– عادت سياسات اللغة والهجرة إلى الواجهة في الجمعية الوطنية في كيبيك الأسبوع الماضي، حيث تعرض رئيس الوزراء فرانسوا لوغو لانتقادات بعد حديثه حول انخفاض عدد الأشخاص الذين يتحدثون الفرنسية في المنزل.
وأعلن لوغو يوم الأربعاء أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن اللغة الفرنسية في تراجع، قائلا إن عددا أقل من سكان كيبيك يتحدثون اللغة في المنزل وكذلك في العمل.
وأثارت تصريحاته – التي جاءت بعد خطاب ألقاه في عطلة نهاية الأسبوع قال فيه إن بقاء كيبيك يعتمد على اكتساب المقاطعة سيطرة أكبر على موضوع الهجرة – اعتراضات شرسة من سياسي المعارضة الذين اتهموه بالتضحية بالمهاجرين الذين قد يتحدثون لغاتهم الأم حتى لو أنهم تعلموا الفرنسية.
في المقابل، حث ناقد الهجرة الليبرالي شاول بولو، لوغو على التراجع عن تصريحاته قائلا إن اللغة المنطوقة في الأماكن المغلقة لا ينبغي أن تكون من شأن رئيس الوزراء.
وأضاف: “اذهبوا وأخبروا الجالية الأرمنية، التي تعيش هنا منذ خمسة أجيال، والتي فرت من الإبادة الجماعية”
“اذهبوا وأخبروا الجالية اللبنانية، والجالية الكمبودية، والجالية الكولومبية، التي لا تتحدث الفرنسية كلغة أولى، بأنهم يمثلون تهديدا لكيبيك”.
وفي الوقت نفسه، قال لوغو إن اللغة المستخدمة في المنزل هي أحد المؤشرات التي تأخذها حكومته في عين الاعتبار، مؤكدا أن الهدف الوحيد لحكومته هو ضمان بقاء الفرنسية كلغة مشتركة في كيبيك.
وقال في مؤتمر صحفي في مدينة كيبيك: “إذا لم يكن هناك أحد في كيبيك يتحدث الفرنسية في المنزل فهذا يعني أن الفرنسية ستختفي في نهاية المطاف”.
من جهته، يقول آلان بيلانجر، أستاذ الديموغرافيا في المعهد الوطني للبحوث العلمية، إنه من الواضح أن عدد الأشخاص الذين يتحدثون الفرنسية في المنزل آخذ في الانخفاض بسبب العدد المتزايد من المهاجرين الذين لغتهم الأم ليست أيا من الإنجليزية أو الفرنسية.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أنه يرى أن المقياس الأكثر أهمية هو ما إذا كان أطفال المهاجرين يندمجون في اللغة الفرنسية أو الإنجليزية.
مشيرا إلى أنه، في حين أن عددا أكبر من المهاجرين يختارون الفرنسية أكثر من الإنجليزية – حوالي 60 في المئة – إلا أنه لا يكفي للحفاظ على التوازن اللغوي في المقاطعة، الأمر الذي قد يتطلب ما يقرب من 90 في المئة.
وقال إن النتيجة هي انخفاض عام في اللغة الفرنسية، وهو انخفاض بطيء للغاية ولكن من الصعب عكسه.
من جانب آخر، يتبنى كالفين فيلتمان وهو عالم لغوي اجتماعي وديموغرافي متقاعد درس في جامعة كيبيك في مونتريال، وجهة نظر أكثر تفاؤلا، ففي حين أنه يوافق على أن اللغة الفرنسية قد انخفضت قليلا منذ عام 2001، إلا أنه يعتقد أن دمج المهاجرين في المجتمع الناطق بالفرنسية كان ناجحا بشكل ملحوظ، ويرجع جزء كبير من هذا النجاح إلى اشتراط مشروع القانون 101 أن يلتحق أطفال المهاجرين بالمدارس الناطقة باللغة الفرنسية.
وهو يعترض على عدد الأشخاص الذين يحللون بيانات اللغة، قائلا إنهم يميلون إلى استبعاد الناطقين بالفرنسية الذين يتحدثون الفرنسية كلغتهم الأم في المنزل، من المجموعة الناطقة بالفرنسية.
كما أكد أن عدد المهاجرين الذين يندمجون في اللغة الفرنسية والذي يعادلون 60 في المئة يشمل أولئك الذين وصلوا منذ فترة طويلة وأطفالهم، ووفقا لحساباته، فإن حوالي 75 في المئة من المهاجرين الذين وصلوا إلى المقاطعة منذ عام 2001 اختاروا اللغة الفرنسية بدلا من اللغة الإنجليزية، وهو ما قد يكون مرتفعا أكثر من أي وقت مضى، في رأيه.
من جهتها، وجدت هيئة الإحصاء الكندية أنه اعتبارا من عام 2016، تمكن 94.5 في المئة من سكان كيبيك من إجراء محادثة باللغة الفرنسية، وبلغ عدد الأشخاص الذين يتحدثون الفرنسية في المنزل 87.1 في المئة، على غرار التعداد السابق، لكن الدراسة الاستقصائية أفادت أيضا بأنه من المرجح أن تزداد نسبة الأسر التي تتحدث لغة أخرى أيضا.
وأشار كل من فيلتمان وبيلانجير إلى أن الإحصاءات الرسمية لا تقدم دائما صورة واضحة عما يحدث.
في الختام، يعتقد مارك تيرموت، الأستاذ المتقاعد في جامعة مونتريال، أن المشكلة الأساسية المتمثلة في تراجع اللغة سيكون من المستحيل تقريبا تجنبها لأن سكان كيبيك الفرنسيين لديهم عدد قليل جدا من الأطفال.
ومع ذلك، قال إن العملية ستستغرق قرونا، وليس عقودا، بسبب الإجراءات القوية المعمول بها، معتبرا أنه “من غير المعقول” أن تصبح كيبيك لويزيانا أخرى.
اقرأ أيضاً: انخفاض أسعار المنازل في مونتريال