أمضى اللبنانيون يوم عطلتهم الأسبوعية، الأحد، على وقع وداعهم لذكريات سنوات أمضوها في واحد من أشهر مطاعم البيتزا في العالم، إذ تم إقفال فروع «بيتزا هت»، وهي 8 على كافة الأراضي اللبنانية، ليودع المطعم زبائنه بعبارات مؤثرة.
ونشرت الصفحة الرسمية لسلسلة «بيتزا هت» عبر فيسبوك بيانا جاء فيه: «بهيدا المطرح ذكريات كتير (..) للـ(ألو) على 1212، وأكيد في غيرها أكتر كتير تعودتوا علينا نقدملكن أعلى جودة وأحسن تجربة، وحتى ما نخذلكن قررنا نطوي صفحة حلوة منودعكن.. منشكركن من كل قلبنا .. خلوا هالذكريات الحلوة ببالكن شي نهار، رح نرجع نعمل ذكريات أحلى».
ويأتي إقفال مطاعم «بيتزا هت» في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، فهي ليست الأولى التي تودع اللبنانيين بعد سلسلة متاجر أقفلت مثل «إتش أند إم»، و»أديداس»، وغيرها الكثير.
فالتراجع الاقتصادي الذي ضرب معظم القطاعات الإنتاجية في لبنان، لم يستثن تراخيص العلامات التجارية المعروفة سواء لبنانية المنشأ أو الوكالات العالمية.
ولتسليط الضوء على هذا القطاع، قال رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز (الفرانشايز)، يحيى قصعة: «بيتزاهت من ضمن سلسلة ماركات أوسع في لبنان تحت علامة (أميركانا)، التي تمتلك مطاعم (كنتاكي) وماركات أخرى أيضا».
وتابع في حديث : «الأمر شبيه بما حدث مع مجموعة (الشايع) قبل أشهر، حيث أقفلت ماركة وأبقت على غيرها، مما يبعث على الاطمئنان لأن إقفالها يكون غالبا مؤقتا. فطالما أن العلامة الأساسية المركزية ممثلة بالوكيل وإدارته لا تزال موجودة، نعتبر ذلك مؤشرا جيدا وأن الإقفال قد يكون مرحليا».
وأضاف أن بإمكان أي وكيل «سحب منتج وإدخال آخر»، مشيرا إلى أن العلامة الأساسية لدى «أميركانا»، ممثلة بمطاعم «كنتاكي» و»هارديز» ما زالت باقية، مما يبعث على التفاؤل.
وحول الماركات المحلية اللبنانية، قال قصعة : «توجد الكثير من المطاعم التي تقدم البيتزا في لبنان، وغياب بيتزا هت قد يفسح المجال أمامها لتطوير إنتاجها وملء الفراغ.. لكننا نرغب بالتأكيد في بقاء الماركات العالمية في لبنان».
ونوه المسؤول إلى أنه مع إغلاق كل فرع، يتعطل عن العمل قرابة 10 موظفين، واصفا الأمر بـ»المؤسف».
وكشف رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز، أن قطاع تراخيص الامتياز في لبنان تراجع إلى 20 بالمئة، وأن «المصير مجهول والإقفال المؤقت مرده إلى تأخر وصول مواد أولية تستخدم في سلسلة المطاعم العالمية إلى لبنان، بسبب الأوضاع الحالية».
وتابع: «لا يمكن للإدارة في لبنان استقدام مواد أولية من السوق اللبنانية بحكم الـfranchise التي تحكم استعمال سلسلة المطاعم مواد محددة، حفاظا على نوعية المنتجات التي يتم تقديمها».
واستطرد: «مؤسف أنه بعد سنوات من بناء قطاع الفرانشايز، شركات وعلامات تجارية لبنانية بمستوى عالمي، صناعية وخدماتية وسياحية وبيع التجزئة، بدأت الإنجازات تتبخر في ظل الوضع المتأزم وغياب الرؤيا الواضحة في هذا القطاع».
وأوضح قصعة أنه «سبق واعتبرت دراسات عديدة أجريت من قبل الاتحاد الأوروبي في عام 2012، أن في لبنان 1100 علامة تجارية تعمل تحت (فرانشايز)، من خلال تراخيص امتياز»، مشيرا إلى أن نصف عدد العلامات التجارية (55%) أنشئ في لبنان وصدر لاحقا إلى خارجه، فيما النصف الآخر (حوالي 45%) هي علامات مستوردة من الخارج إلى لبنان.
ونوه قصعة إلى أن ما يميز هذه التراخيص هو أنها تؤدي إلى تنشيط بيع التجزئة، لأنه عندما تقرر علامة تجارية معينة تحمل امتيازا من خارج لبنان، أن تفتتح متاجر فيه، فهي لا تفتتح أقل من 14 متجرا لكي تغطي المدن كافة، وبالمقابل فإن الماركة اللبنانية التي تفتتح متاجر لها في الخارج عليها تجهيز أنظمة ناجحة قبل أن تنتقل، وبعدها تنتشر هذه الماركات اللبنانية في العالم.
وقال: «حصلت فورة في التسعينيات في زمن الرئيس رفيق الحريري لجلب الماركات، فيما كانت المرحلة الثانية في عام 2000، ووصلنا للسنة الذهبية عام 2012. ومنذ هذا التاريخ تراجع لبنان تراجعا ملحوظا، باستثناء ظروف عام 2005 واغتيال الحريري».
وأضاف: «هذا القطاع في لبنان كان يوظف عام 2012 4 بالمئة من الدخل القومي في لبنان، ويشغل حوالي 100 ألف عامل، وهو يعكس نمط الاقتصاد الحديث في بيروت خصوصا، ولبنان عموما».
كما أشار قصعة إلى أن هناك 5600 متجر افتتحت في لبنان ضمن هذه الأنظمة، تشغل حوالي 100 ألف عامل، مضيفا: «لكن هذا الازدهار بدأ بالتراجع في هذا القطاع الذي يعمل ضمنه قطاعات مختلفة، تشكل المطاعم 74 بالمئة منه، وكذلك معامل الصناعات والدهانات والصناعات الغذائية».
واستطرد: «منذ عام 2012 حتى 2019، قطاعات المجوهرات والساعات والألبسة تعاني بسبب تفاوت سعر صرف الدولار في لبنان بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء، ولا يمكن اعتماد معايير ثابتة مع الارتفاع الكبير للسلعة، مقابل تهاوي القدرة الشرائية للبناني».
وأوضح المسؤول أن قطاع الألبسة خسر حتى عام 2019 ما نسبته 80 بالمئة من إنتاجه، قائلا إنه «لولا ثبات اللبناني وإصراره على البقاء، لأقفلت هذه العلامات نهائيا وحلت أخرى مكانها، بينما نمت أسواق لها في مصر والإمارات».
وتوقع قصعة أنه «كما في عام 2005 عندما وقعت الصدمة فإن تداعياتها بقيت زهاء عامين، فإن الأمل الوحيد يبقى بالخروج من الأزمة بغضون عامين ومواكبة ما يجري من خلال وجود اللبناني في الخارج».
واختتم رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز حديثه ، بالقول: «نعتمد حاليا على التصدير وليس الاستيراد، مثلا في قطاع المطاعم لدينا حالات نجاح في الإمارات ومصر، رغم أننا لم نبع التراخيص كالسابق فإننا نحقق حالات نجاح بنسبة 20 بالمئة، وهذا الأمل هو المتبقي لنا».
وتابع: «تحدياتنا ليست سهلة لأن الوضع السياسي لا يساعد الشعب، ونحن كقطاع نحاول المحافظة على الهيكلية الخاصة بنا، وما زلنا على حصة الـ20 بالمئة المتبقية. نحن بحاجة ماسة إلى رؤية تنقذنا ومخططات ناجحة، لأن ما يجري في لبنان يبدو وكأنه غير حقيقي، ونحتاج لحكومة اختصاصيين تنقذ البلاد مما هو فيه، وتنقذ هذا القطاع الحيوي».