صباح اليوم الجمعة، شرعت الشرطة الفرنسية بتفكيك مخيم للمهاجرين على أطراف مدينة كاليه في منطقة “فيرفال”، حيث أقام مئات المهاجرين في مستودعات كانت مهجورة. وأشار محافظ با دو كاليه أن تلك المنشآت سيتم تدميرها بالكامل اعتبارا من بعد ظهر اليوم. وجاء ذلك بعد اشتباكات عنيفة اندلعت بين مهاجرين وقوات الأمن ليل الثلاثاء الماضي، في ظل تردي الأوضاع المعيشية للمهاجرين والضغوط المتزايدة التي يتعرضون لها.
في عملية استمرت من الساعة السادسة وحتى العاشرة صباحا، نفذت الشرطة الفرنسية عملية إخلاء أحد أكبر مخيمات المهاجرين في مدينة كاليه الساحلية شمال البلاد.
في منطقة “فيرفال” منذ بضعة أشهر، وجد حوالي 600 مهاجر، بحسب السلطات، ملاذا في مستودعات (هنغارات) مهجورة كانت السلطات قررت هدمها. وأعلن محافظ با دو كاليه لويس لو فرانك، أن الدولة ستنفذ قرار هدم هذه الأماكن اعتبارا من بعد ظهر اليوم الجمعة.
واندلع ليل الثلاثاء الماضي 1 حزيران/يونيو شجار عنيف بين 30 مهاجرا، أسفر عن إصابة أربعة منهم. إلا أن تفكيك هذا المخيم وفقا للرواية الرسمية، لا علاقة له بالحادث، إذ أن ذلك يأتي بناء على شكوى قدمها صاحب الأرض.
وضع يزداد صعوبة وسياسة إخلاء المخيمات مستمرة
ونقلت السلطات بحضور العشرات من رجال الشرطة 500 مهاجر، بينهم حوالي 30 طفلا (وفقا لأرقام المحافظة) في حوالي عشرين حافلة إلى مراكز استقبال في المقاطعة. وأكدت المحافظة أنها قبل تنفيذ الإخلاء كانت نظمت دوريات “لتوفير المأوى للمهاجرين المهتمين في مختلف مراكز الاستقبال والإقامة في با دو كاليه”.
إلا أن ناشطا في منظمة “مراقبي حقوق الإنسان”، لا يريد الكشف عن هويته، أكد لمهاجرنيوز أن الشرطة تعاملت بعنف مع المهاجرين، وبعضهم لم يتمكن من إحضار أمتعته الشخصية. وأضاف “كان من الصعب مراقبة عملية الإخلاء، لأنهم أبعدونا. رأينا من بعيد سحب دخان ورجال شرطة مدججون بالسلاح”.
ويوضح الناشط أن الوضع يزداد صعوبة بالنسبة للمهاجرين في الفترة الأخيرة، معتبرا أن الدولة تنتهج سياسة قائمة على “الإيذاء الجسدي والنفسي” للمهاجرين.
الناشط فرانسوا غينوك والعضو في جمعية “أوبيرج دي ميغران” ينتقد سياسة إخلاء المخيمات المستمرة التي تتبعها الدولة، ويتساءل عن جدوى الإخلاء قائلا لمهاجرنيوز “على أي حال، عندما يطردون الناس فهم سيعودون ويستقرون في مكان آخر”.
وبحسب الجمعيات المحلية، يوجد حوالي 1500 مهاجر في كاليه، يعيشون في مخيمات عشوائية بانتظار فرصة العبور إلى المملكة المتحدة. إلا أن ظروف الحياة اليومية المتردية تدفع الكثير من المهاجرين إلى المخاطرة بحياتهم من أجل العبور إلى الضفة البريطانية.
“خيام ممزقة، عنف الشرطة، صعوبة الوصول إلى المياه”، كلها تفاصيل يومية تنهك المهاجرين بحسب غينوك الذي خلص إلى أن “البقاء على قيد الحياة في كاليه صعب للغاية”.
وسجل شهر أيار/مايو الماضي رقما قياسيا في أعداد المهاجرين الوافدين إلى المملكة المتحدة بلغ 568 خلال الأيام الأربعة الماضية. ووصل عدد المهاجرين إلى 2,108 في أول أربعة أشهر من عام 2021 وهو ضعف عدد الواصلين في الفترة نفسها من عام 2020.
اشتباكات عنيفة وإصابات في صفوف الشرطة
الظروف المعيشية المتردية تولّد أيضا توترات بين المهاجرين، فالثلاثاء الماضي أدى شجار نشب في مخيم “فيفال” بين 30 مهاجرا كانوا يحملون سكاكين إلى إصابة ثلاثة أشخاص بعدة جروح، وأصيب آخر بكسور.
وتشير الناشطة سيلوي في جمعية “يوتوبيا 56″ إلى أن المهاجرين يتعرضون لـ”الترهيب” والمضايقات الدائمة، “الشرطة تجوب المخيمات ليلا وتعتدي على بعض الناس”.
وفي ميناء كالية اندلعت اشتباكات عنيفة بين المهاجرين والشرطة الفرنسية بين ليلة الثلاثاء والأربعاء 2 حزيران/يونيو، ما أدى إلى إصابة سبعة عناصر من قوات الأمن نقلوا إلى المستشفى.
وبحسب تصريح لمحافظة با دو كاليه أمس الخميس، “هذه هي المرة الأولى” منذ تفكيك مخيم الغابة الضخم في عام 2016، التي يقع فيها “هذا المستوى من العنف”. واستمرت الأحداث من الساعة 3 صباحا حتى الساعة 8 صباحا.
بدأ التوتر حين حاول حوالي 50 مهاجرا دخول منطقة ميناء كاليه، بهدف العبور إلى المملكة المتحدة، لكن الشرطة منعتهم ودفعتهم إلى الوراء، ما أدى إلى تفاقم الوضع.
وأحصت السلطات في ذروة التوترات حوالي 100 مهاجر تجمعوا لمواجهة الشرطة. ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن نقابة قوات الأمن (CRS Calais) أن 300 مهاجر كان بحوزتهم “قضبان حديدية” ويرشقون الحصى والعلب المعدنية على عناصر الأمن، وأصيب “32 شرطيا بكدمات وسبعة منهم ذهبوا إلى المستشفى لإجراء مزيد من الفحوصات”. وألقت السلطات القبض على شخص واحد، بحسب المحافظة.
وفي تغريدة ساخرة، نشرت منظمة “مراقبي حقوق الإنسان” صورة تظهر الأسلحة التي استخدمتها الشرطة مقابل تغريدة تعلن فيها السلطات عن إصابة 7 عناصر مرفقة بصورة لعلب معدنية رماها المهاجرون على الشرطة.
وتشير جمعية “يوتوبيا 56” إلى أن الشجار نشب بداية بين الشرطة ومهاجرين إريتيريين، “كان هناك نساء وأطفال، والشرطة أطلقت قنابل غاز مسيلة للدموع. نُقل ثلاثة مهاجرين، بينهم قاصر، إلى المستشفى بشكل طارئ. وهناك إصابات أخرى طفيفة”.
“هذه السياسة تتعب المنفيين في كاليه”، بحسب سيلوي فإن “كل هذه الأحداث المتراكمة تظهر أن القمع يزداد شدة”.