محكمة النقض توضح سبب حظر الطلاق المنفرد وتعدد الزوجات في المسيحية
أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المقدمة أمامها سبب حظر الطلاق بالإرادة المنفردة وحظر تعدد الزوجات في المسيحية.
جاء في حيثيات الحكم أن للزوج المسيحى أسوة بالزوج المسلم الحق في إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة، إذا كانت الشريعة الإسلامية تحكم العلاقة بين الزوجين تبعاً لعدم توافر شروط انطباق الشرائع الطائفية رغم أن قواعد الشرائع المطبقة حالياً لا تعرف الطلاق بمشيئة الزوجين أو أحدهما، اعتباراً أنه لا يجوز أن يترك للإرادة حل عقدة الزواج، ولما فيه من تحكيم أهواء النفس البشرية فيما لا يجوز فيه سيطرة الهوى النفسى والضعف الإنسانى، لأن الثابت أن الشريعتين اللتين كانتا سائدتين عند ظهور الديانة المسيحية – وهما الشريعة اليهودية والقانون الرومانى – كانتا تبيحان تراضى الزوجين على إنهاء العلاقة الزوجية وتقران حق الزوج في الطلاق بمحض إرادته.
وظلت مبادئ هاتين الشريعتين في هذه المسألة هى السارية مع انتشار المسيحية يساندها استعمال الكتاب المقدس للفظ الطلاق لا التطليق في إنجيل متى، وتحدثه عن حل وثاق الزوجية حال الزنا، ولم تتم الغلبة لحظر الطلاق بالإرادة المنقردة إلا بعد تسعة قرون في مجمع القسطنطينية المنعقد سنة 920 ميلادية حين بدأت الكنيسة تزاول إجراءات إختصاصاً قضائياً بتصريح ضمنى من الأباطرة رغم عدم وجود قانون يقضى بذلك، فهو أقرب إلى تنظيم الطلاق وتقييده منه إلى إلغائه ومنعه.
وإذ كانت مختلف الشرائع المسيحية الطائفية – فيما عدا شريعة واحدة لها وضع خاص – تبيح التطليق على تفاوت في أسبابه بين توسعه وتضييق، وكانت مسألة تطبيق الشريعة العامة لا تثور إلا عند اختلاف الزوجين طائفة أو ملة، فإن اللجوء إلى الأحكام الموضوعية للشريعة الإسلامية بإباحة التطليق بالإرادة المنفردة يبدو لازماً تبعاً لعدم إتاحة مجال للخيره بين الأحكام الموضوعية لأى من الشرائع الطائفية، وهى ذات العلة التى كانت تواجه القضاء الملى قبل إلغائه، فكان يرفض الفصل في النزاع بين مختلفى المله لعدم وجود قاعدة موحدة لغير المسلمين.
هذا بالإضافة إلى أنه طالما ترفع الدعوى بطلب إثبات الطلاق الواقع بالإرادة المنفردة ويعرض النزاع على القضاء ليقول قائلته في الشريعة التى تحكمه، فإن ثبت له توافر شرائط انطباق الشريعة الطائفية لم يقع الطلاق صحيحاً، وإن استبان تخلف الشروط وخضوع المنازعة لأحكام الشريعة الإسلامية أقر وقوع الطلاق، فإن هناك توافقاً في النتيجة رغم تغاير الوسيلة، ومن ثم فلا يمكن قياس هذه المسألة على حالة تعدد الزوجات.