*ما تحقق من أحلامنا لايتجاوز 10% والكنيسة تتطلع إلى المزيد
* من بين 90 مرشحاً اخترنا 10أساقفة بمعايير وصلوات كثيرة رفعناها ليرشدنا الرب
*أصدرنا 10 لوائح لتنظيم العمل داخل الكنيسة وأنشأنا معهدًا للتدبير الكنسي والتنمية
*لم تعد الإيباشيات في حاجة إلى أساقفة للتعمير.. نختار أساقفة للرعاية والافتقاد والتواجد وسط الناس
*اختيار الأسقف أمر صعب.. والأصعب وضع الأسقف المناسب في المكان المناسب
*لارسامة لأسقف قبل تدريب مكثف في التدبير الرعوي وزيارات للإريباشيات الكبيرة قبل التجليس
*لجنة البر مستمرة وفي القاهرة يجهزون 60 حالة زواج كل أسبوع
*التعضيد ثم التعليم ثم التعمير محاور لتسلسل الخدمة في الكنيسة
*منظومة الكنيسة تحتضن كل محتاج.. وخريطة التنمية تنسيق الجهود لخدمة كل إنسان
*الكنائس تستبدل لافتة ((مكتب إخوة الرب)) بلافتة أشمل ((مكتب الرعاية))
*في كل الإيبارشيات مبادرة ((بنت الملك)) لزواج البنات.. و((علم ابنك)) لفصول التقوية
لا أذكر تحديدًا عدد الحوارات التي أجريتها مع قداسة البابا تواضروس الثاني.. ولا الموضوعات التي تناولتها والأسئلة التي طرحتها، والإجابات التي سطرتها صفحات “وطني”، لكن سيظل دائمًا عالقًا بذاكرتي بكل تفاصيله وأسئلته وإجاباته أول حوار مع قداسته في دير الأنبا بيشوي بعد ساعات من إعلان القرعة الهيكلية.
منذ أيام وبعد أحداث تاريخية متتالية عاشتها الكنيسة من تجمع لكل بطاركة الشرق الأوسط لأول مرة في مصر، وبعد سيامة عشرة أساقفة جدد، وبعد اجتماع المجمع في دورة جديدة اعترف فيها بقديسين، بعد تجمع كل هذه الأحداث تجمع عندي كثير من الأسئلة ورأيت أن أعاود الحوار مع قداسة البابا.
جاءتني بكل الترحاب دعوته للقاء في دير الأنبا بيشوي، حيث يقضي قداسته أيامًا يعيد فيها ترتيب أوراق الرعاية بعد أسابيع ازدحمت بالعمل الرعوي، وقبل سفره للإسكندرية مقر الكرسي المرقسي لقضاء فترة صوم الرسل في أرض رسول المسيحية إلى مصر.
في طريقي إلى الدير تذكرت أول حواراتي مع قداسة البابا تواضروس، مضت عشر سنوات سريعة مزدحمة بعمل البابا البطريرك الـ118 في التدبير الرعوي والإصلاح، عشر سنوات مضت كلمح البصر أدركتها وأنا أحسبها في طريقي للدير، صدمتني سرعة دوران الأيام وأنا واحد ممن عاشوا خمسينيات وستينيات القرن الماضي في زمن كانت الأيام تمضي بطيئة هادئة.
استيقظت على الحقيقة وأنا أرى كل شيء حولي قد تغير، الطريق اتسع، الصحراء اختفت وكأن الزراعات ابتلعتها وأعمدة الكباري وأسوار المنشآت انتزعتها، حتى الطريق الضيق إلى الدير وسط برية شيهيت اتسع بين أسوار بيضاء ترحب بكل المارين على مسار العائلة المقدسة.
عندما وصلت بي السيارة إلى البوابة الحديدية الضخمة للمقر البابوي وسط أسوار الدير العريق, وفتحها عامل الحراسة بـالريموت كنترول لم تتحمل عيناي قوة انبهاري بالمكان، الأشجار التي تحيط الممرات تتحدث بجمال الطبيعة، مباني المقر البابوي، مركز لوجوس، كنيسة التجلي، والمكتبة البابوية تنطق في تناغم بجمال معماري لم تعهده البرية.
عندما جلست إلى نفسي للحظات في صالون المقر البابوي انتظارًا لقدوم بابا التدبير الرعوي والإصلاح، أدركت أن السنوات العشر وإن كانت مضت بسرعة إلا أنها كانت حافلة بما لايتحقق في عشرات السنين، عن هذا كان حواري مع قداسة البابا، يكفي أن قداسته قال لي عندما تنيح البابا كيرلس السادس كان للكنيسة القبطية 6مطارنة وأساقفة والآن عندنا أكثر من130 مطرانًا وأسقفًا وأدعوكم إلى نص الحوار…
*ترتيب البيت
*في أول حوار لي مع قداستكم فاجأتني بالحديث عن إعادة ترتيب البيت وهو تعبير لم نكن نسمع عنه في الإطار الكنسي.. حدثتني عن أفكار كثيرة وأحلام كبيرة لمستقبل الكنيسة.. من نفس المكان -أرض البرية- أجلس مع قداستكم بعد عشر سنوات وأسأل.. ماذا تحقق؟
تعبير ترتيب البيت هو تعبير لكلمة كبيرة تعني أشياء كثيرة، والكنيسة كبيت للكرازة ممتد داخل مصر وخارج مصر أصبحت متسعة الأرجاء، من هنا كان لابد أن تكون هناك أمور محكومة إداريًا؛ أي خطوط للتواصل داخل الكنيسة بكل أنشطتها بكل خدماتها، بكل آبائها بكل مواقعها، لابد أن يكون هناك شكل من أشكال التواصل والتنسيق، شكل من أشكال الإدارة، وهو ما نسميه في اللغة الكتابية التدبير الكنسي.
الحقيقة أننا نجحنا بنعمة المسيح في تحقيق بعض النقاط -أو كما تسميها أحلامًا- أذكر لك بعضها عليى سبيل المثال:
نجحنا في إصدار عشر لوائح تنظيمية للعمل داخل الكنيسة، لائحة تحدد طريقة اختيار الكاهن، ولائحة لاختيار الأسقف، ولائحة لإدارة الإيبارشية، ولائحة لإدارة الدير، ولائحة للشمامسة المكرسين، ولائحة لمجلس الكنيسة.. وهكذا.
وكانت أول لائحة هي لائحة انتخاب البطريرك بعد مراجعة اللائحة القديمة التي صدرت عام1957 وتعديلها لتساير الواقع الذي تغير كثيرًا، وأعددناها في صورة جديدة اعتمدها رئيس الجمهورية.
المجال الثاني أنشأنا معهد التدبير الكنسي والتنمية، وهو معهد علمي دراسي يساهم في شكل الكنيسة كمؤسسة لها كل خطوط التواصل داخل إدارتها لتجويد العمل.
أيضًا أنشأنا عددًا من الإيبارشيات داخل مصر وخارجها، لأن وجود إيبارشية هو الشكل الكنسي النهائي للخدمة، فالخدمة تبدأ صغيرة مع وجود عدد محدود من الأسر يخدمهم كاهن منتدب، وكلما زاد عددهم صار لهم كاهن، ومع الأيام وزيادة عدد الأسر يصير لهم كاهنان أو ثلاثة وبعدها تصبح الكنيسة عدة كنائس في المنطقة، وهنا لابد أن يكون لهم أسقف لتنظيم الخدمة التي بدأت صغيرة.
في الداخل أنشأنا إيبارشية في الوادي الجديد بعد 8قرون، وقسمنا مدينة المنيا إلى ثلاث إيبارشيات، وفي الخارج أنشأنا إيبارشية في هولندا، وفي اليونان، وفي كندا إيبارشيتين ومقرا للرئاسة الكنسية.
أفكار كثيرة تحققت، لكن دعني أصارحك أن كل ما تحقق على كثرته لا يمثل إلا 10% مما نحلم به، فالأحلام متسعة وكلها تدور حول التربية والنظام أي التدبير الكنسي، والكنيسة تنتظر منا المزيد.
*اختيار الأسقف
*حديث قداستكم عن الإيبارشيات يأخذني إلى يوم الرسامات يوم مشهود تعودنا عليه كثيرًا، أذكر أنها الرسامة الثانية عشرة في حبريتكم، مع أن اختيار أسقف أمر صعب في هذا العصر الذي تواجه فيه الكنيسة كثيرًا من التيارات، وتعيش تطورًا في فكرها الرعوي والمجتمعي.
والسؤال: كيف ترى قداستكم الأسقف.. وكيف تختاره؟
عندما ينتقل أحد الآباء من الأساقفة تتيتم الإيبارشية ولم تكن للكنيسة ترتيبات لهذه المواقف، لكننا بدأنا في وضع قائمة من الإجراءات التي تتخذ بعد نياحة الأب الأسقف حتى رسامة أسقف جديد، أول هذه الإجراءات تعيين نائب بابوي للإيبارشية له حق الإشراف على كل الأمور داخل الإيبارشية، ويقدم لنا تقريرًا شاملًا وكاملًا-ماليًا وإداريًا وروحيًا ورعويًا- عن الإيبارشية، ومن خلال رؤيتنا لوضع الإيبارشية نبدأ في العمل لاختيار أسقف جديد.
مهمة -كما قلت- مهمة صعبة فمسؤوليات الأسقف وعمله مؤثر جدًا في حياة الرعية، الأكثر صعوبة هو اختيار الأسقف المناسب في المكان المناسب، في كل مرة نختار أسقفًا جديدًا ندرس تفاصيل الإيبارشية إلى درجة الرجوع إلى خرائط المساحة لمعرفة أبعادها وعدد كنائسها وآبائها وأفرادها، فاختيار أسقف لإيبارشية كبيرة مثل أسوان غير اختيار أسقف لإيبارشية صغيرة مثل بني مزار، واختيار أسقف لإيبارشية في حاجة إلى تعمير ليس كاختيار أسقف لإيبارشية في حاجة أكثر إلى رعاية وافتقاد.
أذكر أن البابا شنودة في اختياره للآباء الأساقفة كان يهتم بسيامة صغار السن لأن الخدمة في زمنه كانت تحتاج إلى مجهود عضلي أكثر.. أماكن كثيرة كانت محتاجة إلى تعمير.. الآباء الأساقفة الذين رحلوا تركوا لنا إريا كبيرًا ولم تعد إيبارشياتهم في حاجة إلى أساقفة للتعمير هم في حاجة أكثر إلى أساقفة تجيد فنون الرعاية والافتقاد والتواجد وسط الناس.. لهذا كان اختيارنا لآباء كبار لهم سنوات طويلة في الرهبنة لأن سنوات الرهبنة تخلق حالة من النضوج للشخص.
*رحلة الرسامات
*منذ أيام عشنا وكل الشعب القبطي مع قداستك ليلة مفرحة وسط طقوس غنية بالروحانيات وعمق التراث انتهت بقداس سيامة عشرة من الآباء الأساقفة.. وقداستكم تحدثني الآن عن اختيار أسقف جديد.. أرى سؤالًا يطرح نفسه: كيف صارت رحلة اختيار عشرة أساقفة؟
العام الماضي-2021-عندما سمح الله بانتقال ستة أساقفة، وجدنا أنفسنا أمام 6إيبارشيات في حاجة إلى 6أساقفة، بدأنا في الاتصال برؤساء الأديرة لإرسال ترشيحات، جاءتنا ترشيحات كثيرة وأساقفة الإيبارشيات قدموا أيضًا ترشيحات، ووجدنا أنفسنا أمام أكثر من80ترشيحًا، ومن بعدها توالت خطوات الاختيار.
تولت لجنة سكرتارية المجمع المقدس فحص الترشيحات ودراستها وتصفيتها إلى أقل عدد، وبعدها قامت بمقابلة المرشحين وتصفية الأعداد مرة أخرى، وفي كل تصفية كانت هناك معايير كثيرة للاختيار تؤخد في الحسبان، معايير رهبانية، معايير روحية، معايير الخدمة، معايير السن، معايير اللغات، وكل معيار له أهميته في الاختيار وإن كانت لا تطبق على كل المرشحين بذات الدرجة إذ يؤخذ في الاعتبار المكان الذي سيخدم فيه المرشح، إذا كان سيخدم في إيبارشية بالخارج فمعيار اللغة أهم لأن اختيار أسقف للخدمة في الداخل كإيبارشية أنبوب ليس كاختيار أسقف للخدمة في الخارج كإيبارشية كندا، وإن كان مرشحًا لرئاسة دير فمعيار الرهبنة أهم.. وهكذا.
بعد كل التصفيات من لجنة سكرتارية المجمع المقدس، بدأت مقابلتي للآباء المختارين، ووسط صلوات كثيرة رفعناها ليرشدنا الرب وصلنا إلى الآباء العشرة المختارين، وبنعمة المسيح تمت سيامتهم.
لم تكن مهمتنا في الاختيار فقط، ولا في الصلوات التي رفعناها ليرشدنا الرب، لكن كان علينا أيضًا أن نعد الأسقف الجديد للخدمة الجديدة والمسؤولية الأكبر، ما بين الاختيار والرسامة دعونا الآباء الأساقفة الجدد لحضوركورس تدريبي مكثف-حوالي 40 ساعة- في التدبير الرعوي، ليكونوا على دراية بقواعد الإدارة ونظمها وتطبيقاتها، وبعد الرسامة دعوناهم أيضًا لزيارة الإيبارشيات الكبيرة للتعرف على إدارة الأب الأسقف لإيبارشيته باعتباره المدبر لكل أمورها فيتزودون بخبراته ومازلنا نرفع صلواتنا ليعينهم الله كما أعان من سبقوهم ويواصلوا العطاء بحب وبذل لمجد اسم الرب ومجد كنيسته.
رعاية كل إنسان
الحديث عن رسامات الآباء الأساقفة أخذنا بعيدًا عن أحلام قداستكم لمستقبل الكنيسة.. سؤالي الآن ليس عن الإكليروس لكن عن الرعاية رعاية الكنيسة للشعب.. كيف تراها قداستكم؟
مواضيع الرعاية متعددة الجوانب، ونحلم بأن يكون عمل الرعاية شاملًا لكل الأفراد، نحن نعمل لرعاية كل إنسان، ورعاية كل الإنسان، وأرى أن هناك نقصًا في بيوت المسنين، وفي بيوت، وفي مناهج إعداد المقبلين على الزواج، وفي تدريب الخدام، ونحن نعمل على سد كل هذا، والارتفاع بالخدمة في كل هذه الجوانب.
في هذا الإطار أخذنا في الاجتماع الأخير للمجمع المقدس توصية مهمة بأن يكون هذا العام يونيو2022-يونيو2023 عام الأسرة تحت شعار أسرتي مقدسة، ستعمل كل الكنائس في كل خدماتها واجتمعاتها وعظاتها في هذا
الإطار من أجل بناء أسرة سليمة، وبدءًا من الأربعاء القادم سوف أبدأ في اجتماعي الأسبوعي سلسلة من الموضوعات عن الأسرة.
التعضيد ..ثم التعليم.. ثم التعمير
مادمنا نتحدث عن الرعاية فلتسمح لي أن أسترجع الكثير من عظات قداستك التي تؤكد فيها الاهتمام بالمحتاجين.. وأذكر أيضًا أن قداستكم في الاجتماع الأخير للمجمع المقدس دعوت الآباء المطارنة والأساقفة إلى الاهتمام بمساعدة الأسر الفقيرة.. كيف ترى قداستكم هذه الخدمة؟
دعني أوضح في البداية أننا نضع خدمة الكنيسة تحت ثلاثة محاور، أولها: خدمة التعضيد؛ أي مساعدة إخوة الرب وكل احتياجات الفقراء، ثم خدمة التعليم بإنشاء المدارس وفصول التقوية، وثالثها: خدمة التعمير أي تعمير الكنيسة إن كان بالصيانة أو إنشاء مبان جديدة.
هذه المحاور الثلاثة هي التوجهات الرئيسية للكنيسة، وتأخذ أهميتها في التنفيذ وفقًا لهذا التسلسل بمعنى لو عند الكنيسة جنيه يوجه أولًا للتعضيد، وإن تبقى جزء يوجه للتعليم، وهكذا فالباقي يوجه للتعمير، هذه هي رؤيتنا للخدمة.
بالنسبة لخدمة احتياجات الفقراء فقد استبدلنا مسماها بخدمة التنمية، اختفت من الكنائس لافتة مكتب إخوة الرب وصار بكل كنيسة مكتب التنمية ولم يكن التغيير في الاسم فقط، لكن الأهم كان في المعنى فالتنمية أشمل وأوسع.
أيضًا احتفظنا بلجنة البر التي أنشأها مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث في القاهرة والإسكندرية، وفوضت نيافة الأنبا مكسيموس الأسقف، القاهرة والأنبا كيرلس أسقف دير مارمينا بمريوط للجنة الإسكندرية، ونشكر الله أن الخدمة تسير بشكل جيد، لجنة القاهرة مثلا تخدم 60 حالة زواج كل أسبوع، نقدم لهم احتياجات العروس العينية كحجرة نوم كاملة، أو أجهزة المطبخ، أو مساعدة مالية حسب كل حاجة وفقًا للدراسة التي يقدمها الأب الكاهن وتدرسها اللجنة.
وقد وصلت المساعدة لكل حالة ما بين 8آلاف و9آلاف جنيه، كانت حتى وقت قريب لا تتجاوز 6 آلاف جنيه، ثم ارتفعت إليى 8آلاف، وهكذا مع كل زيادة في الأسعار تزداد المساعدة حتى وصلت إلى9آلاف جنيه.
وعمل لجنة البر ليس قاصرًا على حالات الزواج لكنه ممتد إلى حالات السكن، وحالات المرض، وكل حالات الاحتياج بصفة عامة، كل هذا يتم بتناغم وتنسيق مع أسقفة الخدمات ومع المقر البابوي، ففي الحالات الكبيرة يمكن أن تشترك أسقفية الخدمات بجزء والمقر البابوي بجزء، وتقوم لجنة البر باستكمال احتياجات الحالة.
سكرتارية الرعاية الاجتماعية
ربما لايعرف الكثيرون أن للمقر البابوي دورًا في الرعاية وخدمة الاحتياجات.. ماذا عن هذا الدور؟
منذ بداية تجليسي أنشأت بالمقر مجموعة من السكرتيريات المتخصصة، منها سكرتارية الرعاية الاجتماعية ويتولى مسؤوليتها أبونا بيشوي شارل ومعه مجموعة عمل متخصصة ومتفرغة، وبدأنا منذ سبع سنوات في عمل منظومة للرعاية الاجتماعية على مستوى الجمهورية من خلال الرقم القومي، بدأناها بالقاهرة الكبرى، ثم الإسكندرية، ثم وجه بحري ثم وجه قبلي.
منظومة الرعاية على مستوى الجمهورية لم تتوقف عند الأفراد، لكنها امتدت إلى الجمعيات الكبرى التي تقوم بأعمال الرعاية الاجتماعية مثل جمعية الأنبا أبرام التي أسسها أبونا داود لمعي، وجمعية الراعي وأم النور، وأيضًا بعض الجمعيات بالخارج مثل جمعية الأنبا أبرأم بكندا.
شركاء التنمية
هل يعني هذا أنه صار الآن للكنيسة حصر كامل وبالرقم القومي لكل من يحصل عليى خدمة الرعاية حتى ولو من جمعية؟
تمامًا.. بدخول الجمعيات إلى منظومة الرعاية صار لدينا ما أطلقنا عليه شركاء التنمية وهو الدور الذي تتولاه أسقفية الخدمات، من قبل كانت كل جهة تخدم على انفراد، لجنة البر، سكرتارية الرعاية الاجتماعية، والجمعيات الأهلية- الآن صار كل هؤ لاء وكل من يعمل في خدمة الرعاية- شركاء التنمية- يعملون تحت مظلة أسقفية الخدمات.
دور أسقفية الخدمات هنا للتنسيق بين كل شركاء التنمية الذين يعملون في منظومة الرعاية فكل جمعية- مثلًا- احتفظت باسمها وإدارتها وأموالها ومصادر إيراداتها وميزانياتها, وجاءت لتنسيق خدمة الرعاية بينهم، ثم تنسق بينهم.
لمزيد من التوضيح، هناك عشرات الجمعيات وكل جمعية تخدم في مجال، جمعيات تخدم في مجال الحضانات، وأخرى في المدارس، أو في خدمة العيادات والمستوصفات والمستشفيات واحتياجات المرضى، أو في مساعدة الفقراء وتقديم التعضيدات الشهرية ولم يكن من المقبول أن تكون هناك ثلاث أو أربع جمعيات في مجال واحد- مساعدة الفقراء مثلًا-ويعملون في منطقة واحدة وهناك مناطق أخرى ليس فيها جمعية واحدة تخدم في هذا المجال، وهنا جاء دور أسقفية الخدمات من خلال شركاء التنمية للقيام بهذا التنسيق وتوزيع الخدمة لتغطية كل المناطق.
وما يحدث مع الجمعيات يحدث مع باقي منظومة خدمة الرعاية, فلم يكن من المقبول مثلًا أن تأخذ أسرة واحدة مساعدة من لجنة البر، ومن سكرتارية الرعاية، ومن جمعية أو أكثر، وهناك أسر أخرى لا تصلها أي من خدمات الرعاية لأنها تعيش مثلًا في قرية بعيدة عن لجنة البر، وعن سكرتارية الرعاية، وعن أي من الجمعيات، ومن هنا صارت خدمة الرعاية تصل إلى كل إنسان ولكل إنسان.
خريطة التنمية
ما تحدثني عنه قداستكم يعني أن خدمة الكنيسة ورعايتها تصل الآن إلى كل المعوزين والفقراء ولم يعد هناك محتاج؟
ما أقصده أن الكنيسة الآن تحتضن كل محتاج، لدينا منظومة للتنمية بالرقم القومي لكل الجمهورية، ولدينا خريطة بأماكن التنمية في كل المحافظات، لم يعد هناك ثلاث جمعيات مثلًا تقدم تعضيدات أو علاجات للمرضى في منظومة واحدة، ومناطق أخرى بلا تنمية، نجحنا في التنسيق بين الجميع، وكان عملًا كبيرًا نلمس نجاحه.
أذكرك أيضًا أنه لم يعد هناك تعبير إخوة الرب ولا حتى تعبير رعاية نحن نعمل الآن على تنمية كل إنسان، لأن احتياجات الإنسان ستبقى دائمًا بلًا حدود، منظومة الكنيسة تتضمن كل محتاج، وخريطة التنمية تنسق الجهود لخدمة كل إنسان.
وفي هذا الإطار هناك أيضًا مبادرات قامت بها سكرتارية الرعاية الاجتماعية بالمقر البابوي مثل مبادرة بنت الملك ومبادرة علم ابنك وهما من المبادرات الناجحة التي بدأت تنتشر في عدد من الإيبارشيات.
مبادرة بنت الملك للبنات الصغيرات اللاتي يتوقفن عن التعليم عند سن12 أو14 خاصة في الريف انتظارًا للزواج لكنهن لايجدن ما يغطي مصاريف تجهيز بيت جديد.
المبادرة تفتح دفتر توفير للبنت، وكلما جاءتنا أموال وضعنا في كل دفتر مبلغًا صغيرًا 500 أو ألف جنيه لكن المبالغ وصلت الآن في بعض الدفاتر التي وصل أصحابهن لسن الزواج 18 سنة إلى 20000 جنيه, وللمبادرة 14 ألف حالة موزعين على كل الجمهورية.
ومبادرة علم ابنك لمواجهة التكدس والكثافة العددية في المدارس، وبالتالي ضعف التعليم وقلة استيعاب الأبناء قسمنا الأبناء في الكنائس إلى مجموعات في فصول للتقوية، كل مجموعة 10 طلاب ومدرس، وهي من المبادرات الناجحة جدًا على طريق التنمية، وتلقى اهتمامًا كبيرًا من سكرتارية الرعاية ومن الإيبارشيات ووصلت إلى كنائس كثيرة في قبلي وفي بحري وفي القاهرة.