هل كثرة البكاء مفيدة أم مضرة؟ وما فوائده وأضراره؟ وما الطريقة الصحيحة للبكاء لتخفيف التوتر والقلق؟
هل كثرة البكاء مفيدة أم مضرة؟
أثبت الباحثون أن البكاء يطلق الأوكسيتوسين والمواد الأفيونية الذاتية، والمعروفة أيضا باسم الإندورفين، وتساعد هذه المواد الكيميائية على تخفيف الآلام الجسدية والعاطفية، وذلك وفقا لموقع جامعة هارفارد.
ومع ذلك، فإن البكاء المستمر والحزن قد يشيران إلى مشكلة عاطفية أو نفسية تحتاج إلى تدخل طبي أو اجتماعي، وقد يحتاج الشخص الذي فقد عزيزا الدعم من أصدقائه، أما الصاب بالاكتئاب فقد يحتاج إلى تناول دواء.
وقد تكون هناك فوائد للبكاء في تقليل التوتر، لكن البكاء الكثير والمستمر ولا يعقبه تحسن في الحالة النفسية يتطلب مراجعة طبيب أو مستشار نفسي.
هل البكاء يخفف الألم؟
وفقا لتقرير في “هيلث لاين” (healthline)، فإن البكاء يطلق الأوكسيتوسين والإندورفين، ويمكن أن تساعد هذه المواد الكيميائية في تخفيف الآلام الجسدية؛ فبمجرد إطلاق الإندورفين قد يدخل جسمك إلى حد ما في مرحلة التخدير، ويمكن أن يمنحك الأوكسيتوسين شعورا بالهدوء أو الرفاهية.
لماذا أبكي على أتفه الأسباب؟
قد يكون البكاء بلا سبب معين، أو لأسباب صغيرة أو غير مهمة، مثل:
قد يكون مشكلة جسدية، مثل تغيرات في الهرمونات كمشاكل الغدة الدرقية، والحمل، وانقطاع الطمث.
الإرهاق عدم الحصول على نوم كاف.
هناك حدث أو شيء ما يزعجك، مثل الشجار مع صديق مقرب.
المعاناة من صدمة عاطفية، مثل مشاهدة مظهر مؤذ.
الحزن والاكتئاب.
القلق والتوتر.
هل البكاء علامة ضعف أم قوة؟
طبيا، لا يمكن النظر للبكاء على أنه علامة ضعف أم قوة؛ فالبكاء سلوك ناجم عن مسببات، وقد يساعد في تخفيف الألم العاطفي، لكن يجب معرفة أسبابه والتعامل معها.
فوائد البكاء
في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal)، تقول الكاتبة إليزابيث بيرنشتاين إن علماء النفس يؤكدون أن البكاء آلية مهمة للتكيف؛ إذ يسمح لنا بالتعبير عن المشاعر المضطربة، فضلا عن تقليل التوتر عن طريق تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي، الذي يتحكم في قدرة الجسم على الاسترخاء. وربما الأهم من ذلك أنه يسمح لنا بالتماس الدعم العاطفي والترابط.
وحسب الكاتية، تقول اختصاصية علم النفس السريري في مستشفى بريغهام والنساء في بوسطن ناتالي داتيلو إن “كبت المشاعر المؤلمة يثبط القدرة على الشعور بكل المشاعر، ويُعد البكاء من أفضل الطرق للشعور بالتحسن”.
ويقول علماء النفس إن الناس يميلون إلى البكاء أكثر عندما يمرون بأوقات عصيبة. بعبارة أخرى، عندما نشعر بالتوتر المزمن أو الحرمان من النوم أو القلق بشأن المستقبل أو نفقد روابطنا الاجتماعية، فإنك تصبح غير قادر على التحمل وتخر منهارا مجهشا بالبكاء.
أنواع البكاء
يمكن تقسيم البكاء وفقا لأنواع الدموع التي تذرف فيه، ويقسم العلماء الدموع إلى 3 فئات متميزة:
الدموع الانعكاسية
الدموع المستمرة
الدموع العاطفية
وتؤدي الفئتان الأولى والثانية وظيفة مهمة تتمثل في إزالة الأوساخ -مثل الدخان والغبار- من أعيننا، وترطيبها للمساعدة في حمايتها من العدوى، ويشكل الماء 98% من محتواها. أما الفئة الثالثة فتطرد هرمونات التوتر والسموم الأخرى من نظامنا، والتي من المحتمل أن تقدم معظم الفوائد الصحية.
وأثبت الباحثون أن البكاء يطلق المواد الكيميائية المريحة مثل الأوكسيتوسين والإندورفينات مما يساعد على تخفيف الآلام الجسدية والعاطفية.
أضرار البكاء
يرى عالم النفس الإكلينيكي آد فينغرهوتس -الذي درس البكاء لأكثر من 30 عاما- أنه “ليست كل الدموع مفيدة”.
فعندما درس فينغرهوتس وزملاؤه أشخاصا في 35 دولة لمحاولة فهم متى يكون البكاء مفيدا، اكتشفوا أن الناس يشعرون بتحسن بعد البكاء عندما يستجيب لهم شخص آخر بطريقة لطيفة وداعمة.
كما وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يشعرون بتحسن بعد البكاء هم الأشخاص الذين يتمتعون بصحة عقلية جيدة للمضي قدما، وأولئك الذين يعانون من الاكتئاب ويبكون كثيرا هم أقل عرضة للشعور بالتحسن بعد ذلك.
وعلى حد تعبير الدكتور فينغرهوتس، فإن “سبب ذلك قد يرجع إلى حقيقة أنه عندما يبكي الناس كثيرا قد يتجاهلهم آخرون”.
ويوضح فينغرهوتس أن أسباب البكاء تتفاوت طوال حياتنا؛ فعندما نكون صغارا نبكي عند التعرض لألم جسدي، ومع تقدمنا في العمر نذرف دموع التعاطف على معاناة شخص آخر، أو لأي أسباب عاطفية أخرى. ومهما اختلفت الأعمار فإننا نبكي عندما نشعر بالعجز أو الإحباط، أو عندما نشعر بالخسارة، أو غيرها من الأسباب.
الفرق بين النساء والرجال عند البكاء
حسب الدكتور فينغرهوتس فإن النساء يبكين أكثر من الرجال، بما يعادل نحو 2 إلى 5 مرات في الشهر مقارنة بالرجال الذين يبكون مرة واحدة أو أقل كل شهرين.
ولا يبكي الرجال على شيء عادي، مثل تعطل الحاسوب، وقد يكون هذا بسبب حقيقة أنهم مهيؤون ثقافيا لحبس دموعهم، ولأن هرمون التستوستيرون يمنعهم من البكاء، لكنهم يبكون على نفس المواقف الخطيرة، مثل الفاجعة أو انفطار القلب، ويميل الرجال إلى البكاء بسهولة أكبر مع تقدمهم في العمر.
البكاء بالطريقة الصحيحة
هذه بعض أهم نصائح الخبراء التي يمكن اتباعها للبكاء بالطريقة الصحيحة لتخفيف التوتر والقلق:
ابحث عن مكان آمن
تقول لورين بيلسما الأستاذة المساعدة في الطب النفسي وعلم النفس بجامعة بيتسبرغ، والتي تدرس البكاء؛ “إذا كنت تريد الاستفادة من البكاء، فعليك أن تبكي في مكان تشعر فيه بالراحة”.
وتوضح أن معظم الناس يفضلون البكاء في المنزل، بمفردهم أو في حضور شخص مقرب إليهم، بين الساعة 7 و10 مساء.
يمكن أن يساعدك أحد الأصدقاء
تُظهر الأبحاث أن البكاء قد يكون مفيدا أكثر عندما نقوم به أمام شخص يدعمنا، مثل صديق مقرب أو شريك الحياة.
ومن أجل الحصول على الدعم الذي تحتاجه، تقترح الدكتورة بيلسما “البكاء بحرقة، وبالتالي قد تشعر بالارتياح”.
البكاء منفردا
قد تشعر براحة أكبر عند البكاء بمفردك؛ إذ يمكنك ترك الدموع تنهمر، وتتخلص من كل الضغوط التي تعاني منها. في الواقع؛ يجد بعض الناس أنه من الأسهل التركيز على عواطفهم ومعالجتها بمفردهم.
لا تشعر بالخجل
يقول الدكتور فينغرهوتس إن الشعور بالخجل سيلغي الفوائد الإيجابية للبكاء؛ لذلك ركز على ما يزعجك وليس على رد فعلك. وعلى عكس الاعتقاد الشائع؛ لا يرى الآخرون الأشخاص الذين يبكون عادة على أنهم ضعفاء عندما يكون بكاؤهم حقيقيا، وبدل ذلك يُنظر إلى الباكين على أنهم متعاطفون وموثوقون وصادقون، وفق ما أظهرته الأبحاث التي أجراها الدكتور فينغرهوتس وآخرون.
اسمح لنفسك بالبكاء
فكر في الأمر على أنه رعاية ذاتية؛ واسترح، وضع “علبة مناديل” بجانبك، وفكر في ما يجعلك حزينا. فحسب الدكتور داتيلو فإن “البكاء يمكن أن يكون علاجا فعالا للغاية وطريقة لتقوية عواطفك”.
وإذا كنت بحاجة للمساعدة لجعل دموعك تنهمر، فاختر فيلما أو كتابا أو موسيقى قد تحرك مشاعرك، وتأكد من اختيار شيء يؤثر فيك بشدة؛ أذ تقول الدكتورة بيلسما “إذا شعرت بأنك ترغب في البكاء، فأطلق العنان لنفسك، لأن كبت الدموع يتطلب الكثير من الجهد وبمرور الوقت سيرهقك”.