_ الكتاب: دراما الصلب ( ستة أجزاء ).
_ الكاتب: نيافة الأنبا مكاريوس أسقف مدينة المنيا وتوابعها.
_ الناشر: ايبارشية المنيا وابو قرقاص للأقباط الأرثوذكس.
” إن جميع الأشخاص الذين تلامسوا مع صليب المخلص سواء بشكل إيجابي أو سلبي، كان هذا التلامس أعظم ما جرى لهم في حياتهم، بعضه دخل التاريخ من خلاله كشرير خالد ،والبعض الآخر كبار خالد ، كذلك الأشياء والأدوات التي تلامست مع الصليب صارت اغلى واغنى واهم الأشياء بسبب ذلك فالمسامير التي صلب بها الرب صارت أثمن قطعه حديد في الوجود وكذلك الخشب والمطرقة والشوك ، كذلك تقدست دار الولاية والجلجثة وبيت حنان وقيافا والبستان والعلية ، وأعطى السيد المسيح لكل هؤلاء وهذه الأدوات قيمة وأهمية، لذلك ارجو للجميع متعة وتفاعل اكثر مع احداث القبض على المسيح ومحاكمته وصلبه وموته ودفنه وقيامته المقدسه” .
بهذه الكلمات المؤثرة كتب نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام و أسقف إيبارشية المنيا وابو قرقاص في مقدمة الجزء الاول من سلسلة ” كتاب دراما الصلب .. دراسة حول الشخصيات والأماكن والأدوات ” الذي يتكون من سته أجزاء وصدر أول جزء منها عام 2010.
يحتوي الجزء الأول على العديد من الموضوعات المهمة ويشمل : اسبوع الآلام و كيف نسلك فيه، علية صهيون، جثسيماني ، قيافا رئيس الكهنة، مجلس السنهدريم ، يهوذا الاسخريوطي، دار الولاية، بيلاطس البنطي ، بروكولا، باراباس، اكليل الشوك، جند الرومان، خشبة الصليب المقدسة،اثار اخرى نفسية تتعلق بصلب السيد المسيح، قميص السيد المسيح، سمعان القيرواني، الجلجثة، يوسف الرامي، نيقوديموس.
_ الطريق الى الآلام:
يلقى الجزء الثاني من سلسلة كتاب ” دراما الصلب ” الضوء على جانب من أحداث أسبوع الآلام ، ففيه من الثراء والغنى الشيء الكثير بدءا بسبت لعازر حيث استبق الرب الاحداث واقتحم الموت في عقر داره وخلص لعازر منه، ومن ثم تآمر عليه اليهود ، الي دخوله منتصرا أورشليم، الي تبكيت الأمة اليهودية التي لم تثمر كالتينة التي استحقت اللعنة , الي احاديث الرب عن الوزانات والتوبة وخراب اورشليم ونهايه الأيام، الي التآمر عليه بين اليهود ويهوذا ، ثم تقديم جسده ودمه عنا ، الي ليله القبض عليه في جثسيماني ، الي رحله المحاكمات طوال الليل وحتى أسلم ليصلب، والأحداث العظام التى رافقت ذلك حتى استراح في القبر في السبت وهو حي لا يموت، ثم يتكلل كل ذلك بقيامته المقدسة اذ لم يكن ممكنا ان يمسك من الموت وحينئذ تتهلل كنيسة المسيح “قام بالحقيقه قام” .
ويتكون الجزء الثاني من عدة موضوعات ( اسبوع البصخة، سبت لعازر، هكذا احب الله العالم، الشعانين والصليب، أتان وجحش ابن اتان ، يسوع يبكي أورشليم، التينة والرياء، الحان اسبوع الآلام، حجر الزوايا ،شجرة الحياة ، آلام الرب يسوع النفسية، شق الثياب ماذا يعني، لغتك تظهرك، يسوع الشاب النبيل، دم هذا البار، بنات أورشليم ، فيرونيكا، اللافتة، الخل والمر، حقيقه صلب المسيح، القبر المقدس ، المسيح قاهر الموت، القبور تفتحت، سبت الفرح”.
_ الأدوات المقدسة؛
يكشف الجزء الثالث من كتاب ” دراما الصلب ” كيف قدس السيد المسيح كل شيء لمسه سواء كان الاشخاص او الأراضي او الأشياء حتى الاشخاص الاشرار الذين تعاملوا معه دخلوا التاريخ وان كان من باب الشر، فان كان بامكان الشخص أن يقدس مكانا ما بسبب بره وقداسته، فكم بالحري السيد المسيح الكامل كمالا مطلقا والقدوس قداسة مطلقة ، ان الأبرص لم يستطع ان ينجسه بسبب برصه بل نال الشفاء بمجرد لمسه، وهكذا نازفة الدم ، وهكذا المزود الحقير صار مشتهى قلب الجميع ان يتباركوا به، وهكذا السلسلة، واكليل الشوك وقبره الذي عوضا عن رائحه الموت التي توقع الكثيرون ومنهم المجدلية ان تنبعث منه صار ينبعث منه نور لا يوصف في كل عام في ذكر القيامة المقدسة، وان كنا نحتفظ بما استعمله القديسون في حياتهم لنتبارك به و نحتفظ به في حرص ، فكم بالأحري ما تلامس معه الرب و وطئته قدماه المقدستان لقد تخضبت خشبة الصليب بدمه الأقدس حتى اننا نقول: “السلام لخشبة الصليب المحيية” .
ويتكون الجزء الثالث من عدة موضوعات وهي ( الام المسيح و الامنا ، ان كنا نتألم معه …فلكي نتمجد معه ايضا ، التبعيات المرفوضة ، السعف و الاغصان و الشعانين، تطهير الهيكل ، لا يترك ههنا حجرا على حجر لا ينقض، اربعاء ايوب ، من هو الاعظم ؟يارب هوذا هنا سيفان، عبد رئيس الكهنة ،صياح الديك و انكار بطرس ،صياح الديك في حياتنا ،اللص الشمال ،انشق حجاب الهيكل ،المسيح و مراثي ارميا ،رشم علامة الصليب ،مريم المجدلية ،لماذا رفض اليهود السيد المسيح ؟ ماذا نتعلم من هذه الايام ؟، القيامة و الافخارستيا ).
_ بيلاطس البنطى ..التاريخ والفن :
تحت عنوان بيلاطس البنطي ياتي عنوان الجزء الرابع من كتاب دراما الصلب الذي خصصه الأنبا مكاريوس لبيلاطس البنطي، ذلك الوالي المدني الذي حوكم السيد المسيح مدنيا قدامه بعد ان تمت محاكمته دينيا امام رؤساء الكهنة و مجلس السنهدريم. وقد كان بيلاطس اكثر نبلا من اليهود المشتكين على السيد المسيح ، بل إن محاولاته اطلاق سراح السيد المسيح وصلت الى محاولات ثمانية ، ولكن السيد المسيح بحسب التدبير كان قد قرر ان يقدم نفسه فدية عن البشر. ومع ذلك لا يعفي كل من اليهود وبيلاطس ويهوذا من المسؤوليه لقاء ما أساءوا به الى السيد المسيح، كان اليهود على علم تام بالنبوات ولكنهم رفضوا المسيا، وكان بيلاطس على يقين من براءته ولكنه خشى على كرسيه فأسلمه ليصلب ، وكان يهوذا تلميذا ومسؤولا ماليا عن الجماعة ولكنه خان وسلم معلمه .
ويشرح هذا الجزء كيف جاء بيلاطس حاكما لليهودية وكيف تعامل معه اليهود، وكيف انتقم منهم شر نقمه في اكثر من واقعة ، ويشرح كذلك موقفه من السيد المسيح اثناء المحاكمات وبعد الصلب والدفن، وكيف انتهت حياته، وكيف دخل التاريخ من باب الشر وصار ضمن الاشرار الخالدين، وصار اسمه يتردد في قانون الايمان وكثير من الليتروجيات بسبب شهادة الحق التي نطق بها أمام السيد المسيح، وصار شاهدا على بر المسيح وبراءته ، وحقيقة صلبه وموته وقيامته .
ويشتمل هذا الجزء على اربعة ابواب : ( من الحرس الامبراطوري الى ولاية يهودية، بيلاطس في اليهودية انجازاته وخلافاته مع اليهود، بيلاطس يقف امام المسيح، بيلاطس في الاوبوكريفا والفن والمخطوطات ) .
وتحت عنوان بيلاطس البنطي في الفن يشير الكتاب إلي انه صار (برغم انه كان احد الضباط المغمورين) الأشهر في التاريخ الروماني، كما ان مشهد غسل الايدي هو منظر يفرض نفسه في تاريخ الفن ، ويوجد ضمن مشاهد الام وصلب المسيح حتى في القرى المتواضعة النائية، فقد وجدت مباني اثرية من الجرانيت عليها مناظر مجسمة لمراحل الام المسيح في جبال كالفرين المتأكلة في البرتاجنا، منذ عصر الطعون وما بعده 1598 وهي صورة حجرية من العهد الجديد. وفي مخطوطات عصر النهضه القرن السادس عشر يوجد نموذج رائع بيلاطس يجلس على منصة عالية ويقف وحارسان وهما يحملان صوره الامبراطور الروماني وتوحى الصورة عموما بثورة اليهود لحمل بيلاطس على تنفيذ مطالبهم كقاض مسؤول في اورشليم.
ومع الوقت صار وضع المسيح امام بيلاطس يظهر من قبل الفنانين بكثير من الاستفاضة والتوسع والتخيل الخصب، منها رسوم كتب المزامير في ” شتوتجارت”، حيث نجد بيلاطس يضع يده اليمنى تقريبا على كتف السيد المسيح كما لو كان يعيد ان يتكلم هذا الصامت، ومن الرسوم المفرحه لرسامي العصور الوسطى يوجد رسم رباعي الاجزاء في دير ستسير سيدني في بلدة هيل برون للفنان يظهر فيه بيلاطس و فوق عنقه شيطان صغير وامامه يسوع في هيئة ملوكية .
_ آلام المسيح وصلبه:
يدور الجزء الخامس من كتاب دراما الصلب حول آلام المسيح وصلبه وقيامته ، هذه الأحداث التي احتلت اصحاحات كاملة من العهد الجديد، وهي الأحداث الاهم في حياه السيد المسيح بالجسد على وجه الإطلاق، وقد تكللت القيامة المقدسة والتي هي العمود الفقري للمسيحية ونحن نعيش هذه الأحداث ليس كتاريخ نرويه.. كلا .. وإنما نتألم معه بقلوبنا، ونغطى وجوهنا خجلا منه لان خطايانا سببت له كل هذه الالام الجسدية والنفسية ، ونشعر خلال هذا الاسبوع ان كل ما يكابده السيد المسيح كان من نصيبنا نحن ولكنه تألم عوضا عنا . ونتابع النبوات وتحقيقها ، ونرتل الالحان مقدمين اسمى عواطفنا ننحنى قدام صليبه، ونسكب انفسنا سكيبا عند قدميه، ونطلب منه ان يغفر لنا خطايانا .
وتنقضي احداث الصلبوت لنستمر في وضع اثقالنا و متاعبنا واحتياجاتنا على ذبيحته فوق المذبح ، فالذبيحة التي قدمت على الصليب فوق الجلجثة ما تزال مستمرة حتى المجيء الثاني للمسيح في مجده . اننا نصف الامه بانها” الالام المحيية ” وصارت احداث تلك الجمعة المسماه بالكبيرة ملهمة للاهوتيين والروحيين والكنسيين والموسيقيين والفنانين والادباء ، وتحولت قصه الصليب الى ملحمة حب: ” مع المسيح صلبت، فأحيا لا انا بل المسيح يحيا في ، فما أحياه الآن في الجسد فانما أحياه في الايمان، ايمان ابن الله الذي أحبنى واسلم نفسه لأجلي ” ( غلاطية ٢ : ٢٠ ).
ويقدم الجزء الخامس العديد من الموضوعات منها : ( لماذا نحتفل بالاعياد ، عقيده الفداء، على مشارف الصليب ،ختام الصوم، المسيح وهيرودس، ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه، اذهب عني يا شيطان، نفسي قد اضطربت، طوبى لذلك العبد، الطيب واكرام القديسين، قارورة الطيب ، الفصح خشبه الصليب ،يوم الكفارة ، كلمات السيد المسيح على الصليب، نتالم ونقوم معه، نزل الى الجحيم من قبل الصليب، ما بين الصليب والقيامة ، خرج غالبا لكي يغلب الغالب، القيامة والفداء، الخمسين المقدسة اتبعني انت ).
_ شخصيات الصلب:
يتضمن الجزء السادس من كتاب دراما الصلب، مقالات حول الشخصيات التي كانت موجودة حول الصليب سواء في التآمر على الرب او القبض عليه ومحاكماته الدينية والمدنية ، وساعات الصلب، ثم الدفن والقيامة، كما يتضمن بعض المقالات الاهوتية والروحية والطقسية المتعلقة بايام المسيح الأخيرة بالجسد على الأرض والفداء الثمين الذي قدمه.
ويشتمل الكتاب على العديد من الموضوعات منها : الفتيلة المدخنه والقصبة المرضوضة، ليس نبي بلا كرامه الا في وطنه ، من يهلك نفسه من اجلي يجدها ، من هو الاعظم، حجر الزاوية ،طوبى لذلك العبد ، لا اعرفك، تعالوا الى ابعدوا عني، يسوع المسيح والمسيئون اليه، خطية الخيانة، الاشرار في حياتنا، ملاك من السماء يقويه، ذبح اسحاق، طوبى لعيونكم لانها تبصر، تبعية المسيح وحمل الصليب، واحصى مع اثمة ، نحن بعدل جوزينا، سينظرون الي الذي طعنوه، حقا كان هذا الانسان ابن الله، الشهيد لونجينوس ، ويغفر لنا خطايانا ، لحن القيامه، كيف نعيد عيدا روحيا ، القيامة والاسئلة الحتمية ، القيامة وجهادنا اليومي.
_ آلام الرب يسوع النفسية:
ويوضح كتاب دراما الصلب أن أسبوع الآلام يبدأ منذ سبت لعازر حيث تشاور رؤساء اليهود على السيد المسيح بعد معجزة إقامة لعازر من الموت، فقد حدثت معجزات شفاء مرضى كثيرة واخراج شياطين، لكن إقامة ميت في القبر أحدث دويا هائلا، ولا سيما قد بدأ السياح يتوافدون عشرات ومئات الآلاف من كل بلاد العالم للاحتفال بالفصح ، وبدأوا يسمعون بالمعجزه وجاءوا ليروا يسوع، وبالتالي سيبشرون به في بلادهم ، الأمر الذي أزعج رؤساء اليهود، ” ان تركناه هكذا يؤمن الجميع به فياتي الرومانيون وياخذون موضعنا وامتنا ” (يوحنا ١١ : ٤٨ ) ، وعقد اليهود مجمعا صرح فيه قيافا :” بانه خير ان يموت واحد عن الأمه” ، فالسيد المسيح اقتحم الموت يوم السبت، والسبت هو يوم الذي يسبق الحياة الجديدة بالقيامة وكان هو آخر سبت.
وتحت عنوان آلام الرب يسوع النفسية يوضح انبا مكاريوس ان الآلام التي كابدها السيد المسيح لم تكن آلاما جسدية فقط بالرغم من انها كانت شديدة جدا ،حيث كانت آلام الصلب وما قبلها يصعب وصفها لشناعتها حتى ان الرومانيين واليونانيين خجلوا من ذكرها ، ما بين إهانات في القبض عليه ،وعملية الجلد الوحشية ، الى اكليل الشوك الدامي ، الى دق المسامير في اللحم ، وارتطام الصليب في الحفره وهو معلق عليه.. الخ .
لقد كان السيد المسيح انسانا كاملا جسدا ونفسا و روحا، ولم يحل اللاهوت محل الروح الانسانية، كما ادعى بعض الهراطقة ، فلكي يفتدينا كبشر كان من الضروري ان يتخذ جسدا كاملا، فالجسد تألم كما هو واضح من الأناجيل والتاريخ، وايضا النبوات التي تثبت وجود الجسد الحقيقي ، والنفس تألمت حيث عبر عن ذلك بقول” نفسي حزينة جدا حتى الموت” ( متي٢٦ : ٣٨ ) ،وعن الروح قال : ” يا ابتاه في يدك استودع روحي” ( لوقا ٢٣ : ٤٦ ) ،ولان اللاهوت لم تقع عليه الآلام ، ولكي يشرب الرب الكاس كاملة فان النفس والجسد تألما كثيرا ولكن كيف تالم المسيح نفسياً؟ الحقيقه عن الام السيد المسيح النفسية بدات منذ ولادته فقد انتقلت مريم العذراء مع يوسف وهي ما تزال حبلى من الجليل الى بيت لحم بسبب الاكتتاب وهي رحله شاقة على الاثنين ، وولد السيد المسيح في مزود لم يكن له موضع او بيت.
_ بستان جثيسماني:
تُعتبر ضيعة جثسيماني من أغنى قصص دراما الصليب، إذ جاءت في البشائر الأربعة تفصيلية ومؤثرة أيما تأثير، حتى أنها من المحطات التي تأخذك – من خلال المطالعة- إلى عمق الحدث.. كان السيد المسيح قد اعتاد التردد على الجبل المُسمى جبل الزيتون بشكل عام، بينما اعتاد المبيت والاختلاء في البستان الذي هناك، فعلى جبل الزيتون علّم كثيرًا واجتمع مع تلاميذه، هناك سأله تلاميذه عن علامات انقضاء الدهر (متى 3:24) (مرقس 3:13).
وفي تلك الليلة، ليلة آلام الرب، ” فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ” (يوحنا 4:18)، لقد أكل الفصح معهم، ثم أسّس الإفخارستيا بتقديم جسده ودمه الأقدسين، وكان قد قرر أن يفعل كل شيء لأجلهم إلى حد تقديم نفسه بالصليب عنهم “أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى” (يوحنا 1:13). سبّح السيد المسيح مع تلاميذه ما كان يُعرف بـ “الهلليل العظيم”، وهو مزامير الفصح (مزامير 113-118) ثم خرج معهم إلى جبل الزيتون إلى جثسيماني “ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ.” (مرقس 30:26) (مرقس 26:14). خرج السيد ومعه تلاميذه من الباب المُسمى الآن “باب استفانوس” عبر وادي قدرون والذي ينخفض إلى ثلاثين مترًا، ومن ثم عبروا إلى الطريق الصاعد المزروع بأشجار الزيتون والذي يتشّعب من وادي قدرون.
ورغم أن بستان جثيسماني قريب من أورشليم، كما أشار كل من البشيرين الأربعة وكذلك سفر الأعمال (أعمال 12:1) أيضًا: (متى 1:21، مرقس 1:11، لوقا 37:19). وهو يبعد عن أورشليم مسافة نصف ميل، وفي مقابل الهيكل تمامًا والبستان كما هو اضح من تسميته مليء بشجر الزيتون، والزيتون هو أحد المحاصيل الرئيسية في اليهودية ( تين – عنب – زيتون) وفي البستان معصرة للزيتون ومن هنا جاءت التسمية “بستان جثسيماني” ويراد وصف الموضع ببستان في (يوحنا 1:18) “وَخَرَجَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى عَبْرِ وَادِي قَدْرُونَ، حَيْثُ كَانَ بُسْتَانٌ دَخَلَهُ هُوَ وَتلاَمِيذُهُ”، كما يوصف بالحفل في (متى 36:26).
ولعلنا نتساءل : أين يقع المكان الآن؟ يختلف اليونانيون مع الأرمن مع الأوروبيين في تحديد مكان بستان جثسيماني، ولكن الموضع بشكل عام يقع على سفح الجبل فوق الطريق الواصل بين أورشليم وبيت عنيا. وتفيد أقدم التقاليد بأنه عند زيارة الملكة هيلانة لأورشليم سنة 326م. حدّدوا لها الموقع من خلال كنيسة للسيدة العذراء على مسافة خمسين مترًا إلى الشرق من القنطرة على وادي قدرون مقابل الهيكل.
وفي الموضع الذي كان فيه البستان ، كان الرهبان الفرنسيسكان يحيطونه بالأشجار والورود عندما سكنوا هناك، حيث اعتنوا به جدًا، وهناك توجد ثماني شجرات يُقال إنها ترجع إلى زمن السيد المسيح في تجسده، والأرجح أنها “خليفه منها” (أي من خلال عملية الشتل المستمرة)، لا سيما وقد ذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن تيطس القائد الروماني والذي دمر أورشليم. وهناك على مسافة تسعين مترًا يوجد كهف يُقال أنه المكان الذي جثا فيه السيد المسيح وصلى حيث صار عرقة كقطرات دم “وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.” (لوقا 44:22) .
خرج الرب يسوع من العلية متجهًا إلى هناك وخلفه تلاميذه، في حالة من الرهبة الشديدة، تتجاذبهم الأفكار، وينتظرهم عدو مجهول يتوقعونه، وتزاحمت الأفكار في رؤوسهم واسترجعوا أقوال معلمهم الخاصة بآلامه وموته، عندما كانوا يسمعوها منه كانوا يتعجبون أو يستنكرون.. وفي أكثر من مناسبة نبّههم إلى ذلك “لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ».” (مرقس 9:31) (متى 22:17، 18:20، لوقا 44:9، 32:18). وهذه كانت أصعب الدقائق التي عاشوها قبل الآلام والصلب.
وفي الطريق حذرهم السيد وربما عاتبهم وربما أشفق عليهم: “حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ،لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ.” (متى 31:26)، ولكن القديس بطرس احتج بحب وغيرة بأنه وان شك فيه الجميع فهو لن يشك، وأنه مستعد أ، يموت معه، فنظر إليه الرب في حب وشفقة وأخبره بمرارة بأنه سوف ينكره في تلك الليلة عينها.. وقد صدق قول الرب، وندم بطرس وتاب، وقَبِلَ الرب توبته وأعاده إلى ربتبته قبل صعوده إلى السموات: “أتحبني.. ارع غمني” (يوحنا 16:21،17). وتحقق قول الرب، إذ تبدد التلاميذ بعض القبض عليه. ولم يجتمع شملهم إلا بعد الأخبار الفرحة بقيامته ثم ظهور الرب لهم أكثر من مرة في أكثر من مكان.
ترك الرب ثمانية منهم في بداية البستان، بينما اصطحب الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا، وهم الثُلاثي الذي رافقه في بعض المهام، مثل حادثة التجلي (متى 1:17)، وعند شفاء ابنة يايرٍُ (مرقس 37:8)، وحتى بعد صعود السيد المسيح نقرأ في سفر الأعمال كثيرًا كيف كان يوحنا مع بطرس (أعمال 1:3).
ترك الرب تلاميذه الثلاثة على بُعد رمية حجر، أي حوالي الثلاثين مترًا، وانفرد عنهم وجثا على ركبتيه وصلى “وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى” (لوقا 41:22). وقد صلى السيد ليس لأنه في احتياج إلى ذلك أو أنه منفصل عن الأب أو أقل منه، ولكن صلى ليعلمنا أن نصلي عند المحن، وصلى مُقدِمًا طاعته الكاملة للآب رغم مرارة الكأس وقسوتها “تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ،وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ،إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ،وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».” (متى 39:26) (متى 42:26، مرقس 36:14، لوقا 42:22). هكذا أطاع السيد حتى الموت موت الصليب. لذلك يصف بعض الآباء هذه الصلاة “بصلاة التكريس الكامل”.
وقد صلى السيد وعاد إليهم فوجدهم نيامًا في المرات الثلاث، وكان يعاتبهم: “ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً،فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهَكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟” (متى 40:26)، وفي والنهاية أشفق عليهم قائلاً: “نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا” (متى 45:26). لقد عاتبهم وتعجب كيف أنه يفعل كل ذلك لأجلهم بينما هم لا يدركون ولا يحتملون حتى الأدوار الصغيرة! لقد ناموا… ونسوا أن كل ما يفعله السيد إنما يفعله لأجلهم، لقد تألم نفسيًا وبسبب هذه المعاناة الشديدة ارتفع ضغط الدم، ومع أن البعض يرى أن الشعيرات في الجلد قد تفجرت، إلا أنه يمكن أن يؤخذ تعبير “صار عرقه كقطرات دم” قد يعني مجازيًا أنه عانى كثيرًا وتصبب عرقًا بغزارة، مثلما نقول “بكى فلان دمًا” أو “بكى بدل الدموع دمًا”. ثم نصحهم نصيحة لحياتهم بشكل عام قائلاً: “اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».” (متى 41:26) (مرقس 38:14، لوقا 46:22). هذه دعوة من السيد المسيح للصلاة مع السهر، أو السهر في الصلاة، حيث يهب ذلك للإنسان قوة يجابه بها التجارب والضيقات، كما دعا السيد المسيح تلاميذه ونحن معهم. إلى ملاحظة أن الجسد لكونه ضعيف فإنه يميل إلى الكسل والتراخي، بينما الروح ولأنه نشيط فيجب أن نخضع ذلك لهذا.
هذا وقد رأى بعض الآباء في مشهد السيد المسيح بمفرده راكعًا، وعلى بعد قليل ثلاثة من تلاميذه وعلى مسافة أكبر نسبيًا منهم الثمانية الآخرون (بعد أن خان يهوذا الكل وانفصل عنهم) رأوا رمزًا للهيكل حيث الدار الخارجية والقدس وقدس الأقداس!.
لم يشأ الرب أن يسلم نفسه لرؤساء اليهود قبل الموعد الذي سبق فحدده، عندما قال السيد المسيح لتلاميذه: “نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا” (متى 45:26)، كان الذين جاءوا للقبض عليه قد لاحوا عن بعد، حينئذ قال لهم: “قُومُوا نَنْطَلِقْ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ!” (متى 46:26)، أما الجمع الذين كانوا مع يهوذا فهم اليهود المتعصبون الذي حرّك الرؤساء مشاعرهم ضدّ المسيح، وقد خرجوا بشكل همجي بسيوف وعصي، مما جعل السيد يعاتبهم وكأنهم قد خرجوا للقبض على لص، وفي إنجيل القديس لوقا نقرأ أنه كان مع الجمع بعض من رؤساء اليهود، ربما كانوا من أعضاء السنهدريم، بل أكثر من ذلك نذكر أن عتاب السيد كان موجهًا أيضًا إلى رؤساء الكهنة! “ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلَكِنَّ هَذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ».” (لوقا 52:22-53). فهل جاء بعض منهم، نحن نعرف أنه في ذلك الوقت كان رئيس الكهنة الرسمي هو قيافا بينما كان حماه حنان ما يزال حيًا ويعمل في الخفاء ويؤثر في قرارات صهره، وأما جند الهيكل فهم الحراس اليهود الذين كانوا يقومون بالحراسات داخل الهيكل ولهم قائد يُدعى “قائد جند الهيكل” هذا يعني أن القبض على يسوع لم يأت بأمر من الرومان، ولكن اليهود أنفسهم هم الذين بادروا بذلك وحاكموه قبل أن يسلموه إلى الرومان في الصباح.. “فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ.” (لوقا 54:22).
عندما قرروا القبض عليه، كان يهوذا هو الدليل إذ كان يعرف الموضع الذي اعتاد المسيح أن يقضي فيه أوقاتًا كثيرة مع تلاميذه وكان يهوذا معهم في كل مرة، وقد خشى رؤساء اليهود أن يقبضوا على شخص آخر غير المسيح في ضل الضوء الخافت، فقام يهوذا بدلّهم على المكان ثم دلهم على الشخص الملطوب وذلك من خلال القبلة ، هي أشهر وأسوأ قبلة في التاريخ، كان ظاهرها الحب وباطنها الخيانة، وبينما تعني القبلة “لغةً” قبول الآخر واقتبال الآخر والرغبة في الاحتفاظ به في الداخل وفي العمل، كان يهوذا في الواقع يرفض السيد ويبيعه، والكلمة “قبلة” الواردة هنا تأتي في الأصل اليوناني “قبلة كثيرًا” “فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ.” (متى 49:26)، انظر أيضًا (مرقس 45:14).
وفي باكر خميس العهد نتذكر ذلك بمرارة ونحن نعيش طقس خيانة يهوذا، وندور في الكنيسة في اتجاه عكسي ونردد لحن “يوذاس” الذي يروي بألم شديد ما فعله يهوذا، ومنذ ليلة الأربعاء ونحن نلتزم طقس عدم التقبيل في الكنيسة لكي لا ننسى أن يهوذا سلّم السيد بقبلة غاشة ونرتل مزمور “كلامه ألين من الدهن وهو نصال” وهو اللحن المعروف “آف اتشنون” والمأخوذ من المزمور 55 “أَنْعَمُ مِنَ الزُّبْدَةِ فَمُهُ وَقَلْبُهُ قِتَالٌ. أَلْيَنُ مِنَ الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ وَهِيَ سُيُوفٌ مَسْلُولَةٌ.” (مزمور 21:55).
عندما سألهم السيد المسيح من تطلبون؟ كان السؤال تبكيتًا لهم من جهة ومن جهة أخرى استنكارًا لما أقدموا عليه، وليس عجيبًا أن يردوا عليه بسذاجة: “يسوع الناصري” فهم يطلبون شخصًا هو في نظرهم مجرد إنسان مهيج للشعب.. مخالف للناموس.. ابن النجار.. كما انه من الناصرة لا يمكن أن يخرج شيء صالح! (يوحنا 46:1).
عندما أجابهم السيد المسيح بهذه العبارة “أنا هو” رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض “فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ.” (يوحنا 6:18). وقد يتعجب القاريء من ذلك، فقد جاءوا ومعهم يهوذا للقبض عليه دون أن يلتبس عليهم الأمر، ولكنهم يرتعبون ويسقطون!، والسبب ببساطة أن السيد عندما قال لهم “أنا هو” كان يعلن عن نفسه أنه هو الله “إيجو إيمي” أو ما يوازي في العهد القديم “يهوه” وقد صدمهم الرد عندما فوجئوا أنهم في مواجهة مع الله ذاته، فقد كان من العادة ألا ينطقوا لفظة يهوه بشفاههم البتة، ومتى كانوا يقرأون وجاءوا عند هذه الكلمة استبدلوا في النطق بـ “أدواني” أي السيد، ولم يتوقعوا أبدًا أن الشخص الذي جاءوا للقبض عليه سوف يعلن عن نفسه هكذا.
ومع ذلك أغلقوا قلوبهم وأذهانهم دون الحق ” يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ».” (مرقس 12:4)، ولم يستطيعوا القبض عليه إلا عندما سمح هو لهم بذلك. ثم قال لهو دعوا هؤلاء يذهبون (يوحنا 9:18). هكذا سقط الإنسان في بستان وافتُديّ في بستان.
وعن جثسماني الآن:توجد في الموضع الآن كنيسة مبنية تُدعى “كنيسة كل الأمم” بُنيت في الفترة ما بين 380-390م. وقد ذكرتها الحاجة الاسبانية “إيجيريا” في القرن الرابع، وقد اكتُشِفَت أساساتها تحت الكنيسة الحالية.
_ خشبه الصليب المقدسة:
وتحت عنوان ” خشبة الصليب المقدسة ونفائس اخرى” يشير الأنبا مكاريوس الي ان الرومان احتفظوا دائما في مخازنهم بادوات الصلب بما فيها الخشب والمسامير والمطرقه وبعض الحبال والاسفنج وسائل المر مع الاوتاد والحراب وغيرها، وقد نفذوا عمليات الصلب باكثر من طريقه من جهة التعليق، فاحيانا كانوا يربطون المحكوم عليه بالحبال فوق صليب كامل مطروح الارض ومن ثم يرفعونه ويثبتوه في حفره في الارض عموديا عن طريق الاوتاد حول القائم من الاسفل ، واحيانا يثبتوا المصلوب بالسامير قبل غرس الصليب في الارض… وغيرها من الطرق.
اما عن نوع الخشب المستخدم للصلب فهناك ما يفيد في التقليد بانه كان من خشب السنط نظرا لصلابته، والبعض يرى انه من خشب الزيتون المنتشر هناك .. وبعد ايام من انزال المصلوبين الثلاثه من علي صلبانهم وضع رؤساء اليهود الخشبات الثلاث داخل القبر مع المسامير ايضا التي سمر بها المخلص، وامروا بعد قيامه المسيح بقليل بتكديس القمامة فوق القبر لاخفاء معالمه بسبب العجائب الكثيرة التي كانت تجري هناك.
وعندما عثرت عليه الملكة هيلانة بعد ما حضرت الى اورشليم بعد فقدانها ابنها كريسبس وقد قاربت الثمانين من عمرها وبعد سؤال كثير وتعب شديد ومعاناة مع اليهود اعترف احد شيوخهم ويدعي يهوذا بوجود المكان مشيرا اليه حيث كان يعلوه تل من القمامة وقد استطاعت تتميز صليب السيد من الصلبان الأخري بان وضعته على ميت فقام في الحال، ويقول المؤرخ ريفينوس أن الملكة هيلانة أمرت بتشيد كنيسة القيامه فوق القبر ووضع فيها صليب السيد المسيح، وارسلت الى البابا اثناسيوس الرسولي في مصر تطلب اليه الحضور لتدشين الكنيسة ففرح وجاء وقام بتدشينها في سنة 328 ميلادية ، ويعرض في التقليد ان رهبانا من بلاد عديده ما بين مصر وسوريا وبلاد ما بين النهرين قد حضروا التدشين، وقد عرفت بكنيسة القيامة ويسميها سكان القدس بكنيسة القبر المقدس.
وقد أشار مار اغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك السريان الارثوذكس الاسبق الى ان الملكة هيلانة قد تركت جزءا من الصليب في اورشليم بينما ارسلت الباقي الى القسطنطينية ، اما الملك قسطنطين فقد امر بتوزيع اجزاء من خشبه الصليب على كافه كنائس العالم وقد حصلت روما على قطعة كبيرة منه، بينما وضع الجزء المتبقي في كنيسة القسطنطينية، و ويذكر كذلك القديس كيرلس الاورشليمي ان اساقفة اورشليم كانوا يوزعون منه قطعا على كبار الزائرين كبركة حتى انتشرت اجزاؤه في العالم كله خلال وقت قصير، ولكن تقليدا يقول إن خشبة الصليب كانت تنمو من تلقاء ذاتها مهما اخذ منها وذلك بسبب البركة التي نالتها من صلب الرب يسوع عليها .
_ السيد المسيح قاهر الموت:
وتحت عنوان “المسيح قاهر الموت ” يكشف الأنبا مكاريوس ان البشرية ورثت بالسقوط فساد الطبيعة ودخول المرض ، وتمرض الأرض وتجاسر الشياطين ،ودخول الموت الى العالم، وبتجسد المسيح تجددت الطبيعة البشرية ، واعلن الرب سلطانه على المرض، واعاد للانسان سلطانه على الطبيعة، وسلمه كيف يهزم الشيطان ويغلب الخطية والعالم، فترك له شيطانا مهزوما ،وعالما مغلوبا ، ودواء للخطيه. اما الموت فقد داسه إذ دخل إلى عرينه وهزمه ، حيث اقتحم الموت يوم السبت إذا قام لعازر بعد أربعة ايام وقال لمرثا : “انا هو القيامة والحياة ومن آمن بى ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيا وآمن بي فان يموت الى الأبد” ( يوحنا ١١ : ٢٥- ٢٦) و انتصر السيد المسيح على الموت .