احتفلت مختلف مدن إقليم كردستان في العراق، خاصة العاصمة الثقافية، السليمانية، بليلة يلدا، وتعني باللغة السريانية الولادة، وتقع في يوم الحادي والعشرين من ديسمبر، حيث نظم في قصر الفن في المدينة مهرجان فني وغنائي حاشد امتد لساعات متأخرة من الليل في تقليد كردي موغل في القدم.
وتدشن يلدا كأطول ليلة في السنة، قدوم فصل الشتاء وبدء العد العكسي لحلول فصل الربيع بما يحمله من معاني الفرح والصفاء والضياء والتجدد.
وتحتل هذه الليلة في الميثولوجيات الخاصة بالشعوب وثقافاتها المتعددة، ومنها الكرد، مكانة تكاد تكون مقدسة كونها ليلة ميلاد النهار والشمس، وانتصار الخير والنور على الشر والظلام، بحسب المعتقدات القديمة. ويبقى الثابت على مر العصور أنها ليلة ملؤها الاحتفال والغناء والرقص والمرح والتفاؤل وتلاوة الأشعار وسرد القصص والسهر حد ساعات الفجر الأولى، حيث تجتمع في كردستان العائلات وفق طقوس أشبه ما تكون بطقوس الأعياد، لتبدأ جلسات السمر والقيل والقال وحديث الذكريات والموائد الشعبية الخاصة بهذه الليلة الباردة طقسا، لكن اللاهبة تواصلا وتسامرا وكسرا لروتين ليالي الشتاء الباردة والكئيبة.
ويقول زينو عبد الله، الأستاذ في كلية اللغات في جامعة السليمانية، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: «في المناطق الكردستانية الخاضعة للدولة العثمانية، تم حظر ومنع هذا الاحتفال تحت ستار الدين لكن الهدف كان يندرج حقيقة في سياق سلخ الكرد عن ثقافتهم وهويتهم وتقاليدهم التاريخية».
ويضيف: «لهذا الاحتفال خلفية تاريخية وثقافية ترتكز إلى الزرادشتية التي كان يتم وفقها إحياء هذه الليلة وتقديرها من زاوية تغلب النور على الظلام، حيث يعود النهار اعتبارا من هذه الليلة كي يطغى يوما بعد يوم على الليل، قاضما من ساعاته لصالح نور الشمس».
ويضيف: «لطالما انعكست هذه الليلة في قصائد وأشعار وكتابات الشعراء والأدباء الكرد كونها من المناسبات الرئيسية التي يحتفل بها الشعب الكردي».
ويذكر أن معظم شعوب الأرض في مشارقها ومغاربها من المكسيك إلى الدنمارك وصولا للصين.. تحتفي كل على طريقته بهذه المناسبة وبدء الانقلاب الشتوي الذي يقود في المحصلة إلى الربيع والشمس وما يعدان به ويحملانه من طاقة ايجابية وجمالية تبدد وجوم البرد والظلام الدامس والشتاء حيث غضب الطبيعة العاصف.