يُعد أحد المولود أعمى هو الأحد السادسة من الصوم المقدس، المولود أعمى هذا كان محروماً من رؤية الأشياء المادية والآن أصبح له بصيرة يرى بها المسيح.
وفي نهاية الصوم، نكون مطالبين بالرؤيا القلبية الروحية لله؛ لأن الصوم ساعد على تنقية القلب وأتقياء القلب يعاينون الله، وهذه هي ثمار الصوم المقدس، تبدأ عيون قلوبنا الروحية ترى الله، وترى إرادته في أحكامه وكل أعماله من حولنا، وعندئذ نثبت نظرنا في المسيح ونشهد ونسجد له كما فعل المولود أعمى.
ويجب أن نقول مع ” كنت أعمى والآن أبصر ” لقد كنا عميان فأنار بصيرتنا وكشف عن أعيننا فأبصرنا عجائب من شريعته.
ولكى ندرك كيف نبصر عجائب الله.. ونرى ما اشتهي الأنبياء أن يروه؟ .. تحدث موقع جريدة “وطنى” مع أحد مسئول الكنيسة.
قال القس أنطونيوس سمير كاهن كنيسة العذراء والأنبا باخوميوس بكوبرى الناموس بالإسكندرية: عندما رأى السيد المسيح المولود أعمى وكان معه تلاميذه “سأله التلاميذ يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى وُلد أعمى” ( يو 9 : 2 ) كنا ننتظر أن يتسرع الأعمى ليدافع عن نفسه ويقول لهم ليس لكم شأن من المخطئ لكن لم ينطق بكلمة حتى دافع عنه السيد المسيح وقال لا هذا أخطأ و لا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه وفى ذلك كان يحقق قول الكتاب “الرب يدافع عنكم وأنتم صامتون”.
طلب منه السيد المسيح أشياء غير طبيعية ويستحيل على العقل البشري أن يقبلها.. في البداية وضع طينا وطلى عيني الأعمى فالعقل يعرف أن الطين لو وضع في عين سليمة يضرها لكن الأعمى لم يتذمر.. وبعد ذلك قال له اذهب وأغتسل في بركة سلوام وهذا المكان يبعد 6 ك عن المكان الذي تقابل فيه السيد المسيح مع الأعمى فكيف يسير وهو أعمى ووجهه ملطخ بالطين كل هذه المسافة وكان من الممكن أن يعتبر ذلك إهانة وذل له لكنه قبل ذلك بتسليم كامل لشخص لم يكن يعلم بعد أنه المسيح.
تخيلوا معي يا أحبائي إنسان محروم منذ ولادته من رؤية الدنيا والأشجار والطبيعة والناس وعندما يشفى ما هو المتوقع أن يفعله بعد شفاؤه مباشرة؟ فأي شخص في مكانه كان يتمتع بالحياة أسبوع أو أسبوعين وبعد ذلك يفكر في الذي شفاه وقد لا يفكر لكن هذا الرجل أول ما فعله أنه ذهب ليشكر السيد المسيح على نعمة البصيرة الذي أعطاها له.
وعندما رأى الجيران المولود أعمى تحيروا في أمره وكانوا يتشاورون هل هذا هو الأعمى الذي كان يستعطي كان من الممكن أن يتهرب من سمعة لصقت به كل حياته أنه كان يأخذ صدقة لكنه كان لديه جرأة ولم ينكر ذلك وعندما امسكوه اليهود ليشترك معهم في إدانة السيد المسيح لم يقبل.
وقال لهم أهو خاطئ لست أعلم لكن أعلم “أني كنت أعمى والآن أبصر” ونحن نعلم أن الله لا يسمع للخطاة أي أن ذلك الشخص بار لذلك تجرى على يديه المعجزات، قال ذلك مع أنه كان يعلم أن من يشهد للمسيح يطردونه من المدينة لكنه شهد بالحق دون خوف من اليهود عكس ما فعله أبواه إذ خافا أن يشهدا أن ابنهم كان أعمى والآن يبصر.
وأخيرًا تقابل مع السيد المسيح وسجد له وآمن به ويقول التاريخ أن هذا المولود أعمى صار أسقفا ثم شهيدا على اسم المسيح، ومن هذه الحكمة الجميلة يجب أن ندرك الآتي:
_ ” الاغتسال في بركة سلوام” رمز المعمودية
نستمر فيه بالتوبة وهي معمودية مستمرة لكي نصير أبناء أطهـار، و نبصر جيداً، وهي الوسيلة التي بها نبصر المسيح جيداً طوال حياتنا. فالتوبة المستمرة تغسل القلب وتجدد الذهن وتحفظ النفس منسحقة في طاعة الآب، وتكشف لها كل بركات وأسرار الآب السماوي.
– ” الشهادة بقوة ”
هي عمل الذي أبصر بعد أن كان أعمى وهذا واضحاً في حديث المولود أعمى مع رؤساء الكهنة والكتبة وشهادته للسيد المسيح بقوة حتى انتهى الأمر بطرده من المجمع فواضح أن الشهادة هي بخلاص الرب الذي فتح عيني الأعمى الذى صار شاهدا للسيد المسيح، وقال:
” إنه نبي ” ( يو 9 : 17 ). ، و ” لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئاً ” (يو9 : 33)
ونتيجة لذلك طردوه ” فاخرجوه خارجا” (يو9 : 34 ) وكان الحكم بالطرد يحرمه من مزاياه الدينية والاجتماعية.
فلا خلاص بدون دم المسيح والفداء.. يقول الرب “أنتم شهودي.. أنا أنا الرب وليس غيري مخلص” (أش43: 10، 11).
وهذه الشهادة ليست للغرباء، بل لمن نالوا سر الاستنارة الروحية،” ليس بينكم غريب وانتم شهودي يقول الرب ” (اش 43 : 12)، وتكرار كلمة شهودي تجعل الشهادة عمل ضروري للمسيحي حتى الاستشهاد .. أليست هذه هي اختبارات المولود أعمى بعد أن نال سر الاستنارة الروحية (المعمودية) ؟!
“فسمع يسوع انهم أخرجوه خارجاً فوجده ” ( يو 9 : 41 )
فوجده.. أي فتش عليه حتى وجده، فالمسيح يبحث عن كل من خسر شيئاً لأجله ليعطيه إختباراً أعمق لذلك هو أب الأيتام وقاضي الأرامل ومعين من ليس له معين والمسيح فتح له باب الحياة الأبدية ولقد ظنه الأعمى من قبل أنه نبي، وها هو يؤمن أنه ابن الله عندما ” فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو فقال أؤمن يا سيد وسجد له ” ( يو 9: 41 ).
وفي أحد التناصير (أحد المولود أعمى)
كانت الكنيسة الأولى تقوم بعماد الموعوظين على اعتبار أن الشخص الذي نال سر العماد هو كالمولود أعمى الذي أبصر ولسان حاله يقول كنت أعمى والآن أبصر .. لأن المعمودية هي وسيلة تفتيح الأعين وغفران الخطايا.