في نهر حدودي بين إسبانيا وفرنسا، عُثر صباح السبت الماضي على جثة شاب غارق يُرجح أنه مهاجر من أصل أفريقي. نددت الجمعيات الحقوقية بسياسة الهجرة الأوروبية وإغلاق الحدود وعبر ناشطون عن خوفهم من تكرار هذه “المأساة”، لا سيما وأن محاولات عبور المهاجرين في ازدياد.
على ضفاف نهر بيداسوا الحدودي، تلقت السلطات الإسبانية تنبيها بوجود جثة رجل قرب شواطئ إيرون (Irun) في إقليم الباسك شمال إسبانيا وجنوب فرنسا، يوم السبت 22 أيار/مايو.
ووفقا للتحقيقات الأولية، لم يظهر أي أثر للعنف على جسد المتوفى، وأشارت البلدية إلى أنه لا يوجد “أي دليل يشير إلى ارتباط الوفاة بجريمة”، وفق صحيفة “سود ويست” المحلية. ومن المفترض إجراء تشريح لجثة الشاب للتأكد من سبب الوفاة.
اكتشف جثة الشاب أولا شخص كان في زورق “كاياك” حوالي الساعة 11 صباحا يوم السبت، واتصل بخدمات الطوارئ، بحسب بيان لشرطة إقليم الباسك. وأعرب رئيس بلدية إيرون الإسبانية خوسيه أنطونيو سانتانو، في بيان عن “حزنه العميق لوفاة رجل في مياه بيداسوا”.
الخوف من وقوع وفيات أخرى
الحادث الأخير أثار ردود فعل من قبل الجانب الفرنسي أيضا، واعتبرت عمدة بلدة هينداي الحدودية كوتي إسينارو أن “المأساة سوف تتكرر”، في حال بقي الحال على وضعه، مشيرة إلى أن المزيد من المهاجرين يحاولون عبور هذا النهر.
ونقل موقع “فرانس بلو” عن ناشطة في مجموعة “Etorkinekin” للدفاع عن المهاجرين قولها، “لن تكون هذه المرة الأخيرة، للأسف (…) طالما أن الأمور لا تتغير والحدود مغلقة”.
وتجمع ناشطون ومسؤولون محليون صباح اليوم التالي في بلدة إيرون الإسبانية المجاورة، للتنديد بسياسة الهجرة الأوروبية وقلة التنسيق بين الدول الأعضاء. وقال عمدة المدينة خوسيه أنطونيو سانتانو إنه “ليس من الممكن أن يكون لإسبانيا سياسة هجرة، ولفرنسا سياسة ثانية ولألمانيا سياسة ثالثة”. مشددا على أن “سياسة الهجرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار حرية الناس وحقوقهم”.
كما تنظم جمعيات عدة منها “لاسيماد” و”Etorkinekin” مظاهرة يوم السبت القادم 29 أيار/مايو، الساعة 5 مساء، ومن المفترض أن يخرج موكبان من بلدات إيرون وهينداي، ليلتقيا على جسر سان جاك فوق نهر بيداسوا الحدودي.
وتريد الجمعيات من هذا التحرك إدانة “الحدود العنصرية والسياسات الاجتماعية التقييدية” تجاه المهاجرين. ويرى المنظمون أن “الإدارة والبلديات والدوائر تلعب دورا غير كاف في الترحيب بالمهاجرين وتخفيف قسوة سياسات الهجرة التي يتعرضون لها”.
محاولات عبور النهر
خلال الأشهر الثلاثة الماضية، غامر الكثيرون بحياتهم من أجل عبور النهر ذو المياه الباردة والتيارات القوية، ويقول أحد السكان المحليين “كل أسبوع أرى لاجئين يحاولون العبور أو السباحة أو ركوب القوارب. بعضهم يفشل، والبعض الآخر ينجح. ولكن في كثير من الأحيان ينتهي بهم الأمر في أيدي رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية، ويقودون الدراجات على ضفاف النهر”.
في اليوم نفسه من وقوع الحادث المأساوي، نجح مراهق يبلغ 16 عاما في عبور النهر، وبعد أن أنقذه سكان بلدة هينداي الفرنسية من الغرق، تبين أنه يتحدر من بوركينا فاسو.
كان المراهق “ضعيفا وعاريا”، وفقا لجمعية محلية تقدم الدعم للمهاجرين، وتؤكد أن محاولات عبور النهر سباحة تزايدت بسبب إغلاق الحدود رسميا بين فرنسا وإسبانيا وتشديد المراقبة على المناطق الحدودية ضمن إجراءات مكافحة كورونا.
وشهدت ضفاف نهر بيداسوا على الجانب الإسباني انتحار مهاجر إريتري، شنق نفسه في أبريل/نيسان الماضي.