رفوف مزدانة بتماثيل فنية طينية، تتفنن أنامل مبدعة في تشكليها ببراعة وموهبة فطرية، لتمزج الطين بقليل من الملح والتبن، لتصبح في النهاية قطع فنية توحي للناظر إليها للوهلة الأولى، بأنها قطع وتماثيل أثرية تعود تاريخها لغابر العصور.
إنها “حزنية عثمان” سيدة الخمسينية ملقبة بـ”كجى كرد”، والتي تعني باللغة الكردية “ابنة الأكراد”، التي تفننت في صناعة تحفها الطينية.
ويعود شغف حزنية في جمع المقتنيات التراثية القديمة إلى طفولتها، فولعها بكل قديم دفعها لتنظيم عدة معارض سنوية للتراثيات المنسية والقطع الأثرية التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 600 عام، ورتبتها داخل غرفة طينية في بيتها الريفي القديم في قرية “معشوق” بالريف الشرقي لمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا.مقتنيات متنوعة
تمتلك حزنية، التي التقتها عدسة “سكاي نيوز عربية”، ما يزيد عن 5000 قطعة قديمة من أحجار الرحى القديمة لطحن الحبوب، والمحراث الخشبي القديم وسروج الأحصنة، وصناديق تجهيز العرائس، والفخاريات وزجاجيات قديمة، ودلال للقهوة مختلفة الأشكال والأنواع، ومكاحل ومرشات (أدوات تستخدم لزينة المرأة)، بالإضافة إلى المغازل والمفارش المستخدمة لصناعة البسط، والغربال المصنوع من أمعاء الحيوانات.
وهناك أيضاَ أدوات زراعية وملاعق خشبية وأسلحة وسيوف ودرع يزيد تاريخها عن الـ600 عام، بجانب ميزان وفوانيس وألعاب قديمة وغيرها من الأدوات المستخدمة قديما في صناعة منتجات الألبان.
حلم الطفولة
حب حزنية وولعها بالتراث والمقتنيات القديمة، كان الدافع الأساسي للتفكير بالبحث عن كل قديم، وأوضحت: “تعلقت منذ طفولتي بالمقتنيات التراثية القديمة، وكنت أحلم أن ارتاد المدرسة وأتعلم كي أتمكن بعد إتمام دراستي من حماية تراثنا الشعبي، وتشجيع الحفاظ عليه”.
وتابعت: “فتراث منطقتنا يزخر بالأدوات القديمة الجميلة التي أغنت يوميات أجدادنا من الكرد والعرب والسريان والأيزديين، وهذا يدل على اعتماد الآباء والأجداد على أنفسهم في جميع الأمور وفي جميع الصناعات، لكن تقدم التكنولوجیا، هدر تراثنا وأسهم في زواله شيئاً فشيئاَ “.