يجتمع مجلس النواب الليبي في جلسة مهمة، الاثنين، لحسم ملفات عدة على رأسها مشروع الميزانية العامة المقدم من حكومة الوحدة الوطنية، الذي لم يتم الاتفاق عليه منذ أشهر، وسط دعوات لوضع بدائل إن استمر الخلاف بشأنه.
وكشفت مصادر مطلعة أن المجلس قد يعرض المشروع للتصويت، وفي حال رفضه وعدم نيله الثقة، سيلجأ إلى مشروع بديل أعدته اللجنة المالية، ينص على ميزانية لن تتجاوز 76.5 مليار دينار، متوقعة أن يحظى هذا المشروع الأخير بالموافقة.
ولم يتوصل مجلس النواب الليبي وحكومة الوحدة إلى توافق بشأن مشروع قانون الميزانية العامة في جلسة المجلس الأسبوع الماضي، وسط استمرار النقاط الخلافية التي سبق أن طالب المجلس بتعديلها في الميزانية.
وبحسب المصادر، فإن أولى الإشكاليات التي اعترض عليها مجلس النواب حجم المخصصات لباب التنمية، حيث يرى النواب أنها أكبر من اللازم.
وأوضحت المصادر أن «هناك أيضا إشكالية تتعلق بالباب الثاني (الإنفاق التسييري)، والخامس (مصروفات الطوارئ)»، مشيرة إلى أن هناك «خلافات أخرى لكن يتم التفاهم حولها تتعلق بالرواتب والنفقات المخصصة لوزارة الدفاع».
وتبلغ الميزانية التي تقدمت بها حكومة الوحدة إلى البرلمان ورفضها الأخير، 93.878 مليار دينار (نحو 20 مليار دولار)، ولم يحدث توافق بين الجانين رغم عقد 4 جلسات، وستتواصل اللقاءات حتى اليوم الأخير قبل جلسة الاثنين.
الدفاع أولا
وأعرب رئيس لجنة التخطيط والمالية والموازنة العامة في المجلس عبد المنعم بالكور، عن أمله في حدوث توافق وإقرار الميزانية، مشددا على ضرورة حسم الموضوع الفني فيما يتعلق بميزانية وزارة الدفاع أولا.
ودعا بالكور في تصريح صحفي، إلى إتمام ملف ميزانية الدفاع «قبل الخوض في الموضوع السياسي»، في إشارة منه إلى الجدل الآخر الذي يدور حول من يتولى تلك الحقيبة، مطالبا الحكومة بتحقيق مطالب مجلس النواب وصياغة ميزانية يتم التوافق عليها «حتى تحرج من تسميهم المعرقلين».
ويرتبط تخصيص ميزانية لوزارة الدفاع بملف آخر لم يحدث حوله توافق بين الأطراف السياسية الليبية بعد، وهو تسمية وزير الدفاع، وهي أزمة مرتبطة بعدم توحيد المؤسسة العسكرية حتى الآن، أما حقيبة وزير الدفاع الآن فهي في عهدة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة منذ مارس الماضي.
وتوقع المحلل السياسي سليمان البيوضي في حديث أن يجري التصويت على الميزانية وإقرارها وفقا لهذا التوجه، بواقع 65 مليار دينار قد تنقص أو تزيد قليلا.
و»أمام رفض الحكومة إجراء أي تعديل على المشروع المقدم منها، يصر مجلس النواب على ضرورة تخفيضها للحد الأدنى استنادا لطبيعة الوضع السياسي والاجتماعي القائم في ليبيا، ومن منطلق أن الحكومة أمامها أشهر معدودة، ولا يمكنها تنفيذ برامجها»، وفق البيوضي.
مخاوف من انقسام جديد
وفي حين تجري المداولات في مجلس النواب حول مشروع الميزانية، دعت أصوات أخرى الدبيبة إلى اللجوء للترتيبات المالية، أي التصرف بعيدا عن مجلس النواب، وربطت بين هذا الأمر ولقاءاته الأخيرة مع مسؤولي مصرف ليبيا المركزي، التي جاءت في إطار توحيد المؤسسة وأيضا تقييم التقرير الدولي للمراجعة المالية لحسابات المصرف، الصادر قبل أيام.
وحذر الباحث السياسي محمد قشوط من هذه الأصوات، قائلا إنها تسعى إلى «تخريب المسار السياسي عبر تلك الدعوة، والتحريض على إقرار الترتيبات المالية بعيدا عن البرلمان، كما كان يفعل رئيس حكومة الوفاق المنحلة فايز السراج».
لكن الدبيبة «يدرك مخاطر الأمر» حسب حديث قشوط مشيرا إلى أنه «لو استمع لهذه الأصوات فستعود البلاد إلى الصراع والتمترس خلف السلاح، وستظهر سلطات تنفيذية مختلفة في أنحاء البلاد، كما ستفقد تلك الخطوة الحكومة الاعتراف الدولي، أو ينقسم حولها الدول».
ولفت قشوط إلى أن «رئيس الحكومة وصل بالفعل لتوافقات، منها ما يتعلق بالميزانية المخصصة للجيش الليبي، وإن لم يحبذ الإفصاح عن الأمر تجنبا لرد فعل الميليشيات في المنطقة الغربية»، مرجحا أنه مازال مطروحا أن يقر المجلس الميزانية المقدمة من الحكومة خلال جلسة الاثنين.