“تعد قضية الإساءة ضد الأطفال أحد أهم وأخطر القضايا المجتمعية ، وقد حظيت هذه القضية بالإهتمام والدراسة كون الأسرة هي ركيزة المجتمع، وأهم بنية فيه، والإساءة ضد الأطفال هو نمط من أنماط السلوك العدواني والذي يظهر فيه القوي سلطته وقوته على الضعيف لتسخيره في تحقيق أهدافه وأغراضه الخاصة مستخدمًا بذلك كل وسائل الإساءة، سواء كانت إساءة جسدية ، نفسية ، جنسيًا، اجتماعية، أوإقتصاديًة ، مما يترتب عليه أضرار جسدية، نفسية أو إجتماعية للأطفال المساء إليهم ، ولأسرهم وللمجتمع ككل ، الأمر الذي يهدد باستقرار المجتمع . ” هكذا قالت الكاتبة الصحفية والباحثة ميرفت عياد فى الرسالة التى تقع تحت عنوان “دور الكنيسة فى مواجهة الإساءة ضد الأطفال” والتى حصلت من خلالها على درجة الدكتوراه بتقدير “ممتاز” مع مرتبة الشرف من معهد الرعاية والتربية .
تمت مناقشة الرسالة للحصول على درجة الدكتوراه تحت رعاية قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثـــانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والرئيس الأعلى لمعهد الرعاية والتربية، ونيافة الحبر الجليل الأنبا موسى الأسقف العام للشباب ووكيل معهد الرعاية والتربية ، وتحت عناية الأستاذ الدكتور رسمى عبدالملك رستم المشرف على الدراسات العليا بمعهد الرعاية والتربية، تكونت لجنة المناقشة برئاسة الأستاذ الدكتور جمال شحاته حبيب أستاذ الخدمة الإجتماعية بجامعة حلـوان، رئيس قسم الاجتماع والتربية بمعهد الدراسات القبطية، وأستاذ بمعهد الرعاية والتربية والكليات الإكليريكية ، وعضوية كل من الأستاذ الدكتور بطرس حافظ بطرس أستاذ الصحة النفسية وعميد كلية التربية للطفولة المبكرة الأسبق جامعة القاهرة ورئيس قطاع الطفولة بالمجلس الأعلى للجامعات ، والأستاذ الدكتور عفاف عبد الفادي دانيال أستاذ علم النفس ورئيس قسم العلوم الإجتماعية بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة الفيوم ، وذلك بمدرج السيدة العذراء مريم بمعهد الرعاية والتربية.
الأبعاد الوقائية والعلاجية
جاءت الدراسة التي أشرف عليها كل من الأستاذ الدكتور جمال شحاته حبيب أستاذ الخدمة الإجتماعية بجامعة حلـوان، رئيس قسم الاجتماع والتربية بمعهد الدراسات القبطية، وأستاذ بمعهد الرعاية والتربية والكليات الإكليريكية، ودكتور وصفى حكيم لويـــــز خبير بمركز تطوير المناهج ، محاضر بالكلية الإكليريكية ، ومحاضر بمعهد الرعاية والتربية، في بابين وستة فصول على النحو التالي: الباب الأول الإطار النظري للدراسة ويشمل : الفصل الأول مشكلة الدراسة والذي يتناول مدخل إلى مشكلة الدراسة ، عرض وتحليل الدراسات السابقة، تحديد وصياغة مشكلة الدراسة، تساؤلات الدراسة، أهداف الدراسة، أهمية الدراسة، مصطلحات الدراسة. ويشتمل الفصل الثاني الذى يقع تحت عنوان الإساءة ضد الأطفال على : مفهوم الإساءة والعنف ضد الأطفال، النظريات المفسرة للعنف، مصادر الإساءة ضد الأطفال، أشكال وأنواع الإساءة ضد الأطفال، أسباب الإساءة ضد الأطفال، النتائج المترتبة على الإساءة ضد الأطفال .أما الفصل الثالث فيتناول الرؤية الكتابية والكنسية لمشكلة الإساءة ضد الأطفال من خلال عرض المفاهيم المسيحية التي تحض على تجنب الإساءة ضد الأطفال، والأبعاد الوقائية والعلاجية التي تتناولها الرؤية الكتابية والكنسية في مواجهة الإساءة ضد الأطفال.
الباب الثاني الإطار الميداني للدراسة ويشمل : الفصل الرابع الإجراءات المنهجية للدراسة ويحتوى على منهج البحث والأدوات المستخدمة ، و حدود البحث، ويعرض الفصل الخامس جداول الدراسة ويحللها من خلال النتائج الميدانية لعينة الخدام فى ضوء الإجابة على تساؤلاتها ، النتائج الميدانية لعينة المخدومين فى ضوء الإجابة على تساؤلاتها . ، ويأتي الفصل السادس والأخير ليستعرض نتائج الدراسة وتوصياتها
وتشير الكاتبة الصحفية ميرفت عياد إلى أن هذه الدراسة تنتمي بحكم موضوعها إلى نمط الدراسات الوصفية التي تعتمد على جمع الحقائق وتحليلها وتفسيرها لإستخلاص دلالتها من خلال الوصف الكمي والكيفي للموضوعات والمحاور التي تم تحديدها في الدراسة وذلك من خلال إستمارة إستبيان التي تم إعتماد صدقها وثباتها ، وتم إختيار العينة بالطريقة البسيطة من ثلاثة مناطق في شرق القاهرة تمثل كل منها نوع من أنواع المجتمع ” منخفض – متوسط – متقدم ” وتم إختيار ثلاث كنائس هم كنيسة الملاك ميخائيل والقوي الأنبا موسى بعزبة الهجانة ، كنيسة السيدة العذراء ومارمينا بمدينة نصر، كنيسة السيدة العذراء أرض الجولف .
تجريم الإساءة ضد الأطفال
وعن الرسالة تقول الكاتبة الصحفية والباحثة ميرفت عياد : يقع على الأسرة دور كبير في المجتمع باعتبارها مؤسسة تربوية أساسية في البيئة الاجتماعية، ولكي تحقق أهدافها في مواجهة الإساءة ضد الأطفال ، يجب إنشاء مراكز للتوجيه والإرشاد الأسري لتقديم الإستشارات الأسرية والتوجيه والإرشاد النفسي والعلاجي لكافة أفراد الأسرة من أجل أن تتحقق الوقاية والمعالجة معًا نحو الإساءة ضد الأطفال. وإزاء المخاطر الكبيرة التي تسببها قضية إستغلال الأطفال والإساءة إليهم ، فإن المجتمع الدولي والمحلى قد إستنفر لمحاربة هذه الظاهرة والقضاء عيها ، من خلال إبرام العديد من الإتفاقيات الدولية ، وكذلك المضي قدمًا في سن القوانين الوطنية على المستوى الداخلي لكل دولة من أجل تجريم مختلف صور إستغلال الأطفال والإساءة إليهم.
منابع الإساءة ضد الأطفال
وتوضح الكاتبة الصحفية والباحثة ميرفت عياد ان هذه الدراسة تهدف إلى التعرف على منابع الإساءة ضد الأطفال ورصد مظاهرها ونتائجها وتحليلها وتفسيرها ، وتحديد الدور الذى يجب ان تؤديه الكنيسة سواء للوقاية أو العلاج ، ومن منطلق هذا يمكن صياغة مشكلة الدراسة فى تساؤل رئيسى : ما مظاهر وأسباب الإساءة ضد الأطفال ، وإلى أى مدى تسعى الكنيسة للتعامل مع هذه الإساءة، وما التصور المقترح لمواجهة هذه المشكلة ؟ وينبثق من هذا التساؤل العديد من التساؤلات الفرعية وهى: ما أسباب الإساءة ضد الأطفال في الأسرة المسيحية؟ ما مظاهر الإساءة ضد الأطفال في الأسرة المسيحية؟ ما نتائج الإساءة ضد الأطفال؟ ما الدور الحالي للكنيسة في التعامل مع مشكلة الإساءة ضد الأطفال لحماية ابنائها من الإنحرافات الروحية والأخلاقية ؟ ما الدور المقترح للكنيسة لمواجهة الإساءة ضد الأطفال؟
الآثار السلبية للإساءة ضد الأطفال
وتكشف الكاتبة الصحفية ميرفت عياد عن أن أهمية هذه الدراسة تنبع من إهتمام الدولة بحقوق الطفل على المستوى المؤسسي ويتمثل ذلك في إنشاء المجلس القومي للأمومة والطفولة فضلًا عن العديد من مؤسسات المجتمع المدني، ومن هنا تأتي أهمية الكنيسة كمؤسسة دينية منوط بها حماية أولادها من كافة أشكال الإساءة ، كما أن هذه الدراسة تعد أول دراسة تقوم برصد و بحث دور الكنيسة في مواجهة مشكلة الإساءة ضد الأطفال سواء بالوقاية أو العلاج خاصة فى ظل زيادة عدد الأطفال المساء إليهم وعدم تقديم أوجه الرعاية لهم، من هنا تأتي أهمية رصد مظاهر الإساءة ضد الأطفال فى الأسرة وتحليلها والتعامل معها ، هذا إلى جانب إلقاء الضوء على الآثار السلبية للإساءة ضد الأطفال، وتنمية الوعي الأسري بمخاطر الإساءة ضد الأطفال ، ومن هنا تأتي أهمية الإستفادة من البرنامج المقترح في الدراسة لمواجهة مشكلة الإساءة ضد الأطفال. والإستفادة من نتائج الدراسة في وضع برامج كنسية لوقاية الأطفال من الإساءة ، وهكذا تشارك الكنيسة بصورة فعالة في مواجهة المشكلة سواء بالوقاية أو العلاج.
برامج التأهيل النفسى والاجتماعى
وتكشف الباحثة ميرفت عياد عن أن هناك العديد من التوصيات التى أنتهت اليها الدراسة منها : عقد دورات وندوات منخصصة لإعداد المخطوبين والمتزوجين حديثًا بمنهج علمي موحد، الإهتمام بالإفتقاد المنزلي لإكتشاف الخلافات الأسرية قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى الإساءة ضد الأطفال، إنشاء شبكة دعم اجتماعى للأسر التي تعاني من العزلة الاجتماعية والوحدة، الإهتمام بتنمية الأسر الفقيرة إقتصاديًا حتى لا تقع الأطفال ضحايا للعمل لتوفير مصدر رزق الأسرة، هذا إلى جانب، التأكد من السلامة النفسية للمتقدمين إلى الإرتباط حيث أنهم سيكونون اباء المستقبل وذلك من خلال دكاترة متخصصة وإعطاء تقارير وافية .
كما توصي الرسالة بالتوسع في إنشاء لجان لعلاج الخلافات الأسرية التي تصل إلى مرحلة الإنفصال لحماية الأطفال من تأثيرها السلبي، تقديم العلاج الطبى للأطفال المساء إليهم ، وتأهيل الضحايا للتغلب على الإعاقات الجسدية الناجمة عن الإساءة إليهم .توفير برامج متخصصة للتأهيل النفسي والاجتماعي والروحي للأطفال المساء إليهم .توفير برامج متخصصة للعلاج النفسي والاجتماعي والروحي للاباء المسيئين إلى الأطفال .توفير برامج لعلاج الاباء المتعاطين للمخدرات لحماية الأبناء من كافة أشكال الإساءة إليهم.
وتوصى الرسالة بالاستفادة من التكنولوجيا عن طريق تخصيص مواقع على الإنترنت بها موضوعات عن أسباب ومظاهر ونتائج الإساءة ضد الأطفال. إعداد أفلام قصيرة تكشف أسباب ومظاهر ونتائج الإساءة ضد الأطفال ، إعداد بعض الكتيبات للتعريف بخطورة الإساءة ضد الأطفال على الطفل والأسرة والمجتمع ، إنشاء قاعدة بيانات تتضمن إحصاءات دقيقة مصنفة ومبوبة بحسب حالات الإساءة ضد الأطفال، إنشاء خطوط هاتف ساخنة يتم من خلالها تقديم طلبات الإستغاثة من الإساءة ضد الأطفال،ومن هنا يسهل دراسة كل حالة على حدة ومعرفة أسباب الإساءة ضد الأطفال لمعالجتها .
وتطالب الدراسة بإجراء مزيد من البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية على مرتكبي جرائم الإساءة ضد الأطفال ، وإجراء المزيد من البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية على الأطفال المساء إليهم وإلقاء الضوء على الآثار الخطيرة المترتبة على ضحايا هذه الحوادث.، ضمان المساءلة الفعالة لمرتكبي الإساءة ضد الأطفال لأن غياب المساءلة يزيد من تمادي مرتكبِ الإساءة .
فى النهاية تؤكد الكاتبة الصحفية والباحثة ميرفت عياد على أن الإساءة ضد الأطفال أصبحت منتشرة بأشكال ومستويات متنوعة ، ففي الوقت الراهن كثيرا ما تُطالعنا الصحافة بأخبار حوادث ضرب وإنتقام وقتل للأطفال من قبل الاباء، وما ينشر في الإعلام يُغطي نسبة قليلة من الحوادث، فالإساءة ضد الأطفال مشكلة غير قاصرة على بلد معين أو طبقة إجتماعية أو إقتصادية ولكنها مشكلة عامة.
ومن الجدير بالذكر ان “ميرفت عياد” كاتبة صحفية بجريدة وطنى الأسبوعية والبوابة الإلكترونية ، حاصلة على ماجستير فى الإرشاد الأسري من معهد الرعاية والتربية ، ماجستير مصغر فى إدارة الأعمال والتنمية البشرية من جامعة ادمور الأمريكية ، دبلومة اخصائي نفسي وأسري من جامعة عين شمس، والعديد من الدبلومات المتخصصة فى تعديل السلوك، الإرشاد النفسي، التحليل النفسي، أنماط الشخصية ، والذكاء العاطفي ، كما صدر لها ديوانين شعر يقع أحدهما تحت عنوان ” دموع المحار” ، والاخر يقع تحت عنوان ” سندباد أحلامي”.