Colette Darghamتاريخ النشر: 01:59برعاية ’’مركز موسيقيي العالم‘‘ ومجلس الفنون الكندي، أطلق فريق ’’الرباعي مصمودي‘‘ ألبومه الباكورة بعنوان ’’مدن أبدية‘‘ في الحادي والعشرين من شهر أيار / مايو المنصرم. يتضمن الألبوم 9 معزوفات كتب ألحانها المؤسس والمدير الفني للفريق الفنان الكندي التونسي محمد المصمودي.الرباعي لأن الفريق مؤلف من أربعة عازفين وأربع آلات بينها ثلاث وترية، أما المصمودي في اسم الفريق فلأن مؤسسه ومديره الفني هو الفنان المخضرم محمد المصمودي. يعتبر هذا الأخير أن ’’مدن أبدية‘‘ هو أول ألبوم فعلي في مسيرته الفنية يحقق فيه حلما قديما راوده منذ طفولته في صفاقس في تونس حيث جذبه في مسقط رأس والديه خليط من الأنواع الموسيقية كان يؤثر الاستماع إليها عبر الموجات القصيرة في شكل خاص.
وقع محمد المصمودي كل مقطوعات الألبوم لكافة الآلات، وهي تبلورت عبر عقود بفعل نهل العلوم الموسيقية والخبرات والمكتسبات التي رسخت الموهبة. هذه الأخيرة تعمقت بالدراسة، في الكونسرفتوار الوطني في تونس حيث درس الموسيقى الشرقية وفي كندا حيث درس الموسيقى الغربية.
تدمج الجامعات الكندية النظري مع التطبيقي في الدراسات الموسيقية مما حفّز المصمودي على الالتحاق بجامعة مونكتون في مقاطعة نيو برونزويك في الشرق الكندي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، ممتهنا متدربا على يد كبار أساتذة الموسيقى الكلاسيكية.
فريق Masmoudi Quartette على المسرح وهم من اليمين إلى اليسار: عازف الكلارينيت Gabriel Paquin-Buki وعازف الكونترباص Rémi-Jean Leblanc وعلى العود الفنان محمد مصمودي وعلى البيانو الفنان Guillaume Martineau.الصورة: Radio-Canada / Gracieusité Mohamed Masmoudiحذبته لاحقا المدينة الكوسموبوليتية مونتريال حيث قرر محمد المصمودي الاستقرار فيها مشرّعا نوافذه على كافة الحركات الإبداعية التي تتمخض بها المدينة المتروبول. يشارك في فعاليات مهرجان العالم العربي وغيرها من التظاهرات الثقافية فيها. كما يعزف على آلة العود مع الفرقة الموسيقية في عروض الفروسية لمؤسسة الإنتاج الفني الكندية ’’كافاليا‘‘ في أبو ظبي وأيضا في المسرحية الغنائية ’’شهرزاد‘‘ التي قدمت عروضها في كندا وأوروبا. استاذ في الموسيقى، يتقن أيضا العزف على الغيتار وآلات الإيقاع والبيانو فضلا عن العود، كتب المصمودي أيضا الموسيقى التصويرية لفيلمين وثائقيين.
إن تاريخ الموسيقى عربي وقد حملتها الحضارة العربية العريقة إلى باخ وموزار، حتى الجاز فيه موسيقى شرقية […] الآلات الغربية أصلها من الشرق، تحدر عدد كبير منها من سلالة آلتي العود والقانون الشرقيتين. الإيقاع الشرقي أجمل وأنقى الإيقاعات ولكن تلزمه المرونة.نقلا عن محمد المصمودي، مؤلف موسيقي وعازف عود
يخلط المتحدث في معزوفاته المقامات الشرقية ’’ابنة حوض البحر الأبيض المتوسط‘‘ التي نشأ وترعرع عليها، مع غيرها من الأنغام الموسيقية التي تدرب عليها واكتسبها خلال مسيرته الكندية.
يصر الفنان الكندي التونسي على المضي قدما في تأليف المعزوفات الموسيقية الصرفة إذ يعتبر أن الموسيقى لا تحتاج إلى ترجمة بل يفهمها القاصي والداني. من ناحية أخرى، لا يخشى محمد على اندثار إرث العود في العصر الرقمي الذي يزخر بالموسيقى الإلكترونية. يذكّر بأن العود هو جدّ الغيتار، ’’هذا الأخير هو الطراز المبتكَر من العود وينحدر من سلالته‘‘، يقول المتحدث. ولعل ألبومه الجديد هو خير مثال على قدرة العود على التكيف مع أنماط ومدارس موسيقية غربية شتى.
في ’’مدن أبدية‘‘ تتميز تقاسيم العود التي تنفرد بربع الصوت جنبا إلى جنب مع نغمات الآلات الغربية الصرفة وهي الكونترباص والكلارينيت والبيانو. لا خدش للآذان ولا تشويش في الاستماع في مقطوعة ’’المتاهة‘‘ مثلا وهي أول معزوفة أطلقها الفريق عشية إطلاق الألبوم كاملا. بسلاسة ومرونة تامة تنساب أصوات النوتات على الآلات الأربع حاملة سامعها إلى متاهات لا يضّل فيها طريقه بل تستريح في نهاية المتاهة الأرواح وتستكين. في ’’المتاهة‘‘ (Labyrinthe) يختلط عليك الأمر في معرفة أي آلة تطغى بصوتها على غيرها من الآلات، أين تدخل هذه الآلة وأين تخرج، وكأنها كلها بوق واحد ينشد ألحانا عذبة مملوءة فرحا وبهجة وسرورا تنقل سامعها في محطات عبر الأزمنة والثقافات.
قبل ’’الرباعي مصمودي‘‘، شارك الفنان محمد المصمودي بإطلاق فريق ’’الثلاثي سكون‘‘ حيث أبدع لحن ’’زنة‘‘ الذي كرسه مع الفريق في فئة أفضل موسيقى عالمية في مهرجان موسيقى الفولك في كندا.الصورة: Radio-Canada / Colette Dargham
في اليقظة وفي الحلم أحمل العود الذي كلما بعدت عنه كلما ازداد عشقي له، تؤلمني أوتاره وتعطب أصابعي ولكنني لا آبه بذلك وأعود إليه في كل لحظة وفي كل نفس[…] إن الموسيقى هي أهم ما في هذه الدنيا، فيها وحدها المتعة والحياة، هي التاريخ والعمق والإبداع.نقلا عن محمد المصمودي، مؤلف موسيقي وعازف عود
ينفلت هذا الفنان المبدع من القيود والانتماءات، قد يدندن لحنا بعد انعتاق في مشهد من ملاعب الطفولة في بلده الأم وقد يأتيه إلهام خلال زيارة لتركيا أو غيرها من البلدان وقد يتمخض لحن في حجرته وراء الكواليس بانتظار المشاركة في عرض ’’شهرذاد‘‘ على المسارح الفرنسية. في إحدى مقصورات المسارح الفرنسية كانت ولادة المعزوفة الأخيرة في ألبوم ’’مدن أبدية‘‘، الغاية في الإبداع: ’’حجرة أو مقصورة الحماقات‘‘ (Loge aux Folies).
إنّ تحدر أعضاء فريق ’’الرباعي مصمودي‘‘ من عدة بلدان وثقافات ساهم في انبثاق توليفة فنية خاصة تجمع بين عدة أنواع موسيقية وتجول الأنغام بين الجاز والتانغو والـ’’كليزمر‘‘ (Klezmer)، وهو تراث موسيقي خاص باليهود الأشكناز من أوروبا الشرقية منتشر عالميا مع انتشار الشتات اليهودي في كل أوروبا وأميركا وغيرها. وكذلك موسيقى البوسا نوفا البرازيلية الشهيرة.
كل ذلك يبرز تأثير الثقافات المتعددة في مسيرة الفنان المخضرم وتلقفه وتفاعله مع كل التيارات الموسيقية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من ذاكرته ومخيلته الموسيقية.
Début du widget Youtube. Passer le widget ?Fin du widget Youtube. Retourner au début du widget ?
كما هناك متنبي واحد وأينشتاين واحد… هكذا على كل إنسان أن يحقق بصمة وأثرا في هذه الحياة[…] علّمني والدي وحفزّ موهبتي الموسيقية وله أهدي ألبومي الباكورة الذي افتخر به وبالنجاح الذي يحققه على المستوى الكندي والعالمي.نقلا عن محمد المصمودي، مؤلف موسيقي وعازف عود
يقدم فريق ’’الرباعي مصمودي‘‘ ألبومه الجديد خلال عدد من الحفلات والمهرجانات هذا الصيف والسنة المقبلة في مدينة مونتريال بشكل خاص. ويأمل محمد المصمودي الذي يقول إن قلبه ’’لا زال في تونس‘‘، في أن يحيي فريقه آجلا الحفلات في تونس والبلدان العربية كلها. برأيه أن أجواء الحفلات هناك غالبا ما تكون صاخبة ’’ويتسم تفاعل الحضور العربي مع الأنغام والإيقاعات بالحماسة والحيوية والاندماج والتجاذب الكلي، ما ينعكس بالتالي على أداء أعضاء الفرقة الموسيقية‘‘. هذا علما أنه عدا المصمودي فإن كل أعضاء الفرقة كنديون غير ناطقين باللغة العربية.
Colette Dargham