الرئيسيةمنوعات عالميةاللبنانية سميرة كنعان.. نصف قرن في صيانة الدراجات النارية

اللبنانية سميرة كنعان.. نصف قرن في صيانة الدراجات النارية

قبل‭ ‬45‭ ‬عاما،‭ ‬اتخذت‭ ‬اللبنانية‭ ‬سميرة‭ ‬كنعان‭ ‬قرارا‭ ‬جرئيا،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكسر‭ ‬احتكار‭ ‬الرجل‭ ‬لمهنة‭ ‬الميكانيكي‭.‬

وبالفعل،‭ ‬نجحت‭ ‬سميرة‭ ‬التي‭ ‬تسكن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الطريق‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬وأثبتت‭ ‬نجاحها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬الشاقة‭.‬

وتعمل‭ ‬سميرة‭ ‬كنعان‭ ‬تحديدا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تصليح‭ ‬وصيانة‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية،‭ ‬ذات‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع،‭ ‬وتملك‭ ‬متجرا‭ ‬سمّته‭ ‬‮«‬سميرة‭ ‬للدراجات‮»‬‭.‬

ويبتسم‭ ‬أهالي‭ ‬منطقة‭ ‬الطريق‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬عند‭ ‬ذكر‭ ‬اسمها،‭ ‬وتفرح‭ ‬نساؤهم‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬المحاذية‭ ‬بصوتها‭ ‬يملأ‭ ‬الشارع‭.‬

سميرة‭ ‬في‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬بيروت،‭ ‬وتقول‭ ‬إنها‭ ‬رفضت‭ ‬قضاء‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬التسوق‭ ‬وتبادل‭ ‬الزيارات،‭ ‬بل‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬للمرأة‭ ‬دور‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

واكتسبت‭ ‬سميرة‭ ‬المهنة‭ ‬من‭ ‬زوجها،‭ ‬وتقول‭ ‬: ‬‮«‬عشت‭ ‬معها‭ ‬45‭ ‬عاما‭ (‬تقصد‭ ‬المهمة‭) ‬وزوجي‭ ‬ورثها‭ ‬من‭ ‬والده‭. ‬نحن‭ ‬هنا‭ ‬منذ‭ ‬60‭ ‬عاما‭ ‬وإن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬سنستمر‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‮»‬‭.‬

وتضيف‭: ‬‮«‬بداية‭ ‬رفض‭ ‬زوجي‭ ‬مساعدتي‭ ‬له،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أقنعته‭ ‬بالفكرة‭ ‬فاكتسبتها‭ ‬متحدية‭ ‬نظرات‭ ‬نساء‭ ‬الحي‮»‬‭.‬

ترتدي‭ ‬سميرة‭ ‬زي‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المتجر‭ ‬دائما،‭ ‬وتتنقل‭ ‬بين‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية‭ ‬المعطلة،‭ ‬ترد‭ ‬التحية‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬فلا‭ ‬وقت‭ ‬للحديث‭ ‬الطويل‭ ‬حيث‭ ‬الزبائن‭ ‬في‭ ‬الانتظار،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬نظرة‭ ‬سريعة‭ ‬على‭ ‬دراجته،‭ ‬أو‭ ‬نصيحة‭ ‬للحؤول‭ ‬دون‭ ‬توقفها‭ ‬قبل‭ ‬حلول‭ ‬موعد‭ ‬التوصيل،‭ ‬أو‭ ‬لمسة‭ ‬لبرغي‭ ‬كان‭ ‬يصدر‭ ‬أصواتا‭ ‬غريبة‭ ‬أثناء‭ ‬القيادة‭.‬

وبدا‭ ‬الاحتراف‭ ‬والتمكن‭ ‬من‭ ‬المهنة‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬سميرة،‭ ‬فبسرعة‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬مشكلة‭ ‬إحدى‭ ‬الدراجات‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬مضخة‭ ‬الزيت،‭ ‬لكنها‭ ‬قالت‭ ‬لصاحبها‭ ‬إن‭ ‬قطع‭ ‬الغيار‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭ ‬وسعرها‭ ‬بالدولار‭ ‬وكلفة‭ ‬التصليح‭ ‬بالليرة‭ ‬اللبنانية،‭ ‬وعاتبت‭ ‬السائق‭:‬‮»‬‭ ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬بالدراجة؟‭ ‬الأسعار‭ ‬نار‮»‬‭.‬

وأردفت‭: ‬‮«‬لا‭ ‬أخشى‭ ‬تصليح‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المحركات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬كذلك‭ ‬محركات‭ ‬اليخوت‭ ‬البحرية‭ ‬ومعدات‭ ‬ضخ‭ ‬المياه،‭ ‬لكنني‭ ‬أرفض‭ ‬إهمال‭ ‬سائقها‭ ‬لها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتردية‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬تشعر‭ ‬سميرة‭ ‬بأوجاع‭ ‬الناس،‭ ‬وقالت‭ ‬إنه‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬مسؤوليات‭ ‬كبيرة‭ ‬فإنها‭ ‬تشفق‭ ‬على‭ ‬الزبائن‭ ‬الذين‭ ‬ساءت‭ ‬أوضاعهم،‭ ‬و»قد‭ ‬أقوم‭ ‬بتقسيط‭ ‬أتعابي‭ ‬لبعض‭ ‬الزبائن‭ ‬والجيران‭ ‬أحيانا‭ ‬وأرضى‭ ‬بالقليل،‭ ‬هدفي‭ ‬الاستمرارية‭ ‬في‭ ‬العمل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬الوقود‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬اللبنانيين‭ ‬بإيقاف‭ ‬سياراتهم‭ ‬الكبيرة‭ ‬والصغيرة،‭ ‬لجأ‭ ‬كثيرون‭ ‬للتنقل‭ ‬بواسطة‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تتنوع‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المصدر‭ ‬والشكل‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الـ»توك‭ ‬توك‮»‬،‭ ‬الوافد‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬شوارع‭ ‬لبنان‭ ‬لكلفة‭ ‬تشغيله‭ ‬المنخفضة‭.‬

وأكدت‭ ‬سميرة‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬مهمتها‭ ‬هي‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬وخصوصا‭ ‬للزبائن‭ ‬القدامى‭ ‬والجيران‭.‬

وتعشق‭ ‬السيدة‭ ‬القوية‭ ‬مهنتها‭ ‬رغم‭ ‬صبغ‭ ‬أناملها‭ ‬باللون‭ ‬الأسود،‭ ‬وتوزع‭ ‬الوقت‭ ‬بين‭ ‬تربية‭ ‬أبنائها‭ ‬والاهتمام‭ ‬بأحفادها‭ ‬وإعداد‭ ‬الطعام،‭ ‬وتتأسف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬لكنها‭ ‬ترى‭ ‬وضعها‭ ‬أحسن‭ ‬غيرها،‭ ‬فهي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لديها‭ ‬عمل‭.‬

Most Popular

Recent Comments