اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار عودة رفات معلمنا القديس مار مرقس الرسول الى ارض مصر
في مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق الاثنين 24 من شهر يونيو سنة 1968 لميلاد المسيح وفي السنة العاشرة لحبرية قداسه البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرسي الإسكندري عاد إلى القاهرة رفات القديس العظيم ناظر الإله الإنجيلي مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول من بطاركة الإسكندرية.
وكان البابا كيرلس السادس قد انتدب وفدا رسميا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مارمرقس الرسول من البابا بولس السادس. وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الأثيوبيين ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط.
وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما في يوم الخميس 13 بؤونه سنة 1684 الموافق 20 من يونيو سنة 1968 م. في طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين كان من بينهم سبعة من الكهنة وفي الساعة الثانية عشر من يوم السبت الموافق 15 من بؤونة الموافق 22 من يونيو ذهب الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية في موكب رسمي إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان وقابلوا البابا بولس السادس وتسلموا منه الرفات المقدس في حفل رسمي كان يجلله الوقار الديني ويتسم بالخشوع والتقوى ولقد كانت لحظة تسلم الرفات المقدس بعد أحد عشر قرنا كان فيها جسد مار مرقس محفوظا في مدينة البندقية (فينيسيا) بإيطاليا لحظة رهيبة بقدر ما هي سعيدة.
وفي اليوم التالي وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوي السكندري قداسًا حبريًا احتفاليًا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة. وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة.
وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار. ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه. وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلي الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوي بالترانيم وعندما رست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول وفي هذه اللحظة رأي الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا أذن بحمام عادي ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مار مرقس
ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات علي كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء – حيث كان مقررا وصول الطائرة – إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد.
وعاد البابا في سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق علي المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله.
وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق 26 يونيو في نحو السادسة صباحًا حمل البابا صندوق الرفات وأتي به في سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذي كان يعرف بدير الخندق والمقامة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التي افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا ቀዳማዊ ኃይለ ሥላሴ في اليوم السابق مباشرة وأعني به الثلاثاء 18 بؤونة الموافق 25 يونيو وقد وضع البابا رفات مار مرقس علي مائدة في منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة. وظل كذلك طوال مدة القداس الحبري الحافل الذي رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد علي ستة آلاف نسمة. وبعد القداس نزل البابا في موكب رسمي يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار وغطي بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس بسبع لغات مختلفة أي بالقبطية والأثيوبية، والسريانية، والأرمنية واليونانية واللاتينية والعربية وكان يوما سعيدا من أسعد الأيام التي شهدتها مصر وكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية.
بركة صلاة مار مرقس الرسول تشمل الجميع، آمين…
و لالهنا المجد دائما ابديا امين…