ابتكرت مهندسة مصرية حلا جديدا لأزمة السكن وغلاء الإيجارات في بلادها، عبر تحويل حافلة ركاب إلى منزل متنقل مجهز بالتكنولوجيا الحديثة.
يارا شلبي، مهندسة مصرية تعمل في أحد البنوك وقد واجهت مشكلة غلاء الإيجارات وإنفاق أموال طائلة عليها فضلا عن كونها واحدة من أبطال رياضة» الراليات» التي تقوم على التحمل والسرعة والقيادة في طرق وعرة.
وساعد هذا كله يارا في إيجاد حل مثالي لأزمة السكن، عبر شراء حافلة رخيصة الثمن وتحويلها إلى منزل مجهز بكل ما يحتاجه الإنسان.
تقول يارا لموقع «سكاي نيوز عربية»: «أمارس رياضة الراليات وحققت مراكز متقدمة في مصر والوطن العربي، ولي ترتيب على مستوى العالم، وهي رياضة تجعلني دائما في أماكن صحراوية ونائية بعيدا عن الخدمات».
وتابعت أن هذا دفعها إلى «للبحث عن عمل شيء يوفر لي مكانا ثابتا ونظيفا وبه ماء وكهرباء، ويساعدني في ممارسة هوايتي ولا يضطرني لترك منطقة ممارسة هذه الرياضة لمجرد نقص المياه أو الكهرباء، لكن تطبيق هذه الفكرة كان يحتاج دائما للوقت والإمكانات اللازمة».
توفر الوقت مع جائحة كورونا
وتضيف يارا «بدأت أنفذ الفكرة مع موجة كورونا التي أتاحت لي وقتا كبيرا لعمل هذه الحافلة لهذا الغرض، حيث يمكنها أن توفر لي إيجار المنازل ومصاريف كثيرة، خاصة أن الحافلة مستقلة من ناحية الكهرباء والماء وكل شيء، ومن هذه المبالغ التي يمكن توفيرها يمكنني شراء شقة، لأن دفع الإيجارات كثيرا يجعلني أتكلف مبالغ طائلة يمكن توفيرها لشراء شقة أخرى».
الأمن يساعد
وأوضحت يارا أن «الكثير من الناس تتخوف من الناحية الأمنية وتَدَخُّل الناس في شؤوني، لكني أؤكد أني كنت أعيش في الكثير من البلدان خارج مصر، ومصر هي من أكثر البلدان أمانا على مستوى العالم حتى الشعب دائما ما يقدم مساعدات خصوصا أني أعيش في نفس الحي منذ سنوات بالتجمع الخامس».
وتابعت: «الجيران يعرفونني جيدا وحتى صاحب المنزل الذي أقوم بتأجيره حاليا يشجعني كثيرا، ويعرض تقديم مساعداته وبالتالي فإن الناس هم عامل أمان وردود افعالهم مطمئنة للغاية».
موقف الأهل
وحول موقف الأهل تؤكد المهندسة يارا شلبي: «أهلي يعيشون خارج مصر ما بين الإمارات العربية المتحدة وأميركا ما جعلهم ينظرون لهذه القصة باعتبارها مفعلة في الدول الخارجية».
«لكنهم كانوا يخشون مضايقتي لكني أشعر بالأمان ودائما ما أقوم باستخراج الأوراق اللازمة للحافلة حتى يمكنني التحرك بها، فتنفيذ الفكرة سيكون على مراحل في البداية أستقر قليلا في الحافلة أسفل المنزل الذي أسكن فيه وأدرس المشكلات التي يمكن أن تقابلني مع ترك المنزل كحل بديل وقائم ليكون مخرج عند حدوث أي مشكلة وبعد الاستقرار ومعالجة المشاكل سأقوم بالاستقرار في هذه الحافلة».
وتسترسل يارا في الحديث قائلة: «معي طفل عمره 11 عاما وكان متخوفا في البداية من الأمر وصغر المساحة، وعندما بدأت أريه المقاطع المصورة الخاصة بالحافلة تقبل الفكرة وسيجربها ويقرر إن كان سيستقر بها أم لا وكذلك زملائه كانوا متفهمين للفكرة ومتقبلين لها».
وتابعت: «أعتقد أن الكثير من الناس معجبين بالفكرة لكنهم كانوا يخشون الإقدام عليها، وهو ما قد يفتح طريقا لقيام بعض الشركات بتنفيذ هذه الفكرة والدخول إليها، وكذلك شركة العقارات يمكن تخصص أماكن فيها لمثل هذه الحافلات».
وترى المهندسة المصرية أن «المنزل قد يكون فرصة لاقترابي من ابني أكثر لأننا سنكون سويا لفترات طويلة، ففي منزلنا المؤجر هو يجلس فترات طويلة في غرفته مع الألعاب وغيرها، وبالطبع نحن نقضي وقتا معا لكن عندما تكون المساحة تحكم وطبيعة المكان تفرض وجودنا مع بعض ستكون فرصة للاقتراب من بعضنا، وعندما يحتاج للحركة في مساحة فالمساحة متاحة داخل الحافلة، لكن إن أراد الجري أو التدريب هذا سيكون خارج المنزل بطبيعة الحال».
شراء الحافلة وتجهيزها
وأردفت يارا :»الحافلة ملكي وقد اشتريتها بمبلغ 100 ألف جنيه، وقد استغرقت وقتا طويلا للوصول إلى حافلة رخيصة، وحالتها الميكانيكية تسمح بحركتها، ولها رخصة وأوراق سارية، وقد وجدت ضالتي في مدينة الإسماعيلية».
«أما عملية التجهيز فكانت عبر إعادة هيكلة مناطق معينة مثل تعديل السقف ووضع قطع معدنية فيه، وتقسيمه لغرف، واختيار الأثاث وتجهيزه، وقد تكلفت عملية التجهيز 100 ألف جنيه أخرى، وهو ثمن «200 ألف جنيه» لا يكفي لشراء شقة أبدا، وبالتالي هذا الرقم هو حل سريع ومؤقت لمن يعانون من مشكلة في إيجاد منزل، كما أني لن أستمر في السكن هكذا للأبد بل سأشتري شقة بعد تجميع المبلغ الخاص بها».
وتبين أنه بالنسبة للصيانة فالحافلة ستكون ثابتة يوميا ولن تتحرك إلا في الأجازات أو الرحلات، «وبالتالي ستقل نفقات الصيانة ولو شعرت بأني غير قادرة على شراء تكاليف البنزين والتحرك ستكون الحفالة واقفة ومستقرة في المكان الذي أختاره».
والحافلة فيها كل عوامل الأمان حيث توضع بها أنابيب الغاز في المنطقة الخاصة بالتخزين ومعزولة بمواد تجعل أي مشكلة لا تصل إلى مكان المعيشة والكهرباء عبر خلايا الطاقة الشمسية، أما بالنسبة للمياه فقد صممت المهندسة يارا خزانا للمياه بسعة 600 لتر وآخر للصرف بنفس السعة، ويحتاج خزان المياه لإعادة ملئه كل 4 أيام تقريبا.
نصائح لتحويل حافلة إلى منزل
وحول الإمكانات المطلوبة لتحويل حافلة إلى سيارة، توضح يارا «أي حافلة يمكن تحويلها لشقة لكن لاستغلال كل المساحات في المعيشة وعدم إهدار أماكن للأجهزة يفضل نوع الحافلة التي تحتوي مساحة مخصصة لأمتعة المسافرين، حيث يوضع فيها جهاز التكييف، أو بطاريات خلايا الطاقة الشمسية وغيرها».
وحول ضيق المساحة في الحافلة تقول يارا: «في معظم المنازل الناس لا تستخدم مساحة كبيرة من المنازل التي تعيش فيها، فقد اكتشفت أن المنازل تحتوي على أشياء لكنها لا تستخدم بشكل عملي ما يجعلني أستخدم ما أحتاجه فقط من الأثاث ومن الملابس ومن الأدوات المنزلية، كما أنني خصصت أماكن للضيوف بشكل ذكي يتيح استغلال المساحات دون مشاكل».