صارت الوضعية الصحية للمهاجرين المضربين عن الطعام في بروكسيل حرجة، إذ يستمرون في إضرابهم داخل بنايات متعددة للفت الانتباه لقضيتهم. فهل تجد الحكومة البلجيكية حلا لهذه المشاكل وتسوي وضعيتهم؟
حبل غسيل يتدلى بين اثنين من محارب الاعتراف، وتوجد الكثير من الأحذية على الدرج المؤدي إلى منبر الكنيسة. تصطف العشرات من الأَسِرة في الممرات الجانبية من البوابة إلى ما قبل المذبح مباشرة. يرتدي العديد من الأشخاص الذين يضربون هنا أقنعة، وإذا أظهر شخص ما وجهه، فغالبًا ما تكون عيونه مغلقة أو تبدو شاحبة، فهؤلاء الأشخاص في كنيسة القديس يوحنا المعمدان في وسط بروكسل مضربون عن الطعام، بل منهم من انقطع عن شرب الماء أيضا.
عبارة “بلا أوراق” تعني أنك تعيش بشكل غير قانوني في بلجيكا. عبر الإضراب عن الطعام، الذي بدأ رسميًا في 23 مايو/ أيار الماضي، يحاولون فرض “تسوية”، من أجل الحصول على إقامة قانونية. هناك 253 مهاجراً ومهاجرة في الكنيسة و 222 آخرين في اثنتين من جامعات المدينة، كما يقول أحمد، الذي تم اختياره ليكون متحدثاً باسمهم.
“العمال غير الموثقين” هي التسمية التي يتم إطلاقها على المهاجرين المضربين عن الطعام الذين عاشوا في البلاد لمدة خمس أو عشر أو حتى ثلاثين عامًا، يسكنون في شقة ويدفعون الإيجار والفواتير، ولديهم أصدقاء وعائلة هنا. “ليسوا أشخاصًا بلا مأوى أو لاجئين، هؤلاء الأشخاص مندمجون تمامًا في بلجيكا، إنهم قيمة مضافة للبلد، ومحرك اقتصادي مهم”، يقول المغربي البالغ من العمر 53 عامًا.
عدم توفرهم على وثائق قانونية يعني أيضًا عدم تمتعهم بالعديد من الحقوق. يتحدث أحمد عن استغلال وحوادث في العمل، وإساءة معاملة النساء واستغلال عجزهن. “إذا ذهبت إلى مركز شرطة، فإنك تخاطر لأنه قد يتم القبض عليك ومن ثم قد يتم طردك”. تعرض أحمد بنفسه للاستغلال عند عمله في حانة في بروكسل – من الخامسة مساءً إلى السادسة أو السابعة صباحًا مقابل أجر قدره 50 يورو. كان يعمل في السابق كهربائيًا وكان عليه أن يتحمل ساعات العمل الإضافية دون أجر. يقول “إذا علم الرئيس أنه ليس لديك وثائق رسمية وإقامة، فسوف يستغلك إلى أقصى حد”.
يعرف الأب دانيال ألييت مثل هذه المشاكل ويشعر بها. مكان المضربين عن الطعام كانت كنيسته قبل تقاعده. الرجل البالغ من العمر 77 عامًا، مطلع أيضا على الوضع السياسي ويعتقد أن وزير الدولة البلجيكي لشؤون الهجرة، سامي مهدي، “يتعرض لضغوط من اليمين المتطرف”. يعتقد الكاهن أن هذا يجعل من الصعب عليه تقديم تسهيلات للمهاجرين.
أوضح المهدي موقفه مرة أخرى الأسبوع الماضي، وشدد على “تطبيق نفس القواعد على الجميع”. المسيحي الديمقراطي من أصول عراقية فلمنكية، والذي أصبح هدفا ومحط انتقادات في النقاش العام، يعتبر أيضا أنه أسيء فهمه فيما يتعلق بالمهاجرين المضربين عن الطعام، إذ قال”اتهامي بأنني لا أسمح لهؤلاء الناس بعيش حياة كريمة يسيء إليّ”.
“القرار دائما سلبي”، هكذا يلخص علي من الجزائر محاولاته للحصول على إقامة قانونية في بلجيكا. قدم إلى هناك منذ 2005 وعمل بجد، أحيانا كان يتحمل أعمالا شاقة مقابل 30 أو 40 يورو في اليوم. يجلس علي في سريره بالقرب من بوابة الكنيسة، ولديه هالات سوداء بارزة تحت عينيه، ووفقًا لما وصف، فإنه فقد 17 كيلوغرامًا في إضرابه عن الطعام الذي بدأ منذ 57 أو 56 يومًا »، ولم يشرب أيضًا لمدة ثلاثة أيام. هل يتكلل إضراب هؤلاء المهاجرين بالنجاح؟وهل ستتنازل الحكومة البلجيكية؟ يرد علي بهدوء: “لا أعرف، هم من يقرر وليس نحن”.