تدعو الأمم المتحدة ليبيا والاتحاد الأوروبي إلى إصلاح عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، قائلة إن الممارسات الحالية تحرم المهاجرين من حقوقهم وكرامتهم. ونشرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا انتقد تعامل سلطات الدول الأوروبية مع المهاجرين ودعا إلى اعتماد تعزيز عمليات البحث والإنقاذ وسط البحر الأبيض المتوسط.
دعت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى إصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ المُعتمدة حاليا في وسط البحر الأبيض المتوسط، الذي “غالبا ما يسلب المهاجرين حياتهم وكرامتهم ويحرمهم من حقوق الإنسان الأساسية”.
وانتقدت باشيليت تعامل سلطات الدول الأوروبية مع المهاجرين الذين ينطلقون من سواحل شمال أفريقيا، لا سيما ليبيا وتونس، باتجاه القارة الأوروبية.
وجاء حديثها تزامنا مع إصدار مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا عن البحث والإنقاذ وحماية المهاجرين الذين يعبرون وسط البحر الأبيض المتوسط. ووفقا للتقرير، تشير الأدلة إلى أن الوضع المأساوي في المتوسط هو نتيجة “قرارات وممارسات سياسية عملية اعتمدتها السلطات الليبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، وغيرها من الجهات الفاعلة الأخرى التي تضافرت لتهيئة بيئة تعرض كرامة المهاجرين وحقوق الإنسان للخطر.”
التقرير المؤلف من 37 صفحة، يغطي الفترة الممتدة بين بداية عام 2019 و حتى كانون الأول/ ديسمبر 2020، ويخلص إلى أن “الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء قلّصوا بشكل كبير عمليات البحث والإنقاذ البحرية، في حين مُنعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية من تنفيذ عمليات الإنقاذ. بالإضافة إلى ذلك، تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف”.
زيادة عمليات اعتراض المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا
وقالت اليوم الأربعاء، “كل سنة، يغرق الناس لأن المساعدة تأتي بعد فوات الأوان، أو لا تأتي أبدا حتّى. وقد يضطر من يتم إنقاذه إلى الانتظار أحيانا لأيام طويلة أو لأسابيع حتى، قبل أن يتم إنزاله بأمان أو كما هي الحال بشكل متزايد، إعادته إلى ليبيا”، مشددة على أن “ليبيا لا تشكل ملاذا آمنا بسبب دوامات العنف التي تضربها”.
وانتقد التقرير عمل خفر السواحل الليبي، الذي “لم يبذل العناية الواجبة والضمانات اللازمة لمراعاة حقوق الإنسان، ما أدى إلى زيادة عمليات الاعتراض والصد والإعادة إلى ليبيا، حيث لا يزال المهاجرون يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
وفي العام 2020، اعترض خفر السواحل الليبي ما لا يقل عن 10,352 مهاجرا في البحر وأعادهم إلى ليبيا، مقارنة مع 8,403 مهاجرا على الأقل في العام 2019.
يحث التقرير المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التعاون مع ليبيا بما يتماشى مع التزامات الدول الأعضاء بموجب القانون الدولي. وشددت باشيليت على أن يكون “كل تنسيق بين الاتحاد الأوروبي والسلطات الليبية بشأن البحث والإنقاذ مشروطًا بضمانات تؤكد أن المهاجرين الذين يتم إنقاذهم أو اعتراضهم في البحر لن يتم إنزالهم في ليبيا وسيتم تعيين ميناء آمن لهم”.
دعوة إلى دعم عمل المنظمات الإنسانية غير الحكومية
كما تناول التقرير عواقب الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، وما نجم عن ذلك من إجراءات إغلاق. كما أن المهاجرين اضطروا للبقاء على متن قوارب لفترات قد تصل إلى أسابيع عدة. ويشير التقرير إلى أن “فترات التأخير أصبحت أكثر حدة خلال العام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، حيث أُجبر بعض المهاجرين على البقاء في الحجر الصحي على متن قوارب وسط البحر. وبمجرد نزولهم إلى الميناء، يواجه المهاجرون أيضا سلسلة من التحديات، بما في ذلك ظروف استقبال غير ملائمة، وخطر الاحتجاز الإلزامي أو المطول أو التعسفي.
وأعربت المفوضة السامية عن قلقها حيال ما وصفته بـ”التجاهل المميت لأشخاص يغمرهم اليأس”، وأكدت على ضرورة اعتماد المزيد من الإجراءات الحازمة لنشر ما يكفي من عمليات البحث والإنقاذ وسط البحر الأبيض المتوسط. كما دعت إلى دعم عمل المنظمات الإنسانية غير الحكومية، واعتماد آلية مشتركة تتلاءم مع حقوق الإنسان لإنزال جميع الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر في الوقت المناسب.
وختمت قائلة “سيستمر الناس في محاولة عبور وسط البحر الأبيض المتوسط، بغض النظر عن المخاطر أو العواقب البارزة، إلى أن تتوفر للجميع قنوات هجرة آمنة وعادية. أحث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التعبير عن روح تضامن وتشارك المسؤولية والتأكّد من عدم إلقائها بشكل غير متناسب على الدول التي تقع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مثل مالطا وإيطاليا”.
ومنذ بداية العام الحالي، سجل وفاة 702 شخصا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، فيما توفي 1,401 شخصا في عام 2020. أما حصيلة عام 2015، وهي الأسوأ خلال العقد الماضي، فكانت وفاة 5,096 شخصا غرقا.