المصدر:
إعداد: السيد رمضان
التاريخ:
29 أكتوبر 2023
ت + ت – الحجم الطبيعي
كشفت دراسة علمية حديثة عن الكيفية التي يتمكن بها الكبار من فهم كلام الأطفال عندما يبدؤون التحدث لأول مرة بمفرداتهم المحدودة.
ووجدت الدراسة، التي أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، أن فهم البالغين سياق المحادثة ومعرفة الأخطاء النطقية التي يرتكبها الأطفال عادة أمر بالغ الأهمية للقدرة على فهم الجهود اللغوية المبكرة للأطفال، وذلك حسبما أفاد موقع «ميديكال إكسبرس» العلمي.
واعتمد الباحثون على آلاف الساعات من التسجيلات الصوتية المكتوبة لتفاعل الأطفال والكبار، وأنشأوا نماذج حسابية سمحت لهم بالبدء في إجراء هندسة عكسية لكيفية تفسير البالغين لما يقوله الأطفال الصغار.
وكان أداء النماذج التي تعتمد على الأصوات الفعلية التي يصدرها الأطفال في كلامهم فقط، ضعيفاً نسبياً في التنبؤ بما يعتقد الكبار أن الأطفال يقولونه.
وقامت النماذج الأكثر نجاحاً بتنبؤاتها بناءً على مجموعات كبيرة من المحادثات السابقة التي قدمت سياقاً لما يقوله الأطفال، كما كان أداء النماذج أفضل عندما تمت إعادة تدريبها على مجموعات كبيرة من البيانات الخاصة بالبالغين والأطفال المتفاعلين.
وأوضح الباحثون أن النتائج تشير إلى أن البالغين يتمتعون بمهارة عالية في إجراء هذه التفسيرات القائمة على السياق التي قد توفر ردود فعل مهمة تساعد الأطفال على اكتساب اللغة.
وقال روجر ليفي، أستاذ الدماغ والعلوم المعرفية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «إن الشخص البالغ الذي يتمتع بخبرة كبيرة في الاستماع يستخدم آليات متطورة للغاية لفهم اللغة، وهذا هو بوضوح ما يكمن وراء القدرة على فهم ما يقوله الأطفال الصغار».
وأضاف ليفي: «في هذه المرحلة، ليس لدينا دليل مباشر على أن هذه الآليات تسهل بشكل مباشر عملية التمهيد لاكتساب اللغة لدى الأطفال الصغار، ولكن أعتقد أنه من المعقول الافتراض بأنها تجعل عملية التمهيد أكثر فعالية وتمهد الطريق لاكتساب اللغة بنجاح من قبل الأطفال».
وتابع: «إن مشكلة تفسير ما نسمعه أصعب بالنسبة إلى لغة الأطفال من فهم لغة البالغين العادية، وهو في الواقع ليس بهذه السهولة أيضاً، على الرغم من أننا جيدون جداً في ذلك».
كانت العديد من الدراسات السابقة قد بحثت كيفية تعلم الأطفال التحدث، لكنَّ الباحثين أرادوا قلب السؤال ودراسة كيفية تفسير البالغين لما يقوله الأطفال.
وأظهرت الأبحاث السابقة أنه عندما يتحدث البالغون بعضهم مع بعض، فإنهم يستخدمون معتقداتهم حول الكيفية التي من المحتمل أن يتحدث بها الآخرون، وما الذي من المحتمل أن يتحدثوا عنه، لمساعدتهم على فهم ما يقوله شريكهم في المحادثة.
هذه الإستراتيجية، المعروفة باسم «الاستماع إلى قناة صاخبة»، تجعل من السهل على البالغين التعامل مع المهمة المعقدة المتمثلة في فك رموز الأصوات الصوتية التي يسمعونها، خاصة في البيئات التي تكون فيها الأصوات مكتومة أو يوجد بها الكثير من الضوضاء في الخلفية، أو عندما يكون مكبرات الصوت لها لهجات مختلفة.
وفي هذه الدراسة، اكتشف الباحثون ما إذا كان بإمكان البالغين أيضاً تطبيق هذه التقنية لتحليل العبارات التي غالباً ما تبدو غير منطقية، والتي يصدرها الأطفال الذين يتعلمون التحدث.
واستخدم الباحثون مجموعات البيانات التي تم إنشاؤها أصلاً في جامعة براون في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي تحتوي على مئات الساعات من المحادثات المكتوبة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 3 سنوات ومقدمي الرعاية لهم.
وتتضمن البيانات كلاً من النسخ الصوتية للأصوات التي يصدرها الأطفال ونص ما يعتقد الناسخ أن الطفل كان يحاول قوله.
واستخدم الباحثون مجموعات بيانات أخرى للغة الأطفال (تضمنت نحو 18 مليون كلمة منطوقة) لتدريب نماذج اللغة الحسابية للتنبؤ بالكلمات التي كان الأطفال يقولونها في مجموعة البيانات الأصلية، بناءً على النسخ الصوتي.
وباستخدام الشبكات العصبية، أنشأوا العديد من النماذج المختلفة، التي تنوعت في مدى تعقيد معرفتهم بموضوعات المحادثة، والقواعد، وأخطاء الأطفال في النطق.
كما تلاعبوا أيضاً بكمية سياق المحادثة التي يُسمح لكل نموذج بتحليلها قبل تقديم توقعاته لما قاله الأطفال.
وأخذت بعض النماذج في الاعتبار كلمة واحدة أو كلمتين منطوقتين قبل الكلمة المستهدفة، في حين سُمح للنماذج الأخرى بتحليل ما يصل إلى 20 كلمة سابقة في التبادل.
ووجد الباحثون أن استخدام الصوتيات لما قاله الطفل وحده لم يؤدِّ إلى نماذج دقيقة بشكل خاص في التنبؤ بما يعتقد الكبار أن الأطفال يقولونه.
واستخدمت النماذج التي حققت أفضل أداء تمثيلات غنية جداً لموضوعات المحادثة والقواعد والمعتقدات حول الكلمات التي من المحتمل أن يقولها الأطفال (كرة أو كلب أو طفل، بدلاً من الرهن العقاري، على سبيل المثال).
وكما هي الحال مع البشر، تحسنت تنبؤات النماذج حيث سُمح لهم بالنظر في أجزاء أكبر من التبادلات السابقة من أجل السياق.
وتشير النتائج إلى أنه عند الاستماع إلى الأطفال، يبني البالغون تفسيرهم لما يقوله الطفل على التبادلات السابقة التي أجروها.
فعلى سبيل المثال، إذا تم ذكر كلب في وقت سابق من المحادثة، فمن المرجح أن يفسر المستمع البالغ كلمة «da» على أنها «dog».
هذا مثال على الإستراتيجية التي يستخدمها البشر غالباً في الاستماع إلى البالغين الآخرين، وهي أن يبني تفسيرهم على الأسبقية، أو التوقعات بناءً على الخبرة السابقة.
وتشير النتائج أيضاً إلى أنه عند الاستماع إلى الأطفال، فإن المستمعين البالغين يدمجون توقعات حول كيفية نطق الأطفال للكلمات بشكل خاطئ، مثل كلمة «weed» بدلاً من «read».
ويخطط الباحثون الآن لاستكشاف كيف يمكن لمهارات الاستماع لدى البالغين، واستجاباتهم اللاحقة للأطفال، أن تساعد في تسهيل قدرة الأطفال على تعلم اللغة.
Email
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App