حسم المجتمع الدولي أمره، من ناحية المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني، في ظل أزمة مركبة اقتصادية مالية ونقدية لم تشهدها البلاد، حتى أبان الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975.
موقف المجتمع الدولي ترجم من خلال الموافقة على قرض لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي ودعم العائلات الأكثر فقرا”، بقيمة 246 مليون دولار، على مدى 15 عاما.
هذا القرض الذي بدأت المفاوضات عليه منذ مارس من العام الماضي، انطلق من مبلغ 570 مليون دولار ما بين هبات ومنح وجزء آخر هو عبارة عن القرض الحالي، إنما حالت الظروف السياسية، وانقسام الرأي بين شمول اللاجئين السوريين بهذه الاستفادة، إلى أن حصل لبنان وبعد قرابة العام على هذا القرض.
معوقات عدة تواجه التنفيذ، من الناحية التشريعية أو تحوير القرض وتجييره كما درجة العادة على الطريقة اللبنانية، لخدمة أهل السياسة واعوانهم والمحسوبين عليهم.
فضلا عن أن إيداع القرض في مصرف لبنان، وإعطاء المساعدات المالية للعائلات بسعر صرف 6240 ليرة لبنانية للدولار الواحد، كان الخلل الأساسي، الذي أصاب الغاية من هذا القرض، إذ أن قيمة المساعدة المالية تآكلت بمعدل 70 بالمئة تقريبا، نظرا إلى هوة الفرق بين سعر الصرف الحقيقي للدولار في السوق الموازي.
وبحسب ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية في المفاوضات مع البنك الدولي، عاصم أبي عالي، فإن شبكات الأمان الاجتماعي يجب أن تصل للعائلات، التي تعاني من الفقر المدقع والتي يصل عددها اليوم إلى 200 ألف عائلة. 50 ألف عائلة بدأت بالاستفادة من مساعدات قدمت من الاتحاد الأوروبي ومن ألمانيا وإيطاليا والنرويج على مدى عامين بقيمة تصل إلى 70 مليون دولار.
أما بقية العائلات والبالغ عددها 150 الفاً، فستستفيد بجزء من قرض البنك الدولي المقسم إلى 3 أقسام، وعلى مدى عام واحد:
القسم الأول: ستحصل كل عائلة على مبلغ ثابت بقيمة 200000 ليرة أو 32 دولارا، و100000 ليرة أو 16 دولارا لكل فرد في العائلة، شرط ألا يتجاوز سقف المساعدات المالية لكل عائلة الـ800000 ليرة أو 128 دولارا.
القسم الثاني: سيذهب إلى 87000 تلميذ في المدارس الرسمية، سواء في التعليم الأكاديمي أو المهني، حيث سيستفيد كل تلميذ، بين 1.100.000 ليرة أو 176 دولارا، إلى 1.900.000 ليرة أو 304 دولارات طيلة العام الدراسي.
القسم الثالث: عبارة عن مساعدات اجتماعية، تقدم عبر مراكز الخدمات الإنمائية، وهي عبارة عن برامج الدعم النفسي الاجتماعي، والتدريب المهني.
بحسب قاعدة البيانات التي لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن مجمل العائلات يصل إلى 155 ألفا بحسب برنامج دعم العائلات الأكثر فقرا”، وهنالك أيضا” 105 آلاف عائلة تقدمت بطلب مساعدة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، و375 ألفا سجلت عبر المنصة التي أطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية.
لذلك ونظرا” إلى العدد الكبير، يقول أبي علي، هنالك معايير تقنية ستتم مطابقتها مع كل عائلة لتحديد مدى الحاجة إلى المساعدة، فضلا عن الزيارات الميدانية لأكثر من 480 عاملا اجتماعيا، وشركتين من القطاع الخاص، للإسراع بالبت بملف العائلات التي ستستفيد من القرض.
ستشرف منظمة التغذية العالمية (wfp )، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية على التوزيع، وسيكون هنالك تعاون أيضا” مع الوزارة والبنك الدولي في ما يتعلق بالرقابة عن طريق نظام للشكاوى، أيضا إشراف للشركات التدقيق الخاصة، فضلا عن تقرير دوري كل 3 أشهر للبنك الدولي، ضمن إطار المتابعة الدورية لكيفية سير الأمور.
ويعتبر الخبير الاقتصادي، البروفسور جاسم عجاقة، أن هذا القرض أساسي وضروري لإنشاء شبكة أمان اجتماعي، خصوصا أن الدعم المُقدّم من مصرف لبنان أشرف على نهايته.
وبالتالي، وبغياب هذه الشبكة سيكون لبنان أمام أيام سوداء يعمّها الفوضى والسطو المُسلّح، نظرًا إلى أن قسما كبيرا من هذا الشعب لا قدرة لديه على شراء حاجاته الأساسية.
في الواقع الدعم الذي قدّمه مصرف لبنان خلال المرحلة الماضية، يقول عجاقة، كان يأتي من احتياطاته، أمّا اليوم فهذه الأموال ستأتي من خزينة الدولة عبر هذا القرض وهذه هي الآلية الطبيعية للدعم أي يجب أن تأتي الدولارات من الخزينة العامة وليس من المصرف المركزي.
وبحسب عجاقة يعتبر أن موافقة البنك الدولي، على اقتراح اعطاء المساعدات المالية بالعملة الوطنية تعود إلى الأسباب التالية:
أولًا – الرغبة الدولية بوقف التهريب عبر الحدود سواء للدول القريبة أو البعيدة وهذا الأمر يُمكن تحقيقه من خلال وقف دعم مصرف لبنان والاستعاضة عنه بدعم حكومي مباشر عبر مساعدات مالية عينية.
ثانيًا – المخاوف الدولية من استخدام هذه الأموال (أي بالدولار الأميركي) في غير الهدف المرصود لها وبالتالي وفي ظل وجود قانون قيصر أي استخدام في غير مكانه، يُمكن أن يقضي على المشروع بأكمله.
ثالثًا – رغبة ظاهرة لدى السلطات النقدية باستعادة السيطرة على كتلة الدولار في السوق خصوصًا الدولارات الطازجة منها.
إذا”، بررت السلطات المالية والنقدية عند سؤالها عن عدم تسليم المساعدات بعملة القرض أي بالدولار الأميركي، إلى أن القرض سيكون لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي ولدعم الاقتصاد الوطني، إذ أن مصرف لبنان يستخدم هذه العملات الصعبة للاستمرار بدعم المواد الأولية أي المحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية.
ويبدو أن الأمر سينسحب على المساعدات المالية التي تصل إلى اللاجئين السوريين في لبنان.
فبحسب المصادر سيلتأم المجلس المركزي في مصرف لبنان، ويبدو أن التوجه سيكون لإعطاء اللاجئين المبالغ النقدية التي يتقاضونها على سعر صرف 6240 ليرة للدولار الواحد.
وفيما يلي حجم الأموال السنوية التي تصل إلى اللاجئين السوريين في لبنان، والمقدمة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي يستفيد منها عدد محدد من اللاجئين،
1-المساعدات المالية بمبلغ يصل إلى 400.000 ليرة تستفيد منها 58000 ألف عائلة (مجموع المبلغ يصل إلى 111.198000 مليون دولار)
2-المساعدات الغذائية كحد أقصى تصل إلى 600.000 ليرة تستفيد منها 115000 عائلة لاجئة ( مجموع المبلغ 191.563.397 مليون دولار) ، وهي تدفع بالليرة اللبنانية منذ زمن.
3- توجد فقط مساعدات الشتاء يتم تقاضيها بالدولار تصل إلى 400 دولار لكل عائلة تستفيد منها 200.000 عائلة (مجموع المبلغ يصل الى 81.346.000 مليون دولار).
4-مجموع المساعدات التي تصل الى السوريين بشكل سنوي تقدر بـ384.107.597 مليون دولار.