منذ اعتماد قانون اللجوء والهجرة الأخير في فرنسا، أصبح تطبيق “حظر العودة إلى فرنسا” (IRTF) ، أكثر صرامة. ووفقا لهذا القرار، في حال عدم الالتزام بتطبيق إجراءات مغادرة الأراضي الفرنسية، يمنع على المهاجر أي محاولة جديدة لتسوية وضعه داخل دول الاتحاد الأوروبي. مهاجرنيوز يوضح تبعات ذلك القرار.
اتخذت فرنسا إجراءات “أكثر صرامة” حيال تدابير الترحيل منذ التصويت على قانون اللجوء والهجرة في أيلول/سبتمبر 2018، بحسب منظمة “سيماد” الناشطة في مجال حقوق المهاجرين.
ومع دخول القانون في حيز التنفيذ بداية العام الحالي، يحصل الأشخاص الذين يجب عليهم مغادرة الأراضي الفرنسية على قرار حظر العودة إلى فرنسا بشكل تلقائي.
وبعبارات أكثر قانونية، هذا يعني أن الأشخاص الحاصلين على ما يسمى بـ”الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية دون تأخير(OQTF)”، يخضعون أيضا لقرار “حظر العودة إلى الأراضي الفرنسية (IRTF)”.
ويمكن أن تتراوح مدة حظر العودة إلى فرنسا من عام إلى 5 أعوام كحد أقصى، وذلك بناء على قرار المحافظة (préfecture) المسؤولة عن ملف الشخص المعني.
يبدأ احتساب المدة ابتداء من اليوم الذي يغادر فيه المهاجر الأراضي الفرنسية
المنظمات غير الحكومية المعنية بمساعدة المهاجرين لا تستنكر حزمة القرارات الجديدة فحسب، وإنما أيضا طريقة تطبيقها.
ويوضح المحامي ستيف إيراكوز من منظمة “لاسيماد”، أن “قرار حظر العودة إلى فرنسا يبدأ تطبيقه ابتداء من اليوم الذي يغادر فيه المهاجر الأراضي الفرنسية”. في الواقع، أصبح حاليا تنفيذ إجراء الطرد هو السائد، ولم يعد مجرد إخطار يتلقاه المعني عن طريق رسالة بريدية” (أو تسليم بشكل شخصي عند التوجه إلى مركز الشرطة على سبيل المثال).
وتؤكد المنظمة غير الحكومية أن مدة حظر العودة لا يبدأ احتسابها إلا عند خروج المهاجر من المنطقة. وعلى سبيل المثال، إذا حصل مهاجر سوداني على قرار مغادرة فرنسا وحظر العودة لمدة عامين، ذلك يعني أنه يتوجب عليه إثبات خروجه من دول الاتحاد الأوروبي لمدة عامين قبل أن يستطيع العودة مرة أخرى.
ولتقديم دليل يثبت أن الشخص خرج بالفعل من الأراضي الفرنسية، يجب على سبيل المثال الحصول على ختم خروج على جواز السفر.
لكن هذا الإجراء في غاية التعقيد.
ويشرح المحامي إيراكوز أنه “يجب على الشخص بمجرد وصوله إلى بلده، أن يرسل نسخة من جواز سفره إلى القنصلية الفرنسية لإثبات التزامه بقرار المغادرة. حقا إنه أمر معقد للغاية”.
“غير قانوني إلى الأبد”
ويكفل القانون الجديد منع احتمالية وجود أشخاص حاصلين على قرار المغادرة ومختبئين في فرنسا.
وبحسب المحامي، “إذا حصل الشخص على قرار منع دخول الأراضي الفرنسية لمدة عام، وبقي مختبئا لمدة عام، فهو فعليا يبقى عالقا ولن يؤثر ذلك على فترة صلاحية القرار. فمن الناحية العملية، لم يبدأ بالأصل احتساب المدة طالما أن الشخص كان مختبئا. وتبدأ فاعلية القرار يوم خروج الشخص من حدود الاتحاد الأوروبي”.
وذلك يعني أنه يمكن للشخص الاختباء لعامين أو ثلاث أو حتى 10 أعوام، لكن في حال عدم مغادرته لفرنسا، فإن إشعار الحظر سيبقى في الملف ولن يتم إبطال العمل به.
وبالتالي، تطلب محافظة الشرطة التي ستراجع الملف الحصول على دليل يثبت أن الشخص قد غادر البلاد.
وتستنكر منظمة “لا سيماد” هذا القرار التي ترى فيه بأن الحكومة ستخلق بذلك حالات يضطر فيها الأشخاص إلى التخفي مدى الحياة، “ويتم حظر المهاجرين الذين لم يغادروا إلى أجل غير مسمى، ولن يكونوا قادرين على تسوية أوضاعهم حتى لو برزت حاجات أخرى لديهم تخولهم الحصول على حق اللجوء (كالحالة الصحية أو تطورات متعلقة بالحياة الخاصة أو العائلية). وبالتالي لن يكون لديهم فرصة للاندماج”.
ووصفت المنظمة في بيان لها هذا التدبير بأنه “أداة رهيبة لتدمير حياة الأشخاص بجعلهم غير قانونيين إلى الأبد”.
ولوحظ ازدياد عدد قرارات منع العودة إلى الأراضي الفرنسية بشكل كبير. ووفقا لتقرير وزارة الداخلية، تم إصدار 25،445 قرارا بمنع العودة خلال 2017، مقارنة بـ 4،798 خلال العام الذي سبقه.
هل من الممكن محاولة تقديم طلب لجوء إلى بلد آخر؟
ينطبق “حظر العودة” الصادر في فرنسا على كامل الأراضي الأوروبية، ويتم تسجيل القرار في قاعدة البيانات التابعة لنظام شنغن (SIS). فخلال مدة الحظر، يُمنع المهاجر من الدخول إلى منطقة شنغن. من الناحية العملية، ذلك يعني أن المهاجر الذي تلقى أمرا بمغادرة الأراضي الفرنسية لا يحق له تقديم ملفه في إسبانيا أو إيطاليا على سبيل المثال.
أما في حال رغبة الشخص بتقديم اعتراض على القرار، فذلك يعود إلى محافظة الشرطة، فهي الجهة الوحيدة التي تملك سلطة إلغاء القرار.
وفيما يتعلق بالشخص الذي امتثل إلى الأوامر وغادر فعليا الأراضي الفرنسية وفق الشروط المحددة، يتم إلغاء إشعار الحظر من ملفه. أي أنه بعد انتهاء المدة المحددة وتقديم الإثباتات المطلوبة، يمكن له المحاولة مرة أخرى إما في فرنسا أو في أي دولة أوروبية أخرى.
أمر مغادرة الأراضي الفرنسية
وفي حال رفض طلب اللجوء، ترسل المحافظة للمعني أمر التزام بمغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF) بموجب خطاب مسجل مع إشعار الاستلام. ولديه شهر واحد فقط للمغادرة “بشكل طوعي”. ومن الممكن أن يتم استئناف القرار عبر المحكمة الوطنية لحق اللجوء (CNDA) في غضون 15 يوما.
لكن في حالات أخرى، يطلب من الشخص مغادرة الأراضي الفرنسية بشكل فوري، ويكون لديه 48 ساعة فقط. وغالبا ما يتم وضع هؤلاء في مراكز الاحتجاز والترحيل.