أنهى النحات المصري أحمد عبدالكريم عبدالنبي، تمثاله «مصر تنهض» الذى أثار منذ شهور ضجة إعلامية كبيرة، وقام بنشر صور له على وسائل التواصل الاجتماعي في شكله النهائي، معربا عن أمله في عرض التمثال بأحد الميادين العامة بعد أن خرج في صورة قال إنها «تليق باسم العمل».
وقال عبد الكريم في حديث خاص لـ»سكاي نيوز عربية»: «لقد أنهيت تمثال مصر تنهض، بعد أن استغرق مدة تجاوزت شهرين كاملين، وأصبح العمل الفني مكتملا بشكل يختلف عما سبق ونشرته مواقع التواصل الاجتماعي».
اغتيال معنوي
ونشر عبد الكريم صورا للتمثال بعد اكتماله، مؤكدا :»رغم ما أثارته مواقع التواصل الاجتماعي من ضجة حول العمل، حين تم بث صور للتمثال في صورته الأولية، إلا أنني صممت على إتمام العمل، كنوع من التحدي، ورغبتي في أن يخرج العمل بصورة تليق باسم العمل (مصر تنهض)».
وقال النحات المصري: «حين نشر البعض صورا للتمثال قبل استكماله تعرضت لظلم، واغتيال معنوي، لاسيما بعد أن وجه العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إساءات لأسرتي ولتاريخي الفني».
ورغم ذلك يشير «عبد الكريم» إلى أنه تقبل الانتقادات بصدر رحب واستفاد من بعضها، علاوة على تواصله الشخصي مع عدد من النحاتين لتوجيهه في أمور عديدة مهمة ومفيدة لإنجاز التمثال.
ويقول النحات المصري إنه راعى عدة ملاحظات لإنجاز العمل النحتي؛ أبرزها، نحت تقاسيم العمل بشكل منضبط، مع الحفاظ على النسب الهندسية والأبعاد بشكل متناسق ومتساوي.
قدرة على الصمود والتحدي
بعد خروج العمل (مصر تنهض) في صورته النهائية، تحولت الإساءات إلى إشادة بالعمل، حيث تلقى النحات اتصالات هاتفية عديدة من نحاتين وغيرهم تشيد بالعمل، في الوقت الذي أعرب فيه عدد من رواد مواقع التواصل عن إعجابهم بقدرته على الصمود، وإنجاز العمل رغم ما تعرض له.
وحول الرسالة التي يحملها تمثاله في صورته النهائية، قال المثَّال المصري إنه صمم «التمثال لإبراز قدرة مصر على التخلص من العوائق التي تكبل حركتها وتعوق مسيرتها إلى الأمام»، مشيرا إلى أن الأزميل والمطرقة في التمثال ترمز إلى تحطيم الحواجز والعوائق التي تمنع مصر من الانطلاق.
وأراد النحات المصري أن يُجسد من خلال التمثال المصنوع من الرخام صورة امرأة عصرية قوية، برأس ملتوية تنظر لأعلى، وقد تم وضعها مكبلة في كتلة صلبة بما يوحي بقرب الانطلاق إلى المستقبل، بحسب تعبير عبد الكريم.
وبشأن مدى قبوله عن العمل، قال: «لن أقول إن العمل كامل، فالكمال لله وحده، لكنني راض عنه بشكل كبير، بعد أن عبر عن رؤيتي الفنية».
وأعرب عبد الكريم عن أمنيته أن يتواجد تمثال (مصر تنهض) بأحد الميادين العامة.
إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه
لكن كسابقه، تعرض تمثال (مصر تنهض) في شكله النهائي أيضا لهجوم حاد من فنانين تشكيليين.
وفي تقييمه ورؤيته للعمل بعد اكتماله، قال الفنان التشكيلي والمُصمم المصري حلمي التوني في حديث خاص لـ»سكاي نيوز عربية»: « أثار العمل غضبي وحزني؛ لأن ما حدث محاولة يائسة بائسة لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه، وإساءة لفن النحت، الذي علمه المصريون للعالم».
وأضاف: «العمل غير موفق، ويبدو أن النقد اللاذع للعمل في صورته الأولية، أفقد صاحب التمثال توازنه فانتقل من الأسلوب العصري الحداثي المزعوم إلى التقليدية الواقعية الركيكة».
مواطن الخلل الفنية
واستعرض «التوني» مواطن الخلل الفنية في العمل بعد اكتماله، قائلا: «هناك أخطاء فنية واضحة وركاكة بالغة؛ ومن شواهدها، قيام السيدة المسكينة في التمثال (التي ترمز لمصر) بالإمساك بمادة مصنوعة من مادة مخالفة للتمثال، وتتمثل في الأزميل والمطرقة».
وتابع: «من الأخطاء الفنية أيضا؛ في الجزء الغاطس للسيدة في الأرض، جرى استخدام لون مختلف عن باقي التمثال، وهو من الأمور الخاطئة في العمل النحتي أن يكون هناك جزء ملون وآخر لا؛ لذا فهو أمر يفوق الوصف».
وأضاف: «بتشريح يد السيدة، فاليد في المحاولة الأولى قبل استكمال التمثال كانت تكعبية مبسطة عبارة عن أسطح هندسية، لكن في العمل بصورته النهائية بدت اليد أقرب من الأكاديمية والطبيعية، بشكل ضعيفة جدا وكأن اليد ملتصقة بالتمثال».
وأبرز: «كما ضاعت المساحات الهندسية، وخرجت النسب التشريحية غير منضبطة وغير متساوية؛ فكتف السيدة وجسدها غير متناسب مع رأسها»، وفقا للتوني.
كما انتقد «التوني» صاحب المشروع التشكيلي الممتد لنحو 41 عاما إطلاق اسم (مصر تنهض) على العمل قائلا: «اسم (مصر تنهض)، يذكر الجميع بتمثال نهضة مصر للنحات العظيم محمود مختار، وهي مقارنة قاسية».
العمل لا يليق بمصر
وأردف: «العمل لا يليق باسم مصر، أو النهضة، ويحمل إساءة لبلد النحت، حيث أساء إلى ماكان يريد أن يمدحه ويشيد به».
وحول إصرار المثال المصري على استكمال عمله النحتي، قال التوني: «كان يجب إعادة النظر في العمل كله، والبدء في عمل نحتي آخر، لأن ما حدث هو محاولة لإحياء ميت»، على حد وصفه.
واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر منذ 4 شهور، موجة من الغضب، بعد نشر النحات أحمد عبدالكريم، صورا لتمثال اختار له اسم «مصر تنهض»، لاسيما بعد أن ربط البعض بين اسمه، وبين تمثال «نهضة مصر» للنحات العالمي محمود مُختار، رائد فن النحت في الحركة التشكيلية المصرية.
لكن النحات المصري دافع في وقتها، عن عمله النحتي الذي انتشرت صوره، قائلا إنه «تجربة شخصية لم تكتمل بعد من التشكيل الفني الذي أسعى لتحقيقه، وللأسف جرى استغلاله للإساءة لكل ما هو جميل».
وفي بيان أصدره النحات أحمد عبدالكريم، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، في وقت سابق، قال إن العمل النحتي: «لم تكلفه به أي جهة رسمية وزارة كانت أو كلية أو يخص الدولة بأي صلة، بل استغله البعض للإساءة إلى كل جميل، ولتحقيق أغراض شخصية والإساءة لها والتي لها كل الاحترام و حتي الاساءة لمصر و لصورتها وسابقة أعمالها الفنية العظيمة «، بحسب تعبيره.