خطا السودان خطوة مهمة في اتجاه تطبيع علاقاته مع مجتمع المال الدولي، بتسديده متأخرات بقيمة ملياري دولار للبنك الدولي عبر قرض تجسيري قدمته الولايات المتحدة، حسبما أكدت مصادر رسمية الجمعة.
واعتبر خبراء أن الخطوة ستعزز جهود الخرطوم الرامية لحلحلة أزمة الديون البالغة أكثر من 64 مليار دولار، كما تفتح المجال أمام الحصول على منح وقروض ومساعدات تنموية حرم منها قرابة 3 عقود.
في مؤشر قوي على إمكانية انفتاح السودان على المجتمع الدولي خلال الفترة المقبلة، أشادت وزارة الخزانة الأميركية بالإصلاحات التي تجريها الحكومة الانتقالية المدنية، وقالت إنها ستساعد على استعادة الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز جهود البلاد لتخفيف الديون، وتحسين الآفاق الاقتصادية لمواطنيها في نهاية المطاف.
كما أوضحت وزارة الخزانة الأميركية في بيان، أنها قدمت تمويلا تجسيريا بنحو 1.15 مليار دولار لمساعدة السودان في سداد متأخراته للبنك الدولي، من دون أي تكلفة على دافعي الضرائب الأميركيين “تقديرا للتقدم الذي أحرزه السودان”، الأمر الذي يعد خطوة مهمة في تطبيع علاقة السودان مع المجتمع الدولي.
وأكدت الوزارة أنها ستحفز الجهود لدفع تخفيف عبء الديون عن السودان، في إطار مبادرة مساعدة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، مما يضع الأساس لنمو اقتصادي مستدام طويل الأجل لصالح الشعب السوداني.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين: “تستحق الحكومة الانتقالية المدنية في السودان الثناء على إجرائها إصلاحات اقتصادية صعبة لكنها ضرورية لاستعادة عقدها الاجتماعي مع الشعب السوداني”.
وأضافت أن الولايات المتحدة “يسرها أن تدعم السودان في جهود سداد المتأخرات المستحقة للبنك الدولي”، معتبرة أن من شأن الإجراء أن يساعد الخرطوم على “المضي قدما نحو تخفيف عبء الديون الذي تحتاجه بشدة، ومساعدتها على الاندماج في المجتمع المالي الدولي”.
وأشارت الوزيرة الأميركية إلى أن الحكومة الانتقالية في السودان نفذت برنامج إصلاح اقتصادي جديا، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين، مما يدعم انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي.
خطوة مهمة
ويرى أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية محمد شيخون أن أهمية الخطوة تكمن في 3 محاور، يتمثل الأول في رمزيتها كونها أسست لعودة السودان لمجتمع المانحين الدولي، إضافة إلى أنها تفتح باب التعامل المباشر مع البنك الدولي، كما تعطي انطباعا قويا بجدية السودان وقدرته على معالجة أزمة الديون.
ويقول شيخون إن معالجة أزمة متأخرات السودان للبنك الدولي “خطوة في الاتجاه الصحيح نحو معالجة ديون السودان السيادية، التي لا تدخل ضمن مبادرة إعفاء التزامات الدول الفقيرة المثقلة بالديون”.
ووفقا للباحث الاقتصادي أحمد إلياس، فإن السودان بهذه الخطوة “يكون قد استوفى شرطين مهمين من الشروط اللازمة للاستفادة من مبادرة إعفاء ديون البلدان الفقيرة المثقلة، وهما الخروج النهائي من قائمة الدول الراعية للإرهاب واستعادة التعامل مع البنك الدولي”.
واستفادت من هذه المبادرة إلى الآن 37 دولة معظمها في إفريقيا، وأبرزها إثيوبيا وتشاد وإفريقيا الوسطي والصومال، حيث تم تخفيض ديونها في المتوسط بنسبة 75 بالمئة.
ويقول إلياس عبر الهاتف من شيكاغو، إن “السودان أصبح بعد هذه المرحلة مؤهلا أيضا للتفاوض مع نادي باريس، الذي تتطلب قواعده تطبيق برنامج التكييف الهيكلي الذي تتبناه مؤسسات التمويل الدولية”.