تؤمن البواخر التركية الراسية في لبنان وعددها ثلاث، محطات طاقة عائمة مجهزة بأفضل التقنيات، ما بين 35 بالمئة و40 بالمئة من الكهرباء في لبنان.
وينتهي عقد الدولة اللبنانية مع شركة “كارادينيز” في سبتمبر المقبل، في ظلّ تعثر الجانب اللبناني في دفع المستحقات التي تفوق 100 مليون دولار متأخرات من العام الماضي، والتي كانت الشركة قد طالبت بالحصول عليها بالدولار وإلا الانسحاب.
ويشكل ملف البواخر التركية، في لبنان نقطة خلاف كبيرة بين التيارات السياسية، في ظلّ انقسام حاد بوجهات النظر بين بقائها والدعوة الى إنهاء العقد معها
جديد الملف ما جرى في بيروت من احتجاز لبواخر للطاقة التركية في إطار شبهات فساد حيث قررت السلطات اللبنانية، الأربعاء، احتجاز البواخر التركية التي تزود البلاد بالكهرباء للتحقيق في شبهات فساد بملايين الدولارات، لكن القرار لا يشكل إدانة حتى الآن.
واتخذ النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم قرار الحجز على البواخر ومنعها من مغادرة لبنان وتم الطلب من وزارات عديدة والأجهزة الأمنية المختلفة بما فيها الجيش، تطبيق القرار.
إخلاء سبيل
وبعد ظهر الخميس، وافق قاضي التحقيق في بيروت روني شحادة على طلب إخلاء سبيل كل من فاضل رعد ورالف فيصل الموقوفين الرئيسيين في ملف استئجار البواخر المنتجة للكهرباء، مقابل كفالة مالية قدرها مليون دولار أميركي لرعد و700 ألف دولار لفيصل، أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية.
إشارات بحدوث رشاوي في قضية البواخر
وتعليقاً على الموضوع قال النائب في البرلمان اللبناني هادي حبيش إن ما حصل كان إنجازا كبيراً من خلال التحقيقات بانتظار تبيان تفاصيل أكثر حول الملف لندرك إلى أين ستصل الأمور خصوصاً هذا الملف الذي أخذ جدلا واسعاً في السياسة اللبنانية، منوها بدور الإعلام والقضاء لجهة القرار بالحجز فهو تأكيد أن هناك شوائب بهذا الملف أي هناك إشارات بحدوث رشاوي مدفوعة ومن الضروري كشفها”.
الإسراع في التحقيق
بدوره قال أستاذ القانون الدولي ورئيس مؤسسة “جاستيسيا” الحقوقية المحامي بول مرقص إن القرار القضائي اللبناني بقدر ما يلبّي حاجة اللبنانيين لمكافحة الفساد، إلا أنه وبالنظر إلى كونه مجرداً من الاثباتات الدامغة حتى الآن بسبب عدم انتهاء التحقيقات وإطالتها، فيُخشى معه أن ينفّر السفن التجارية والخدماتية من التعامل مع لبنان لاسيما التركية منها التي تمدّه بالكهرباء، خشية تعرضها لتدابير تعسفية ولو كانت احتياطية.
وأضاف “لذلك على النائب العام المالي استكمال تحقيقاته سريعاً وختمها عاجلاً وإحالة الملف دون إبطاء للقضاء مع تخويل السفينة المعنية إيداع كفالة بمثابة ضمان للدفع لدى مصرف مقبول، وتمكينها من الإبحار حفاظا على سمعة لبنان وحقوقه في آن واحد”.
كلفة استئجار البواخر فاقت 4 مليار دولار
وشرح الكاتب والمحلل الاقتصادي في صحيفة ” المدن” الإلكترونية خضر حسان “يستأجر لبنان البواخر من شركة كارباور شيب التركية بفعل مناقصة لم تجرِ ضمن الأطر القانونية الصحيحة، بكلفة استئجار تصل إلى نحو 850 مليون دولار سنوياً، فيما المشروع يمتد لـ5 سنوات، أي أن الدولة تدفع نحو 4 مليار و250 مليون دولار، أي ما يفوق كلفة بناء أكثر من معمل لإنتاج الكهرباء.
وأضاف “علماً بأن البواخر جاءت كحلّ مؤقت، لكنها تحوَّلَت إلى حل شبه دائم بفعل الفساد الذي ظهرت بوادره في قضية قبض الرشوة وتبييض الأموال، والتي تورّط فيها فاضل رعد ورالف فيصل. وهما ليسا سوى واجهة لأصحاب نفوذ أكبر منهما”.
ورأى حسان أنه ” وبفعل توالي الفضائح القانونية والمالية المرتبطة بملف البواخر، لم يعد بإمكان القضاء اللبناني التغاضي عنها بفعل القرارات السياسية، أصدر النائب العام المالي علي إبراهيم قراراً بمنع الباخرتين التركيتين من مغادرة لبنان قبل انتهاء التحقيقات حول قضية فيصل ورعد، إذ أن ثبات التهمة يعني بأن على الشركة التركية دفع 25 مليون دولار، وذلك بموجب البند الجزائي الذي يؤكد أن الشركة لم تعرض ما يثبت عكس الوقائع”.
وأضاف “كانت الشركة قبل اتساع رقعة الفضيحة، تطالب الدولة بمستحقات تفوق قيمتها الـ100 مليون دولار وأزمة البواخر لا تنفصل عن أزمة قطاع الطاقة في لبنان. فعجز مؤسسة كهرباء لبنان الذي تخطى الـ40 مليار دولار، يرهق الخزينة العامة. والدولة تشتري مشتقات النفط للمؤسسة العاجزة بقيمة 1.2 مليار دولار سنوياً. والبواخر تأخذ حصّة من مشتقات النفط. فيما المواطنون يعيشون تقنيناً متزايداً يراكم كلفة فاتورة المولدات الخاصة التي يدفعها اللبنانيون”.
وأشار إلى “أن 55 بالمئة من قيمة العجز في الكهرباء، هي نتيجة هدر الطاقة بين معامل الإنتاج القديمة وخطوط التوزيع المترهّلة. وتغرق المؤسسة في العجز مع أنها تجبي سنوياً بين 650 مليون و750 مليون دولار، فيما مجموع أكلافها يتراوح بين 150 و200 مليون دولار سنوياً”.
وختم “نتيجة الأزمة الاقتصادية والنقدية في لبنان، لم يعد باستطاعة الدولة تأمين الدولار لشراء الفيول ولا لإجراء الصيانة الخاصة بمعامل الانتاج، الأمر الذي وضع البلاد أمام احتمال العتمة الشاملة ما لم تجد السلطة السياسية حلاً مناسبا”.