في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، حين التحقت كامالا هاريس بجامعة هاورد في واشنطن، استمتعت الشابة الطموحة آنذاك بالتنوع الكبير والمأكولات الشهية في العاصمة واشنطن، حيث تناولت الأطباق الكاريبية في مطعم «أدامز مورغان»، وتناولت كذلك الفطائر كبيرة الحجم في مطعم «فوريدا آفينيو غريل» الشهير.
إنه تنوع يبدو بسيطا لكنه يناسب كامالا هاريس، وهي من مواطني كاليفورنيا، وابنة مهاجرين من جامايكا والهند ارتادت مدارس للبيض، لكنها في واشنطن كانت تستمتع بحيوية «الساحل الشرقي» خلال مهرجان «جورجيا أفينيو داي» السنوي على طول الامتداد الرملي المحيط بحرم جامعة هاورد.
وحين كانت هاريس تخوض غمار «جدل ثقافي» في الفصول الجامعية، فإنها كانت تتلقى أيضا ثقافة العالم الواقعي في جامعة هاورد، وهي جامعة للسود تاريخيا، وتتطوع مع شقيقاتها في جمعية «ألفا كابا ألفا» في مجتمع «شو»، الذي يتألف في معظمه من الأميركيين من أصول إفريقية، والذي كان موطنا لجامعة هاورد، وفقا لأصدقائها وزملاء الدراسة في الجامعة.
وبعد 4 عقود، استقرت هاريس في منطقة مختلفة تماما في العاصمة واشنطن، وتحديدا في حي «إيست إند» وهو حي للبيض، حيث اشترت مع زوجها، دوغ إمهوف، عام 2017 منزلا فاخرا بلغ سعره إلى 1.7 مليون دولار، وذلك في السنة التي انتخبت المدعية العامة لولاية كاليفورنيا عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي.
قبل حملة الانتخابات الرئاسية، وقبل أن يبدأ عملاء الخدمة السرية الأميركيون الإحاطة بها، وقبل أن تصنع التاريخ بوصفها أول امرأة ملونة تنتخب نائبة للرئيس، كانت هاريس تتناول الطعام بانتظام في مقهى «بلوستون لين» ذي الطابع الأسترالي الموجود في حيها.
وقتها كانت ترى كثيرا حين تتوقف في محل «ترايدر جو» للبقالة للتسوق، وكانت وجها مألوفا في حانة «بلو دوك تافرن» الشهيرة بالقرب من شقتها، وبار «كورك وأين» الشعبي في شارع 14 في منطقة «لوغان سيركل» في حي «شو»، المرمم حديثا.
وبخلاف العديد من المشرعين الفيدراليين، الذين تعاملوا مع المدينة بوصفها محطة تجارية أكثر من كونها موطنا ثانيا، اجتازت هاريس الخطوط التي تفصل بين المناطق العديدة من العاصمة: واشنطن السود وواشنطن المهاجرين وواشنطن البيضاء، واشنطن الفقراء وواشنطن الأغنياء، واشنطن الرسمية وواشنطن الحقيقية التي يتمتع سكانها بروابط وعلاقات متجذرة وعميقة.
منذ ثمانينيات القرن العشرين، تمكنت هاريس من ملامسة كل ذلك، وكانت شخصية مريحة في «هاورد هوم كومينغ» أو «ساحة «بلاك لايف ماتر»، كما هي تماما في قاعات الكونغرس.
وحين تستقر هاريس، نائبة الرئيس، في البيت الأبيض، الذي يعود للقرن التاسع عشر، يتوقع أصدقاؤها أن تصبح أكثر انخراطا في حياة المدينة.
ويقول خالد بيتس، الذي كان صديقا لهاريس طوال 14 عاما، وهو شريك في ملكية «بار كورك واين» مع زوجته دايان غروس «إنه أمر أعجبت به حقا بشأن باراك أوباما، الرئيس الديمقراطي السابق، أنه كان يخرج حقا ويختلط بالمجتمع.. ولأن لها علاقات إضافية مع المدينة، ولأنها ارتادت جامعة هاورد، أعتقد أنها ستشعر بذلك أكثر مما كان عليه الأمر سابقا».
مراهقة مفعمة بالحيوية
التحقت هاريس بجامعة هاورد في خريف عام 1982، حين كانت مراهقة مفعمة بالحيوية وذات ابتسامة ساحرة وسرعان ما أصبحت معروفة بحسها الهائل بالهدف والضحك الصاخب وروح المغامرة.
والتقت المحامية من هيوستن، ميلاني ويلكوكس مايلز، بهاريس أثناء حصة التوجيه كطالبات جدد في جامعة هاورد.
وكانت أولى غزواتهما لغرف بعضهما في مهجع «هارييت توبمان الرباعي» المشيد من الطوب الأحمر، المعروف باسم «الرباعي» أو «كواد»، والذي يتألف من 5 أجنحة سكنية مترابطة.
وسرعان ما أصبحت مايلز وهاريس والعديد من الطالبات الجدد منسجمات وبدأن بمشاركة طاولة الكافيتريا، ولكن، وبحسب مايلز «لم يدم ذلك طويلا».
فقد أصبحت هاريس «طباخة ماهرة تعشق الطعام»، ووفقا لمايلز «أتذكرها وهي تتوجه نحوي قائلة «حسنا، ماذا سنأكل اليوم»؟
وبدأت هاريس وصديقاتها يستكشفن واشنطن معا، يتناولن الطعام الإثيوبي أو الجامايكي أو الجنوبي، وغيره بمختلف أنحاء المدينة.
وكن يرتدن مقهى «كافيه لوتريك» وغيره من المقاهي والمطاعم في المدينة، بحسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.
وبالطبع كان هناك أكثر من الطعام في المدينة، فأيام الآحاد، كانت هاريس وصديقاتها يذهبن إلى كنيسة «رانكن» ويستمعن إلى قراءات شعرية، أو للموسيقى، وكن يشاركن بأنشطة كنيسة «نيو بيثيل بابتيست» في الشارع التاسع، ووفقا لمايلز، فإن هاريس لم تكن بمعنية بالطوائف بقدر شعورها بـ»روحانية الدين».