الرئيسيةالهجرةهكذا تحتفل السويد بعيد الميلاد

هكذا تحتفل السويد بعيد الميلاد

يعتبر‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬ثاني‭ ‬أهم‭ ‬الأعياد‭ ‬في‭ ‬الديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬بعد‭ ‬عيد‭ ‬الفصح،‭ ‬كونه‭ ‬احتفالاً‭ ‬بذكرى‭ ‬ميلاد‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭. ‬وتحتفل‭ ‬السويد‭ ‬مع‭ ‬الكنائس‭ ‬الغربية‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬‮٢٥‬‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬تحتفل‭ ‬الكنائس‭ ‬الشرقية‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬‮٧‬‭ ‬يناير‭ (‬كانون‭ ‬الثاني‭).‬

و‭ ‬طَريقة‭ ‬السويديين‭ ‬في‭ ‬الإحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬مميزة‭ ‬جداً،‭ ‬فهي‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬بعضها‭ ‬قديم‭ ‬وبعضها‭ ‬مستحدث،‭ ‬سنلقي‭ ‬الضوء‭ ‬هتا‭ ‬على‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬السويد‭: ‬أصوله‭ ‬و‭ ‬مظاهر‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭.‬

لَمحة‭ ‬تاريخية

الإحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬تقليد‭ ‬قديم‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬‮١١‬‭ ‬للميلاد،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬مزيجاً‭ ‬من‭ ‬الإحتفال‭ ‬الديني‭ ‬المسيحي‭ ‬مع‭ ‬احتفال‭ ‬“منتصف‭ ‬الشتاء”‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬الإنقلاب‭ ‬الشتوي‭ ‬بعده‭ ‬ليصبح‭ ‬النهار‭ ‬أطول‭ ‬والليالي‭ ‬أقصر‭ ‬بالتدريج‭. ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬المسيحية‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬الإحتفال‭ ‬إنارة‭ ‬ليالي‭ ‬الشتاء‭ ‬المظلمة،‭ ‬ثم‭ ‬امتزجت‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬القديمة‭ ‬بتقاليد‭ ‬تابعة‭ ‬للديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬لتتشكل‭ ‬طقوس‭ ‬احتفال‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬كما‭ ‬نعرفها‭ ‬اليوم‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬الإحتفال‭ ‬الجرماني‭ ‬الوثني‭ ‬بمنتصف‭ ‬الشتاء‭ ‬قائماً‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب،‭ ‬وتقديم‭ ‬الأُضحيات‭ ‬من‭ ‬الحيوانات‭ ‬كي‭ ‬تبارك‭ ‬لهم‭ ‬الآلهة‭ ‬في‭ ‬محاصيلهم‭ ‬الزراعية‭ ‬ورزقهم‭. ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطقوس‭ ‬ممنوعاً‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬مع‭ ‬تحول‭ ‬السويد‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مسيحية‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬عام‭.‬

أجواء‭ ‬تحمل‭ ‬الفرحة‭ ‬للجميع

يبدأ‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬لاحتفالات‭ ‬العيد‭ ‬مع‭ ‬إشعال‭ ‬أول‭ ‬شمعة‭ ‬من‭ ‬الأدفنت‭ ‬أو‭ (‬مجيء‭ ‬المسيح‭) ‬في‭ ‬أول‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭) ‬وتستمر‭ ‬حتى‭ ‬‮١٣‬‭ ‬يناير‭ (‬كانون‭ ‬الثاني‭) ‬الذي‭ ‬يختتم‭ ‬موسم‭ ‬الأعياد‭ ‬وتُزال‭ ‬فيه‭ ‬زينة‭ ‬و‭ ‬مظاهر‭ ‬الأعياد‭ ‬مع‭ ‬قدوم‭ ‬يوم‭ ‬القديس‭ ‬كنوت‭.‬

تبدأ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬عطلة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬‮١٧‬‭ ‬و‭ ‬‮٢٢‬‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭) ‬و‭ ‬تمتد‭ ‬حتى‭ ‬‮٩‬‭ ‬يناير‭ (‬كانون‭ ‬الثاني‭) ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الجديدة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبدأ‭ ‬عطلة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬و‭ ‬‮٢٣‬‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭) ‬وبعض‭  ‬الشركات‭ ‬تستأنف‭ ‬العمل‭ ‬لبضع‭ ‬أيام‭ ‬مابين‭ ‬احتفالات‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬والسنة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتعتمد‭ ‬أيام‭ ‬العطل‭ ‬على‭ ‬عطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع،‭ ‬وأي‭ ‬الأيام‭ ‬يصادف‭ ‬عشية‭ ‬الميلاد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

وفي‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬ليلة‭ ‬الميلاد،‭ ‬يتم‭ ‬الإنتهاء‭ ‬من‭ ‬استعدادات‭ ‬الإحتفال،‭ ‬فتتأكد‭ ‬العائلات‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجونه‭ ‬من‭ ‬مأكولات‭ ‬ومشروبات،‭ ‬وزينة،‭ ‬وهدايا‭ ‬ويقوم‭ ‬البعض‭ ‬كذلك‭ ‬بشراء‭ ‬الألعاب‭ ‬النارية‭ ‬التي‭ ‬يستمر‭ ‬إطلاقها‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬ليلة‭ ‬الميلاد‭ ‬بشكل‭ ‬تصاعدي‭ ‬حتى‭ ‬ليلة‭ ‬رأس‭ ‬السنة‭. ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬تكتظ‭ ‬المتاجر‭ ‬ومراكز‭ ‬التسوق‭ ‬بالزبائن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬لشراء‭ ‬لوازم‭ ‬الإحتفال‭ ‬أو‭ ‬للإستفادة‭ ‬من‭ ‬عُروض‭ ‬الأسعار‭ ‬المخفضة‭.‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬عزوف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السويديين‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬الكنائس‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬العادية‭ ‬لذلك‭ ‬تعتبر‭ ‬أعياد‭ ‬الميلاد‭ ‬ورأس‭ ‬السنة‭ ‬بالأساس‭ ‬فرصة‭ ‬اجتماعية‭ ‬يتم‭ ‬اقتناصها‭ ‬للقاء‭ ‬الأهل‭ ‬والأحبة‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬شهد‭ ‬كذلك‭ ‬إقبالاً‭ ‬متزايداً‭ ‬من‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الديانات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تقليد‭ ‬مظاهر‭ ‬الأعياد‭ ‬الحميمة‭ ‬من‭ ‬تزيين‭ ‬منازلهم‭ ‬بالأضواء‭ ‬والشموع‭ ‬والنجوم‭ ‬وتوزيع‭ ‬الهدايا‭ ‬واللقاء‭ ‬بالأحبة،‭ ‬أو‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬التسوق‭ ‬مع‭ ‬أطفالهم‭ ‬لأخذ‭ ‬الصور‭ ‬مع‭ ‬“سانتا‭ ‬كلوز”،‭ ‬كتقليد‭ ‬اجتماعي‭ ‬الطابع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ديني‭.‬

شجرة‭ ‬الميلاد

يَأتي‭ ‬موسم‭ ‬الإحتفالات‭ ‬ويَتنافس‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬وتبادل‭ ‬الهدايا،‭ ‬وقد‭ ‬اعتادت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬السويدية‭ ‬إقامة‭ ‬الإحتفال‭ ‬الرئيسي‭ ‬وتبادل‭ ‬الهدايا‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬الميلاد‭ ‬‮٢٤‬‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭). ‬ويقضي‭ ‬الأطفال‭ ‬الأيام‭ ‬السابقة‭ ‬بالنظر‭ ‬أسفل‭ ‬شجرة‭ ‬الميلاد‭ ‬وترقٌب‭ ‬الهدايا‭ ‬والمفاجئات‭ ‬عشية‭ ‬العيد‭.‬

و‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬أذهانكم‭ ‬كيف‭ ‬بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬تبادل‭ ‬الهدايا؟

فكرة‭ ‬التهادي‭ ‬و‭ ‬العطايا‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬السويدي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ظهور‭ ‬“سانتا‭ ‬كلوز”‭ ‬أو‭ ‬“بابا‭ ‬نويل”،‭ ‬فاعتاد‭ ‬المزارعون‭ ‬الفقراء‭ ‬تلقي‭ ‬الهدايا‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الكعك‭ ‬المعد‭ ‬بالمنزل‭ ‬أو‭ ‬النقانق‭ ‬أو‭ ‬شمع‭ ‬مصنوع‭ ‬يدوياً‭.‬

أما‭ ‬شجرة‭ ‬الميلاد‭ ‬فهي‭ ‬عادة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬السويد‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭. ‬وتم‭ ‬استبدال‭ ‬التقليد‭ ‬المسبق‭ ‬بتقديم‭ ‬هدايا‭ ‬مضحكة‭ ‬مصنوعة‭ ‬غالباً‭ ‬من‭ ‬الخشب‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وبداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬بهدايا‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬“ماعز‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد”‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬“سانتا‭ ‬كلوز‭ ‬أو‭ ‬بابا‭ ‬نويل”‭.‬

زُينت‭ ‬أول‭ ‬أشجار‭ ‬ميلاد‭ ‬سويدية‭ ‬بالشموع‭ ‬وحلويات‭ ‬العيد‭ ‬والفواكه،‭ ‬وسُرعان‭ ‬ما‭ ‬اسُتبدلت‭ ‬هذه‭ ‬الزينة‭ ‬بزينة‭ ‬خاصة‭ ‬بكل‭ ‬عائلة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬والقش‭. ‬واعتباراً‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬‮١٨٨٠‬،‭ ‬كانت‭ ‬زينة‭ ‬شجرة‭ ‬الميلاد‭ ‬التجارية‭ ‬متاحة‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬السويدية‭ ‬الكبرى،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬استيرادها‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭. ‬وتشمل‭ ‬الزينة‭ ‬الشائعة‭ ‬الإستخدام‭ ‬اليوم‭: ‬الحلي،‭ ‬والشموع،‭ ‬والتفاح،‭ ‬والأعلام‭ ‬السويدية،‭ ‬التماثيل‭ ‬الكنسية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وقد‭ ‬يمتلئ‭ ‬المنزل‭ ‬بزهرة‭ ‬“بنت‭ ‬القنصل”‭ ‬أو‭ ‬نجمة‭ ‬الميلاد‭ ‬والنرجس‭ ‬الأحمر‭ (‬الأمارليس‭) ‬وبسكويت‭ ‬الزنجبيل‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬قلب،‭ ‬والذي‭ ‬يضفي‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬رائحة‭ ‬طيبة‭ ‬وشعور‭ ‬بالسعادة‭ ‬والدفء‭.‬

حِكاية‭ ‬“سانتا”‭ ‬السويدي

“تومتن”‭ ‬هو‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يجلب‭ ‬الهدايا‭ ‬مساء‭ ‬‮٢٤‬‭ ‬ديسمبر‭ (‬كانون‭ ‬الأول‭) ‬للعائلة‭ ‬السويدية،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬والأطفال‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬قرع‭ ‬الباب‭ ‬واستقبال‭ ‬“تومتن”‭ ‬محملاً‭ ‬بالهدايا‭. ‬وفي‭ ‬السويد‭ ‬لا‭ ‬نُجبر‭ ‬تومتن‭ ‬السويدي‭ ‬العجوز‭ ‬على‭ ‬تسلُّق‭ ‬أسطُح‭ ‬المنازل‭ ‬و‭ ‬التسلل‭ ‬من‭ ‬المداخن‭ ‬كالنسخة‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬ديزني‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬سانتا‭ ‬كلوز،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬رجل‭ ‬عجوز‭ ‬يقرع‭ ‬الأبواب‭ ‬مع‭ ‬كيس‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭ ‬في‭ ‬يده‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬تومتن‭ ‬رغم‭ ‬الخلط‭ ‬الشائع‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬نفسه‭ ‬سانتا‭ ‬كلوز‭ ‬الشهير،‭ ‬فتومتن‭ ‬قصة‭ ‬سابقة‭ ‬للديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬ذات‭ ‬أصول‭ ‬هولندية،‭ ‬ويُصَوّر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قزم‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬المزرعة‭ ‬ويعتني‭ ‬بأسرة‭ ‬المزارع‭ ‬أثناء‭ ‬نومها،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كريماً‭ ‬ويقدم‭ ‬الهدايا‭ ‬إذا‭ ‬تعامل‭ ‬معه‭ ‬أهل‭ ‬المزرعة‭ ‬بشكل‭ ‬لطيف،‭ ‬وهو‭ ‬رمز‭ ‬لروح‭ ‬الأجداد‭ ‬التي‭ ‬تطوف‭ ‬حولنا‭ ‬وتحمينا‭. ‬واليوم‭ ‬ومع‭ ‬تحول‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬إلى‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬المحلية‭ ‬والأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تكييفها‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تكييف‭ ‬شخصية‭ ‬تومتن‭ ‬أكثر‭ ‬لتشير‭ ‬إلى‭ ‬شخصية‭ ‬سانتا‭.‬

يعود‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬تومتن‭ ‬كما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬بالنسخة‭ ‬السويدية‭ ‬للفنانة‭ ‬و‭ ‬الرسامة‭ ‬“يني‭ ‬نيوستروم“،‭ ‬و‭ ‬التى‭ ‬استلهمت‭ ‬فكرة‭ ‬رسم‭ ‬“تومتن”‭ ‬بعد‭ ‬قراءتها‭ ‬للرواية‭ ‬الشهيرة‭ ‬“مغامرات‭ ‬فيغز‭ ‬الصغير‭ ‬عشية‭ ‬الميلاد”‭ ‬للكاتب‭ ‬السويدي‭ ‬“فيكتور‭ ‬ريدبرغ”‭ ‬والتي‭ ‬كتبها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮١٨٧٥‬،‭ ‬فقامت‭ ‬برسم‭ ‬صورة‭ ‬لتومتن‭ ‬كما‭ ‬تخيلته‭. ‬وقد‭ ‬واجهت‭ ‬رفضاً‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬الرسومات‭ ‬للكاتب‭ ‬فيكتور‭ ‬ريدبيرغ‭ ‬و‭ ‬تابعا‭ ‬المحاولات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تبنت‭ ‬أحد‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬طبع‭ ‬بطاقات‭ ‬العيد‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬رمزاً‭ ‬للفلكلور‭ ‬السويدي‭. ‬و‭ ‬قد‭ ‬رَسمت‭ ‬يني‭ ‬عدداً‭ ‬هائلاً‭ ‬من‭ ‬بطاقات‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬‮٥٠٠٠‬‭ ‬بطاقة‭ ‬ونُشرت‭ ‬رُسُوماتها‭ ‬على‭ ‬أَغلفة‭ ‬المجلات‭. ‬وقد‭ ‬تبين‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬“تومتن”‭ ‬الذي‭ ‬رسمته‭ ‬كان‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬والدها‭. ‬احتفال‭ ‬ديني‭ ‬و‭ ‬اجتماعي

يَحتفل‭ ‬مُعظم‭ ‬السويديون‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬بالطريقة‭ ‬نفسها‭ ‬تقريباً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الكنسية،‭ ‬والذي‭ ‬يتمركز‭ ‬حول‭ ‬قداس‭ ‬الميلاد‭ ‬الذي‭ ‬تُحييه‭ ‬الكنائس‭ ‬ليلة‭ ‬الميلاد،‭ ‬بينما‭ ‬تختلف‭ ‬الطقوس‭ ‬الإحتفالية‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬اجتماعي‭ ‬تبعاً‭ ‬للمنطقة،‭ ‬فالأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الإحتفال‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬لأخرى‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تبقى‭ ‬متقاربة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭. ‬و‭ ‬بإمكانك‭ ‬سؤال‭ ‬أي‭ ‬سويدي‭ ‬عن‭ ‬أهم‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬و‭ ‬ستجد‭ ‬جوابهم‭ ‬موحد‭ ‬حول‭ ‬أطعمة‭ ‬مُعينة‭ ‬تشمل‭ : ‬السجق،‭ ‬ولحم‭ ‬الخنزير،‭ ‬وأسماك‭ ‬الرنجة‭ ‬المخللة،‭ ‬وكعكة‭ ‬الكبد‭ ‬المنزلية،‭ ‬والبطاطا،‭ ‬وأطباق‭ ‬السمك‭ ‬الخاصة‭ ‬بكل‭ ‬منطقة،‭ ‬كم‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬المشروب‭ ‬الغازي‭ ‬الموسمي‭ ‬الخاص‭ ‬بعيد‭ ‬الميلاد‭ ‬“يول‭ ‬موست”‭.‬

وكون‭ ‬السويد‭ ‬بلد‭ ‬ذو‭ ‬مساحات‭ ‬شاسعة،‭ ‬فموسم‭ ‬الأعياد‭ ‬يعتبر‭ ‬فرصة‭ ‬جيدة‭ ‬للاجتماع‭ ‬بأفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬المقيميين‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬البلاد‭ ‬وقضاء‭ ‬الوقت‭ ‬معهم‭. ‬فيقومون‭ ‬بالترتيب‭ ‬لذلك‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬حجز‭ ‬تذاكر‭ ‬القطار‭ ‬وشراء‭ ‬الهدايا‭ ‬قبل‭ ‬الأعياد‭ ‬بفترة‭ ‬مناسبة‭.‬

وهو‭ ‬الوقت‭ ‬الأمثل‭ ‬للعائلة‭ ‬للقيام‭ ‬بأمور‭ ‬مشتركة‭ ‬معاً‭ ‬لزيادة‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري،‭ ‬فيقوم‭ ‬الوالدن‭ ‬بمشاركة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬ببعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬سوياً‭ ‬مثل‭ ‬صنع‭ ‬الأعمال‭ ‬اليدوية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعيد‭ ‬كرجل‭ ‬الثلج‭ ‬أو‭ ‬زينة‭ ‬لشجرة‭ ‬الميلاد‭ ‬بأقماع‭ ‬الصنوبر،‭ ‬واصطحاب‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬نزهة‭ ‬لرؤية‭ ‬أضواء‭ ‬وزينة‭ ‬الميلاد‭ ‬وزيارة‭ ‬أسواق‭ ‬الميلاد‭ ‬ومظاهر‭ ‬الاحتفالات‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬و‭ ‬الشوارع،‭ ‬أو‭ ‬التزلج‭ ‬علي‭ ‬الجليد‭ ‬وصنع‭ ‬رجل‭ ‬ثلجي،‭ ‬وبناء‭ ‬بيت‭ ‬من‭ ‬بسكويت‭ ‬الزنجبيل‭ ‬و‭ ‬تزيينه،‭ ‬والذي‭ ‬يتم‭ ‬تزيين‭ ‬المنزل‭ ‬به‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بأكله‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬موسم‭ ‬الأعياد،‭ ‬وكذلك‭ ‬خبز‭ ‬الحلويات‭ ‬والمخبوزات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأعياد‭ ‬مثل‭ ‬كعك‭ ‬الزعفران‭ ‬وكعك‭ ‬الزنجبيل‭ ‬وشُرب‭ ‬الجلوج‭ ‬المميز‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬النبيذ‭ ‬الدافئ‭ ‬مضاف‭ ‬إليه‭ ‬خليطًا‭ ‬من‭ ‬القرفة‭ ‬والهيل‭ ‬والزنجبيل‭ ‬والتوابل،‭ ‬والذي‭ ‬توجد‭ ‬منه‭ ‬كذلك‭ ‬أنواع‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الكحول‭.‬

الميلاد‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون

كما‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬قام‭ ‬التلفزيون‭ ‬السويدي‭ ‬بإعلان‭ ‬مضيفة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬على‭ ‬شاشته‭ ‬لعام‭ ‬‮٢٠١٨‬،‭ ‬وهي‭ ‬الصحفية‭ ‬ومقدمة‭ ‬البرامج‭ ‬المعروفة‭ ‬كاتيس‭ ‬آلستروم‭. ‬وسترافق‭ ‬آلستروم‭ ‬مشاهدي‭ ‬التلفزيون‭ ‬السويدي‭ ‬ليلة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد،‭ ‬لترفيههم‭ ‬وإشعال‭ ‬الشموع‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬البرامج‭ ‬الكرتونية‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬“بطوط”‭ ‬أو‭ ‬“كاليه‭ ‬أنكا”‭ ‬كما‭ ‬يدعى‭ ‬باللغة‭ ‬السويدية‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تقاليد‭ ‬متابعتها‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفاز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٦٠‬‭ .‬

ويعود‭ ‬تقليد‭ ‬“مضيف‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد”‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٥٩‬،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بهذا‭ ‬الدور‭ ‬بدايةً‭ ‬آرنيه‭ ‬فيسيه‭ ‬لمدة‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬وبعد‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٣‬‭ ‬أُسندت‭ ‬المهمة‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬السويد،‭ ‬منهم‭ ‬جينا‭ ‬ديراوي‭ ‬ذات‭ ‬الأصول‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وأعلنت‭ ‬شركة‭ (‬إتش‭ ‬يو‭ ‬آي‭) ‬للابحاث‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬التجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬والتابعة‭ ‬لمنظمة‭ ‬التجارة‭ ‬السويدية‭ ‬عن‭ ‬هدية‭ ‬الميلاد‭ ‬لعام‭ ‬‮٢٠١٨‬،‭ ‬وهو‭ ‬تقليد‭ ‬آخر‭ ‬يعود‭ ‬لعام‭ ‬‮١٩٨٨‬،‭ ‬حيث‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬منتج‭ ‬أو‭ ‬ظاهرة‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تمثل‭ ‬الصيحات‭ ‬الجديدة‭ ‬بناء‭ ‬علي‭ ‬تحليل‭ ‬لاتجاهات‭ ‬المستهلكين‭ ‬في‭ ‬السويد‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬بما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬المناخ‭ ‬والبيئة‭.‬

Most Popular

Recent Comments