يواجه إنتاج الوقود الحيوي في كندا أزمة في الوقت الحالي، رغم طموحات التطوير والتوسع بهدف خفض الانبعاثات وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ ظهر قانون خفض التضخم الأميركي ليكون بمثابة عنصر جذب قوي لهذه الاستثمارات والمشروعات ويهدد بهجرتها من أوتاوا بحثًا عن دعم أوسع نطاقًا يُنعش المكاسب والعوائد من ورائها.
وربما يشكّل عزوف الشركات المنتجة عن مواصلة استثماراتها في كندا، والانطلاق نحو أميركا وتمتّعها بالدعم القانوني والمالي للمشروعات، مصدر تهديد لخطط الطاقة النظيفة في أوتاوا، وقد يمتد الأمر لخسارة الحكومة حزمة لا بأس بها من أموال الاستثمارات.
ويُنتَج الوقود الحيوي من مصادر منخفضة الكربون، من بينها المحاصيل الزراعية ومخلّفات الأخشاب، لتجنُّب انبعاثات الوقود المكرر من النفط الخام ومصادر الوقود الأحفوري.
هذا ويُذكر أنه تراجع عدد من منتجي الوقود الحيوي في كندا عن خططهم التوسعية، وألغى بعضهم -بالفعل- بعض المشروعات، من بينها إقدام شركة التجزئة التي تدير محطات وقود عدّة “بارك لاند” على إلغاء مشروع محطة لإنتاج الديزل المتجدد في كولومبيا البريطانية، في مارس/آذار الماضي.
كما من أبرز المشروعات التي يدرس المنتجون نقلها إلى أميركا، مشروع “أربيوس بيوتيك”، المشترك بين شركتي “كانفور” المعنية بالأخشاب المستدامة والمباني الخضراء والغابات و”ليسيلا” الأسترالية للتقنيات الحيوية.
يسعى منتجو الوقود الحيوي في كندا -عبر التهديد بنقل مشروعاتهم إلى أميركا- إلى ممارسة ضغوط على أوتاوا خلال مدة الاستعداد لتحديد بنود الموازنة، والوقوف على بنود التحديث المالي المرتقب، بحلول نهاية العام الجاري 2023.
وأكد رئيس شركة “أدفانسد بيوفولز كندا”، إيان طومسون، أن هناك مطالبات من قبل المُنتجين بضرورة منحهم إعفاءات ضريبية على الاستثمارات تعوّض تكلفة رأس المال وحجم الإنفاق على ضريبة تسعير الكربون المفروضة في البلاد.
ويخشى المنتجون من اضطرار بعض الشركات إلى فرض رسوم إضافية على مبيعات الوقود الحيوي في كندا، لتحقيق أرباح تقارب المنتجين الأميركيين الذين يتمتعون بإعفاءات تنعش مكاسبهم.
يُكبّد عزوف منتجي الوقود الحيوي في كندا عن مواصلة استثماراتهم في البلاد ونقل مشروعاتهم إلى أميركا، حكومة أوتاوا خسائر باهظة قد تصل إلى 10 مليار دولار كندي.
ولم يقتصر الأمر على الخسائر المالية فقط، بل تُهدد “هجرة” هذه المشروعات من كندا بعرقلة خطط الاقتصاد الأخضر والتحول نحو الطاقة النظيفة، إذ تستهدف البلاد التخلص من الانبعاثات الكربونية للوقود بنسبة 40% بحلول نهاية العقد (2030).
وعلى الجانب الآخر، يشكّل قانون خفض التضخم الأميركي -الذي صدّق عليه بايدن في أغسطس/آب العام الماضي 2022- مصدر جذب قويًا للاستثمارات النظيفة، عبر تخصيص 430 مليار دولار لدعم التحول الأخضر والصناعة المحلية، ما يؤدي في نهاية الأمر إلى خفض الانبعاثات.
ولم تقف حدود المنافسة أمام الدعم الأميركي على كندا فقط، بل امتدت المخاوف إلى أوروبا أيضًا، لكن في أوتاوا تبدو الصورة أكثر صعوبة، خاصة أن قرب الحدود بين البلدين قد يسمح بفتح المجال أمام المبيعات الأميركية الأرخص ثمنًا لشحنات الوقود الحيوي في كندا.
ويرفع سقف المخاوف عزم أميركا ضم إنتاج الوقود الحيوي إلى مظلة الإعفاءات الضريبية لقانون خفض التضخم في غضون عامين (بحلول 2025)، دون أن تقدّم الحكومة الكندية امتيازات للحفاظ على استثمارات المنتجين داخل حدودها.