“الانسان عدو ما يجهل” مقولة صحيحة وحكمة غائبة عن البعض من دعاة التخلف واعداء النجاح و التطور ، الذين يعادون كل ما هو جديد ، ويعارضون أي تطور واختراع مفيد لخدمة البشرية وتسهيل حياتها ، منذ بداية عصر الطباعة بآلات الطباعة الحديثة السريعة .
بدلا من نسخ وكتابة الكتب يدويا مما ساعد في ترجمة وطباعة ملايين النسخ من مصاحف القران الكريم وتوزيعها علي الحجاج والمسلمين في العالم ، وكان ازدهار الصحافة الورقية والمجلات الدورية المتخصصة في مجالات عدة قبل تراجعها حاليا لصالح الصحافة الرقمية online
ثم عصر الاكتشافات للعالم الجديد ما بعد الجرامافون والاسطوانات الصوتية قبل اكتشاف توماس اديسون للكهرباء وظهور الاختراعات الكبري من السيارات والقطارات الحديدية والطائرات النفاثة ( مثل الكونكورد قبل الغائها ) التي ما يزال يخاف البعض من ركوبها حتي في اوروبا وأمريكا بل يفضلون عليها السفر برا او بحرا .
اكتشاف تقنية عروض السينما ( الشاشة الفضية ) كان أيضاً نقطة تحول هائلة غيرت وجه الحياة الاجتماعية والثقافية في دول كثيرة حول العالم ، وسحبت البساط من تحت اقدام المسرح ابو الفنون بعد انتاج أفلام ( حركة ودرامية وكوميدية كارتون للأطفال ) لنجوم ونجمات السينما تعرض في دور العرض العديدة التي تم إنشائها في ذلك الحين في جميع أحياء المدن والشوارع الكبري .
قبل تراجع الطلب عليها بعد ظهور كاسيتات الفيديو، والأسطوانات المرئية DVD وأفلام المقاولات السريعة التي أدت الي عزوف الناس عن الذهاب الي دور السينما والمسارح قبل انحسارها
مما أدي الي تحول دور السينما القديمة والمسارح الي جراجات للسيارات او ورش للأحذية او محال تجارية او هدمها وبناء أبراج سكنية مكانها كما حدث في مصر .
كانت السينما سلاحا هاما للغزو الفكري والثقافي مثالا علي ذلك كانت ستوديوهات هوليوود في امريكا وبوليوود في الهند
وفي مصر أيضاً انتشرت استوديوهات تصوير الأفلام من ستوديو مصر الي ستوديو نحاس واستوديو جلال وغيرهم
وكان إختراع ثلاجات التبريد للحفاظ علي الطعام والشراب واللحوم والأسماك من التلف ومكيفات الهواء أيضاً التي أصبحت ضرورة أساسية لا غني عنها في بلادنا الحارة.
لا سيما في دول الخليج صيفا واكتشاف جراهام بيل للتليفون ( الهاتف ) بعد التلغراف ثم ظهور الإذاعات ( الراديو ) التي كانت نقطة تحول كبري في وسائل اتصال السمعية لنقل الأخبار وتبادل المعلومات ونشر الفنون والآداب والأفكار الأيدلوجية حتي أثناء الحروب
وكان اكتشاف التلفزيون في القرن الماضي ثورة هائلة في تاريخ البشرية بوسائل حديثة من الاتصال السمعي والبصري أيضاً وذلك بنقل الأحداث صوتاً وصورة مباشرة باللونين الابيض والاسود قبل ظهور تقنية الالوان مع الدولبي ستريو قبل نصف قرن بداية السبعينيات .
عندها تم اختزال العالم كله الذي تحول بالفعل الي قرية صغيرة تري فيها الأحداث الرياضية وبطولات كاس العالم والدورات الأوليمبية علي الهواء كما شاهدنا الأسطورة الراحل محمد علي كلاي وهو يلاكم منافسه جو فريزر عام 1974
وسهر المصريون لمتابعتها حتي الصباح نظرا لفروق التوقيت بين دول العالم حتي داخل امريكا نفسها بينها أربع ساعات بين الساحلين الشرقي والغربي.
هنا أطلق بعض الرجعيين ودعاة التخلف علي التلفزيون لقب ( المفسديون ) دلالة علي انه منبع الشر والفساد الفكري والأخلاقي في المجتمع الذي تحلل أخلاقياً بفعل شرائط الكاسيت للأغاني الهابطة والثقافات الدخيلة التي ذرعت بذور التطرف دينياً ودنيوياً حتي أصبحنا محاصرين ،ما بين الخلاعة والنطاعة.
لكن تحدي الإنسان لنفسه تواصل الي ما هو ابعد من ذلك في ثورة الاتصالات الرقمية التي بدأت قبل ٢٥ عاما
لكنها كثفت اختراعاتها خلال مائة عام فقط لتعادل إنجازات الإنسان العلمية طوال تاريخه الطويل من آلاف السنين وتطورت صناعات النسيج والملابس الجاهزة للشراء للرجال والنساء بدلا من تفصيل القماش لدي الخياطين والترزية التي انقرضت مهنتهم تقريبا حالياً.
بعد تراجع أهمية مراسلات البريد التلغراف والتلكس والفاكس واندثار دور البوسطجي ساعي البريد ثم ظهور جهاز التتبع pager للاتصال بالرقم الظاهر عليه ظهر بعدها تليفون السيارة المحمول وكان قاصرا فقط علي القادرين من الأثرياء
وذلك لغلاء ثمنه قبل ظهور موبايلات النوكيا الفنلندية الشهيرة بالموزة ( بنانا ) او اريكسون السويدية ثم موتورلا
وتعددت الأنواع والموديلات سريعا من هذا الجيل الأول الي الجيل الثاني الأصغر حجما والأقل سعراً ليصبح في متناول الجميع حتي الأطفال الي ان وصلنا الي الجيل الثالث والرابع والخامس حالياً
من الهواتف اللوحية المختلفة “الذكية” لكنها لا تموت مع صاحبها وتدفن أسراره معها !!
وكانت ثورة الرقمية المجانية ومواقع التواصل الاجتماعي ،التي حولت العالم من قرية صغيرة الي مجرد شقة صغيرة من الغرف الزجاجية الشفافة المكشوفة للجميع وأصبحت خطاً للحياة الذي يربط مليارات البشر حول العالم صوتاً وصورة علي الواتساب والفيبر وتانجو وانستجرام تليجرام وسناب شات سيجنال وغيرها من تطبيقات التواصل العديدة .
كان ظهور الدش Dish الأطباق الفضائية اللاقطة للقنوات الجديدة المذاعة عبر الأقمار الاصطناعية منذ ربع قرن في بداية التسعينيات وأطلقت مصر قمرها الصناعي نايل سات ثم إيجيبت سات غير الأقمار العربية الأخري بدر وسهيل سات
وتزايد عدد القنوات بالالاف بجميع المجالات الفنية والرياضية والسياسية الإخبارية وقنوات الأطفال والطبخ
وحتي قنوات الرقص الإباحية أيضا
مما يجب علينا اعادة تقييم ومراجعة هذه التجربة بكاملها لمعرفة مدي نجاحها او فشلها .
يعوضنا في ذلك اختراعات الإنسان الآلي اسيمو الروبوت الشهير في اليابان والفضل الكبير في ذلك يعود الي الكمبيوتر وشبكة الإنترنت العنكبوتية وثورة المعلومات الرقمية المجانية التي لم تدع اعذارا مقبولة او مبررات للجاهلين والغافلين في عصر العلم والعمل للمستقبل ختاماً وقف العالم عاجزاً أمام فيروس كورونا الذي خرب العالم بكل مجالات الحياة وأصابها بالشلل تقريباً .
لهذا تراجع الجميع من الساسة والمشاهير والرياضيين والفنانين حتي يعطون الفرصة للعلماء والأطباء للوصول الي مصل أو لقاح للتطعيم والتحصين من المرض المستجد
وقد نجح العلماء في اكتشاف ذلك من خلال شركات للادوية ومعامل أبحاث كبري مثل مودرنا وفايزر الأمريكي وأسترا زينيكا البريطاني وسينوفارم الصيني وسبوتنيك الروسي الذي أعلن اكتشافه الرئيس الروسي بوتين شخصياً
وقام بتطعيم ابنته أمام الاعلام للتأكيد علي جودة وكفاءة وفعالية اللقاح من فيروس كورونا ،الذي اثبت أهمية الطب والعلم، لكنه أثبت أيضا مدي ضعف الإنسان وهشاشة الحضارة الحديثة ،التي انحنت وهزمها فيروس لا نراه لكنه أعلن الحرب العالمية الثالثة علي البشرية.