الأنبا مكسموس مطران القليوبية الراحل.. الملقب بملاك كنيسة أتريب ومن علماء اللغة القبطية
بقلم ماجد كاملتحتفل الكنبيسة القبطية هذا العام بتذكار مرور 30 عام علي نياحة طيب الذكر المتنيح الأنبا مكسيموس مطران القليوبية الراحل ( 1911- 1992 ) والملقب بملاك كنيسة أتريب . أما عن الأنبا مكسيموس نفسه ؛ فلقد ولد في يوم2 ابريل 1911 ؛ وكان اسمه في شهادة الميلاد ” قوسة جيد جرجس ” في مدينة أخميم ؛ ونشأ منذ طفولته عاشقا للكنيسة بطقوسها وألحانها . وتروي عنه أسرته أنه منذ الطفولة كان يعشق حياة الوحدة ؛ حتي أنه كان له حجرة خاصة به في المنزل للصلاة والتأمل ؛ ولقد تعلقت نفسه منذ الطفولة بحياة الرهبنة؛ حتي أنه قرر في يوم 22 أبريل 1932 ان يترهبن في دير السيدة العذراء الشهير بالمحرق ؛ تحت أسم ” الراهب أنجيليوس المحرقي ” . ثم تمت ترقيته إلي رتبة “قس ” عام 1936 ؛ ثم رقي إلي درجة “قمص” عام 1947 ؛ وأختير وكيلا لدير المحرق عام 1948 . وبعدها قرر الالتحاق بمدرسة الرهبان اللاهوتية بحلوان ؛ وتخرج منها عم 1958 . واصبح مدرس للغة القبطية التي عشقها حتي درجة الاتقان الكامل ( كمعظم رهبان الدير المحرق نظرا لوجود المذبح الأثري الذي جلس عليه الطفل يسوع والذي يشترط أن تكون الصلاة فيه باللغة القبطية فقط ) . كما كان يجيد اللغة الامهرية أيضا ؛ وبعد نياحة القمص ميخائيل مينا ناظر المدرسة ؛ أصبح هو الناظر من بعده . ولقد أعجب به البابا يوساب الثاني ؛فاختاره ليكون أمينا للمكتبة البطريركية الذي أهتم بتنظيمها وفهرستها ؛ ثم أختاره ليكون سكرتيرا روحيا لقداسته ؛ وبعد نياحة البابا يوساب الثاني في 16 نوفمبر 1956 ؛ رشح للبطريركية عام 1959 ؛ وحاز علي أعلي الأصوات ؛غير ان االقرعة الهيكلية تجاوزته لتأتي بالقمص مينا المتوحد الذي صار البابا القديس “كيرلس السادس ” ( 1902- 1971 ) .
وقرر البابا كيرلس السادس انتدابه لتأسيس أول كنيسة قبطية في الكويت ؛ وكان معه الشماس ” سمير خير سكر ” ( نيافة الحبر الجليل الأنبا باخومويس مطران البحيرة الحالي متعه الله بالصحة والعافية ) .
وفي يوم 31 مارس 1963 ؛ تمت سيامته أسقفا للقليوبية بأسم ” نيافة الأنبا مكسيموس ” وكان معه في نفس الرسامة ” القمص متياس السرياني ” الذي تمت سيامته أسقفا للجيزة بأسم “نيافة الأنبا دوماديوس ” . ويذكر البعض أن البابا كيرلس سأله عندما قرر يقسم المطرانية ما بين الجيزة والقليوبية ؛ ماذا تحب أن تختار ؟ ” فأجاب ” يا سيدنا هذا كرسي خشب واللي تختاره قداستك أنا موافق عليه ” وعندما أعترضت اللجنة المالية للكنيسة ببنها علي انفصال القليوبية عن الجيزة بسبب نقص الموارد المالية ؛ أجاب قداسته ” أنا جيبت لكم أسقف علي درجة عالية من النسك ؛ سندوتش بثلاثة أبيض يكفيه “
ولم يكن يوجد مقر للمطرانية ؛ فسكن نيافته في حجرة صغيرة بالدور العلوي بكنيسة السيدة العذراء ببنها ؛ حتي تم بناء جديد للمطرانية الذي أصبح مقرا مفتوحا لكل شعب الايبارشية .ولقد كان من ضمن إنجازاته في المطرانية:-1-كان البابا كيرلس دائما ما ينتدبه لرسامات الآباء الكهنة ( وذلك نظرا لخبرته الكبيرة في طقس الرسامات ) بالقاهرة والإسكندرية ؛ حتي لقب ب” أسقف الرسامات ” .
2-قام برسامة عدد كبير من الآباء الكهنة خريجي الكلية الإكليركية في الإيبارشية .
3-بعد نياحة الأنبا بنيامين مطران المنوفية الراحل في يوم 11 نوفمبر 1963 ؛ كلفه قداسة البابا كيرلس برعاية المطرانية مؤقتا إلي حين رسامة أسقف آخر لها .4-اختير عضوا في الكثير من اللجان المجمعية نذكر منها :-+ عضو لجنة الأوقاف القبطية العليا .
+عضو الجنة المالية لبناء الكاتدرائية الكبري بالعباسية .
+رئيس الجنة الطقسية لمراجعة القطمارس والتراث القبطي بصف عامة .
+عقب صدور قرارات سبتمبر المشئومة ؛ عين عضوا باللجنة البابوية للقيام بالمهام البابوية بالاشتراك مع خمسة من الآباء الأساقفة .
5-قام ببناء كنائس عديدة في بنها وشبرا الخيمة وقليوب وشبين القناطر والخانكة وأبو زعبل والمرج والخصوص وقوسسنا .6- اهتم بخدمة القري كثيرا ؛ حتي طلب سيامة أثنين من الآباء الأساقفة للخدمة معه هم :-+ القمص أنطونيوس الأنبا بيشوي الذي أصبح نيافة الأنبا مرقس خوري ابيسكوبس لقطاع شبر الخيمة والقناطر والخانكة باسم صاحب النيافة الأنبا مرقس ( الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة حاليا ) .
+القمص ويصا السرياني الذي أصبح نيافة الانبا إيساك خوري ابسكوبس لقطاع قويسنا وطوخ ( نيافة الأنبا إيساك رئيس دير الانبا مكاريوس السكندري حاليا )
وكان ذلك في يوم 18 يونية 1978 ؛ وفي نفس اليوم تمت ترقية نيافة الأنبا مكسيموس مطرانا للقليوبية .
7-قام بعمل زيارة رعوية إلي امريكا ودشن كنيسة مارمرقس بلوس أنجلوس عام 1972 .
8-كان من ضمن الوفد المرافق لقداسة البابا شنودة الثالث نيح الله نفسه في فرودس النعيم – إلي أثيوبيا عام 1973 .
8-أهتم بتأسيس عدد من المراكز نذكر منها ( معهد التعليم بشبرا الخيمة معهد الكمبيوتر ومعهد اللغات بيت لخدمة المسنين بالقناطر مستشفي سانت ماري بجوار كنيسة العذراء بشبرا الخيمة مقر المطرانية بشبر الخيمة مصيف للعائلات ببلطيم لخدمة أبناء الإيبارشية والكنائس ) .
9- تميز بعشقه واتقانه الكامل للغة القبطية ؛ وأيضا دقته الشديدة في الطقوس الكنسية .
10-تميز خلال فترة رعايته للمطرانية بالكرم الشديد ؛ فكان لا يرد طلب أي محتاج ؛ وعندما كان يعرف أنه توجد كنيسة في ايبارشية أخري تحتاج لمساعدة ؛ كان يتبرع لها . العلاقة التي تربط بين نيافته وبين كنيسة العذراء باتريب :-من ضمن الألقاب التي أطلقت علي نيافته لقب ” ملاك كنيسة اتريب ” وتوجد العديد من القصص والروايات الغير محققة عن صلاته في هذه الكنيسة المندثرة تحت الأرض ؛ ووصفه لمكانها وملامحها . ولكن الشيء الموثق والمؤكد ؛ أنه خلال عام 1968 طلب الصيدلي المهتم بالآثار فؤاد زكي تادرس من البابا كيرلس السادس ؛ تشكيل لجنة علمية للبحث عن كنيسة أتريب ؛ وبالفعل شكل قداسته لجنة بتاريخ 1 اغسطس 1968 ؛ ولقد تكونت اللجنة من :-
1-نيافة الأنبا مكسييموس الرئيس الروحي للجنة .
2-الدكتور باهور لبيب عضو المجلس الأعلي للقافة والفنون والآداب رئيسا للجنة .
3-القمص يوحنا عبد المسيح سكرتير اللجنة البابوية لشئون الكنائس مقرر للجنة .
4-الدكتور زكي تادرس الأثري صاحب معامل الأدوية ناردين سابقا أمينا للصندوق .
5-الأستاذ وهيب مسيحة بطرس الأثري ومدير شركة مصر للسياحة مستشار قانوني للجنة .
6-المهندس ماهر مهني السبكي الأثري وكيل إدارة المنيا بالمنيا عضوا .
7-الأستاذ حشمت مسيحة جرجس مدير إدارة التفاتيش المصرية بمصلحة الآثار المصرية سكرتير للجنة .
8-الأستاذ فيكتور جرجس عوض الله مدير المتحف القبطي بالنيابة عضوا .
9-المهندس رشدي نصيف خبير بوزارة العدل مساعد لأمين الصندوق .
10-الأستاذ خليل مسيحة جرجس المدرس المنتدب بكلية الفنون الجميلة عضوا .
11-الأستاذ منير بسطا دقودق كبير امفتشين بمصلة الآثار عضوا .
ولقد كان حصاد ما وجدته هذا للجنة هو بقايا تيجان أعمدة رخامية وعليها طبقة من الذهب ؛ وأجزاء من الرخام والأواني الفخارية ؛ وبعض العملات المعدنية التي ترجع لعصر الملك قسطنطين ؛ ولكنها لم تتمكن من إكتشاف اكثر من ذلك ( لمزيد من التفاصيل راجع مقالة كاتب هذا االسطور :-تاريخ كنيسة العذراء المندثرة بأتريب ؛ علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ 27 يونية 2017 ) .علاقة نيافته بدير الشهيد العظيم مارمينا العجايبي بمريوط :- أرتيط اأنبا مكسيموس ارتباطا شديدا بدير الشهيد العظيم مارمينا العجايبي بمريوط ؛ وعندما سأله أحد أبنائه عن سر ارتياط نيافته بدير الشهيد العظيم مارمينا ؛ أجاب البابا كيرلس وصاني عليه وقال لي بالحرف الواحد ” خلي بالك من دير مارمينا ” (مطرانية شبرا الخيمة :- الأنبا مكسيموس ملاك في جيله ؛ صفحة 64 ) .
وكان يوجد في قلايته صندوق تبرعات خاص بأسم “دير مارمينا ” وكان في كل مرة يزور فيها هذا الدير كان يأخذ محتويات هذا الصندوق ويفرغها بالكامل للدير دون أن يحاول أن يعرف قيمة ما في داخلها ؛ وكان نيافة الحبر الجليل الأنبا مينا آفا مينا دائما ما يستعين به في طقس رسامة الآباء الرهبان الجدد ؛ ولقد ذكر عنه المتنيح الأنبا غريغوروس ” من عادته أن يقضي معظم وقته في دير مارمينا بمريوط متعبدا ( السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ الجزء الثالث ؛ صفحة 293 ) .
وفي الساعة الحادية عشر وخمس وأربعون دقيقة من يوم الأربعاء الموافق 6 مايو 1992 ؛ فاضت روحه إلي السماء عن عمر يناهز 81 تقريبا ؛ وتمت الصلاة علي جثمانه الطتهر يوم الخميس 7 مايو 1992 بكنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بشبرا البلد ؛ وقام قداسة البابا شنودة الثالث بالصلاة علي الجثمان بحضور أكثر من ثلاثين مطران وأسقف ومئات الآباء الكهنة وأكثر من عشرة آلاف من الشعب داخل الكنيسة ؛ كما حضر صلاة الجنازة مندوبين عن وزير الداخلية والسيد محافظ القليوبية والسيد مدير أمن القليوبية .أخيرا :- بعض الذكريات الشخصية :-مع بالغ الأسف لم تتح لكاتب هذه السطور فرصة التعرف الشخصي علي نيافته ؛ وأذكر أني رأيته رؤي العين ثلاث مرات ؛ المرة الأولي خلال الاحتفال بذكري مرور عشر سنوات علي نياحة قداسة البابا المعظم الأنبا كيرلس السادس في 9 مارس 1981 ؛ حيث ذكر قداسة البابا شنودة الثالث قصة انتداب نيافته لمدينة الكويت ؛ ثم أشار إلي نيافته الذي أومأ رأسه بالموافقة . المرة الثانية كانت في حوش الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ؛ وكان جالسا أمام مكتبة الكلية الإكليركة ؛ فتوجهت لنيافته وقلت له ” ممكن تصلي لي يا سيدنا ؟ ” فما كان من نيافته إلا أن أبتسم لي ابتسامة رقيقة ؛ ثم وضع يده علي رأسي بالبركة . المرة الثالثة والأخيرة كانت في كنيسة السيد العذراء أرض الجولف ؛ حيث كان موجودا لصلاة اكليل أحد أبنائه ؛ فتوجه إلي نيافته أحد خدام الكنيسة لكي يسأله عن طقس معين في القراءات الكنسية ؛ وبالرغم من أن الوقت لم يكن مناسبا للسؤال ؛إلا انه أستفاض في الإجابة بكل ترحاب .
والجدير بالذكر أنه في نفس السنة التي تنيح فيها ؛ كانت أسقفية البحث العلمي ترتب لاحتفال كبير بمناسبة اليوبيل الفضي لسيامة نيافة الأنبا غريغويوس أسقفا للبحث العلمي ( 1967 1992 ) ؛ وعندما تنيح نيافة الأنبا مكسيموس قبل الاحتفال بثلاثة أيام ؛ نادي الانبا غريغيوروس علي سكرتيره الأخ نصحي ( جناب الأب الورع القس يوحنا نجيب راعي كننيسة مارمينا مدينة الأحلام حاليا ) وقال له تلغي الاحتفالية فورا ؛ فرد عليه نصحي وقال طيب الناس االلي عزمناها نعمل معاها ايه يا سيدنا ؟! ؛ فرد نيافته بحزم ” أنا قلت تلغي ” فقال له نصحي ” طيب نعمل حاجة صغيرة علي الضيق ” ؛ رد عليه الأنبا غريغوريوس ” برضه أسمها حفلة مش معقول أخويا لسة متنيح وأنا أعمل حفلة ! .بعض مراجع ومصادر المقالة :-1-مطرانية شبرا الخيمة :- الأنبا مكسيموس ملاكا في جيله ؛ الطبعة الأولي أغسطس 1992 .
2-مينا بديع عبد الملك :- أعمال الآباء بطاركة وأساقفة القرن العشرين ؛ رسالة مارمينا الثامن عشر ؛مطبوعات جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية ؛ الطبعة الأولي 2004 ؛ الصفحات من 119- 122 .
3-رضا حنا :- آية جميلة في تاريخ الكنيسة ؛الجزء الثامن عشر ؛ مراجعة وتقديم الأب الدكتور القمص جرجس لوقا ؛ الصفحات من 25-42 .
4- فايز فوزي :- ملف كلمل عن الانبا مكسموس بمناسبة تذكار نياحته التذكار الثامن عشر ؛5 يونية 2010 .
5-موسوعة تاريخ أقباط مصر :- الأنبا مكسيموس أسقف القليوبية …. قديس معاصر .
6- الإكليركي منير عطية :- السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس ؛ الجزء الثالث ؛ جمعية الأنبا غريغيوريوس ؛ صفحة 293 .
7-ماجد كامل :- تاريخ كنيسة السيدة العذراء المندثرة باتريب ؛ موقع الأقباط متحدون بتاريخ الثلاثاء 27 يونية 2017 .