بعد أسبوعين من المد والجزر بين مصرف لبنان والمصارف التجارية لبدء الإفراج التدريجي عن أموال المودعين الدولارية، التي حجبت بشكل نهائي منذ 16 شهرا، أصدر المجلس المركزي لمصرف لبنان بيانا ألزم فيه المصارف ببدء إعطاء المودعين أموالهم الدولارية.
وألزم مصرف لبنان المصارف بإعطاء المودعين أموالهم الدولارية من خلال التقسيط الشهري، لكل مودع وبسقف سنوي لا يتجاوز الـ4800 دولار. كما قرر خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 15 إلى 14 بالمئة، متيحاً للمصارف استعمال مليار و200 مليون دولار لتسديدها للمودعين.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر مصرفية من تلك التي عملت على هذا الملف إن مصرف لبنان يهدف من خلال هذه الخطوة إلى إعادة أموال المودعين بنسبة تراوح بين 85 بالمئة إلى 90 بالمئة.
وأضافت “قد يستغرق العمل لإعادة الأموال إلى صغار ومتوسطي الودائع قرابة الخمس سنوات. والمبلغ الشهري لكل مودع هو 800 دولار، 400 دولار منها تعطى بالدولار النقدي والـ400 الأخرى تسحب بالليرة اللبنانية على سعر صرف منصة صيرفة والمحدد اليوم بـ12000 ليرة لبنانية. وسيتحمل مصرف لبنان 600 دولار من أصل الـ800 المعطاة لكل مودع”.
وبحسب المصادر، فإن قرار مصرف لبنان حازم وملزم لجميع المصارف وأي مصرف سيتخلف عن إعطاء المودعين أموالهم سيتعرض لإجراءات تتخذ بحقه.
جمعية المصارف اللبنانية ترفض
من جهتها، جددت جمعية المصارف اللبنانية التأكيد على عدم قدرتها على تنفيذ قرار المصرف المركزي بتوفير أي مبالغ بالعملات الأجنبية.
ولم يتضح بعد مصيرُ القرار الذي قالت جمعية المصارف إنها غيرُ قادرة على تنفيذه مهما تدنت قيمة العملات الأجنبية.
وسارعت المصارف لاحتواء الأجواء السلبية، بالإعلان عن استعداها لبحث قرار المصرف المركزي “بإيجابية تامة لما فيه المصلحةُ العامة”.
رفع الدعم بشكل نهائي
ويأتي إعلان مصرف لبنان في ظل الاتجاه إلى رفع الدعم بشكل نهائي. ومن شأن تسديد هذا المبلغ الشهري، فضلا عن تحويلات المغتربين والأموال التي تنفق في موسم الصيف، والمساعدات المرتقبة للجيش اللبناني، أن تحافظ على توازن سعر صرف الدولار وعدم وصوله إلى مستويات مرتفعة بسبب رفع الدعم.
من جهته، أشار الخبير المصرفي والاقتصادي نسيب غبريل، إلى أن المصارف التجارية ترحب بأي مبادرة تسمح للمودعين بالتصرف بأموالهم بالطريقة التي يرونها مناسبة.
وأضاف “لكن التزامات المصارف الخارجية هي أعلى بـ1.1 مليار دولار من موجوداتها، لذلك طالبت المصرف المركزي بخفض الاحتياطي الإلزامي لمستوى تتمكن فيه من تطبيق القرار الذي أصدره الحاكم والمتعلق بإعطاء أموال المودعين”.
ويرى غبريل أن الحل الأهم والشامل هو بتعهد الدولة اللبنانية بإيفاء الديون المتوجبة عليها للمصارف، وهو حل جذري وأهم من كل هذه المبادرات المتفرقة التي تحصل.
ويعتبر أن “هذه المبادرة ستريح حتما المودعين، في الشق المتعلق بسحوبات الدولار النقدي. أما السحوبات بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف منصة صيرفة فسيزيد من معدلات التضخم في السوق، إذ أن الكتلة النقدية ستزيد بحسب مصرف لبنان بين 26000 إلى 27000 مليار ليرة”.
وتحدث الخبير الاقتصادي نزار غانم باسم رابطة المودعين، قائلا إن الاحتياطي الإلزامي هو حق مقدس للمودعين لا يمكن استخدامه بإيفاء فتات من أموالهم، “وبهذه الطريقة يضع قيودا على حركة الأموال بشكل غير قانوني”، معتبرا أن “المصارف يجب أن تتحمل المسؤولية بموجب القانون من رأسمالها الخاص وليس من هذا الاحتياطي”.