الرئيسيةأخبار الكنيسة"توفيق عزوز" من أوائل الذين عملوا بالصحافة من الأقباط

“توفيق عزوز” من أوائل الذين عملوا بالصحافة من الأقباط



“توفيق عزوز” من أوائل الذين عملوا بالصحافة من الأقباط

أظهر توفيق عزوز ميلا كبيرا ومبكرا نحو العمل بالأدب والتحرير والصحافة، فهو يعد من أوائل الذين عملوا بالصحافة من الأقباط، واتقن اللغة الانجليزية والفرنسية
وكان عاشقا للخطابة والإلقاء كثيرا،وكان يفضل أن يخطب فى حشد من الجماهير لمدة ساعة من الزمن أفضل من أن يكتب مقالة فى عشر دقائق

كما كان من مؤيدي مشروع الجامعة المصرية الأهلية،فهو كثيرا ما كان يحث الأغنياء وسراة البلاد على تشجيع ذلك المشروع بتبرعاتهم،الى جانب حثهم أيضا على الاهتمام بالمشروعات الخيرية النافعة.

ولد توفيق عزوز منقريوس البياضى فى الدرب الإبراهيمي بكلوت بك فى مدينة القاهرة،وثمة اختلاف حول السنة التي ولد فيها فمنهم من يقول أنه ولد سنة 1875م،أو فى العام 1877م

كان والده عزوز فندى منقريوس-والذى توفى سنة 1898م-يعمل باشكاتب بالدائرة السنية،وهو يعد أحد الأقباط الذين اهتموا بقضية الإصلاح،فكان له دورا بارزا فى تأسيس المجلس الملي القبطي وكذلك فى إنشاء عدد من الجمعيات الإصلاحية،ومنها جمعية الاقتصاد القبطية التى أسست مدرسة راقية بهذا الاسم،وعرفت فيما بعد بمدرسة التوفيق نسبة الى جمعية التوفيق التى تولت إداؤتها فيما بعد.

وفى تلك المدرسة أتم توفيق عزوز دروسه الابتدائية،ثم أنه انتقل بعد ذلك الى المدرسة الكلية القبطية،ثم مدرسة الأمريكان بالأزبكية، ثم المدارس الفرنسية بالقاهرة، فاستطاع بذلك أن يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية،كما كان توفيق عزوز ومنذ حداثة سنة كثير الميل الى دروس اللغة العربية والترجمة،ومن ثم فقد نبغ فيهما،كما برع فى فن الإنشاء وكان أول الناجحين فيه والفائزين على كل زملائه،ذلك بالإضافة الى حبه للتاريخ.

وفى إدارة السكة الحديد الحكومية تعلم فن التلغراف وأتقنه وعرض عليه أن ينتظم فى سلك مستخدمى هذه المصلحة،إلا أن توفيق رفض العمل فى الحكومة بسبب ميله الشديد الى الصحافة والتحرير والخطابة،إذ يذكر عنه أنه عشق الخطابة والإلقاء كثيرا،وأنه كان يفضل أن يخطب فى حشد من الجماهير لمدة ساعة من الزمن أفضل من أن يكتب مقالة فى عشر دقائق.

وقد أظهر توفيق عزوز ميلا كبيرا ومبكرا نحو العمل بالأدب والتحرير والصحافة،فهو يعد من أوائل الذين عملوا بالصحافة من الأقباط وكان أول عهده بالصحافة هو أنه أنشأ مجلة مدرسية صغيرة باسم(الهدية الوطنية)حينما كان تلميذا فى الكلية البطريركية.

ولما شب قليلا نشر عدة مقالات فى جريدتى(المقطم)لأصحابها فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكاريوس،و(المؤيد)لصاحبها الشيخ على يوسف فكانت تلك المقالات هى أول عهده بالصحافة العامة وبجمهور القراء من المصريين،وفى مقالاته هذه أضر الكثير من الميول الوطنية والإصلاحية التى جعلته موضع الإعجاب والاحترام.

كما أنه تولى بعد ذلك التحرير فى عدد من الجرائد والمجلات،منها مجلة(الفلاح)لصاحبها سليم باشا الحموى،وصحيفة(الشرق)التى أشترك توفيق عزوز مع صديقه أمين شدياق سنة 1896م فى إصدارها وكانت جريدة سياسية تاريخية أدبية إخبارية

كما أنه شارك فى تحرير مجلة(التوفيق) التى أصدرتها جمعية التوفيق القبطية الأرثوذكسية سنة 1896م، وجريدة (العصر العباسى) التي صدرت سنة 1896م لصاحبها باسيلى بطرس.

ويذكر عن توفيق عزوز أنه أول من فكر فى إصدار جريدة يومية قبطية،حيث اتفق مع جمعية التوفيق على طريقة إصدارها فى مطبعتها ولكن هذا المشروع تعطل

وجاء بعد ذلك تادرس شنودة المنقبادى من أسيوط،فاتفق معه على إصدار جريدة(مصر)،وجعاه المنقبادى محررا مسئولا بها رئيسا للتحرير،كما عمل توفيق فى جريدة (الوطن) عندما أعاد جندى إبراهيم إصدارها سنة 1900م كجريدة يومية.

وفى سنة 1900م أصدر توفيق عزوز مجلة (المفتاح)،وكانت مجلة علمية أدبية صحية تاريخية فكاهية مصورة،وقد أقبل القراء عليها بسبب شهرة صاحبها وما أحرزه من المكانة فى القلوب بعد جهاده طيلة السنوات السابقة،وكان توفيق يمتلك مطبعة باسم(المفتاح)أيضا،عنوانها فى حارة عتابى بالفجالة بالقاهرة،وكان يطبع فيها مجلته ومؤلفاته وكتب أخرى.

وكان توفيق عزوز يؤمن بأن الصحافة هى مظهر من مظاهر الحضارة والمدنية،وأنها كذلك وسيلة من وسائل الرقى وخدمة الأمة ورفع شأن البلاد، ففى كتاباته كان يؤيد استقلال البلاد وجلاء الاستعمار البريطانى عن مصر، وضرورة إنهاء النفوذ الأجنبي واستئثار الأجانب بالسلطة،وأنه يجب على المصريين الارتقاء والانتظام لطلب الجلاء،وذلك من خلال إصلاح العادات السلبية والاهتمام بترقية التربية والتعليم ونشر العلوم والمعارف،وبث روح الفضائل والآداب بين جميع المصريين

كما كان من مؤيدى مشروع الجامعة المصرية الأهلية،فهو كثيرا ماكان يحث الأغنياء وسراة البلاد على تشجيع ذلك المشروع بتبرعاتهم، الى جانب حثهم أيضا على الاهتمام بالمشروعات الخيرية النافعة، وكان الرجل يرحب بتعليم المرأة المصرية، معترفا بمنزلتها فى الهيئة الاجتماعية ودورها فى تربية النشىئ، وإن كان يرى أنه ليس للمرأة أن تطالب بحقوقها السياسية لأنها فى حالة متأخرة من التربية والتعليم.

ولتوفيق عزوز عدة مؤلفات منها:كتاب(الهدية التوفيقية فى تاريخ الأمة القبطية) طبعته له مطبعة العصر التاسع عشر سنة 1893م فى جزئين،يتضمن الأول تاريخ الأقباط قديما وحديثا، اما الثاني فإنه يتناول تاريخ الإصلاح القبطى وحركة المجلس الملى،وقد أهدى المؤلف كتابه هذا الى بطرس باشا غالى، ناظر المالية فى ذلك الوقت، والذى سر به كثيرا،حيث أعجب به وشجعه،خاصة وان الكاتب توفيق عزوز كان صغيرا فى السن حين وضع كتابه هذا.

كما أن له عدة روايات مؤلفة ومعربة منها:رواية نابليون فى مصر-غرام أمير- ملجأ العشاق- الوحش الضارى أو الزوج القاسى- الحياة بعد الموت-القبلة القاتلة- أسرار الليل-غيرة أميرة، وهى فى مجملها روايات أخلاقية تهذيبية.

ويذكر أيضا أن توفيق عزوز كان له اهتمام بالعمل العام،فكان من مؤسسي الجمعية الخيرية القبطية والمستشفى القبطى بالقاهرة،وفى ثورة 1919م كان الرجل خطيبا مفوها بارعا فى تنظيم الخطب الحماسية، مؤيدا للوفد المصرى وزعيمه سعد زغلول، وقد اشتغل توفيق عزوز أيضا ولفترة من الوقت بالمحاما

بالأخص فى قضايا الأحوال الشخصية أمام المجالس الملية القبطية والمحاكم الشرعية،كما عمل مدرسا فى مدرسة الاقتصاد،وكان يقوم بإعطاء الدروس فى اللغات والعلوم العصرية وأعمال الترجمة.

ويذكر أنه اشتهر(بحرية الفكر واستقلال الضمير الى درجة جعلته خصما لكثيرين من الكتاب والصحافيين ولكنه كان على الدوام يفضل أن يخسر صداقتهم على أن يغير فكرا يعتقد أنه صحيحا وصائبا)

ويضيف رمزى تادرس قائلا أن(من صفاته الشخصية أن كثير التسامح ميالا لمساعدة إخوانه طيب القلب وديع النفس لايتعمد إساءة أحد ولايصبر على الضيم واحتمال الظلم،وبقدر ما هو كثير الحلم فإنه إذا نفذ صبره أصبح قوى الشكيمة صعب المراس)،وأنه أيضا(الرجل الوحيد الذى يعيش قلمه ولسانه ولا يشتغل بمهنة أخرى سواها وهي أعظم فضيلة تذكر له بمزيد الفخر والإعجاب).

وفى سنة 1924م،توفى توفيق عزوز فى المستشفى القبطى بالقاهرة وهو لم يتم بعد الخمسين سنة من عمره.

المصدر

كتاب أقباط فى ذاكرة الصحافة المصرية

للدكتور رامي عطا

Most Popular

Recent Comments