الرئيسيةأخبار الكنيسةالبابا تواضروس يفتتح المنتدى الدولي بعنوان “الكتاب المقدس القبطي”

البابا تواضروس يفتتح المنتدى الدولي بعنوان “الكتاب المقدس القبطي”



بدأت مساء اليوم الجلسة الإفتتاحية للمنتدى الدولي العاشر لمؤسسة “مارمرقس للتراث القبطي” بعنوان “الكتاب المقدس القبطي”، في المقر الباباوي “لوجوس” بدير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، وذلك تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا بافلي.
 

 
واستهل فيها قداسة البابا تواضروس كلمته مرحباً بالحضور، وذكر المهندس عماد صبحي الذي شيد المبني الذي يتم فيه المؤتمر اليوم، وقد جاهد الجهاد الحسن على الأرض في عمله وخدمته ودراسته وتوفي قبل افتتاح القاعة التي نجلس فيها الأن.
وتكلم قداسته باختصار عن مركز لوجوس الذي انشئ عام 2016، بهدف نشر التنوير والثقافة بصفة عامة بكل فروعها والحوار مع الكنائس الأخرى بمختلف طوائفها وكذلك قيادات الكنيسة القبطية والمجمع المقدس الهدف الثالث هو التعليم.. وخلال ما يقرب من السبع السنوات تمت في هذا المكان عدة زيارات ولقاءات منهم مؤتمر الجمعية العامة لكنائس الشرق الأوسط، وتقابل معنا الكاردينال نائب البابا الفاتيكان هنا عدة مرات وبعض المؤتمرات التي تتناول موضوعات عن القديس مامرقس مثل الكنائس الأنجليكانية، وكذلك لقاءات بين الكنائس الأرثوذكسية والأرمنية والسريانية ونستضيف كثيراً أيضا آباء من الأساقفة والرهبان والقساوسة من الكنيسة الروسية، فهو واجهة الكنيسة القبطية أمام العالم، واليوم أرحب بكم في مؤتمركم هنا اليوم في هذا المكان.
ونحن موجودين هنا في أرض تتمتع بتراث من القرن الرابع الميلادي، منطقة الإسقيط – منطقة وادي النطرون – وهذه المنطقة من أشهر المناطق الرهبانية على مستوى العالم، وسميت المنطقة بالإسقيط نسبة لجماعة النسك ويتعلم فيها الإنسان النسك والزهد والحياة الرهبانية.
ومن هنا نجد التاريخ والتراث القديم من القرن الرابع بجوار الجزء الحديث في هذا المركز لنتواجد فيه مع التعليم ومع الدراسات ومع الثقافات بصفة عامة.
وتكلم قداسة البابا عن هذا المؤتمر الذي عنوانه الكتاب المقدسة القبطي، قائلاً: أتكلم على ثلاثة عناصر وهم الكتاب المقدس، واللغة القبطية والمخطوطات التي ستتناولوها في أبحاثكم.
أولاً الكتاب المقدس هو كتاب حياة قبل أن يكون دراسة وقبل أن يكون تحقيق لدراسات قديمة وكتابات ولغات متعددة، وهو كتاب خلاص.. فكما قال السيد المسيح: “الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة” فهو كلام الروح لروح الإنسان، وباعتبار أن الإنسان هو خلقة يد الله والله أعطى الإنسان أن يكون كائن عاقل له عقل يفكر وكائن حر له يد تعمل وتبدع وأعطاه أيضا قلب يشعر وهذا القلب هو مكان اللقاء بين الإنسان والله..
ولذلك نجد الوصية التي تقول: “يا إبني اعطني قلبك”.. نحن يمكننا معرفة الإنسان من خلال أعماله وأبحتاثه ومن خلال علمه وابداعاته من خلال إيديه ولكن الحقيقة أن كل إنسان عنده قلب لا يراه إلا الله، وهذه نقطة جوهرية جداً لأن الإنسان فينا بعد أن تنتهي حياته على الأرض يتواجد أمام الله ويقدم قلبه أمام الله ليفحصه، فهذا هو المستوى الذي يقيس به الله حياة كل إنسان.. ولذلك وأنتم تدرسون في الكتاب المقدس نحن ندرس ونحاول فهمه أكثر و أكثر لا يجب أن ننسى أننا ندرس في كتاب حياة الإنسان، فكلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى النفس ومميزة لأفكار القلب. أينما تتعامل مع مادة الكتاب المقدس فأنت تتعامل مع مادة الحياة، وليس أحسن أن الوصية تقول: “فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح” فهي الأية الوحيدة التي تبدأ بكلمة “فقط”.. أثناء دراساتكم الجليلة وأبحاثكم العظيمة تذكروا أن هذه الكلمة أساساً من أجل حياتكم الشخصية ومن أجل خلاصك ومن أجل معرفة معنى وجودك على الأرض.. فيكون كل واحد منا رسالة على هذه الأرض.
يؤديها فيكون له نصيب في السماء، فإن تخلى عن رسالته وانشغل بأمور أخرى ليس لها قيمة أو قيمتها كقيمة التراب فتكون النتيجة ليس له مكان في السماء.. إذا الجزء الأول الكتاب المقدس كتاب حياة..
أما الجزء الثاني هي اللغة القبطية وهي لغة حياة أيضا، فكما نعرفها كلنا هي لغة دراسية ودقيقة في أفعالها وفي أزمانها وفي تركيب الجمل والعبارات فيها، وهي أيضا لغة صلاة ولذلك من الأفعال الأولى التي توجد فيها فعل “اشليل” أي “صلي”، مثل اللغة العربية من الأفعال الأولى فيها “زرع” لأنها لغة زراعية، وهكذا أحيانا اللغات يرمز لها بأفعالها الأولى – الأفعال البسيطة فيها التي تشرح طبيعة اللغة. فاللغة القبطية هي لغة صلاة وهي لغة حياة، ومن اللهجات التي نعرفها هي الصعيدي أو البحيرية أو الفيومية.. كلها لهجات ستجدوها في المخطوطات القديمة التي تستخدموها في أبحاثكم. هذه اللغة هي لغة حياة أيضا ومازالت كلماتها تعيش وسطنا ونستخدمها ونتكلم بها، وبصفة عامة هذه اللغة تكشف غنى عن طبيعة الحياة الخاصة بالأقباط عبر عصور كثيرة من القرن الرابع الميلادي حتى يومنا هذا. أما مكتبة هذه اللغة عندما نراها في الإنجيل فهذه تكون فائدة مضاعفة، فإذا كان الكتاب هو كتاب حياة فاللغة هي لغة حياة أيضا وعند دراسة الإثنين الكتاب المقدس القبطي تكون بركة عظيمة تقدم من خلال منشورات دراساتكم بيد مؤسسة مارمرقس.
والجزء الثالث هو المخطوطات، فالمخطوطات هي تسجيل للحياة، من وجهات نظر كثيرة، سواء في الحياة العامة أو في الحياة الكنسية بكل مفرداتها أو في حياة العبادة من خلال الكتاب المقدس ومن خلال الدراسة المتعمقة.
موضوع المخطوطات موضوع ضخم وواسع للغاية، وفي الحقيقة مجهود مؤسسة مارمرقس في عملية توثيق المخطوطات وتسجيلها وتصنيفها وإتاحتها على شبكة الانترنت لمساعدة الباحثين والدارسين، هو مجهود طيب.
ونحن هنا في لوجوس أنشأنا المكتبة البابوية المركزية، وتعتبر مع الأيام أكبر مكتبة قبطية في العالم ونحاول ضم فيها كل شئ ممكن، وحتى نتمنى أن تمتد عمرانياً أكثر. المخطوطات موجودة في كل كنائسنا وفي البطريركية وبجهود كبيرة نحاول تجميع كل تلك المخطوطات ونعمل منها نسخ وتصنيف وأرشفة، غير الترميم والصيانة فهذا مجال آخر تماماً.
وكثيراً ما نحاول عمل شراكة بين الهيئات هنا لصيانة وترميم المخطوطات مع مكتبة الإسكندرية ودير مارمينا بالمريوطية، والعمل أيضا يتطلب منكم دارسين وباحثين في هذا الأمر ليكونوا مخلصين لهذه المخطوطات، لأن هذه المخطوطات تم كتابتها بالدم والدموع والعرق، والدموع هنا هي دموع الصبر والصلاة وطول الأناة.
إذا هذا المنتدى يجمع هذه المعاني الثلاثة: كتاب الحياة – الكتاب المقدسة ولغة الحياة – اللغة القبطية وتسجيل للحياة من العصور المختلفة من خلال المخطوطات.
 

 
 

 
ومن جانبه تكلم سكرتير المنتدى الدكتور هاني تكلا، عن تاريخ مؤسسة مارمرقس وكيف كان ويظل هدفها الحفاظ على التراث القبطي وتوثيقه من خلال المنتديات والمطبوعات سواء للباحثين الأجانب أو المصريين.
وعرض بعض الصور من عام 2015 في دير مارمينا بالمريوطية، حيث كان أحد المنتديات هناك، رجع بالذكريات لعام 1997 حينما اتصل به الدكتور فوزي اسطفانوس وتكلم معه عن قبمة التراث القبطي وأنه عازم على إنشاء مؤسسة قبطية لحفظ التراث القبطي وتسجيل تاريخ الكنيسة، وتم هذا في عهد قداستة البابا شنودة الثالث، وفي 1999 في لوس أنجلوس دعوت الدكتور فوزي لحضور مؤتمرنا الثاني، وقام وقتها الدكتور جودت جبرة وقال: نحتاج أن ندرس المسيحية في مصر بحسب التوزيع الجغرافي (في الإيبارشيات المختلفة) ومن هنا تحرك الدكتور فوزي معه وفي عام 2000 تقابلوا مع باحثين كثيرين، وبدأوا بعمل منتديات بوادي النطرون ثم الفيوم ثم سوهاج ثم نقادة ثم أسوان ثم أسيوط ثم مارمينا ثم أخر كتاب كان الإسكندرية والدلتا.كل هذا المجهود تم طباعته واحدا بعد الاخر في مجلدات.
وبعدها فكر الدكتور جودت جبرة أن نتناول التراث القبطي من زواية مختلفة من خلال منتديات للنقاش، فبدأ بكتاب عن الأدب القبطي عام 2019، ثم القادم سيكون الإنجيل القبطي ويأتي بعده القداس القبطي ثم التاريخ القبطي.
 

 

 
ومن هنا قدمت الدكتورة فيرا سعد التاريخ الحديث منذ عام 2015 حيث أوضح أن في هذا العام وافق قداسة البابا تواضروس الثاني ليترأس مجلس أمناء مؤسسة مارمرقس. وتزامن هذا مع تصحيح أوضاع المؤسسة للتوافق مع قوانين الحكومة المصرية ومتطلبات وزارة التضامن.
وفي عام 2019 تم تكليف المؤسسة من قبل قداسة البابا تواضروس الثاني لتكون المؤسسة المكلفة لحفظ التراث القبطي وتوثيقه. وقرأت سعد على الحضور أمر تكليف رأس الكنيسة للمؤسسة لحفط التراث..
وبالتالي تم وضع خطة جديدة للمؤسسة تنقسم إلى ثلاثة محاور، محور الدراسات القبطية، محور الحفاظ على التراث ومحور التوعية العامة للمجتمع. وتم شرح كل محور بالتفصيل وما الأهداف التي تأمل المؤسسة في تحقيقها من كل محور.
وأشارت الدكتورة فيرا سعد على الهيئات والمؤسسات الدولية التي تعاونت مع مؤسسة مارمرقس لتحقيق أهدافها وتكلمت عن المطبوعات التي وصل عددها إلى 27 مطبوع وكذلك ذكرت المنتديات التي تتبنى الباحثين الشباب في أولى خبراتهم، وأغلب المطبوعات تمت في مطابع الجامعة الأمريكية.
وتكلمت أيضا عن مشروع توثيق الكنائس، حيث بدأ بتصوير 41 كنيسة ودير، ولكن المشروع أكبر بكثير لأنه يهدف إلى توثيق تاريخي وهندسي وتوثيق كل تراث أثري موجود بتلك الكنائس من أيقونات ومخطوطات وكنوز موجودة بها.
وهناك مشروع بالشراكة مع مركز الدراسات الأمريكي بمصر، حول مشروع إعادة تحديث قاعدة البيانات الموجودة لديهم لتوثيق الأيقونات القبطية، وإتاحة هذه القاعدة البيانية للجميع الكترونياً.
 

 

 
والجدير بالذكر أن المنتدى يستمر حتى الخميس 2 فبراير، وخلال المنتدى تقدم 30 ورقة بحثية تتناول زوايا مختلفة متخصصة في إطار عنوان المنتدى، هذه الأوراق البحثية تقدم من قبل باحثين أثرية أجانب ومصريين.
ويذكر أن أعضاء المنتدى قاموا بزيارة دير أبو مقار بوادي النطرون وشاهدوا مكتبة المخطوطات الأثرية الموجودة به صباح اليوم. ومن المنتظر أثناء رحلة العودة زيارة القسم القبطي الجديد في المتحف المصري بالتحرير، والكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بالإضافة إلى جولة بالأنافورا للإستمتاع بالطبيعة والمناظر التي تضفي روحانية وسلام للزوار.
 

Most Popular

Recent Comments