يحذر الأطباء في الولايات المتحدة من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بسبب تفشي فيروس كورونا، بشكل قياسي حتى يناير، ما يجعل المستشفيات، وخاصة وحدات العناية المركزة، تواجه مشاكل في استيعاب جميع المرضى.
وقد سجل شهر ديسمبر حتى الآن وفاة أكثر من 63 ألف أميركي، ليكون أكبر عدد من الوفيات منذ بدء تفشي المرض. لترتفع حصيلة الوفيات الإجمالية، إلى نحو 335 ألفا، أي أن أميركيا واحدا من كل ألف توفي بسبب كوفيد-19 حتى اليوم.
ويتوقع الدكتور جوناثان بوغدو، وهو طبيب في قسم الطوارئ، أن تكون وتيرة زيادة عدد الوفيات والإصابات كبيرة خلال ما تبقى من شهر ديسمبر وحتى شهر يناير.
وفي حديث مع سكاي نيوز عربية، يرجع الدكتور بوغدو الأمر لعدة أسباب، أولها أن عطلة الأعياد طويلة مقارنة مع غيرها من عطل السنة، إضافة إلى سرعة انتشار الفيروس التي تزيد مع قدوم الطقس البارد. وتشكل التجمعات وانخفاض درجة الحرارة، أفضل تركيبة لارتفاع عدد الإصابات.
ورغم تحذيرات السلطات في الولايات المتحدة من خطر التجمعات خلال عطلة الأعياد، فإن الاستجابة لم تكن كبيرة.
فعلى عكس العطلات السابقة، تمتد عطلة أعياد الميلاد والعام الجديد لأسبوع كامل تقريبا، مما يشجع العديد من الأميركيين على السفر لقضائها مع عائلاتهم أو أصدقائهم.
وتقول طبيبة الطوارئ لينا وين، إن الأطقم الطبية تتوقع ارتفاعا للحالات بعد كل عطلة رئيسية، وتضيف «لقد رأينا هذا بعد الرابع من يوليو وبعد عيد العمال، لكن تلك العطلات قصيرة نسبيا مقارنة بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة».
إدارة أمن النقل في الولايات المتحدة، قالت إن أكثر من 1.2 مليون أميركي مروا عبر نقاط التفتيش الأمنية في المطارات يوم الأحد الماضي، مما يرفع توقعات الإصابة إلى أعلى نسبها هذا الأسبوع، بعد تسجيل دخول أكبر عدد من الأميركيين إلى المستشفيات الأسبوع الماضي.
لذلك تزيد مخاوف وتحذيرات الأطباء من عدم قدرتهم على استقبال المزيد من الحالات، التي تسجل أعلى رقم عالميا، بنحو 20 مليون إصابة حتى الآن.
ويشغل مرضى كورونا أكثر من 40 في المئة من وحدات العناية المركزة في مستشفيات الولايات المتحدة هذا الشهر، بزيادة تقدر بـ 35 في المئة عن نوفمبر، حسب بيانات لوزارة الصحة.
ويقول الدكتور عمران محمد، المدير الطبي لوحدة عناية مركزة، إن المستشفى الذي يعمل فيه استنفذ طاقته الاستيعابية، وإن العاملين يقومون بنقل عدد كبير من المرضى إلى الطابق الطبي، فقط لإبقاء وحدة العناية المركزة مفتوحة، مضيفا، أن الكثير من المرضى يجلسون في غرفة الطوارئ ويحاولون بشكل أساسي الدخول إلى وحدة العناية المركزة للحصول على الرعاية المناسبة.
الأمر نفسه بالنسبة للدكتور بوغدو، الذي أكد أن المستشفى الذي يعمل فيه يستقبل عددا من المرضى في وحدات العناية الفائقة، لم يؤثروا في أي وقت من الأوقات على الطاقة الاستيعابية للمستشفى، لكن الوضع تغير مع ارتفاع عدد المصابين بكورونا.
ويضيف الدكتور بوغدو، أن المستشفى الذي يعمل فيه، يملك 32 سريرا في العناية المركزة، لكن لديه 52 حالة تحتاج إلى هذه الأسرة، لذلك فإن العاملين يستعينون قدر المستطاع بغرف وأسرة أخرى في المستشفى، رغم أن الأجهزة لا تكفي للجميع.
ويخشى الأطباء في العديد من الولايات من أنهم قد يضطرون قريبا، لتقنين العدد المحدود لأسرة العناية المركزة والمعدات المتوفرة لديهم، مما يعني أن بعض الأشخاص سيحصلون على العلاج، في حين لن يتوفر لآخرين.
ويقول الخبراء إنه يجب تطعيم أكثر من 50 في المئة من الأميركيين للحد من الارتفاع الكبير للمصابين والمتوفين. لكن ذلك لا يبدو قريبا، فقد تم تطعيم مليوني شخص فقط منذ الموافقة على لقاحي فايزر وموديرنا، في وقت توقعت السلطات حصول 20 مليون أميركي على اللقاح بحلول نهاية العام.
وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، «بما أن معظم الأميركيين لا يستطيعون الحصول على لقاحات إلا بعد فترة طويلة من العام المقبل، فإن البلاد تواجه زيادة مفاجئة بعد السفر خلال العطلات».
لكنه استدرك قائلا إن برامج اللقاحات الكبيرة والشاملة، «تبدأ ببطء خاصة إذا كان اللقاح جديدا، لكنها ستكتسب مزيدا من الزخم خلال الأشهر المقبلة»، مضيفا أنه سيتم تحقيق الأرقام المتوقعة.
ولتحقيق مناعة القطيع، يقول فاوتشي إن ما بين 70-75 في المئة من الأميركيين يجب أن يحصلوا على اللقاح، قبل أن يرفع هذه النسبة لاحقا إلى 85 في المئة.