تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم 4 من الشهر المبارك توت من سنة 344م بتذكار نياحة القديسة الكارزة عروس المسيح الطاهرة معلمة النظافة القديسة ڤيرينا.
وُلِدَت هذه القديسة في أسرة قبطية في قرية جاراجوس بإقليم طيبة بالصعيد العلى واسم ڤيرينا يعني ( ثمرة طيبة ).
نالت المعمودية على يد أسقف قديس يُدعى شيرامون أسقف مدينة نيلوس وهو الذي أشرف على تعليمها ونشأتها الدينية فتعلمت الصلاة ونمت في النعمة والقامة حتى صارت شابة هادئة وكانت والدتها تباشر صناعة ملابس خدمة الكهنوت. وكان عدد كبير من المسيحيين في ذلك الوقت يجاهرون بإيمانهم ضد الرومان وينالون إكليل الشهادة. وكانت ڤيرينا أيضاً تشتاق إلى أن تنال نصيبها من الاضطهاد والاستشهاد وكانت تزور المحبوسين من المسيحيين وتقدم لهم ما يحتاجونه.
وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس 284 – 305 ذاع صيت الكتيبة الطيبية التي كان على رأسها القائد موريس الشجاع التقي الذي كان من مدينة طيبة. أصدر الإمبراطور أوامره بترحيل فرقة القديس موريس إلى غرب أوربا لمساعدة الإمبراطور مكسيميانوس ولإخماد ثورة شعب الباجور بجنوب شرق فرنسا. وقد رافقت القديسة ڤيرينا والقديسة ريجولا والقديس ڤيكتور والقديس فيلكس هذه الحملة إلى غرب أوروبا.
واصطف جميع فصائل الكتيبة وكان عددهم ستة آلاف وستمائة وعلى رأسهم القائد موريس ومعه كبار الضباط المعاونين له وخلف الجميع وقفت القديسة ڤيرينا انتظاراً لتحرك الكتيبة لإخماد ثورة شعب الباجور.
وطلب الإمبراطور مكسيميانوس من الكتيبة تقديم البخور للآلهة الوثنية فرفض الجميع فأمر بقطع رؤوسهم جميعاً ونالوا إكليل الشهادة وعلى رأسهم القديس موريس. وأما القديسة ڤيرينا فبدأت سيرها نحو الشمال وعبرت جبال الألب في سويسرا واعتكفت في كهف ضيق في شمال سويسرا مع مجموعة من العذارى وكانت ڤيرينا تجيد حياكة الملابس وتطريزها.
وبدأت القديسة تتعلم لغتهم حتى أجادتها، وقدمت معرفتها بالتمريض وعلاج الأمراض عن طريق الأعشاب الطبيعية، وكانت القديسة كالمنارة تضيء لمن حولها واعتبروها أماً لجميع العذارى.
وكرست القديسة حياتها لله في خدمة الفقراء الذين حرصت أن تقدم لهم الطعام والعناية بالمرضى والعناية بالنظافة والاهتمام بالمظهر العام. واستمرت في جهادها وصلاتها رغم مرضها وضعف جسدها وكانت حياتها مزيجاً من الخدمة مع الاعتكاف للعبادة والتأمل.
وعندما حان وقت رحيلها عن العالم ظهرت لها القديسة العذراء مريم ومعها بعض العذارى في قلايتها وبشرتها ببركات الحياة الأبدية ونعيم الفردوس، فقامت القديسة ڤيرينا من سريرها وقالت كيف أستحق أن تأتي أم ربي وإلهي إلى خادمتها؟ فقالت لها والدة الإله لكي أكافئك على أمانتك التي خدمتي بها ربك واتبعيني مع هؤلاء وافرحي معهم إلى الأبد. وامتلأت القلاية من رائحة البخور وانتقلت إلى السماء وتُعيِّد لها الكنيسة في مثل هذا اليوم.
وقد استلم قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك المائة والسابع عشر من بطاركة الكرازة المرقسية جزء من رفات القديسة ڤيرينا الموجود بكنيستها بتسورتساخ بسويسرا.