصل ديراً بمعنى كلمة “ديـر”، بل كان منذ البداية معبداً مصريّاً قديماً يرجع تاريخه إلى عصر الدولة الوسطى. وقد سكنه النُّسَّاك الأقباط الذين فرُّوا من بطش الأباطرة الرومان إلى الصحاري المصرية، لاسيما بعد ظهور حركة الرهبنة القبطية اعتباراً من منتصف القرن الثالث تقريباً, وحتى الآن، لا يزال سور الدير – الذي يبلغ ارتفاعه 150 سم – باقياً، وتتخلَّله فتحات صغيرة لسهولة تصريف مياه الأمطار,وبالجبل بقايا مباني أثرية أخرى ترجع إلى العصور المصرية القديمة، وكذلك الرومانية.
وفي أعلى الجبل،توجد بعض المغارات التي ربما استُخدِمَت لاحقاً لتخزين الحبوب في أوقات المجاعات التي حدثت قديماً في مصر، وأيضاً في أيـام فيضان النيل. وترجع أغلب هذه المغارات إلى سنة 4000 ق.م. تقريباً.
وَصف كنائس الدير
ويصل الزائرإلى كنائس “دير ريفا الأثرية” من خـــلال طــريق ديـــر درنكة – الغنايم , وفي قرية ريفا،توجد ثلاث كنائس أثرية, ويصعَد إلى الكنيسة الأولى، وهي كنيسة العذراء الجبلية الأثرية بالدير المنحوت في أعلى الجبل،على ارتفاع ما يقرُب من 150م من مستوى سطح البحر عن طريق مَدَق غير مُمَهَّد في الصخور الجبلية والانحناءات الطبيعية الرملية الضيِّقة.
ويوجد بـصحــن الكنيسة الجبلية الأثرية، أربعة أعمدة موزَّعة بعشوائية، وأُضيفَت إليها لتحديد منطقة الخورس الذي يسبق الهيكل نصف الدائري والمُتضمن ثلاث حنيات, وفي الركن الشمالي الشرقي بخورس الكنيسة، توجد أيقونة القديسة مريم العذراء,وترجع هذه الأيقونة إلى القرن الثامن عشر الميلادي.
كنيسة دير ريفا الجبلية الأثرية من الداخل
وأشار ”تقي الدين المقريزي“ إلى أنَّ هذه الكنيسة الأثرية الرئيسية قد شيــدت في القرن الرابع الميلادي. ويتقدَّم هذه الكنيسة الجبليَّة المعروفة باسم – كما أشار إليها ”إميلينو“– مدخل طويل يفضي إلى ثلاثة خوارس:وهي خوارس المؤمنين والموعوظين والتائبين.
وتوجد معمودية الكنيسة في الناحية الجنوبية منها. وبهذه الكنيسة أيضاً مذبح واحد يتشابه إلى حدٍّ كبير مع مثيله الموجود حاليّاً في كنيسة القديسة مريم العذراء بالدير المحرق.
وحجاب الكنيسة الخشبي مُطعَّم بالعاج وتُزيِّنه الصلبان. كما أشار ”على باشا مبارك“ إلى هذه الكنيسة في مؤلَّفه المعروف بعنوان: ”الخطط التوفيقية الجديدة لمصر: القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة“.
دير ريفا الجبلية الأثرية من الداخل
ويعتقد أن كنيسة العذراءالجبلية الأثــرية شيدت في بادئ الأمر بداخل أحد أديرة الراهبات العذارى، وفقاً لِمَا ذَكَرَه الأنبا يؤانس في مؤلَّفه: مذكرات في الرهبنة القبطية“، كما يلي: لقد أسس الأنبا باخوميوس أديــرة العذارى في صعيد مصر. ومن أهم الأديرة هــو دير قرية ريفا بإقليم ليكوبوليس – أسيوط“. إضافة إلى ما تقدَّم، نُشِرَ عتب حجري لباب مدخل كنيسة العذراء الأثرية في مؤلَّف “موريس مارتان”
كنيسة تادرس المشرقي
وعلى بعد مائة متر تقريباً من كنيسة العذراء الكهفية الأثرية شمالاً، توجد الكنيسة الأثرية الثانية، والتي تُعرف بدير الأمير تادرس المشرقي. وبُنِيَت هذه الكنيسة داخل معبد مصري قديم منحوت في الصخر. وفي مُقدِّمة الكنيسة ”مخربش“ باللُّغة اليونانية لم يُنشَر بعد.
ويعلو مدخل الكنيسة الغربي عقْد نصف مُستدير,وبالقرب من مدخل بقايا هذا المعبد القديم، يوجد الهيكل الأول وحجرة جانبية له، حيث إنَّ بالكنيسة خورسَيْن، إضافة إلى الصحن الذي يمتدُّ من الشرق إلى الغرب.
حامل أيقونات الهياكل الشرقية الثلاثة
وبالجدار الغربي لخورس الهيكل ثلاث دخلات يعلوها عَقْد نصف مُستدير. ويتوسَّط هيكل الكنيسة المستطيل مذبح خشبي مربع الشكل. ويُعتَقَد أنَّ تحت مذبحها سرداباً أثريّاً استخدمه الآباء الأوائل في عصور الاضطهاد المختلفة لتخبئة القربان.
وفي شمال الكنيسة غرفة مساحتها 2.70 × 2.60م، يُعتَقَد أنها كانت مُخصَّصة للكاهن المسئول عن الطقس الكنسي. وفي الناحية الغربية من الكنيسة، يوجد حوض كبير كان يتم استخدامه غالباً كمغطس.
كنيسة مار قُلتة
وفي وسط قرية ريفا، شُيِّدَت كنيسة أثرية ثالثة كُرِّسَت لمار قُلتة الطبيب,وينخفض مستوى أرضيَّة هذه الكنيسة لأكثر من ثلاثة أمتار تقريباً عن مستوى أرضيَّة الشارع، مِمَّا يؤكِّد أنها كنيسة قديمة. وفي شرق الكنيسة، ثلاثة هياكل يرجع تاريخها إلى القرنَيْن السابع عشر والثامن عشر الميلاديَّيْن.
وبعض الأيقونات القديمة والحديثة تُزيِّن الجدران الداخلية للكنيسة التي يوجد في غربها بئر قديم وحوض لقان كبير دائري الشكل.
وقد أشار”تقي الدين المقريزي” إلى هذه الكنيسة، قائلاً: “وبناحية ريفة كنيسة “بوقُلته” الطبيب الراهب صاحب الأحوال العجيبة في مُداواة الرمدي من الناس, وله عيد يُعمَل بهذه الكنيسة”.
وأن “مارقلتة الطبيب” كان معروفاً بمعجــزاته وقدراته الفائقة في علاج المرضى المصابين بالرمد,كما كان يتم الاحتفال بعيده في كنيسته في قــرية ريفا.
وقد صورالقديس “مارقلتة” على بعض الأيقونات القبطية،كما ظهر أيضاً في زخارف بعض الرسومات الجــدارية التي تـزين الجـدران الداخلية لبعض الأبنية القبطية،في منتصف الجـدار الجنوبي لخــورس الكنيسة الرئيسية الأثرية للعذراء مريــم في دير السريان في وادي النطرون.
وعـــود السيد المسيح للأمير تادرس المشرقي
وقال القس أنطون معيـن,راعــي ديــرريفا:عن وعـــود السيد المسيح للأمير تادرس المشرقي: سلامى لك يا حبيبى تادرس وحبيب أبى الصالح ، هلم إلى أحضانى لتفرح معى ، وبما انك أكملت جهادك وحفظت إيمانى .. سوف تنال الأكليل الدائم والراحة الأبدية عوض ما نالك من أتعاب لأجل أسمى لأنك رفضت فرح العالم الزائل وأحببت نعيم الآخرة الدائم سوف يشاع أسمك من قبل العجائب فى كل الأرض – يا تادرس .. – من يكون فى ضيقة ويدعنى بإسمك أستجيب له سريعا وامنحه سؤال قلبه- من صنع رحمة بإسمك من اشباع الجياع وكساء العريان وقبول الغرباء، أطعمة من ثمر شجرة الحياة وفى هذا العالم لا يعوزه شئ – من يسمى إبنه بإسمك أحفظه من كل سوء – من يكتب ميمر جهادك وعجائبك ، اكتب اسمه فى سفر الحياة – من يبني كنيسة على اسمك ينال نعمة فى السماء – من يقدم قربانا فى يوم تذكارك أنا أسكنه بيعة الأبكار فى السماء – من كان مظلوما وطلب منى باسمك أنصفه سريعا – من كانت عاقرا وطلبت منى ان اعطيها نسل من اجل اسمك استجيب لها – من كان مريضا مرضا مستعصيا ويدعني باسمك أشفيه سريعا استجابة السيد المسيح لصلاة الأمير تادرس المشرقى قبل أستشهاده: السيد المسيح :”هل تريد أن أريحك من عذاب هذه المسامير؟” والأمير تادرس المشرقى :”كلا يا سيدي لكني اريد من تحننك ان تريحني من البقاء في هذا العالم الزائل ليت رحمتك تدركنى وكذلك جميع الذين في الشدائد ومن كتب خبر شهادتى وما نالني من العذاب , لأجل اسمك تكتب اسمه فى سفر الحياة ومن ينجب ولدا ويسميه كأسمى لينمو ويتبارك , السيد المسيح : ” جميع ما سألته يا حبيبى تواضروس يكون لك.
وذكر القس أنطون معين بان الديــر مفتوح للزيارة لكل محبين السيدة العذراء والأمير تادرس المشرقي بدير ريفا طوال أيام الأسبـــوع.
المصادر
– شيــريــن صادق الجندي:ورقة عمل بعنوان:المدخل الرئيسي لدير ريفا الجبلي قدمت بالمؤتمر العلمي الدولي الذي عقدته “مؤسسة القديس مرقس لدراسة التاريخ القبطي” في الفترة من 4 إلى 9 فبراير سنة 2013م.
– الصفحة الرسمية لدير العذراء والامير تادرس بريفا متاح على الرابط التالى: https://www.facebook.com/tadresderrifa