على مدار أيام عكف الخبير الفرنسي في مجال تصنيع الساعات فرانسوا سيمون، على الصعود إلى الطابق الرابع في برج مسجد محمد علي في قلعة القاهرة، لفحص الساعة الدقاقة التي تعود صناعتها إلى عام 1845، في مهمة صعبة تهدف إلى إعادة تشغيلها مرة أخرى.
بدقة شديدة انهمك سيمون في عمله وسط عقارب الساعة الأثرية والماكينة الخاصة بها، يأمل في التوصل لأسباب العطل بعد تاريخ الإصلاحات التي انتهت بالفشل خلال أزمنة سابقة، وفقا لحديث رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أسامة طلعت لموقع «سكاي نيوز عربية».
والأسبوع الماضي أرسلت فرنسا سيمون، أحد أبرز خبراء تصنيع الساعات لديها، بناء على طلب من وزارة السياحة والآثار المصرية، لفحص الساعة المهداة من ملك فرنسا حينذاك لويس فليب إلى مصر في عهد محمد علي باشا منذ 175 عاما.
رداً على طلب وزارة السياحة والأثار، ترسل فرنسا السيد/ فرانسوا سيمون-فوستييه، الخبير في مجال تصنيع الساعات ?️ ، لفحص إمكانية تصليح الساعة الموجودة بقلعة القاهرة والمهداة من فرنسا ?? لمصر ?? في 1845PIC.TWITTER.COM/GCZIJ3KGL3
— France en Égypte (@FranceenEgypte) November 30, 2020
وتقع الساعة داخل برج معدني بصحن مسجد محمد علي في قلعة صلاح الدين بالقاهرة، وأُرسلت إلى محمد علي باشا ردا على إهدائه مسلة رمسيس الثاني التي كانت قائمة أمام معبد الأقصر إلى فرنسا، لتزين ميدان «كونكورد» في باريس حتى الآن.
مصر وضعت خطة لترميم وتطوير مسجد محمد علي
ويوضح طلعت أهمية تلك الساعة، قائلا: «هي أول ساعة دقاقة في تاريخ مصر، تعمل بنظام فريد ولا يوجد نسخ منها في دول العالم، وإعادة الحياة إلى أجراسها سيمنح القلعة سحرا خاصا».
ويتابع رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية: «وقع الاختيار على انتداب خبير فرنسي لأنه ينتمي إلى الدولة المصنعة للساعة، فضلا عن سيرته الذاتية المهمة في هذا المجال. شعرنا بحماسه تجاه التجربة عند حضوره إلى القاهرة».
ويؤكد طلعت الذي التقى الخبير الفرنسي خلال أداء عمله داخل القلعة، على إنهاء سيمون للمهمة الأولى التي جاء من أجلها وهي فحص الساعة، والمؤشرات الإيجابية التي تحدث عنها بعد الاطلاع على الماكينة والأجراس وكافة متعلقاتها.
ويضيف المسؤول المصري: «غادر الخبير الفرنسي القاهرة وسيدوّن كافة ملاحظاته وتوصياته بشأن الساعة العتيقة، ويرسلها في تقرير مفصل إلى وزارة السياحة والآثار خلال أيام لاتخاذ القرار المناسب للخطوة المقبلة».
وعن قدوم الخبير الفرنسي إلى القاهرة بعد 6 أشهر من بدء مشروع تشغيل الساعة الأثرية، يقول طلعت: «جرت عمليات تنظيف للساعة من خلال فريق متخصص تابع للإدارة المركزية للترميم، واستغرقنا بعض الوقت في التنسيق مع فرنسا للاستقرار على الموعد المناسب لمجيء الخبير للقاهرة».
ويوضح طلعت أن «العمل سار بوتيرة مناسبة رغم انتشار فيروس كورونا المستجد في العالم. الوزارة ظلت ملتزمة بإتمام خطتها في مسجد محمد علي مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية».
وينظر طلعت إلى اهتمام الدولة المصرية ببث الروح في الساعة الأثرية في القلعة، على كونها «رغبة في إظهار آثار القاهرة الجميلة التي يعيش ملايين السكان حولها».
وتواصل موقع «سكاي نيوز عربية» مع سيمون للتعرف على انطباعه عن المهمة التي امتدت لعدة أيام في القاهرة داخل برج الساعة في قلعة صلاح الدين الأيوبي، لكن لم يتسن له الرد بسبب انشغاله بإعداد التقرير للحكومة المصرية.
وتطرق أستاذ الآثار الإسلامية في جامعة عين شمس محمد حسام الدين، إلى قصة تشييد مسجد محمد علي وتدشين البرج والساعة اليدوية، في كتابه «وجه مدينة القاهرة من ولاية محمد علي حتى نهاية حكم إسماعيل»، لكونها واحدة من أهم العلامات المميزة في ذلك العصر.
ويذكر حسام الدين لموقع «سكاي نيوز عربية»: «كانت إحدى عجائب ذلك الزمان، أول ساعة توضع داخل مسجد. يراها الناس من كافة المناطق المحيطة بالقلعة وتتملكهم الدهشة من علوها وصوت أجراسها التي تدق في مواعيد الصلاة. تفاصيل غير اعتيادية على المجتمع في هذا التوقيت».