الرئيسيةمنوعات عالمية"الموت تحت الشمس" يلاحق عمال اليوميات في العراق

“الموت تحت الشمس” يلاحق عمال اليوميات في العراق

في‭ ‬حادثة‭ ‬مؤسفة‭ ‬تداولتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العراقية،‭ ‬تؤكد‭ ‬تردي‭ ‬أوضاع‭ ‬العمال‭ ‬العراقيين،‭ ‬سيما‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬باليوميات،‭ ‬لقي‭ ‬عامل‭ ‬عراقي‭ ‬حتفه،‭ ‬جراء‭ ‬الإعياء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬وهو‭ ‬ينتظر‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬الأرصفة‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يتجمع‭ ‬فيها‭ ‬عمال‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬أجر‭ ‬يومي‭ ‬مقابل‭ ‬القيام‭ ‬بأعمال‭ ‬شاقة‭.‬

ورغم‭ ‬ما‭ ‬ينطوي‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬صحية‭ ‬جدية‭ ‬هذا‭ ‬الوقوف‭ ‬المجهد‭ ‬تحت‭ ‬الشمس،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬والترقب‭ ‬أحيانا‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬يأتيهم‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬لخدماتهم،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬يخاطرون‭ ‬بحيواتهم‭ ‬كونهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬آخر،‭ ‬وهم‭ ‬مضطرون‭ ‬لفعل‭ ‬ذلك‭.‬

يقول‭ ‬مصطفى‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬يملك‭ ‬مضخة‭ ‬هوائية،‭ ‬يعرضها‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬أخد‭ ‬شوارع‭ ‬مدينة‭ ‬السليمانية‭ ‬بإقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق،‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬: ‬‮«‬هو‭ ‬عمل‭ ‬صعب‭ ‬وشاق‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬باليد‭ ‬حيلة،‭ ‬فنحن‭ ‬مضطرون،‭ ‬فلا‭ ‬مهنة‭ ‬أخرى‭ ‬نتقنها‭ ‬والمعيشة‭ ‬مكلفة‭ ‬للغاية،‭ ‬حيث‭ ‬الغلاء‭ ‬وتدني‭ ‬الأجور‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فعلى‭ ‬مدى‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تقريبا،‭ ‬ونحن‭ ‬نقف‭ ‬تحت‭ ‬قرص‭ ‬الشمس،‭ ‬ننتظر‭ ‬الزبائن‭ ‬ممن‭ ‬يكونون‭ ‬بحاجة‭ ‬لخدماتنا،‭ ‬حيث‭ ‬نقوم‭ ‬بفتح‭ ‬المجاري‭ ‬والمطابخ‭ ‬المسدودة‭ ‬وتنظيفها‭ ‬وصيانتها‮»‬‭.‬

ويكمل‭: ‬‮«‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬نقاسيه‭ ‬من‭ ‬مشقة،‭ ‬فإن‭ ‬نظرة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لنا‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬سلبية،‭ ‬حيث‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬وكأنها‭ ‬مهمة‭ ‬مبتذلة،‭ ‬لكن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الصعاب‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬خلال‭ ‬عملنا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬لنا‭ ‬بدونية‭ ‬من‭ ‬البعض،‭ ‬نعمل‭ ‬بجهدنا‭ ‬كي‭ ‬نعيل‭ ‬أنفسنا‭ ‬وأسرنا،‭ ‬ولا‭ ‬نمد‭ ‬يدنا‭ ‬للغير،‭ ‬فالعمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬ليس‭ ‬عيبا‮»‬‭.‬

أجور‭ ‬زهيدة

من‭ ‬جانبه،‭ ‬يرى‭ ‬الباحث‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لطيف‭ ‬حسين،‭ ‬في‭ ‬حوار‭: ‬‮«‬أوضاع‭ ‬العمال‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬يعملون‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ككل،‭ ‬هي‭ ‬مزرية‭ ‬وتفتقر‭ ‬لأدنى‭ ‬الشروط‭ ‬الإنسانية‭ ‬والصحية‭ ‬والحقوقية،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ضمانات‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬حماية،‭ ‬ولا‭ ‬التزام‭ ‬بساعات‭ ‬عمل‭ ‬محددة‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أرباب‭ ‬العمل،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬يتم‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬استغلال‭ ‬العمال‭ ‬المحتاجين‭ ‬والبسطاء‭ ‬بأجور‭ ‬زهيدة،‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬ومشقة‭ ‬ما‭ ‬يناط‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬مجهدة،‭ ‬وعدم‭ ‬توفير‭ ‬بيئات‭ ‬عمل‭ ‬آمنة‭ ‬وصحية‭ ‬لهم”‭.‬

ويتابع‭: ‬‮«‬ولهذا‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تتكرر‭ ‬حوادث‭ ‬مؤسفة‭ ‬كهذه‭ ‬الحادثة،‭ ‬لعمال‭ ‬يقضون‭ ‬نحبهم‭ ‬أو‭ ‬يصابون‭ ‬بعاهات‭ ‬دائمة‭ ‬وإصابات‭ ‬بليغة،‭ ‬خلال‭ ‬بحثهم‭ ‬عن‭ ‬رزقهم،‭ ‬وتأديتهم‭ ‬عملهم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬البناء‭ ‬والإنشاءات،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬تعويضهم‭ ‬حتى‭ ‬أو‭ ‬تعويض‭ ‬ذويهم‭ ‬وأسرهم،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قوانين‭ ‬واضحة‭ ‬تنصف‭ ‬طبقة‭ ‬العمال‭ ‬وتضمن‭ ‬حقوقهم‮»‬‭.‬

ويضيف‭: ‬‮«‬المأساة‭ ‬مضاعفة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬العمال،‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬بشكل‭ ‬ثابت‭ ‬وبرواتب‭ ‬شهرية‭ ‬لدى‭ ‬جهة‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬لدى‭ ‬شخص‭ ‬ما،‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬يومي‭ ‬شاق‭ ‬عن‭ ‬زبائن‭ ‬يحتاجون‭ ‬عمالا‭ ‬باليومية،‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬أثاث‭ ‬البيوت‭ ‬أو‭ ‬تنظيف‭ ‬مزارع‭ ‬واستراحات‭ ‬خاصة،‭ ‬أو‭ ‬تحميل‭ ‬بضائع‭ ‬معينة‭ ‬وهكذا،‭ ‬والمشكلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬يعودون‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬النهار‭ ‬لبيوتهم،‭ ‬دون‭ ‬العثور‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬زبائن‭ ‬بحاجتهم‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬كونه‭ ‬بلدا‭ ‬نفطيا‭ ‬ويملك‭ ‬موارد‭ ‬طبيعية‭ ‬ضخمة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬ينتشر‭ ‬الفقر‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بشكل‭ ‬مضطرد،‭ ‬حيث‭ ‬تتراوح‭ ‬تقديرات‭ ‬عدد‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وفق‭ ‬تقارير‭ ‬واحصاءات‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬كوزارة‭ ‬التخطيط‭ ‬العراقية،‭ ‬والعالمية‭ ‬كالبنك‭ ‬الدولي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬مليون،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬البالغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭.‬

Most Popular

Recent Comments